رائحة الحرب تفوح من ثيابهم.. لاجئون أوكرانيون في بولندا
٥ مارس ٢٠٢٢في الطريق إلى مديكا، البلدة البولندية المحاذية لحدود أوكرانيا، وأنا أتجاوز السيارات على عجل، لاحظت عددا كبيرا من الحافلات الصغيرة والكبيرة التي تحمل لوحات ألمانية. من جنوب وأقصى غرب ألمانيا تتوجه سيارات صوب البلدة فارغة. وعلى الطرف الآخر المعاكس من الطريق الدولي السريع رقم A40 تعود قوافل صغيرة من الحافلات الألمانية مليئة باللاجئين الأوكرانيين.
أطفال ومراهقون ونساء
مع الاقتراب تدريجيا من البلدة تظهر سيارات الجيش البولندي والشرطة. ومع كل كيلومتر أشعر بحرب حقيقية على الطرف الآخر المقابل من الحدود.
مديكا أكبر معبر حدودي بين بولندا وأوكرانيا لقربها من مدينة لفيف الأوكرانية، أكبر مدن غرب أوكرانيا، الروس يسمونها لفوف وكذلك البولنديون، أما الألمان فيطلقون عليها ليمبرغ.
من هذه المدينة لم ألتق الكثير من اللاجئين الأوكرانيين، أغلب النساء والأطفال الذين يعبرون الحدود نزحوا من جنوب أوكرانيا وغربها ومن العاصمة كييف.
البعض يسير مشيا على الأقدام، وآخرون يعبرون نقطة الحدود بالسيارات. أطفال يجلسون على الأرض، أمهات يتفقدنهم وعيونهن إلى الطرف الآخر، حيث بقي الرجال.
في انتظار نقلهم إلى مكان ما!
قليلون من ينتظرهم قريب أو صديق. الكثيرون ينتظرون رحلة إلى مكان مجهول، لكن آمن بعيدا عن زعيق صفارات الإنذار وأزيز الرصاص ودوي المدافع.
البعض متعب لا يطيق الكلام، لكن أكثرهم يبتسمون، فقد وصلوا سالمين ولم يكن قدرهم كقدر من فقدوا حياتهم في الحرب والقصف الروسي.
لكن ابتسامات هؤلاء حذرة، وثيابهم وإن كانت براقة نظيفة، تفوح منها رائحة الحرب.
مديكا التي لم يسمع بها إلا القليل، أصبحت قبلة الصحفيين ووسائل الإعلام. قربها مدينة أكبر تدعى بيشوش، في الطريق إليها يوجد مطعم ماكدونالد، لا يتوقف لا ليلا ولا نهارا. الصحفيون واللاجئون "احتلوه". حين دخلته أخذت مكاني في زاوية هادئة نسبيا للعمل.
البرد قارس والثلوج تتساقط، لكن حركة عبور اللاجئين لا تتوقففي انتظار يوم آخر أكثر سلاما وأمنا.
عباس الخشالي- الحدود الأوكرانية البولندية