رايتس ووتش: أنقرة "تغض الطرف" عن الانتهاكات في السجون
٢٥ أكتوبر ٢٠١٦
اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش الحكومة التركية بغض الطرف عن انتهاكات خطيرة من تعذيب واعتداء جنسي، تمارس بحق متهمين في التورط في محاولة الانقلاب الفاشلة.
إعلان
قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير لها صدر اليوم الثلاثاء (25 أكتوبر/ تشرين الأول 2016)، إن تركيا تغض الطرف عن ممارسات التعذيب بموجب حالة الطوارئ المفروضة حاليا في البلاد. وكانت المنظمة الحقوقية تحقق في مزاعم التعذيب أثناء الاحتجاز لدى الشرطة في أعقاب محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في تموز/ يوليوالماضي. واحتجزت الحكومة في أنقرة أكثر من 35 ألف شخص يشتبه في صلتهم بمحاولة الانقلاب الفاشل.
ويسلط التقرير الضوء على 13 حالة اعتداء مزعوم من قبل السلطات، بما في ذلك الضرب والتعذيب والاعتداء الجنسي. وبحثت هيومن رايتس ووتش مزاعم التعذيب في العاصمة أنقرة، وكذلك في إسطنبول، وأورفا وأنطاليا.
ويحتجز العديد من السجناء للاشتباه في صلتهم بفتح الله غولن، رجل الدين الإسلامي البارز الذي تقول تركيا إنه كان وراء محاولة الانقلاب. فيما اعتقل آخرون لدعمهم المزعوم لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا والذي تخوض القوات الحكومية معه صراعا ممتدا منذ فترة طويلة في جنوب شرقي البلاد ذي الأغلبية الكردية.
وفي حوار أجرته مؤسسة DW مع المتحدثة عن هيومن رايتس ووتش أيسلين رايدي، أوضحت الأخيرة "أن هناك شكوكا فيما إذا كان الأمر يتعلق بحالات اسثنائية لأن المنظمة لا يسمح له الإتصال مع الأشخاص الموقوفين قيد التحقيق. كما أننا لم حصل على تقارير طبية موثوق منها. ولهذا لا يمكننا الجزم إلى أي مدى أصبح التعذيب شائعا".
بعد محاولة الانقلاب - أردوغان يتعهد بقيام تركيا جديدة
بعد نحو ثلاث أسابيع من محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا ومظاهرات يومية في نحو ثمانين مدينة تركية، لا تزال الحكومة التركية تواصل حملة التطهير التي أطلقتها وطالت عدة قطاعات حكومية. أردوغان نفسه تعهد بقيام تركيا جديدة.
صورة من: DW/D. Cupolo
خلال محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا منتصف الشهر الماضي دعا الرئيس رجب طيب أردوغان أنصاره إلى النزول إلى الشوارع للمساعدة على إفشال مخطط بعض العسكر الإطاحة بحزب العدالة والتنمية من الحكم. ويعود الفضل الكبير في ذلك إلى أنصاره الذين ملوؤا الشوارع في مختلف أنحاء البلاد. ومذاك الحين وهو يدعوهم للخروج في مظاهرات ليلية "من أجل السهر على الديمقراطية".
صورة من: DW/D. Cupolo
آخر المظاهرات شارك فيها مليونا متظاهر في إسطنبول ونحو عشرة آلاف آخرين في أنقرة. وقد نظمت في نحو ثمانين مدينة مظاهرات مؤيدة لحزب الرئيس أردوغان، حزب العدالة والتنمية الذي نجح في الإفلات من محاولة الانقلاب العسكري. أنصار أردوغان اعتبروا ذلك نصرا على الانقلابات التي شهدتها البلاد وكذلك على الدستور العلماني.
صورة من: DW/D. Cupolo
وفي إسطنبول تعهد أردوغان أمام المتظاهرين بـ "إعادة بناء تركيا من الأساس" ناشرا بذلك مشاعر التفاؤل لدى أنصاره. لاله أليجي (ليست في الصورة)، التي شاركت في جميع المظاهرات المؤيدة لأردوغان منذ محاولة الانقلاب الفاشلة، تقول: "عندما تنتهي عملية التطهير، فإن تركيا ستدفع بعجلة التنمية سريعا إلى الأمام لأن أولئك الذين انخرطوا في الحكومة لن يشكلوا بعد ذلك عبئا على بلادنا".
صورة من: DW/D. Cupolo
آتالاي (ليس في الصورة) هو مصمم هندسة داخلية، رفض إعطاء اسمه بالكامل ولكنه أكد أنه يدعم أردوغان لأن الأخير سيقود تركيا إلى الساحة العالمية. "أردوغان بصدد إعلام العالم بأننا نحن هنا وأننا سنصبح قوة كبيرة"، على حد تعبيره. "حتى إن لم تحب ذلك، فعليك أن تقبل به. العالم أكبر من (مجموعة الدول السبع)."
صورة من: DW/D. Cupolo
وعلى الرغم من أن العديد من المشاركين في مظاهرات الأحد أكدوا أنهم يدافعون عن الديمقراطية، إلا أن المعارضين لاحظوا أن ثالث أكبر حزب سياسي، وهو حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد منع من المشاركة فيها. "بما أني كردية، فلا يمكنني الذهاب إلى هذه المظاهرات لأنني لن أشعر بالأمان"، هذا ما تقوله حواء أوزكان (ليست في الصورة)، إحدى رؤساء منظمة توهاد-فيد المدافعة عن حقوق السجناء. "ليس الكل مرحب بهم."
صورة من: DW/D. Cupolo
تقول أوزكان إن الحكومة تدعم كليا هذه المظاهرات، فيما تحظر بشكل واسع المظاهرات الاحتجاجية الأخرى. وتشير إلى أن المشاركين حصلوا على الماء والغذاء مجانا، كما أنه كان بإمكانهم استخدام كل وسائل النقل في أنقرة وإسطنبول مجانا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية بهدف تحفيز الناس على المشاركة في المظاهرات الداعمة لأردوغان. "نحن بصدد معايشة اشتراكية مؤقتة في تركيا"، على حد تعبير أوزكان.
صورة من: DW/D. Cupolo
وفيما كانت الحكومة تفرض حظرا على مواقع التواصل الاجتماعي في حالات الطوارئ، لعبت هذه المواقع دورا مهما خلال محاولة الانقلاب الفاشلة، حيث استخدم أردوغان نفسه موقع فيس تايم للتواصل مع أنصاره ودعوتهم إلى النزول إلى الشوارع لإفشال مخطط الانقلابيين. أما المعارضة فتقول إن الحكومة تسمح باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي فقط عندما تعود عليها بالنفع.
صورة من: DW/D. Cupolo
من جهة أخرى يشكو أصحاب المطاعم والمقاهي في قلب مدينة أنقرة من تراجع عدد الزبائن منذ انطلاق المظاهرات المؤيدة لأردوغان. وفي سياق متصل يقول جان، وهو صاحب مقهى رفض الإفصاح عن اسمه كاملا، إن "هذه المظاهرات مؤشر على أن الأمور ستسوء قريبا."
صورة من: DW/D. Cupolo
يرى البعض أن هذه المظاهرات بالنسبة لحزب العدالة والتنمية الحاكم طريقة لتقوية قاعدته الشعبية، على حد تعبير محمد، وهو لاجئ سوري. ويقول – شريطة عدم الكشف عن هويته - بأنه كان شاهد عيان على الانقلاب الذي حصل في مصر وأن هذه المظاهرات هي عبارة عن "تدريب لأنصار أردوغان" وأنه "سيدعوهم قريبا للتظاهر ضد الحركات التي لا يحبها."
صورة من: DW/D. Cupolo
قامت الحكومة التركية بتغيير أسماء مناطق شهيرة انطلاقا من ساحة كيزيلاي وصولا إلى جسر البوسفور في إسطنبول تكريما لضحايا محاولة الانقلاب الفاشلة. وأصبح اليوم يتعين على المسافرين من الجزء الأوروبي لإسطنبول إلى القسم الآسيوي المرور عبر ساحة "شهداء جسر الـ 15 من يوليو".
صورة من: DW/D. Cupolo
10 صورة1 | 10
وتحدثت هيومن رايتس ووتش لمحامي أحد السجناء في أنقرة الذي كان قد تحدث عن تعرضه للتعذيب. ونقل عنه محاميه قوله "خلعوا عني ملابسي ومزقوها، وهددوني بينما اعتصروا أعضائي التناسلية وضربوني بطرق مثيرة للاشمئزاز. وقال لي أحد الضباط: لقد أحضرت أمك إلى هنا، وإذا لم تتحدث فسأغتصبها أمامك".
من جهتها أجرت مؤسسة DW حوارا مع زوجة المدرس أيوب ب. المحتجز في سجن في مدينة أنطاليا الساحلية، قالت فيه إن زوجها تعرض للضرب المبرح، وهو ما تسبب في خضوعه لعملية لإزالة جزء من أمعائه الدقيقة.
ومن بين القيود المثيرة للجدل لحقوق السجناء التي تمّ العمل بها في ظل حالة الطوارئ، تمديد فترة الاحتجاز قبل توجيه الاتهام من أربعة إلى 30 يوما، وسلطات تخوِّل للشرطة حجب الوصول إلى محام لمدة تصل إلى خمسة أيام.
ودعت هيومن رايتس ووتش تركيا، إلى "إلغاء فوري لأحكام قوانين الطوارئ التي تتيح التعذيب وسوء المعاملة"، مشددة أنها تعد انتهاكا للقانون الدولي.
وسبق لمنظمة العفو الدولية أيضا أن حذرت في تقرير صدر عنها في الآونة الأخيرة من حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان في ظل حالة الطوارئ المفروضة في تركيا. ووجدت المنظمة أدلة تشير إلى أعمال تعذيب واغتصاب واعتداء جنسي وسوء معاملة والحرمان من الطعام والعلاج الطبي في مراكز الاحتجاز، حيث يحتجز الأشخاص دون أن يسمح لهم الاتصال بمحامين.