رحلة من برلين لتجربة انعدام الجاذبية على ارتفاع 6000 متر
٣ أكتوبر ٢٠١٢الأمر يشبه تقريباً رحلة إلى الفضاء، إذ يقوم مركز القيادة بالعد التنازلي (3 – 2-1 .. انطلق)، ثم يقوم الكابتن ستيفان بيتشيني برفع مقدمة طائرة الإيرباص ويشعر الركاب بأن وزنهم وصل إلى ضعف الوزن الحقيقي في غضون 20 ثانية. وسرعان ما يأتي الإعلان بعد بدء التجربة، وفي غضون ثوان، ينعدم وزن الركاب. ليس هناك المزيد من الصعود والهبوط. يضحك الركاب ويتدلون من السقف وتتشابك الأيدي بشكل منظم ويصطدمون ببعض مثل كرات البلياردو.
قلة من الناس تتاح لهم الفرصة لتجربة هذا الشعور، إما أنهم رواد فضاء أو ركاب رحلة لطائرة منخفضة الجاذبية، حيث يتم فيها التغلب على الجاذبية لفترة قصيرة من الزمن خلال مناورة طيران. ويقدم مركز الفضاء الألماني مثل تلك الرحلات للباحثين وينطلقون عادة من بوردو الفرنسية، غير أن المركز نظم مؤخراً رحلتين من برلين للعلماء والصحفيين وغيرهم من الضيوف. ومن أجل الوصول إلى انعدام الجاذبية، يتعين على الكابتن بيتشيني أن يطير في شكل قطع مخروطي لتحاكي بذلك مسار كرة تلقى في الهواء بشكل مستقيم.
ركوب قطار الملاهي في السماء
ويقول بيتشيني: "عندما ترمي شيئاً في الهواء فإنه يكون منعدم الوزن لفترة قصيرة من السقوط الحر". وتبدأ المناورة عند ارتفاع ستة آلاف متر حين يقوم اثنان من طياري الإيرباص إيه 300 برفعها إلى درجة ميل بمقدار 47 درجة في حين أن الانطلاق العادي للإقلاع يتم بـ18 درجة على أقصى تقدير وبعد ذلك يهبطا بانحدار شديد. وبعد نحو 20 ثانية يقوم الطياران بإعادة الطائرة إلى وضع الطيران الطبيعي. وبالإضافة إلى 20 ثانية من انعدام الجاذبية التام، يواجه الركاب ضعف قوة الجاذبية قبل وبعد المناورة. الأمر أشبه بركوب قطار الملاهي في السماء. وتبدو دواخل الطائرة (إيه 300 زيرو -جي) كطائرة عادية باستثناء الجزء الأوسط حيث يبطن السقف والجوانب والأرضيات بالفلين الرغوي الأبيض.
وبعد إعطاء إشارة الانطلاق من جانب مراقبة الحركة الجوية، تكون الطائرة إيه 300 مستعدة لأولى طلعاتها فوق بحر البلطيق. وينادي أحد أفراد الطاقم، فيما يبدأ العد التنازلي، قائلا: "لا تحرك رأسك". "
وخلال المرحلة، التي يتم خلالها الدخول في درجة الجاذبية العالية، "تهبط الشعيرات داخل أذنيك مما يبعث إشارة إلى مخك بأنك لا تتحرك. لكن إذا ما قمت بتحريك رأسك، فإن عينيك تخبرك بشيء مختلف"، كما يقول رئيس مركز الفضاء الألماني يوهان ديتريتش فورنر.
رحلة محتملة إلى المريخ
فيرا أبيلن خاضت أكثر من 10 رحلات من ذلك النوع لكنها لم يكن لديها وقت للمتعة، حيث كانت تستقل مكاناً في المقصورة مخصص للعلماء الذين يجرون تجارب. وتثبت أبيلن مجسات على رأسها لقياس وتسجيل استجابات المخ خلال مثل تلك النشاطات، كما تجري عدة اختبارات لتحديد وظائف المخ خلال فترة انعدام الجاذبية. ويستكشف عالم البيئة الحيوانية كريستيان لافروش ومساعدته جيسيكا فيشر سلوك الكائنات المائية الحية الصغيرة أثناء انعدام الجاذبية. ويتمثل السؤال الرئيسي، الذي يتعين الإجابة عنه، ما إذا كانت تلك الكائنات الحية تستمر في تناول الطعام. ويقول لافورش: "ربما يتعلق ذلك ببعثة محتملة إلى المريخ". أما اولريكه فريدريش، رئيسة برنامج الطيران البحثي لدراسة تأثيرات انعدام الوزن فتقول: "في المستقبل يمكننا أن نجعل مثل تلك الكائنات تتكاثر كجزء من الإمدادات الغذائية للبشر".
ويبدأ من يخوضون تلك الرحلة للمرة الأولى في إمتاع أنفسهم بالمنطقة العائمة الحرة التي يسبحون فيها داخل الطائرة، وفي نهاية الرحلة يبدو الركاب من خلال شكل أفواههم وكأنهم ساروا في الصحراء لمدة يوم. ويشعر الركاب أيضاً بأنهم رواد فضاء مرة أخرى قبل السقوط على أرضية الطائرة وعودة الجاذبية مجدداً.
ع.غ/ ش.ع (د.ب.أ)