رحل بوتفليقة وبقي جامع الجزائر الكبير يبحث عن عنوان
١٤ أبريل ٢٠١٩
استقال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وترك الحكم قبل أن يدشن مسجد الجزائر "أكبر مسجد في إفريقيا"، والذي أراد أن يجعل منه إنجازه الكبير يخلد ذكرى حكمه للجزائر، لكنه في نظر مواطنيه رمز لتبديد المال العام.
إعلان
من نافذة سيارته ينظر عبد القادر إلى المبنى الضخم المثير للإعجاب الذي يمكن رؤيته من الطريق السريع المزدحم بالسيارات. ويقول "صحيح أنه جميل، لكن بالنسبة لي لا يعني هذا المسجد شيئًا، إنه مجرد كومة من الحجارة". ويطل جامع الجزائر على خليج العاصمة المتوسطية، بلون حجارته البيضاء، وتبلغ مساحته 20 هكتارا، بينما ترتفع مئذنته 265 متراً وهي بذلك الأعلى في العالم.
ويعتبر أغلب الجزائريين أن بوتفليقة أصيب بـ "جنون العظمة" وأن هذا المسجد مثال على "تبذير كبير" للمال العام. وتم تجاوز كلفته المرتفعة أصلا -1.2 مليار دولار- بسبب تأخر الأشغال التي انطلقت سنة 2012 من طرف شركة صينية والتي مازالت تعمل إلى اليوم. وفي الجزائر أكثر من 20 ألف مسجد، بحسب وزارة الشؤون الدينية.
وخلف المبنى الرائع وعلى بعد 100 متر يوجد مسجد حي صغير. وفي الرصيف جلس أحد سكان الحي في السبعين من العمر، وقال إنه تابع بناء القبة المثيرة للإعجاب من نافذته يومًا بعد يوم. وحوله عمارات طويلة يُرى على شرفاتها الغسيل يجف وواجهاتها مزدحمة بالهوائيات لالتقاط القنوات الفضائية.
وقال بلغة الشيخ الحكيم "صحيح إنه تحفة ولكن ... المستشفيات، هذا ما نحتاج إليه". وبحسب منظمة الصحة العالمية فإنه يوجد 40 سرير لكل ألف ساكن، وهو وضع أحسن من الجارة المغرب لكن أقل من تونس.
وأكثر من ذلك أشارت الوكالة الوطنية لتسيير المستشفيات الصحية في سنو 2015 إلى أن المستشفيات الجامعية تعود الى فترة الاستعمار الفرنسي "وفاق عمر أغلبها القرن". كما ان نقابات الصحة تندد بشكل متكرر بقلة المعدات في المستشفيات الحكومية ونقص عدد الموظفين.
وقالت إيمان وهي طبيبة تبلغ من العمر 26 عامًا "ليس لدي أي شيء ضد هذا المسجد، لكن هذه المليارات كان يمكن استخدامها لتحسين منظومة الصحة التي نحتاج إليها حقًا".
وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، تم إطلاق عرائض لتحويل مسجد الجزائر إلى "أكبر مستشفى في الجزائر". وانتشرت عبر الانترنت رسومات وصور مركبة تجسد ذلك.
وستتسع قاعة صلاة "مسجد الجزائر" ثالث أكبر مسجد في العالم، بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي في المدينة المنورة، لأكثر من 120 ألف مصل كما يضم أيضا دار للقرآن (مدرسة عليا) ومركز ثقافي إسلامي ومكتبة وقاعة محاضرات ومتحف للفن والتاريخ الاسلامي ومركز للأبحاث حول تاريخ الجزائر.
وبحسب مراد (47 عاما) فإن "بوتفليقة، أراد مسجده ليترك بصمته، هذا كل ما في الأمر" حتى أن السكان المجاورين أصبحوا يدعونه "مسجد بوتفليقة".
وذهبت فلة أبعد من ذلك واعتبرت ان "هذا المسجد يظهر فقط انهم كلهم لصوص" كما قالت هذه الناشطة في الحركة الاحتجاجية. واعتبرت أن عبد العزيز بوتفليقة "أراد منافسة" الحسن الثاني ومسجده الكبير في الدار البيضاء المطل على البحر، الذي كان يعد أكبر مسجد في إفريقيا قبل بناء مسجد الجزائر قبالة البحر أيضا.
وفي تونس بنى مستبد آخر أسقطه شعبه هو زين العابدين بن علي، مسجدًا فخمًا على مرتفعات قرطاج، أطلق عليه اسم "مسجد العابدين" قبل أن يتحول بعد الاطاحة به في 2011 الى "مسجد أنس بن مالك".
م.أ.م/ م.س (أ ف ب)
في صور .. أبرز اللاعبين في المشهد السياسي الجزائري
بعد استقالة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، باتت العملية السياسية أكبر التحديات يواجه البلاد ونخبها السياسية والعسكرية. والسؤال الآن: ما هو البديل السياسي ومن هم اللاعبون البارزون والمرشحون المحتملون لرئاسة الجزائر؟
صورة من: picture-alliance/AP Photo/A. Belghoul
الجنرال أحمد قايد صالح
رجل الجزائر الأقوى كما يراه كثيرون هو الفريق أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي منذ 2004، ونائب وزير الدفاع الوطني منذ عام 2013. شارك صالح في معارك التحرير وهو في السنة السابعة عشرة من عمره. تولى مناصب قيادية في جبهة التحرير منذ عام 1957. ويمثل امتداداً لنفس الخط السياسي الذي حكم الجزائر في الجمهورية الأولى عام 1962.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/A. Belghoul
رئيس مجلس الأمة
عبد القادر بن صالح (77 عاما)، رئيس مجلس الأمة منذ 17 عاما وسيتولى رئاسة الجزائر بموجب الدستور بعد استقالة بوتفليقة، لمدة أقصاها 90 يوما يتم خلالها انتخاب رئيس جديد.
صورة من: AFP/P. Kovarik
نور الدين بدوي
تولى وزير الداخلية السابق نورالدين بدوي، رئاسة حكومة تصريف الأعمال، في 11 مارس/ آذار إثر إعلان بوتفيلقة عدوله عن الترشح لولاية خامسة، وإرجاء الانتخابات الرئاسية إلى أجل غير مسمى. وترفض معظم أحزاب المعارضة والشارع حكومة تصريف الأعمال لأن رئيسها بدوي مقرب جدا من النخبة الحاكمة. ولذلك من غير المرجح أن يترشح للمنافسة على الرئاسة.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. Bensalem
مصطفى بوشاشي
المحامي والناشط الحقوقي مصطفى بوشاشي، من أبرز وجوه وزعامات الحراك الشعبي ويحظى بتأييد كبير بين المحتجين. ويصر على استمرار الاحتجاجات حتى بعد استقالة بوتفليقة إلى أن تتم الاستجابة لمطالب الشارع برحيل كل رموز النظام. ومن شأن ترحيبه بموقف الجيش طمأنه المؤسسة العسكرية. وبالتالي يمكن أن يحظى بدعم الشارع وتأييد الجيش له، وهو ما يجعله واحدا من أقوى المرشحين للرئاسة، هذا إذا قبل الترشح!
صورة من: DW/T.Bougaada
عبدالرزاق مقري
رئيس حركة مجتمع السلم ومرشحها للتنافس على انتخابات الرئاسة عبد الرزاق مقري. يعرض مبدأ الإطار التوافقي الوطني لحشد الجزائريين حول قوة تخرج ببلدهم من خانق الأزمة. من أشد رافضي الولاية الخامسة لبوتفليقة. حركة مجتمع السلم ليست جزءاً من خارطة السلطة الحاكمة وتعلن أنّ الشعب هو مصدر السلطة.
صورة من: Imago/Zuma/B. Bensalem
علي بن فليس
علي بن فليس هو جزء من النخبة السياسية الحاكمة، وكان رئيسا للحكومة فترتين بين عامي 1999 و2003، ثم تحول الى صف المعارضة بعد فضيحة تزوير الأصوات في انتخابات عام 2004. يترأس حزب طلائع الحريات وهو مرشحه الآن. أعلن بوضوح عن احتمالين في الانتخابات "الأول أن تكون فرصة عظيمة للذهاب إلى نظام ديمقراطي"، أما الاحتمال الثاني فهو "الغموض التام والذهاب نحو المجهول".
صورة من: Imago/Chahine Sebiaa
رشيد نكاز
رشيد نكاز هو مرشح مستقل، ويعد مرشح الشباب والتغيير ويرفض الانتساب لأي حزب. مثير للجدل وقد جرى إبعاده عن انتخابات عام 2014. كبر وتعلم في فرنسا، وقد فاجأ الجميع بإعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2011، ثم تخلى عن جنسيته الفرنسية وبات يروج من خلال صفحته على فيبسوك لبرنامجه الانتخابي في الجزائر الساعي إلى الحد من الهجرة غير القانونية إلى أوروبا. الصورة له وهو يتوسط الحراك الجزائري الجاري.
صورة من: Imago/Zuma/B. Bensalem
عبد المجيد تبون
جزء من النخبة السياسية الحاكمة، ويعد مرشحا توافقياً، وكان رئيس الحكومة قبل تولي أحمد أويحيى المنصب. خلال رئاسته للوزراء مطلع عام 2017، أعلن عن إصلاحات أراد منها الفصل بين السياسة والمال، في محاولة معلنة لمحاربة الفساد المستشري في البلد. لا يملك برنامجا انتخابياً واضحاً، لكنه متحالف بقوة مع الجنرال أحمد قايد صالح.
صورة من: Imago/PanoramiC
شكيب خليل
شكيب خليل من رجال النخبة السياسية التي كانت تدور في فلك بوتفليقة، تولى منصب وزير الطاقة ويشير البعض إلى صلته بمرحلة الرفاه الاقتصادي. وهو من أبرز وجوه فضيحة سوناطراك، وصدرت بحقه مذكرة توقيف دولية عام 2013، لكنّ علاقته الشخصية بالرئيس المستقيل بوتفليقة أنقذته. لا يملك أي برنامج انتخابي أو سياسي.
صورة من: Imago/Imagespic Agency
لويزه حنون
لويزة حنون هي المرأة الوحيدة التي رشحت للمشاركة في السباق على كرسي الرئاسة في الجمهورية "الثانية" المنتظرة بالجزائر. ترشحت عن حزب العمال المعارض، ثم انسحبت بعد إعلان حزب العمال يوم (الثاني من آذار/ مارس 2019) مقاطعته لانتخابات الرئاسة لعام 2019، ولكن هل سيتراجع الحزب عن قراره بعد استقالة بوتفليقة أم يستمر في المقاطعة وعدم المشاركة في الانتخابات؟
صورة من: Reuters
الجنرال المتقاعد علي غديري
أبن الجيش الجنرال المتقاعد علي غديري، طرده المتظاهرون بشارع ديدوش مراد بالعاصمة وظلوا يهتفون ضده بالفرنسية "ديغاج ديغاج" بمعنى "غادر". شغل منصب مدير الموارد البشرية في وزارة الدفاع لمدة 15 سنة، يعلن أنّ برنامجه الانتخابي هو"القطيعة مع ممارسات الماضي وإعلان جمهورية ثانية". ومن آرائه أنّ مشاكل الجزائر ليست اقتصادية وإنما سياسية بالأساس وسببها الفساد السياسي. (صورة من الأرشيف لوحدة من الجيش الجزائري)
صورة من: Reuters
شعب الجزائر قد يدفع بمرشح غير معلن
يبدو أن صوت الشعب الجزائري هو الأعلى في الميادين والشوارع، فهو ما برح يعلن اعتراضه واحتجاجه عبر مظاهرات كل جمعة، والسؤال هنا هو: من يقود قوة الشعب ومن سيحرز ثقته؟ وقد يُقرر شكل الحكم المقبل من خلال انتخاب شخص لم تسلط عليها الأضواء.