رحيل الزعيم الأمازيغي أحرضان..قرن من السياسة والقتال والفن
منصف السليمي
١٥ نوفمبر ٢٠٢٠
محجوبي أحرضان قيدوم السياسيين المغاربة يترجّل على مشارف قرن في عمره، عاش في ظل أربعة ملوك حكموا المغرب. وكانت مسيرته السياسية متقلبة وتميزت شخصيته بتعدد المواهب والجرأة ولم تخل من الطرافة.
إعلان
قبل أشهر قليلة من إطفاء شمعته المائة، ترجّل الزعيم الأمايزيغي المغربي محجوبي أحرضان يوم الأحد (15 نوفمبر تشرين الثاني 2020)، في مسقط رأسه في مدينة ولماس بمنطقة الأطلس المتوسط (وسط المغرب).
عاش أحرضان قيدوم السياسيين المغاربة، في عهد أربعة ملوك، حيث نشأ في عشرينيات القرن الماضي في ظل حكم الملك يوسف بن الحسن وبين حقبتي الاستعمار والاستقلال في عهد الملك محمد الخامس، ثم في فترتي حكم الملك الراحل الحسن الثاني وخلفه الملك الحالي محمد السادس.
وأحرضان ليس سياسيا بالمعنى التقليدي للكلمة، فقد بدأ السياسة منذ نعومة أظافره حتى أصبح زعيما بارزا وخصوصا بعد تأسيسه إلى رفيق دربه الزعيم الوطني الآخر الراحل الدكتور عبد الكريم الخطيب، لحزب الحركة الشعبية ذو التوجهات الأمازيغية. ومنذ بداية الستينيات وعلى امتداد أربعة عقود من الزمن تولى أحرضان مناصب حكومية عديدة، ضمنها الدفاع والزراعة والمواصلات والبريد والتعاون.
أحرضان المحارب
اتسمت مسيرة أحرضان بتقلبات عديدة في كواليس ومشهد الحياة السياسية المغربية كما نجا من محاولة اغتيال، ولكنه حافظ دوره ونزعته الكاريزمية التي اعترف له بها حتى خصومه السياسيين.
تخرّج أحرضان من المدرسة العسكرية كضابط وانخرط مبكرا في صفوف "جيش التحرير الوطني" من أجل الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي، لكنه سيواجه بعد استقلال البلاد سنة 1956 متاعب، حيث كشفت مذكرات عدد من الساسة المغاربة واعترافات أمام القضاء بأن أحد قادة جيش التحرير الوطني، ويسمى "شيخ العرب"، كان قد خطط لاغتيال أحرضان بتهمة التعاون مع الاستعمار.
وفي محطات تاريخية حاسمة في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، لعب أحرضان دور جوكر الحياة السياسية، فبالإضافة إلى تقلده مناصب حكومية عديدة، كان حليفا تقليديا للقصر.
وكزعيم حزبي، ركز أحرضان على النزعة الأمازيغية في توجهاته السياسية، كما كان يقدم نفسه سواء كنائب في البرلمان أو كعضو في الحكومات المتعاقبة كمدافع عن سكان الأرياف في مواجهة النخب المدينية التي تصطف تقليديا مع الطبقات الوسطى والميسورة في المدن. وطالب مبكرا بإحياء التراث واللغة الأمازيغية، وبسبب توجهاته هذه كانت له مواجهات وسجالات مع الاتجهات العروبية في البلاد التي يشكل الأمازيغ أكثر من نصف سكانها.
لكن السياسي المغربي المخضرم تعرض أيضا إلى صراعات داخل معسكره الحزبي وأزيح أكثر من مرة من مركزه كأمين عام لحزب الحركة الشعبية الذي تعرض لانشقاقات عديدة. ومعظم الذين انشقوا عنه، ومن أبرزهم الوزير الأسبق امحند العنصر، عادوا إليه في نهاية مشاوره السياسي وتصالحوا معه واختاروه كزعيم مؤسس للحركة (الشعبية).
أحرضان "الزايغ"..والفنان
لم تخل السنوات الخمس الأخيرة من حياته من محطات مؤثرة، فقد فارقته في مارس آذار سنة 2015 مريم رفيقة دربه زوجته الفرنسية الأصل واسمها عندها الولادة مياري دو غاسكيت.
كما أصدر أحرضان مذكراته بعنوان "الزايغ" وفيها كشف عن تفاصيل كثيرة عن مسيرته السياسية الطويلة. وعبارة "الزايغ" بالعامية المغربية تعني المتمرد أو المغرد خارج السرب. وبقدر ما كانت شخصية أحرضان السياسية سجالية، فقد كانت تتسم بالطرافة والدفئ وكرم الضيافة في بيته سواء في ضاحية السويسي بالعاصمة الرباط أو في بيته الذي أمضى فيه آخر أيام حياته في ولماس بمنطقة الأطلس المتوسط.
وأحرضان هو شاعر ومؤلف كتب باللغة الفرنسية، منها كتابه "باراكا خلاص" (كفاية)، وهو أيضا فنان تشكيلي وكثيرا ما كان يخصص وقتا للرسم ولعرض لوحاته، وخصوصا في فترات اعتكافه التي لم تكن تدوم طويلا.
منصف السليمي
الملكيات العربية.. دكتاتورية أم إصلاحية؟
في وقت تمر فيه عدة دول عربية ذات نظام جمهوري بأزمات واضطرابات، تشهد الدول العربية ذات الأنظمة الملكية استقراراً نسبياً. فهل يوظف الملوك العرب نظام الحكم الملكي للقيام بالإصلاح أم لتعزيز سلطاتهم الفردية؟
محمد السادس.. خطوات إصلاحية
قام ملك المغرب، محمد السادس، بخطوات إصلاحية. فقد جعل قانون الأسرة أكثر انفتاحاً، وأصبحت اللغة الأمازيغية في عهده لغة رسمية في البلاد. كما أنشأ "هيئة الإنصاف والمصالحة" بعد الحكم الاستبدادي في عهد أبيه، الحسن الثاني. وقد جاءت كثير من خطواته الإصلاحية بعد احتجاجات "الربيع العربي" التي بدأت في عام 2011. ويتهمه معارضون بأنه يعمل على تحويل الدولة إلى ملكية عائلية استبدادية.
صورة من: picture-alliance/abaca/L. Christian
عبدالله الثاني: ملك على دولة فقيرة
يقود ملك الأردن، الملك عبدالله الثاني، بلده -الذي يعتبر من أفقر البلدان العربية- في وقت تواجه فيه المملكة تحديات كبيرة. فخزائن الدولة فارغة وأزمة اللاجئين القادمين من الدول المجاورة تثقل كاهل ميزانية الدولة وقطاعاتها الخدمية. ويعمل الملك عبدالله الثاني من خلال أسلوبه المرن في الحوار على مواجهة الأصولية الدينية في المملكة.
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Fassbender
سلمان بن عبدالعزيز وابنه: استبداديون
بعد أن عين الملك سلمان بن عبدالعزيز ابنه محمد ولياً للعهد، يحكم محمد بن سلمان المملكة العربية السعودية بيد من حديد. ورغم أن بن سلمان يعمل على انفتاح المملكة، على الأقل ثقافياً واجتماعياً، لكن هذا الانفتاح لا يشمل الجانب السياسي. وفي وقت يحاول فيه ولي العهد الشاب تحديث اقتصاد المملكة، إلا أنه يتمسك بقوة بالهيكل التقليدي للسلطة، وتوجه إليه اتهامات في قضية مقتل الصحفي خاشقجي.
صورة من: picture-alliance/abaca/B. Press
محمد بن زايد: رجل الإمارات القوي
رغم أن أخاه خليفة بن زايد هو رئيس دولة الإمارات، إلا أن ولي العهد محمد بن زايد هو الحاكم الفعلي لأبو ظبي.
ويعمل رجل الإمارات القوي إلى جانب السعودية ومصر، على محاربة الإسلام السياسي الذي يرونه تهديداً وجودياً لبلدانهم والمنطقة. وتُتهم الإمارات وحلفاؤها بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في اليمن، بالإضافة إلى دعم قوات المشير حفتر في ليبيا، والمجلس العسكري في السودان.
صورة من: picture alliance/Photoshot
تميم بن حمد: أمير يحاصره الجيران
يقود أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، إمارته الصغيرة في أوقات عصيبة، حيث يقاطعها جيرانها الخليجيون بسبب علاقاتها الجيدة مع إيران، كما يتهمونها بـ"دعم الإرهاب" في الشرق الأوسط. وتتمتع قطر بعلاقات وثيقة مع تركيا، كما أن لديها اتصالات مع حركة حماس في قطاع غزة.
صورة من: Getty Images/S. Gallup
البحرين.. الأولوية لحماية الملكية
تولى ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة الحكم بعد وفاة والده عام 1999، بعد أن أصبح ولياً للعهد عام 1964 وعمره كان حينها 14 عاماً. في أوج أحداث "الربيع العربي" شهدت مملكة البحرين أحداثاً سياسية كادت أن تعصف بالأسرة المالكة لولا تدخل قوات درع الجزيرة. تأزم العلاقة مع المعارضة الشيعية وقمعها الشديد بالسجن والإعدامات، يضع الإصلاحات الموعودة على المحك في بلد يعيش تحت "عباءة" الشقيقة الكبرى: السعودية.
صورة من: picture alliance/dpa/R. Jensen
التوازن الصعب
أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح عمل وزيراً للخارجية لمدة 40 عاماً قبل أن يتولى السلطة عام 2006، بعد وفاة الشيخ جابر الأحمد الصباح. نُقل إليه العرش بسبب مرض الشيخ سعد العبد الله الصباح، الذي لم يتول العرش سوى لأسبوعين فقط. يقود الشيخ صباح الإمارة الصغيرة وسط عدم استقرار حكومي، وخارجياً بسياسة أقرب ما تتصف بـ "التوازن الصعب" في جوار مضطرب بسبب الصراع الإيراني السعودي.
صورة من: Getty Images/M. Wilson
السلطان بن قابوس: رجل التوازنات
منذ عام 1970 والسلطان قابوس بن سعيد يحكم سلطنة عمان بهدوء. وقد عمل على تطوير البلد الذي كان متخلفاً في السابق وجعله في حالة من الرخاء النسبي. وتوصف سلطنة عمان بأنها ليبرالية نسبياً، كما أنها تتوسط لحل العديد من الأزمات، مثل الأزمة الحالية بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران.
كرستين كنيب/ م.ع.ح