ضجة عقب الاستقالة المفاجئة لوزير الخارجية الإيراني
٢٦ فبراير ٢٠١٩
أثارت الاستقالة المفاجأة لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف من منصبه ضجة كبرى وردود فعل متباينة على الصعيدين المحلي والعالمي، خاصة وأنها جاءت بعد ساعات قليلة من زيارة الرئيس السوري بشار الأسد للعاصمة طهران.
إعلان
استقالة محمد جواد ظريف الذي يعتبر من أبرز مهندسي الاتفاق النووي بين بلاده والدول العظمى عام 2015، الاستقالة أعلنها على "انستغرام" يوم أمس (الاثنين 25 فبراير/ شباط 2019) أثارت حفيظة نواب إصلاحيين في مجلس الشورى الإيراني الذين عبروا عن دعمهم التام لظريف، وحثوا الرئيس الإيراني حسن روحاني على عدم قبول استقالته.
وقال النائب مصطفى كواكبيان "بدون شك، الشعب الإيراني والحكومة والدولة لن تستفيد من هذه الاستقالة". وأضاف في تغريدة على تويتر: "أن غالبية النواب تطالب الرئيس بعدم قبول هذه الاستقالة". وأفادت وكالة الأنباء الطلابية بأنه تم توقيع عريضة دعم لظريف من أغلب نواب مجلس الشورى.
من جهته، أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن واشنطن أخذت علما باستقالة ظريف، وكتب على حسابه في موقع "تويتر" :"علمنا باستقالة ظريف، لنرى ما إذا كانت ستستمر. وعلى أي حال، فإنه والرئيس حسن روحاني مجرد واجهة لمافيا دينية فاسدة". وأضاف "إننا نعرف أن المرشد الإيراني علي خامنئي هو من يتخذ كافة القرارات النهائية". وشدد بومبيو على أن "سياستنا لن تتغير - يتعين أن يتصرف (النظام) كدولة طبيعية وأن يحترم شعبه".
بدوره، عبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن ارتياحه وسعادته باستقالة وزير الخارجية الإيراني. وقال نتنياهو على تويتر "رحل ظريف. ما دُمتُ أنا هنا فلن تمتلك إيران أسلحة نووية".
دون تقديم أي تفسيرات، كتب ظريف (59 عاماً) في رسالة نشرها عبر حسابه على موقع "إنستغرام" "أعتذر لعدم قدرتي على الاستمرار في منصبي، وعلى أي تقصير خلال أدائي مهامي".
ويعتبر بقاء ظريف من عدمه على رأس منصبه بين يد الرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي أعاد تعيين ظريف في المنصب نفسه بعد إعادة انتخابه لولاية ثانية.
وسبق أن قدم وزير الخارجية الإيراني استقالته عدة مرات لكن "قيامه بهذا الأمر علنا هذه المرة يعني أنه يريد من الرئيس أن يقبلها"، كما قال رئيس لجنة الأمن الوطني والخارجية في البرلمان حشمت الله فلاحت بيشه، بحسب وكالة الأنباء الطلابية (ايسنا).
ونفى محمود واعظي رئيس مكتب الرئيس الإيراني بشدة أن يكون روحاني قد قبل الاستقالة. وكتب في تغريدة على موقع " تويتر" أن "الأنباء المتداولة بشأن قبول استقالة الدكتور ظريف من قبل رئيس الجمهورية مرفوضة بشدة".
وتأتي الاستقالة بعد ساعات على الزيارة المفاجئة التي قام بها الرئيس السوري بشار الأسد إلى إيران.
وبحسب وكالة الأنباء شبه الرسمية (ايسنا)، فإن ظريف لم يحضر أي من الاجتماعات التي عقدها الأسد مع المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي أو الرئيس روحاني.
وفي مقابلة مع صحيفة "جمهوري اسلامي" المحافظة نشرت اليوم الثلاثاء، قال ظريف إن "كل شيء يذهب سدى حين لا يكون هناك ثقة في الشخص الذي يدير السياسة الخارجية".
ونقلت وكالة "فارس" عن مصدر في وزارة الخارجية الإيرانية تأكيده على أن الاستقالة جاءت رداً على عدم تنسيق مكتب الرئيس روحاني مع ظريف أو مع وزارته حول زيارة الأسد.
وكان ظريف كبير المفاوضين الإيرانيين في المباحثات النووية بين بلاده ومجموعة الدول الست (الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا) والتي أثمرت في فيينا في تموز/ي وليو 2015 اتفاقاً وضع حدّاً لأزمة استمرّت 12 عاماً حول البرنامج النووي الإيراني.
لكن ظريف، العدو اللدود للجناح المتشدّد في تيار المحافظين، ما انفك يتعرض لانتقادات متزايدة منذ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق بصورة أحادية في أيار/مايو 2018. وظريف الذي ظلّ يدافع عن الاتفاق النووي حتى بعد انسحاب واشنطن منه أصبح منذ أيار / مايو 2018 في مرمى سهام العديد من خصومه السياسيين.
س.آ / (رويترز / د ب أ / أ ف ب)
البرنامج النووي- محطات من الشد الإيراني والجذب الغربي
لعبة القط والفأر مع الغرب. بداية البرنامج النووي الإيراني في نهاية خمسينات القرن الماضي كانت واعدة. ثم جاءت القطيعة مع وصول الخميني للحكم لتتوالى فصول الترغيب والترهيب: اتفاق عام 2015، ثم انسحاب أمريكي وعقوبات قاسية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Iranian Presidency Office/M. Berno
البداية النووية
كان العام 1957، بداية البرنامج النووي الأيراني حين وقع شاه إيران اتفاق برنامج نووي مع أمريكا، ليتم الإعلان عن "الاتفاق المقترح للتعاون في مجال البحوث ومجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية" تحت رعاية برنامج أيزنهاور "الذرة من أجل السلام". وفي1967، أسس مركز طهران للبحوث النووية. لكن توقيع إيران معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في 1968، جعلها تخضع للتفتيش والتحقيق من قبل الوكالة الدولية للطاقة.
صورة من: gemeinfrei
إنهاء التدخل الغربي في البرنامج النووي
الإطاحة بحكم الشاه وقيام جمهورية إسلامية في إيران سنة 1979، جعلت أواصر العلاقات بين إيران والدول الغربية موسومة بقطيعة، فدخل البرنامج النووي في مرحلة سبات بعد انسحاب الشركات الغربية من العمل في المشاريع النووية وإمدادات اليورانيوم عالي التخصيب؛ فتوقف لفترة برنامج إيران النووي .
صورة من: Getty Images/Afp/Gabriel Duval
البحث عن حلول
سمح خميني عام 1981 بإجراء بحوث في الطاقة النووية. وفي 1983، تعاونت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لمساعدة طهران على الصعيد الكيميائي وتصميم المحطات التجريبية لتحويل اليورانيوم، خاصة في موقع أصفهان للتكنولوجيا النووية، لكن الموقف الغربي عموما كان رافضا لمثل هذا التعاون. ومع اندلاع الحرب بين إيران والعراق تضرر مفاعل محطة بوشهر النووية فتوقفت عن العمل.
صورة من: akairan.com
روسيا تدخل على الخط، والصين تنسحب!
في التسعينات تم تزويد إيران بخبراء في الطاقة النووية من طرف روسيا. وفي 1992، انتشرت مزاعم في الإعلام الدولي بوجود أنشطة نووية إيرانية غير معلنة، مما جعل إيران تستدعي مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارة المنشآت النووية، وخلصت التفتيشات حينها إلى أن الأنشطة سلمية. في 1995، وقعت إيران مع روسيا عقدا لتشغيل محطة بوشهر بالكامل، في حين انسحبت الصين من مشروع بناء محطة لتحويل اليورانيوم.
صورة من: AP
إعلان طهران وزيارة البرادعي لإيران
طلبت الوكالة الدولية، في 2002، زيارة موقعين نوويين قيل أنهما غير معلنين، لكن إيران لم تسمح بذلك حتى مرور ستة أشهر على شيوع الخبر. وفي 2003، زار محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إيران للحصول على إيضاحات في ما يخص استئناف أنشطة تخصيب اليورانيوم، واصدرت الوكالة تقريرا سلبيا تجاه تعاون إيران.
صورة من: AP
شد وجذب
أصدرت الوكالة الدولية، في 2004، قرارا يطالب إيران بالإجابة عن جميع الأسئلة العالقة، وبتسهيل إمكانية الوصول الفوري إلى كل المواقع التي تريد الوكالة زيارتها، وبتجميد جميع الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم بمستوى يتيح إنتاج الوقود النووي والشحنة الانشطارية. لكن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وبعد انتخابه، عمل على تفعيل البرنامج النووي ولم يكترث للتهديدات الغربية، كما أسس مفاعل "أراك" للماء الثقيل.
صورة من: AP
فصل جديد
في 2006، صوت أعضاء الوكالة الدولية على إحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن، الذي فرض حظرا على تزويد إيران بالمعدات اللازمة لتخصيب اليورانيوم وإنتاج صواريخ بالستية. وردت إيران على هذا الإجراء بتعليق العمل بالبروتوكول الإضافي وجميع أشكال التعاون الطوعي. وفي نفس السنة، أعلن الرئيس الإيراني؛ أحمدي نجاد، عن نجاح بلده في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3,5 بالمائة. الصورة لوفد قطر أثناء التصويت على القرار.
صورة من: AP
مفاعلات نووية سرية
في عام2009 ، تحدث بعض المسؤولين الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين، عبر وسائل الاعلام، عن قيام إيران ببناء مفاعل نووي في ضواحي مدينة قم، كما قال هؤلاء بأنه تحت الأرض ويبنى بكل سرية، دون أن تخبر به إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حين نفت طهران ذلك واعتبرته مجرد ادعاءات.
صورة من: AP
على مشارف حل
في عام 2014، تم الاتفاق على وقف تجميد الولايات المتحدة لأموال إيرانية قدرت بمليارات الدولارات، مقابل توقف إيران عن تحويل اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمائة إلى وقود. وفي نفس السنة، قامت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية باجراء تعديلات على منشأة "أراك" لضمان إنتاج حجم أقل من البلوتونيوم.
صورة من: ISNA
الاتفاق التاريخي
في عام 2015، وبعد سلسلة من الاجتماعات، في فيينا، أعلن عن التوصل لاتفاق نهائي؛ سمي اتفاق إطار، بخصوص برنامج إيران النووي. الاتفاق جمع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا بإيران. وكان من المرجح أن ينهي هذا الاتفاق التهديدات والمواجهة بين إيران والغرب.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Wilking
طموحات حدها الاتفاق!
كان باراك أوباما، الرئيس الأمريكي السابق، واحدا من رؤساء الدول المتفقة مع إيران، فيما يخص البرنامج النووي، من الذين رأوا في الخطوة ضمانا لأمن العالم، بالمقابل قال نظيره الإيراني؛ حسن روحاني، إن بلاده حققت كل أهدافها من خلال الاتفاق. لكن الأمور لم تعرف استقرارا، خاصة مع رغبة إيران في تطوير برنامجها نووي، دون أن تلفت اليها الأنظار.
صورة من: Getty Images/A. Burton/M. Wilson
أمريكا تنسحب
آخر التطورات في الاتفاق النووي، كانت يوم الثلاثاء 8 أيار/مايو 2018، حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قرار الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، متعهداً بأن تفرض بلاده "أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية على النظام الإيراني". وفي هذا الصدد، عبرت طهران عن عدم رغبتها في الدخول في جولات جديدة من المفاوضات الشاقة مع أمريكا.
صورة من: Imago/Zumapress/C. May
شروط أي "اتفاق جديد"
بعد الانسحاب الأميركي، أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو 12 شرطاً أميركياً للتوصل إلى "اتفاق جديد". وتضمنت هذه الشروط مطالب شديدة الصرامة بخصوص البرنامج النووي وبرامج طهران البالستية ودور إيران في الشرق الأوسط. وهدّد بومبيو إيران بالعقوبات "الأقوى في التاريخ" إذا لم تلتزم بالشروط الأميركية.
صورة من: Getty Images/L. Balogh
واشنطن تشدد الخناق
فرضت إدارة ترامب أول حزمة عقوبات في آب/أغسطس ثم أعقبتها بأخرى في تشرين الثاني/نوفمبر. وشملت هذه العقوبات تعطيل معاملات مالية وواردات المواد الأولية إضافة إلى إجراءات عقابية في مجالي صناعة السيارات والطيران المدني. وفي نيسان/أبريل من عام 2019، أدرجت الولايات المتحدة الحرس الثوري الإيراني على لائحتها السوداء لـ"المنظمات الإرهابية الأجنبية"، وكذلك فيلق القدس المكلف بالعمليات الخارجية للحرس الثوري.
صورة من: picture-alliance/U. Baumgarten
أوروبا تغرد خارج السرب
في 31 كانون الثاني/يناير 2019، أعلنت باريس وبرلين ولندن إنشاء آلية مقايضة عرفت باسم "إنستكس" من أجل السماح لشركات الاتحاد الأوروبي بمواصلة المبادلات التجارية مع إيران رغم العقوبات الأميركية. ولم تفعل الآلية بعد، كما رفضتها القيادة العليا في إيران. وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أكدت على "مواصلة دعمنا الكامل للاتفاق النووي مع إيران، وتطبيقه كاملاً"، داعية إيران إلى التمسك به.
صورة من: Reuters/S. Nenov
طهران ترد
في أيار/مايو الماضي، قررت طهران تعليق بعض تعهداتها في الاتفاق النووي التاريخي المبرم عام 2015 مع الدول الكبرى بعد عام على القرار الأميركي الانسحاب من الاتفاق. وحذرت الجمهورية الإسلامية من أنها ستستأنف تخصيب اليورانيوم بدرجة أعلى من المسموح بها في الاتفاق خلال 60 يوماً، إذا لم يوفر لها الأوروبيون الحماية من العقوبات الأمريكية. مريم مرغيش/خالد سلامة