رسوم ترامب: الاتحاد الأوروبي يُعلق رده ويتفاوض مع الإمارات
١٠ أبريل ٢٠٢٥
سعيا للعثور على شركاء جدد بعد أزمة الثقة مع واشنطن نتيجة رسوم الرئيس دونالد ترامب الجمركية، أعلن الاتحاد الأوروبي عزمه بدء مفاوضات مع الإمارات لإبرام اتفاق للتجارة الحرة. وأسهم أوروبا تحقق أفضل أداء منذ أكثر من 3 سنوات.
يسعى الاتحاد الأوروبي لتوسيع دائرة شركائه بعيداً عن واشنطنصورة من: Virginia Mayo/AP/picture alliance
إعلان
أعلن الاتحاد الأوروبي اليوم الخميس (10 نيسان/أبريل 2025) أنه توصل إلى اتفاق مع الإمارات لبدء محادثات التجارة الحرة، وذلك وسط الاضطراب والضبابية الناجمين عن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية تراجع عن بعضها لاحقاً.
وقال الاتحاد الأوروبي في بيان "أجرت فون دير لاين، رئيسة (المفوضية الأوروبية)، اليوم اتصالاً هاتفياً ودياً مع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة. واتفقا خلال مباحثاتهما على بدء مفاوضات بشأن اتفاقية تجارة حرة". وأضاف التكتل أن المحادثات ستركز على تجارة السلع والخدمات والاستثمار وتوطيد التعاون في قطاعات استراتيجية تشمل الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر والمواد الخام الحيوية.
ومن جهته، قال رئيس الإمارات على منصة إكس: "يعبر الاتفاق اليوم على إطلاق مفاوضات لعقد اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة بين الإمارات والاتحاد الأوروبي عن الاهتمام المتبادل بتحقيق نقلة نوعية في العلاقات الاقتصادية بين الجانبين وتوسيع آفاق التعاون المستقبلي لمصلحة التنمية المشتركة". وأضاف "الإمارات حريصة على تعزيز الشراكات التنموية مع التكتلات الاقتصادية المهمة في العالم، وشراكتها مع الاتحاد الأوروبي تتسم بالقوة والتطور وتقوم على رؤية مشتركة تركز على الاستقرار والنمو والازدهار للجميع".
الاتحاد الأوروبي يبحث عن بدائل عن الولايات المتحدة
وفي خضم أزمة الثقة مع واشنطن، تعمل أورزولا فون دير لاين وفريقها من المفوضين الأوروبيين على زيادة زياراتهم واتصالاتهم من أجل توسيع العلاقات التجارية والدبلوماسية مع شركاء جدد. وفي الأشهر الأخيرة، أعلن الاتحاد الأوروبي عن اتفاق تجاري أقوى مع المكسيك، واستئناف المفاوضات مع ماليزيا، واتفاق جديد مع تكتل ميركوسور في أميركا الجنوبية.
علاوة على ذلك، انعقدت قمة الاتحاد الأوروبي وآسيا الوسطى الأسبوع الماضي في سمرقند بأوزبكستان، بمشاركة خمس جمهوريات سوفياتية سابقة، في مسعى للاتحاد الأوروبي ليطرح نفسه بديلاً عن الصين وروسيا في هذه المنطقة.
وقالت فون دير لاين إنها تحدثت الخميس مع زعيمي كندا ونيوزيلندا، وهما دولتان أبرم الاتحاد الأوروبي معهما بالفعل اتفاقين تجاريين.
الاتحاد الأوروبي يعلق رده على رسوم ترامب
والخميس علق الاتحاد الأوروبي الخميس رده على الرسوم الجمركية الأمريكية المشددة بعدما بدل دونالد ترامب موقفه بصورة مفاجئة وجمد التعرفات الإضافية المطبقة على حوالى ستين دولة، مستثنياً فقط الصين التي باتت معزولة بمواجهة واشنطن.
وقرر الاتحاد الأوروبي تعليق الرسوم الجمركية التي أعلنها من جانبه على مجموعة من المنتجات الأمريكية من أجل "إعطاء فرصة للمفاوضات"، على ما أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين، محذرة في الوقت نفسه من أنه "إذا لم تكن المفاوضات مرضية، فإن إجراءاتنا المضادة ستدخل حيز التنفيذ".
وكانت دول الاتحاد الأوروبي الـ27 أقرت الأربعاء بعد أسابيع من التفاوض أولى تدابيرها، فارضة رسوماً مضادة على أكثر من 20 مليار دولار من البضائع الأمريكية مثل الدراجات النارية والصويا والدواجن.
وأتت هذه التعرفات المشددة رداً على رسوم جمركية بنسبة 25% فرضتها واشنطن في منتصف آذار/مارس على واردات الصلب والألمنيوم. أما الرد على الرسوم الأمريكية الإضافية التي أعلنها ترامب في الثاني من نيسان/أبريل وشملت تعرفة بنسبة 20% على التكتل، فكان من المتوقع إعلانه في مطلع الأسبوع المقبل.
إعلان
أسهم أوروبا تحقق أفضل أداء منذ أكثر من 3 سنوات
واتخذت بروكسل قرارها بعدما فاجأ الرئيس الأمريكي العالم مساء الأربعاء معلناً تجميد الرسوم الجمركية الإضافية التي فرضها على حوالى ستين دولة لمدة تسعين يوماً، مبقياً فقط على الرسوم المعممة بنسبة 10% السارية منذ مطلع نيسان/أبريل.
وإثر قرار ترامب، قفزت الأسهم الأوروبية اليوم الخميس وسجلت معظم المؤشرات أكبر مكاسبها خلال جلسة واحدة منذ 2022. وقفز المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 3.7 بالمئة وصعدت البورصات الرئيسية في أوروبا بما يتراوح بين ثلاثة إلى 4.7 بالمئة.
وسجل المؤشر القياسي والمؤشرات الرئيسية في ألمانيا وإسبانيا وبريطانيا أفضل أداء خلال جلسة واحدة منذ آذار/مارس 2022. وقفز المؤشر الفرنسي 3.8 بالمئة مسجلاً أفضل أداء خلال يوم واحد من تشرين الأول/أكتوبر 2022.
خ.س/ص.ش (رويترز، أ ف ب)
محطات تاريخية - أوروبا والسعي الدائم للخروج من العباءة الأمريكية!
بعد الحرب العالمية الثانية عملت أمريكا على تقديم مساعدات لأوروبا والحد من التوسع السوفيتي فوق أراضيها. لكن المتتبع للعلاقات عبر الأطلسي يجد أن الدول الأوروبية بدأت تنأى بمواقفها عن مواقف حليفتها واشنطن في ملفات كثيرة.
صورة من: picture alliance/C.Ohde
مشروع مارشال
لم تخرج أمريكا من الحرب العالمية الثانية بخسائر على عكس نظيرتها أوروبا التي فقدت الكثير على كل المستويات، ولهذا جاءت خطة مارشال بهدف إعادة بناء الاقتصاد الأوروبي عن طريق تقديم المساعدات. ويعود اسم المشروع إلى وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جورج مارشال الذي أطلق المشروع في حزيران/ يونيو 1947، أمام طلاب جامعة هارفرد. مشروع مارشال عُلقت عليه آمال مهمة، كتعزيز الاستقرار السياسي والسلام في العالم.
صورة من: picture-alliance/dpa
تعاون يورو- أمريكي
شكل حلف الأطلسي خطوة مهمة في تاريخ العلاقات بين الجانبين الأوروبي والأمريكي. وقد اجتمعت القوتان في 1949 وأنشأت المنظمة تحت اسم "منظمة حلف شمال الأطلسي"، اختصارا "الناتو". وكان الهدف من المنظمة هو التصدي لخطر الاتحاد السوفيتي حينها. يشكل الناتو نظاماً للدفاع الجماعي، إذ تتفق فيه الدول الأعضاء على الدفاع المتبادل رداً على أي هجوم من قبل أطراف خارجية.
صورة من: picture-alliance/akg-images
فرنسا تنسحب..
في 1966 انسحبت فرنسا من قيادة حلف شمال الأطلسي "الناتو" ما شكل زلزالاً هز وحدة حلف الناتو في وقت مبكر من تاريخ قيامه، وذلك بسبب أزمة وقعت خلال فترة رئاسة شارل ديغول لفرنسا. وأحتج ديغول على الدور القوي الذي تقوم به الولايات المتحدة في المنظمة، وهو ما اعتبره علاقة خاصة بينها وبين المملكة المتحدة، قائلاً إن فرنسا تريد انتهاج خط مستقل عن الحلف وسياسة واشنطن.
صورة من: AFP/Getty Images
خطوة إلى الأمام
من بين المحاولات المهمة التي قامت بها دول الاتحاد الأوربي لتبتعد عن "وصاية" واشنطن، الشراكة الأورومتوسطية. إذ بدأت عام 1995 من خلال مؤتمر برشلونة الأورومتوسطي الذي اقترحته إسبانيا وقام الاتحاد الأوروبي بتنظيمه لتعزيز علاقاته مع البلدان المطلة على المتوسط في شمال أفريقيا وغرب آسيا. الشراكة لم تستمر طويلاً، إلا أنها وضعت أسس لعلاقات إقليمية جديدة، وشكلت نقطة تحول في العلاقات الأورومتوسطية.
صورة من: AP
رفض ومعارضة
في 2003، أعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك والمستشار الألماني غيرهارد شرودر معارضتهما الشديدة لقرار أمريكا وحلفائها باحتلال العراق. شكل هذا الموقف لحظة قوية عبرت فيها الدولتان الأوربيتان الكبيرتان عن رفضهما سياسة "العم سام" في الشرق الأوسط. وقادتا الاتحاد الأوربي في هذا الاتجاه، حيث أعلن الاتحاد الأوربي معارضته مبدئياً للجوء للقوة، واشترط أن تتم أي عملية عسكرية بتفويض من مجلس الأمن.
صورة من: HECTOR MATA/AFP/Getty Images
اتفاقية "بيسكو"
في 2017، وقع 23 عضوا في الاتحاد الأوروبي على اتفاقية "بيسكو" الرامية لتعزيز التعاون بمجال الدفاع. وشكل توقيع هذه الاتفاقية أبرز خطوة أقدمت عليها دول الاتحاد في اتجاه تشكيل ذراع عسكري تتخلص بفضله من التبعية العسكرية للولايات المتحدة، وتعتمد عليه في تنفيذ سياستها وخصوصاً في منطقة حوض البحر المتوسط وشمال أفريقيا والشرق الأوسط وغيرها من مناطق الجوار الأوروبي.
صورة من: Reuters
الانسحاب من الاتفاق النووي
انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي الإيراني لاقى رفضاً من قبل الدول الأوروبية الثلاث الكبرى. ويشير هذا الرفض إلى سياسة الاتحاد الأوروبي الذي يسعى لنهج استراتيجية مستقلة عن واشنطن، خاصة وأن الاتفاق النووي واحد من أكثر الملفات الحساسة ليس فقط في الشرق الأوسط، وإنما في العالم بأسره.
صورة من: Imago/Ralph Peters
السفارة الأمريكية في القدس
رفضت دول من الاتحاد الأوروبي فتح السفارة الأمريكية في القدس. وكان هذا الرفض دليلاً على تزايد الاختلافات بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين، ما يدفعهم للسعي نحو الخروج من دارة "التبعية" لأمريكا. وكان عدد من وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قد وصفوا نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس بـ "الخطوة غير الحكيمة التي قد تؤدي إلى تصعيد حدة التوتر".
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Yefimovich
ملفات أخرى...
ملف الشرق الأوسط ليس الجانب الوحيد الذي تبرز فيها رغبة أوروبا في فك من ارتباطها بأمريكا. ويمكن الوقوف عند آخر نقطة في الملف، حيث رفعت أمريكا الرسوم الجمركية على الحديد والألمنيوم. وتشكل هذه الرسوم الجمركية تحدياً كبيراً وضعه ترامب في طريق الأوروبيين. وكانت دول أوروبية قد طالبت بضرورة الحصول على إعفاء دائم من هذه الرسوم، إلا أن الأمر ما يزال عالقاً. إعداد: مريم مرغيش.