1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

رشا حلوة: لنفكر بالنساء اللاتي يتعرضن للعنف في الحجر الصحي

رشا حلوة
٢٠ مارس ٢٠٢٠

في مقالها* لـ DW عربية تتناول الكاتبة الصحفية رشا حلوة المعاناة المضاعفة لنساء في وقت يفترض أن تكون بيوتهن آمنة من خطورة الفيروس، بعضهن لا يشعرن بالأمان داخل بيوتهن بسبب وجود رجال معنّفين ومسيئين لهن نفسياً و/أو جسدياً.

arabisch Kolumnistin Rasha Hilwi
صورة من: DW/Rasha Hilwi

على الرغم من أن كوارث عديدة ما زالت مستمرة في العالم، على المستويات السياسية والاجتماعية، والذاتية أيضاً. لكننا اليوم، مع بداية ربيع عام 2020، لا شيء يشغلنا ولا شي نحكي عنه، ولا يثقل علينا، ولا يقلقنا على الآخرين وأنفسنا، سوا جائحة كورونا، فإن أصابت أحدا، لا تفرق بين إنسان وآخر، بين طبقة اجتماعية أو اقتصادية وأخرى، بين مواطن أو قائد سياسي، إلا أن أتباع الحجر الصحي والمنزلي وأحياناً الرعاية الصحية، تختلف بين شخص وآخر، بين دولة وأخرى، للأسف.

تزداد الدول التي تفرض الحجر الصحي، ومن غير المعروف المدة التي سنقضيها على هذا حال، جل ما نعرفه هو أن منظمة الصحة العالمية أوصت أن نبقى في البيوت حتى نهاية آذار/ مارس الجاري، وفي بعض الدول، مثل ألمانيا، سوف يستمر الحجي الصحي حتى حوالي العشرين من نيسان/ أبريل المقبل، وكل هذه هي محاولات مستمرة لاحتواء تفشي فيروس كورونا المستجد، قدر الإمكان.

في الوقت الذي يطبّق العديد هذه التعليمات، على الرغم من "قسوتها"، وصعوبة التعوّد عليها، تطرح أصوات عديدة في المنطقة العربية والعالم، أسئلة حول ما يحدث داخل الحجر الصحي، وهذه الأسئلة ليس لها علاقة بكيفية قضاء الوقت أو الاستماع أو الترفيه عبر الإنترنت، من أفلام ورياضة وموسيقى، بل أسئلة حول ما يحدث للنساء اللاتي فُرض عليهن الحجر الصحي والعزل المنزلي مع رجال معنّفين، ويسيئون لهن نفسياً و/أو جسدياً. حيث بإمكان الرجل هذا أن يكون الأب، الأخ أو الشريك/ الزوج.

من الصفحات المهمّة عبر فيسبوك، هي صفحة "خرابيش نسوية"، تنشر قصصاً مصورة، وفي نصها التعريفي، كتبت القائمات عليها، بأن الصفحة تهدف إلى "طرد سم الأبوية التي يتم حقنه يومياً فينا، وذلك من خلال التفاعل مع العالم الخارجي". وقبل أيام نشرت "خرابيش نسوية" رسمة، تُظهر وجه امرأة، تقول باللغة العربية: "كل الحب والدعم للأشخاص يلي علقانة بالمنزل مع معنّفيها"، وأضافت الصفحة في التعليق على الصورة: "أنتم/ن لستم/ن لوحدكم/ن. تواصلوا/ن مع صديق/ة يقف/ تقف ضد العنف المنزلي".

لاقى المنشور تفاعلاً مهماً، وأضاء على حيّز ثقيل لربما غاب عن البعض في ظلّ الجائحة التي تسيطر على العالم، وتقلق البشر بحقّ. لكن بنفس الوقت، تذكرنا أن قضايا العنف المجتمعي والأسري وكذلك السياسي، لا تتوقف مع وجود وباء عالمي، بل أحياناً تزداد نظراً للظروف المفروضة وتلك التي يمكن أن تُستغل لصالح "القوي" ضد المستضعف/ة، سواء كان امرأة، طفلاً أو رجلاً أيضاً.

بموازاة منشور صفحة "خرابيش نسوية"، أطلقت مجموعة "طالعات" النسوية الفلسطينية منشوراً بعنوان "حجر عن حجر بفرق"، بجزء منه جاء: "في ظل الطوارئ الصحية، يعتبر الكثيرون الحديث عن العنف تشتيتاً في غير مكانه، إلّا أنه تحديداً في هذه الفترة تتضاعف الحاجة للتذكير بهذا العنف والتضامن المجتمعي مع ضحاياه".

وفي الحديث المستمر عن العلاج، والتطعيم المنتظر، والسلامة العامة، تأتي مجموعة "طالعات" لتطرح سؤالاً أساسياً في هذه المعادلة: "علينا أن نسأل أنفسنا عن مفهوم هذه السلامة ومن يستطيع النجاة فعلاً"، وتابع المنشور: "وجود منازل آمنة تحمينا هو امتياز لا تملكه نساء كثيرات في فلسطين والعالم".

أشارت تقارير عديدة أن النسبة الأكبر من العنف الذي تتعرّض له النساء يأتي من البيوت، من مساحاتها الآمنة، من أقرب الناس إليها. وفي وقت يتعين فيه على جميعنا أن نبقى في البيوت لنحمي أنفسنا من جائحة كورونا، هنالك نساء كثيرات لا يشعرن بالأمان في بيوتهن، يتعرّضن لعنف نفسي و/أو جسدي مستمرين، وفي هذه الأوقات الصعبة، من المهم الحديث عن قضايا العنف، ومن المهم محاربة كل من يأتي ليقول لنا "هذا ليس وقته"، ففي عالم يصبو العديد منا إلى مساحات صحية أكثر، إلى سعادة وطمأنينة، لا من وقت أفضل لمواصلة الحديث عن من تتعرّض ويتعرّض كل يوم من عنف أسري، وتوفير الحماية العاجلة لهم ولهن.

مؤسسات عربية عديدة تُعنى بقضايا المرأة، العنف ضد النساء بكل أشكاله، توجّه بوصلتها هذه الأيام نحو التوعوية بمخاطر العزل المنزلي على النساء المعنّفات من قبل رجال. وفي ألمانيا أيضاً، نشر العديد هذه الأيام موقعاً إلكترونياً يهتم بقضايا العنف الأسري ضد النساء، مرفق برقم هاتفي يوفّر خدمة للنساء بكل اللغات في هذه المحنة. مبادرات كهذه، تعطي مساحات أمانٍ بديلة، تُشعر النساء اللاتي يعشن تعنيفاً مستمراً بأنهن لسن وحدهن، وبأن هنالك حلولاً بديلة، تحفظ صحّتهن من جهة، ومن جهة أخرى، تحفظ سلامتهن النفسية والجسدية من العنف، وهذا لا يقل أهمية عن الحماية من مخاطر كورونا.

وفي حديثي عن النساء، لا يمكنني أن أنسى ما يعانيه أشخاص آخرون جراء العنف الأسري؛ سواء كانوا أطفالاً، أو مثليين/ات جنسياً أو عابرين/ات للجنس، وغيرهم/ن من الأفراد الذين يحاربون ويحاربن يومياً حقهم/ن بحياة كريمة يعيشون/يعشن فيها بلا أي شكل من أشكال الأذى النفسي والجسدي. في هذه الأيام الصعبة، لنفكر فيهم/ن ولنحاول قدر المستطاع أن نوفّر طرقاً كي يجدوا ويجدن بيوتاً آمنة، تحميهم/ن من فيروسيْن قذريْن؛ الكورونا والعنف… وتعبّد طرق هذا العالم إلى حياةٍ أكثر عدالة وصحّة.

 

* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبته وليس بالضرورة عن رأي مؤسسة DW.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW