1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

رشا حلوة: ملكة جمال السعوديّة، وحدها تحدد معايير جمالها

٢٠ ديسمبر ٢٠١٧

في مقالها* لـ DW عربية تسلط الكاتبة الصحفية رشا حلوة الضوء على خلفيات انسحاب ملكة جمال السعودية من مسابقة ملكة جمال العرب.

arabisch Kolumnistin Rasha Hilwi
صورة من: DW/Rasha Hilwi

قبل أيام قليلة، أعلنت الفائزة بلقب ملكة جمال السعوديّة، ملاك يوسف، انسحابها من مسابقة ملكة جمال العرب قبل حفل الاختتام في القاهرة، وذلك بعد الحملة التي شنّت ضدها، من قبل بعض السعوديّين، عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ تحت هاشتاغ (وسم): #ملكة_جمال_السعودية.

في فيديو قصير، تحدثت ملاك يوسف إلى الناس، معلنة انسحابها، حيث قالت: "أنا مثل أي بنت تهتم بالجمال والألقاب، وتريد أن ترى نفسها شيئًا كبيرًا في المجتمع وبين الناس، لكنكم لم تعطوني فرصة لإثبات نفسي وذاتي، جرحتموني بكلامكم وشتائمكم وسخريتكم. لوّ كنا نصنع الجمال، لصنعنا أنفسنا أجمل الجميلات، لكن الجمال الحقيقيّ، هو الجمال الداخليّ؛ جمال الرّوح الطيّبة، العفويّة وبر الوالدين، لم يكن يومًا الجمال هو خارجيّ فقط لا غير".

بداية، لن يخوض هذا المقال بشكل خاص حول ماهية مسابقات ملكات الجمال، على مستوى ذاتيّ، وأنا من جهتي أتحفظ إزاء المنصات التي تكرّس فكرة أن المرأة هي زينة أو مظهر خارجيّ يخضع لمعيار تجاريّ، علمًا أن الكثير من النساء اللواتي حصلن على ألقاب ملكات جمال، لهن أدوار سياسيّة واجتماعيّة وثقافيّة عديدة، وكان اللقب بابًا نحو ذلك أو جاء كجزء من سيرورة حياتهن. لكن الأهم، هو أن النساء اللواتي يخضن مسابقات ملكات الجمال، لهن حرية الاختيار والقرار فيما يتعلّق بمسارات حياتهن ووجوههن وأجسادهن، وبإمكاننا نقاش هذ المضمون وماهية هذه المنصات، باحترام بلا انتقاص من قيمة النساء الإنسانيّة وحرياتهن الفرديّة بالمشاركة بهذه المسابقات.

بالعودة إلى ملاك يوسف، وإلى قرار انسحابها، فالهجوم الذي شُنّ ضدها، كان متنوّع المضامين، بداية، التشكيك بأنّها سعوديّة، وهي بدورها عرفت جيدًا الإجابة على هذه الشكوك. لكن الأهم هو الفكرة من وراء التشكيك بجنسية أو انتماء نساء إلى بلادهن، حيث يرى البعض بأنهن "خارج" الصّورة "النمطيّة" للمرأة التي "يريدون" رؤيتها للنساء من بلادهم، وهذا الهجوم والتشكيك تجاه ملاك يوسف، نابع من جهة أن هنالك صورة واحدة للنساء في عقول البعض، ومن جهة أخرى نابع من منظور عنصريّ تجاه النساء وجنسياتهن، وأن هنالك من هن "أقل شرفًا" من غيرهن (حسب المعايير البشعة للبعض)، لأنهن ينتمين إلى بلاد أخرى.

المضمون الثاني المتعلّق بالهجوم على ملاك يوسف، هو موضوع ظهورها في المسابقة أو في الفضاء العامّ، بلا حجاب. وكان لملاك يوسف ردًا واضحًا وحقيقيًا حول ذلك عندما قالت: "أن الكثير من السعوديًات لا يلبسن الحجاب". في حديث مع صديقة سعوديّة حول هذه القضيّة قالت: "هذه ليست المرة الأولى التي يُحكى فيها عن موضوع ملكة الجمال، حيث حاولت السعوديّات أكثر من مرة الذهاب إلى مسابقة جمال العرب، وفي كل مرة، يمارس ضدهن ضغط مجتمعيّ لأنهن سيظهرن بلا حجاب. ومع ملاك، صدم البعض بأن هنالك فتاة سعوديّة مرشحة لملكة جمال العرب وبلا حجاب".

هذا الهجوم، سواء ضد ملاك أو غيرها من النساء، يقع تحت خانة "الوصاية المجتمعيّة الذكوريّة"، سواء خرجت من ألسنة رجال أو نساء. هذه الوصاية النابعة من الاعتقاد بتحديد كيف يجب على المرأة التصرف أو الظهور في الفضاء العامّ، كيف عليها أن تجلس أو تمشي أو تتكلم أو أي ثياب عليها أن ترتدي. في حديث مع (ع.) من السعوديّة ومقيمة في أوروبا، قالت: "لا يحق لأي أحد أن يتدخل بخيارات أي شخص. ماذا يعني أنها لا تمثل السعوديّة؟ هنالك نساء سعوديّات يمثلن السعوديّة في الرياضة، وفي حقل السباحة، ويرتدين المايوه، لا أفهم ردود الفعل"، وتضيف: "يأتي هذا الهجوم كشكل من أشكال الوصاية المجتمعيّة على النساء. أعيش في أوروبا منذ سنوات، حتى الآن تصلني تعليقات من الناس تتدخل في حياتي ومظهري الخارجيّ".

الأمر الإضافيّ المتعلّق بالهجوم على ملاك والإساءة إليها يقع ضمن السؤال: "من يحدد ما هو الجمال؟"، ولأن الحديث عن مسابقة ملكة جمال العرب، فإن أغلبية التعليقات ضدها كانت مستهترة وساخرة من جمالها الخارجيّ. وانتشرت عبر الإنترنت تعليقات مسيئة عديدة، من رجال على وجه الخصوص، مثل التي كتبتها إحدى الشخصيات المعروفة وسط الشباب السعوديّين، حيث نشر صورته إلى جانب صورة ملاك، قائلًا: "أول مرة أشعر أني أحلى من أحد". وقد وصله ردود فعل نقديّة عديدة، منها: "إلى متى هذا التهريج؟ متى تكف كرامتك عن الهدر لأجل عدة متابعين وإعجابات؟".

امتدادًا للفكرة أعلاه، كانت هنالك تعليقات مسيئة لشكل ملاك الخارجيّ لكنها تصب هذه المرة في إعادة المرأة إلى مربع "القدسيّة"، وأن "جمالها هو بطهارتها وعفتها". وعلى الرّغم من أن ملاك تحدثت كثيرًا حول مفهوم الجمال الداخليّ، وجمال الرّوح كرد فعلّ على الهجوم ضدها، لكن من الذي يحدد معايير الجمال؟ ومن لديه الحق أن يحدد "أخلاق" المرأة؟ أو أنها "طاهرة أم لا"؟ مع ذلك، سنواصل التذكير دومًا بأن شرف البشر له علاقة مباشرة وأولى بالكرامة والقيمة الإنسانيّة، وبالتأكيد، ليس بمعايير وُجدت لفرض السيطرة والسلطة على آخرين وأخريات.

 كلّ امرأة تختار مسارًا لحياتها، كما يلائمها هي، تقع ضحيّة اتهامات ذكوريّة تهدد كيان هذه العقليّات، والأخطر من ذلك، بأن هذا الهجوم، لا يقتصر فقط على السخريّة والإساءة التي تقوم بدور التحريض على النساء، بل أنه جزءًا من سلسلة عنف ورعب تعيشها النساء في كل مكان، واللواتي اخترن أن يمارسن حرياتهن الفرديّة كما يشأن، واللواتي قررن بأنهن جميلات وفقًا لمعايير الجمال التي ينتمين إليها، داخليًا وخارجيًا. كأن على جميعنا البحث دومًا عن مساحات أمان، بلا خوف، نكون فيها كما نحبّ ونختار، وعلينا دومًا أن نقول لأنفسنا ولأخريات، كما كتبت إحدى النساء السعوديّات عبر تويتر: "التنمر وسيلة كلّ هش وناقص. ملاك، أنتِ جميلة رغم كلّ المقصات التي واجهتك، وكلّ من أساء إليك".

 

*  المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبته وليس بالضرورة رأي مؤسسة DW.

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW