1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

رشا حلوة: نساء في ردٍ على ريهام سعيد..سمينات ونحبّ أجسامنا

رشا حلوة
٣٠ أغسطس ٢٠١٩

في مقالها* لـ DW عربية تتناول الكاتبة الصحفية رشا حلوة ردود فعل نساء، منهن سمينات، على الإعلامية المصرية ريهام سعيد، والتي أثارت تصريحاتها الأخيرة أصحاب الوزن الزائد ووصفتهم بأنهم "ناس ميتة".

arabisch Kolumnistin Rasha Hilwi
صورة من: DW/Rasha Hilwi

انتشرت قصّة الإعلامية المصرية ريهام سعيد كثيرًا خلال الأيام الأخيرة، ومنذ أن ظهرت عبر شاشة قناة "الحياة" في برنامجها "صبايا" بتصريحات أقل ما يمكن وصفها أنها مهينة وقامعة أيضًا، وجهتها لأصحاب وصاحبات الوزن الزائد، مع تحفظي أيضًا على هذا المصطلح. إثر ذلك، قدّم المجلس القومي للمرأة شكوى ضدها وقد عقدت لجنة الشكاوى في المجلس الأعلى للإعلام في مصر جلسة تحقيق معها… وقد أقر المجلس توقيف عملها لمدة عام.

جاءت تصريحات ريهام سعيد بالتزامن مع حملة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، "للاهتمام بصحّة المواطنين"، وكانت قد ذهبت ريهام سعيد طواعية إلى الأقسى، حيث وجهت خطابًا لأصحاب الوزن الزائد، قالت فيه: "الناس التخينة(السمينة) ميتة… عبء على أهلها وعلى الدولة… وبيشوهوا المنظر العام بالعرق والسموم الموجودة في أجسامهم"، وتابعت: "منظرك بيكون مش حلو وإنت بالعباية أو الجلابية ومش قادرة تمشي… بتفقدي جزء من أنوثتك".

على الرغم من أن ريهام سعيد تحدثت في الشق الأوّل من خطابها عمومًا عن أصحاب الوزن الزائد، لكنها خصصت في الشق الثاني منه، حديثها فقط للنساء صاحبات الوزن الزائد، واللاتي تطال أجسامهن  منظومات اقتصادية واجتماعية عديدة وتقمعها بأشكال متنوعة… وإن جاء التنمر والسخرية منهن هذه المرة عبر برنامج إعلامي وبصوت إعلامية، لكن هذا القمع تجاه الأجسام "صاحبة الوزن الزائد" حاضر دومًا، عبر منصات الميديا المتنوعة، والإعلانات على سبيل المثال، وذلك بغياب شبه مطلق لحضورهن، أو في المسلسلات التلفزيونية والسينما، من خلال تأطيرهن في أدوار ثانوية دائمًا أو رمي أحكام "غير المقبولة" عليهن، لأن أجسامهن لا تلائم "معايير الجمال" التي يُروّج لها في معظم المحافل.

مع الضجة التي أثارتها تصريحات ريهام سعيد، وتحريضها على السمنة، حيث تمثّل بدورها شخصيات عديدة في مجتمعاتنا، كانت قُدمت شكاوى كثيرة ضدها، لكن الملفت في الضجة كانت ردود نساء كثيرات، منهن بوزن زائد، مع تحفظي من جديد على المصطلح، واللاتي نشرن صورهن، وعبّرن عن محبتهن لأجسامهن وعلاقتهن الطيّبة بها، وتقبّلهن لأنفسهن، والتي تحوّلت إلى حملة عبر صفحات السوشيال ميديا، رأتها نساء مناسبة لتدعيم أنفسهن وتدعيم نساء أخريات، وهذا قد أثلج الصدر.

كانت أولى المصريات اللاتي نشرن رد على تصريحات ريهام سعيد، هي الممثلة المصرية إنجي وجدان، من خلال فيديو قصير تناقض فيه كلّ ما ذكرته سعيد، تحكي فيه عن تجربتها مع الوزن أيضًا، وعن الظروف التي تؤدي بالناس أحيانًا، خارج عن إرادتهم، إلى اكتساب وزن. إلى جانب الفيديو، أعادت إنجي نشر صورة لها من العام 2016، بعد ما أنجبت، قالت فيها: "أنا واحدة حملت وخلفت. وتخنت في الحمل جامد. عادي إيه المشكلة؟ وبعدين أنا حرة. وحابة نفسي في أي شكل. أنا ممكن يفرق معايا الناس اللي تعلق على شخصيتي، لكن وزني لا ولن يفرق معايا".

تفاعل إنجي مع تصريحات ريهام سعيد، تلاه منشوارت عديدة لنساء مصريات، احتوت على صور متنوعة، معظمها بدأت بجملة: "أنا ست تخينة (سمينة)"، واستمرت إلى قصص ذاتية عن علاقة النساء بأجسامهن، ومحبتهن لها، وبجزء من الأحاديث، تطرقن نساء إلى الظلم الذي التحق بهن اجتماعيًا، وكيف أثّر ذلك على أهاليهن وخاصّة أمهاتهن، ففي منشورها، قالت فتاة مصرية: "بسبب أمثالك عملتوا لأمي عقدة في حياتها من إن عندها بنت وزنها زايد... وبسببك كثير من أمهات حياتهم مدمرة عشان طاقة الجهل اللي بتصدريها ده بدل ما تقومي بدورك بحملة وعي محترمة للأمهات إزاي تتعامل مع عيالهم".

لم تقتصر الردود فقط على النساء بالطبع، الكثير من الرجال أيضًا كتبوا منشورات معارضة لتصريحات ريهام سعيد، وبالطبع، بالحديث عن ردود الفعل، سواءً من النساء والرجال، لا يعني أنها كلّها جيّدة وقيلت أو كُتبت بأسلوب يستحق الاحتفاء به، الكثير منها أيضًا تقع في خانة الذكورية، ولا تختلف بإهانتها للمرأة عن ما صرّحت به الإعلامية المصرية.

بالعودة إلى تصريحات الرجال، فكان قد كتب لاعب كرة القدم المصري، أحمد حسن، عبر صفحته في فيسبوك، منشورًا ردًا على ريهام سعيد، أرفق له صورة مع والدته، وقال فيه: "بصي يا ريهام هكلمك عملي وبدون تنظير... شايفة الست القمر السمينة دي! تبقى أمي وفي زيها ملايين من أمهاتنا واخواتنا العظيمات"، وتابع: "يا ألف خسارة على الإعلام اللي بدل ما يعلم وينصح ويقدم رسالة محترمة بقى يسخر وينظر على الطيبين اللي فاضلين في حياتنا".

شخصيًا، أرى أن الحملة المضادة لتصريحات ريهام سعيد، مهمّة وقوية... ضرورية بالطبع، وقد شكّلت مساحة تدعيم وتقوية للنساء على وجه الخصوص، قامت عليها النساء بالدرجة الأولى. لماذا مهمة؟ لأن صوتها كان عاليًا ومؤثرًا وذاتيًا على الرغم من ارتباطه بقضية عامّة، وذلك في خضم احتكار لمعايير ما للجمال عالميًا، واستيلائها أو فرضها للأدق على حقول وأنماط حياة كثيرة… وتأثير ذلك على الناس وآرائهم عن أجسامهم وكيف عليها أن "تكون"، خاصّة النساء الذي يحارب جزء كبير منهن "بعبع صورة الجسد" الذي يعيش في رؤوسهن ويبلوّر سيرورة حيواتهن، وبصورة قاسية جدًا أحيانًا.

 تأتي هذه الردود والمنشورات الكثيرة، لتعطي فسحة أملٍ، بأننا سنجد دومًا في هذه الحياة الكثير من النساء اللاتي نجحن وسينجحن بإعادة الاعتبار لوجودهن المتجسّد بأجسامهن أيضًا أمام ماكينات قمع كثيرة، إعادة الاعتبار هذه طريقها صعب أحيانًا ومليء بالمتاعب أحيانًا أخرى، لكن المنشورات والصور التي انتشرت في الأيام الكثيرة لها طعم انتصارات، حتى لو كانت صغيرة… لكنها تقول بثقة: "نحن سمينات ونحبّ أجسامنا".

 

* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبته وليس بالضرورة عن رأي مؤسسة DW.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW