"رغم أحداث برلين.. القانون يعامل الجميع على قدم المساواة"
علاء جمعة
٢٨ ديسمبر ٢٠١٦
تسود حالة من القلق بين اللاجئين بعد الأحداث الإرهابية والأمنية التي شهدتها ألمانيا، إلا أن الخبير في شؤون اللاجئين والاندماج نبيل يعقوب طمأن اللاجئين بأن القانون الألماني هو الحكم والفيصل والجميع سواء أمام القانون.
إعلان
الأحداث الأمنية المتتابعة التي شهدتها ألمانيا مؤخرا وخاصة اصطدام شاحنة بحشد من الناس في أحد أسواق عيد الميلاد في برلين، وما تبعه من محاولة شباب عرب من سوريا وليبيا، حرق متشرد في إحدى محطات قطار برلين، كلها أمور جعلت قضية اللاجئين على المحك خاصة مع ارتفاع أعداد المطالبين باتخاذ إجراءات حاسمة ضدهم بالإضافة إلى حديث الدولة عن تشديد القبضة الأمنية، والتسريع بإجراءات الترحيل وغيرها من الأمور التي أصابت اللاجئين بالقلق، DW عربية التقت بالخبير في شؤون الهجرة والاندماج والمتحدث باسم مجلس المهاجرين في ولاية ساكسونيا نبيل يعقوب.
وفي حديث مع DW عربية، رأى نبيل يعقوب المتحدث باسم مجلس المهاجرين في ولاية ساكسونيا أنه "من المفهوم، في ظل تتابع الأحداث الإرهابية وأحداث العنف في عدة مدن ألمانية وفي بلدان أوروبية أخرى أن ينشأ خوف عام وسط المواطنين ويطالبون بإجراءات تعيد الأمن والأمان" إلا أنه طمأن اللاجئين بأن القانون الألماني هو الحكم والفيصل والجميع سواء أمام القانون.
DW عربية: اللاجئون قلقون بعد الأحداث الإرهابية والأمنية الأخيرة التي شهدنها ألمانيا، هل من الممكن أن يؤثر هذا الأمر عليهم؟
نبيل يعقوب: التأثير قد يكون من ناحيتين، من ناحية قانونية فالجميع في ألمانيا سواء أمام القانون بغض النظر عن جنسية المذنب، ولا يجب أن يعاقب هنا أي شخص، لأن غيره أو قريبه أو فرد من عائلته قام بشيء مخاتلف للقانون، لذلك من الناحية القانونية لا يوجد خطر على اللاجئين في حالة عدم التورط، أما من ناحية اجتماعية، فإن هذه الأفعال تؤثر ولا ريب على التقبل الشعبي للاجئين، وتضغط باتجاه سن قوانين جديدة لا تصب في مصلحتهم من حيث منحهم حقوق أقل، أو تقييد أعدادهم، وغير ذلك من الأمور.
هناك لاجئون قبلت طلبات لجوئهم، وهناك من قدم طلبات لجوئهوما يزال النظر ساريا قي طلبه، هل يختلف وضع هؤلاء أمام القانون في حال تورطهم بأعمال إرهابية أو جنائية؟
قانونيا، فإن العقوبة التي توجه للمذنب في ألمانيا تكون واحدة بغض النظر عن الشخص، إلا أن اللاجئين لهم شروط مختلفة من أجل قبول اللجوء، بمعنى أن من يضبط بجرم إرهابي أو جنائي قد يكون معرضا لرفض لجوءه وترحيله، وهذا يشمل من قبل لجوئه من قبل ومن ما زال ينظر في أمره، الأمر يعود للقاضي، وحسب الجرم. كما أن هناك قانونا بخصوص الدول الآمنة والذي ينص على تسريع أمور الترحيل لو كان الجاني قادما من دول صنفت آمنة.
في حال ثبتت التهمة على الشباب العرب الذين حاولوا حرق المشرد في برلين، وكانوا لاجئين هل سيتم ترحيلهم، وهل عائلاتهم مهددة في حين كانوا قاصرين ؟ هل من الممكن أن تعاقب العائلات بسبب تصرف أبنائها؟
الترحيل لا يتم بين ليلة وضحاها، هناك شروط عديدة يجب توافرها قبل الترحيل، ومن بينها توافر الصحة النفسية والجسدية، وألا يكون المرحل مهدد بشكل فعلي في بلده، وأيضا ينظر في الأمر من ناحية مختلفة في حال كانت العائلة معرضة للتمزق بهذا الترحيل، لذلك لا أعتقد أن عائلات المشتبه بهم سيجبرون على المغادرة. هناك أمر آخر أضيفه وهو أن المرحل يحق له الطعن عبر القضاء بقرار ترحيله، والنظر في هذه الأمور قد يصل لسنوات في بعض الأحيان، ميركل تحدثت مؤخرا عن تسريع في هذه الإجراءات ، إلا أنه لم يصدر تفسيرات بعد عن طبيعة هذا التسريع وكيفيته.
تم الحديث مؤخرا عن تشديد الإطار القانوني ضد الأجانب المتورطين في ارتكاب جرائم جنائية والذين يُصنفون كـ"مصدر خطر".ما طبيعة هذه الإجراءات وإلى أي مدى يمكن أن تؤثر على اللاجئين.
هناك إقتراحات عديدة صدرت بشأن تشديد الإطار القانوني والأمن الداخلي بخصوص الأجانب المتورطين بجرائم جناية، منها على سبيل المثال مقترح إسقاط الجنسية عن الجهاديين الذين يحاربون في الخارج، إذا كانوا يحملون جنسية مزدوجة. وإلى جانب هذا الإجراء هناك عدد من الاقتراحات الأخرى بهذا الشأن أثارت جدلا بين الأحزاب السياسية وبعض الخبراء تتعلق على سبيل المثال بحظر النقاب أو إلغاء الجنسية المزدوجة.
ومن التدابير الأخرى المقترحة، هناك إدراج "تهديد الأمن العام" كسبب للاعتقال والطرد السريع للأجانب الذين يشتبه في أنهم يحضرون لهجمات. واقتراح عقوبة جنائية تشمل "أي تعبير عن التعاطف مع الأعمال الإرهابية"، إضافة لاختصار فترات السماح المؤقت للأجانب الملزمين بمغادرة البلاد إذا أعطوا على سبيل المثال بيانات خاطئة بشأن هويتهم. بالإضافة إلى التنسيق مع ممثلي الأطباء للتوصل لآلية تسمح بالتعرف المبكر على المضطربين نفسيا ومدى احتمال لجوئهم لارتكاب أعمال عنف مع الحفاظ في الوقت نفسه على مبدأ حق المريض في أن يحتفظ طبيبه بسرية معلوماته الشخصية، إلا أن هذه المقترحات لا تجلب الأمن والأمان، كما أنها ما زالت مقترحات، وتطبيقها قانونيا يستغرق وقتا.
ماذا يمكن أن يفعله اللاجئون حاليا، في ظل هذه الظروف؟
القانون هنا منصف للجميع، أطلب منهم ألا يخافوا، وأن يلتفتوا إلى تعلم اللغة والاندماج أكثر في المجتمع، لان الاندماج معناه إزالة الحواجز بين اللاجئ والألماني، وهو يسمح لتبادل أفكار أعمق بين اللاجئين وبين الألمان، ويؤدي إلى تقبل مشترك، ويعزز من لحمة المجتمع.
صدمة وحزن وخوف وإرهاب... أسبوع دام في ألمانيا
شهدت ألمانيا خلال أسبوع واحد فقط عمليات قتل وترهيب وهجمات إرهابية، ثلاثة منها نفذها لاجئون قدموا إليها حديثا، واثنان منهما تبناهما تنظيم "داعش". جولة مصورة توثق أسبوعا من الإرهاب والحزن والخوف في عدة مدن ألمانية.
صورة من: Getty Images/J. Simon
لا يزال الحزن يخيم على مدينة ميونيخ الألمانية، حيث تضع امرأة وردة في المكان الذي شهد يوم الجمعة الماضي عملية قتل عشوائية مروعة، راح ضحيتها تسعة أشخاص، أغلبهم في مقتبل العمر. العملية التي نفذها شاب ألماني-إيراني، قيل إنه يعاني من اضطرابات نفسية، راح ضحيتها فتيان وشباب، غالبيتهم من أصول مهاجرة (ثلاثة أتراك وثلاثة ألبان كوسوفو ويوناني). ذنبهم الوحيد أنهم كانوا في المكان والوقت غير المناسبين!
صورة من: GGetty Images/AFP/C. Stache
بحر من الورود أمام مركز أولمبيا التجاري في ميونيخ، حيث مسرح عملية القتل الجماعي العشوائي، حداداً على أرواح الضحايا وسط تساؤلات عمّا دفع الجاني، الذي لم يتجاوز عمره 18 عاما، إلى هذه الجريمة؟ التحريات تشير إلى حد الآن أن الشاب، الذي ولد في ألمانيا لأبوين قدما من إيران في التسعينات كطالبي لجوء، قد خطط لعمليته طويلاً و"جيداً".
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Meyer
وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير اضطر في غضون ثلاثة أيام إلى قطع عطلته كان يقضيها مع زوجته في الولايات المتحدة الأمريكية. المرة الأولى كانت مطلع الأسبوع عقب عملية إرهابية نفذها لاجئ في 17 من عمره في قطار في مدينة فورتسبورغ، والمرة الثانية عقب عملية القتل الجماعي العشوائي في ميونيخ. الوزير قرر بعدها التخلي نهائيا عن إجازته والبقاء في ألمانيا.
صورة من: Getty Images/J. Simon
في غضون ذلك، لا تزال صور دماء تغطي أرضية عربة في القطار الذي شهد عملية إرهابية في مدينة فورتسبورغ الألمانية عالقة في أذهان الكثيرين في ألمانيا. العملية، التي نفذها فتى لاجئ في 17 من عمره، أسفرت عن إصابة أسرة قدمت من هونغ كونغ سائحة في ألمانيا بجروح بليغة وامرأة ألمانية ذنبها الوحيد أنها كانت في طريق الإرهابي عند محاولته الفرار من القطار. العملية تبناها فيما بعد تنظيم "داعش".
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Hildenbrand
وفيما تزداد المخاوف من ألمانيا من عمليات دامية كتلك التي شهدتها باريس ونيس وبروكسل واسطنبول وأنقرة وغيرها، تبقى التساؤلات قائمة عما دفع بفتى قدم فاراً من أفغانستان (أو باكستان) ليجد ملجأ وأسرة تحتضنه في ألمانيا إلى القتل؟ الكثيرون صدموا لكم الكراهية التي يكنها هذا الشباب خاصة بعدما نشر "داعش" فيديو يظهر فيه الفتى وهو يهدد ويتوعد فيه الألمان بالقتل والانتقام.
صورة من: picture-alliance/dpa/Amak
وما لبث الناس يتنفسون الصعداء بعد عملية ميونيخ التي بثت الذعر في القلوب خوفا من عمليات إرهابية منسقة كتلك التي شهدتها باريس في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي وأسفرت عن مصرع 130 شخصا وجرح المئات، هاهي ألمانيا تشهد بعد يوم فقط جريمة أخرى اهتزت لها مدينة رويتلينغن، حيث قام لاجئ سوري في مقتل العمر بقتل مقتل امرأة وجرح خمسة آخرين بسكين كبير.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
حالة من الذعر تسود رويتلينغن، المدينة الصغيرة الهادئة في جنوب ألمانيا، بعد الجريمة البشعة. وفيما تتواصل التحقيقات مع الجاني لمعرفة دوافعه، تؤكد السلطات الألمانية على عدم الاشتباه بالإرهاب والعنف بشكل عام في طالبي اللجوء، لافتة إلى أن أغلب العمليات الإرهابية التي شهدتها أوروبا في الآونة الأخيرة لم تكن من فعل لاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/C. Schmidt
لكن تحذيرات السلطات الألمانية من عدم وضع اللاجئين في قفص الاتهام قد لا تجد آذانا صاغية، على الأقل لدى البعض، بعد هجوم أنسباخ الانتحاري الذي شُن مساء يوم الأحد، أي في نفس اليوم الذي شهدت فيه روتلينغن عملية القتل بسكين، والذي نفذه لاجئ سوري آخر (27 عاما). العملية الإرهابية التي أسفرت عن مقتل المنفذ وجرح 15 شخصا، أربعة منهم في حالة خطيرة، كان هدفها الانتقام من ألمانيا وتبنتها داعش.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
وفيما تشير التحريات الأولى إلى ضلوع "داعش" في العملية التي نفذها اللاجئ السوري الذي فجر نفسه ليل الأحد الاثنين في بلدة أنسباخ الألمانية، يبقى من المؤكد أنه أراد قتل أكبر عدد ممكن من الناس، إذ أنه تحول إلى مهرجان للموسيقى جاءه زوار من كل حدب وصوب. ولولا أن رجال الأمن منعوه من الدخول، ويقوم بتفجير نفسه عندها، لكانت الحصيلة أثقل بكثير.
صورة من: DW/N.Niebergall
يواخيم هيرمان، وزير داخلية ولاية بافاريا الألمانية - التي شهدت ثلاث عمليات قتل وترهيب من إجمالي أربع عمليات خلال أسبوع واحد - يقول إن الهجمات الأخيرة أثارت تساؤلات بشأن قانون اللجوء الألماني والأمن في مختلف أرجاء البلاد.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
وإن لم يصدر أي تعليق بعد عن المستشارة الألمانية أو وزير داخليتها بشأن عزمهما تشديد قانون اللجوء الذي قدم بموجبه العام الماضي أكثر من مليون لاجئ، أغلبيتهم من السوريين، إلا أن المخاوف الأمنية تبقى قائمة، حيث كثفت الشرطة من تواجدها في كل المرافق العامة الحساسة. ولكن الأكيد أن ما حدث في ألمانيا خلال أسبوع، لن يمّحي من ذاكرة العديد من الناس.. أملا في ألاّ يستغلها اليمنيون المتطرفون لصالحهم!