رغم استمرار العقاب الجماعي.. اليمنيون يصرون على الاحتفال بعيد الأضحى!!
٧ نوفمبر ٢٠١١حل عيد الأضحى هذا العام واليمنيون ما زالوا يواصلون ثورتهم السلمية تحت ظروف حياتية تزداد قسوة يوما بعد يوم منذ عشرة أشهر،فالمياه مقطوعة عن المنازل وعاد الكثير للبحث عنها وجلبها بالطرق التقليدية وباستخدام أواني وأدوات غير نظيفة أو مناسبة لحفظ المياه الصالحة للشرب والاستخدامات المنزلية،وليس غريبا أن تتفرغ النساء في المدن الكبيرة كصنعاء وتعز وعدن والحديدة وإب، للبحث عن المياه وجلبها على الرؤوس إلى المنازل،كما أن الكثير من الفتيات والأطفال قد هجروا الجامعات والمدارس،لجلب المياه إما من المساجد وإما من المزارع والخزانات القريبة من الأحياء السكنية،والقادرون فقط هم من يستطيعون الحصول على المياه المنقولة بواسطة السيارات وهي في الغالب مياه غير نظيفة،أما الكهرباء فلم تزد زيارتها للمنازل عن ساعة أو نصف ساعة من كل أربعة وعشرين ساعة،بل أن بعض الأحياء والعمارات السكنية في صنعاء لا تزورها الكهرباء لعدة أيام أو أسابيع كاملة،مع الارتفاع المتزايد في أسعار المواد الأساسية والضرورية لاستمرار الحياة،ولكن كيف سيحتفل اليمنيون بعيد الأضحى المبارك الذي ترتبط طقوسه الدينية والاجتماعية باستهلاك قدر كبير من المياه والطاقة الكهربائية؟ وكيف واجهوا ارتفاع أسعار الأضاحي التي فاقت قدرات الكثير ممن فقدوا مصادر دخلهم الأساسية أو تراجعت بسبب استمرار الاحتجاجات التي لم تستجب لها السلطات اليمنية ؟! وكيف يتعاملون مع مشكلة انقطاع المياه والكهرباء عن المنازل؟! وكيف وفروا غاز الطبخ المنزلي الذي اختفى فجأة من الأسواق قبل أيام من حلول العيد وارتفع سعره بمقدار بزيد عن الضعف ؟!
العيد عيدين
فيما كان الرئيس علي عبد الله صالح،يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك مع أنصاره في جامع السبعين قرب دار الرئاسة للمرة الأولى منذ عودته من السعودية التي قضى فيها ما يقرب من أربعة أشهر للتعافي من الجروح التي أصيب بها في حادث دار الرئاسة في الثالث من يونيو/حزيران الماضي،كان مئات الآلاف من المعارضين له يؤدون صلاة عيدهم في شارع الستين الغربي،ومثلهم في عشرين محافظة يمنية أخرى،وجميعهم يهتفون بسقوط صالح ويطالبون بتقديمه للمحاكمة الدولية،ويجددون تأكيدهم على الاستمرار في نضالهم السلمي المستمر منذ عشرة أشهر رغم ما قدموا من تضحيات.
سنعوض الأضاحي بالدجاج
الدكتور بشير طربوش أستاذ بجامعة صنعاء ومنخرط في صفوف الثورة السلمية،يدهشك برده السريع حين تسأله عن كيفية مواجهة اليمنيين لهذه الظروف القاسية ومدى القدرة على استمرار الثورة في ظل هكذا ظروف فيقول لـدويتش فيله "سنستمر في احتجاجاتنا السلمية،وسنستعيض عن الأضاحي بالدجاج أو السمك بقدر الحاجة اليومية وسنجلب الماء بالوايتات (سيارات نقل وبيع المياه) أما الضوء فلسنا بحاجة إليه في اللحظة الراهنة". أما التربوي والسياسي المتواضع نور الدين عقيل، فقبل أن يرد على السؤال يغمرك ببسمته العريضة ويقول لدويتشة فيله" أهداني أحد طلاب والدي (رحمه الله) خروف كعادته كل عام ولأن الكهرباء والمياه عن المنزل مقطوعة،والأولاد منذ سنة لم يذوقوا اللحمة لذلك قررنا أن يكون الخروف غدائنا ليوم واحد". ويشرح نور الدين فوائد هذه الفكرة متهكما بقسوة الظروف " بذلك نكون قد أقمنا سنة سيدنا إبراهيم عليه السلام وأكلنا اللحمة التي طال انتظارنا لها سنة كاملة ولن نحتاج للكهرباء". ويتفق مع الفكرة أبو مجدي،من تعز فيقول"للتغلب على المشكلة ليس أمامنا إلا البحث عن أضاحي صغيرة تكفي ليوم واحد تفاديا لفساد اللحمة التي ننتظرها منذ سنة".
التضحية بالسنة من أجل إسقاط السلطة
المواطن اليمني أبو نصر الشهابي يلخص الوضع بطريقته الخاصة فيقول " حل العيد علينا والمياه والكهرباء مقطوعة وأسعار الأضاحي مرتفعة،والحالة يعلم الله ومع ذلك سنضحي بالسنة في سبيل إسقاط السلطة". ولكن الثائر في ساحة الحرية بتعز عبد الله عثمان كان أكثر صرامة حين قال لـدويتشة فيله " لن نتخلى عن سنة سيدنا إبراهيم عليه السلام وسنضحي ونحفظ لحوم الأضاحي باستخدام الملح والتجفيف تحت حرارة الشمس على أسطح المنازل أو تعريضها للهواء". ويرى عثمان أن الآباء والأجداد كانوا بهذه الطريقة يحفظون اللحوم ويستخدمونها لفترات طويلة دون أن تخرب أو يلحقها التعفن.
ارتفاع أسعار وكساد في الأسواق
أما المواطن اليمني محمد مشجري فيعلق على الوضع ساخرا بقوله " ليس هناك مشكلة فالصين قد وفرت المولدات الكهربائية بأحجام مختلفة وأسعار مناسبة". ويضيف متسائلا ومتعجبا " لكن المشكلة من أين للكثير من الناس قيمة التضحية؟!" وكانت أسعار الأضاحي هذا العام بحسب متعاملين مع السوق قد ارتفعت بنسب تتفاوت مابين 10 -15% عن أسعار العام الماضي،وشهت أسواق الأضاحي في معظم المدن والأسواق اليمنية كسادا غير مسبوق نتيجة لعزوف الكثير من الأسر اليمنية عن الشراء بسبب ارتفاع الأسعار وانقطاع المياه والكهرباء عن المنازل،إذ أكد عدد من بائعي المواشي في سوق (الرقاص) بصنعاء ارتفاع أسعار الغنم بما يزيد عن عشرة الآف ريال للرأس الواحد لأسباب متعددة من بينها صعوبة التنقل بين المدن والمناطق المختلفة نتيجة للتوترات الأمنية الأمر الذي كبد مسوقي المواشي خسائر كبيرة.
سعيد محمد الصوفي - صنعاء
مراجعة: هبة الله إسماعيل