رغم الإخفاقات- باريس متمسكة بسياستها في بلدان المغرب الكبير
٨ مارس ٢٠٢٣
في وقت تواجه فيه الدبلوماسية الفرنسية صعوبات متراكمة على عدة جبهات، دافعت باريس عن سياستها في منطقة المغرب الكبير. ويذكر أن كلا من الرباط والجزائر قامتا مؤخرا ولأسباب مختلفة باستدعاء سفيريهما المعتمدين في باريس.
إعلان
دافعت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء (الثلاثاء السابع من مارس / آذار 2023) خلال جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية عن سياسة بلادها في دول المغرب العربي. وردّاً على الانتقادات التي وجّهها العديد من النواب بهذا الشأن، قالت كولونا "بمعزل عن الحالات التي قد تكون حالات سوء فهم من جانبكم للعلاقة مع الجزائر، يتعيّن علينا جميعاً أن نعمل، كلّ من موقعه، من أجل أن تكون هذه العلاقة، وهي علاقة طويلة الأمد، مفيدة للجانبين" الفرنسي والجزائري.
واستدعت الجزائر مؤخّراً سفيرها في فرنسااحتجاجاً على ما اعتبرتها "عملية إجلاء سرّية" تمّت بمساعدة دبلوماسيين وأمنيين فرنسيين بعدما تمكّنت الناشطة الفرنسية-الجزائرية أميرة بوراوي من العودة إلى فرنسا من تونس التي كانت تعتزم ترحيلها إلى الجزائر.
وخلال الجلسة سأل العديد من النواب وزيرة الخارجية عن معلومات نشرتها مؤخّراً "جون أفريك" نقلاً عن مصدر رسمي في الحكومة المغربية، لم تسمّه المجلّة، قال فيها إنّ "العلاقات ليست ودّية ولا جيّدة، لا بين الحكومتين ولا بين القصر الملكي والإليزيه". وردّت كولونا بالقول إنّ هذا التصريح مصدره مجهول. وأضافت "إذا قرأنا تصريحات لا تروق لنا في الصحافة، فهي من مصادر مجهولة وبالتالي لا تستدعي تعليقاً محدّداً". كما شدّدت وزيرة الخارجية على التزامها "ممارسة التهدئة" بدليل أنها سافرت بنفسها إلى المغرب في كانون الأول / ديسمبر في زيارة أتاحت استئناف "علاقات قنصلية طبيعية".
وخلال زيارتها تلك أعلنت كولونا انتهاء العمل بقيود التأشيرات التي فرضتها فرنسا وأضرّت بالعلاقات بينها وبين المغرب. وسرعان ما اتّخذت باريس قراراً مماثلاً بالنسبة للجزائر. وأضافت كولونا "آمل أن أستمرّ من جهتي في ممارسة نفس التهدئة".
ولم تأت الوزيرة على ذكر الزيارة كان مقرّراً أن يقوم بهاالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب في الربع الأول من هذا العام والتي، على ما يبدو، لم تعد قائمة.
لكنّ كولونا أعادت التذكير بالمحادثات التي أجرتها في كانون الأول / ديسمبر الماضي في الرباط، والتي عبّرت خلالها الحكومتان الفرنسية والمغربية عن رغبتهما في إعادة بناء علاقتهما في العمق وبحثتا يومها زيارة ماكرون المحتملة.
غير أن الرباط ما فتأت تؤكد أن جوهر الخلاف مع باريس يكمن في موقف الأخيرة من قضية الصحراء الغربية المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر. ودعا المغرب الشريك الفرنسي للخروج من "المنطقة الرمادية" بشأن هذا الصراع، خصوصا بعد الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على هذا الإقليم.
ح.ز/ ا.ف (أ.ف.ب)
العلاقات المغربية الجزائرية.. محطات بين التلاحم والعداء
قطع الجزائر علاقتها الدبلوماسية مع المغرب هو أحدث تطور لعقود من التوتر والأزمات، حيث تحولت العلاقة بين البلدين من الدعم والمساندة إلى القطيعة والعداء بسبب ملف الصحراء الغربية الشائك وتراشق الاتهامات بدعم الانفصاليين.
صورة من: daniel0Z/Zoonar/picture alliance
المغرب يدعم الثورة الجزائرية
عند اندلاع ثورة التحرير الجزائرية في نوفمبر 1954 سارع ملك المغرب محمد الخامس آنذاك إلى دعم حركة المقاومة، وبادر على مدار سنوات إلى استضافة قادة الثورة، مؤكدا على أن تحرر الجزائر هي قضية مركزية للدول المغاربية. وفي ظل تعاطف شعبي كبير، تمّ جمع التبرعات وفُتحت الحدود أمام الثوار الجزائريين، ما ساهم في رفد الثورة الجزائرية بالمال والسلاح.
صورة من: dpa
حرب الرمال
صفو العلاقات تكدر في العام 1963، حين اندلعت "حرب الرمال" بين البلدين الجارين بسبب مجموعة حوادث حدودية. وكان ذلك بعد عام على استقلال الجزائر لتستمر "حرب الرمال" عدة أيام تاركة شرخاً حقيقيا في العلاقات.
صورة من: picture-alliance/dpa/UPI
المسيرة الخضراء ساهمت في توتر العلاقة
عبر "المسيرة الخضراء" في 1975 والتي شارك فيها 350 ألف مغربي، بسط المغرب سيطرته على الصحراء الغربية. وفي آذار/ مارس 1976 قطع علاقاته الدبلوماسية مع الجزائر بعد اعترافها بـ"الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية" التي أعلنتها جبهة بوليساريو.
صورة من: picture-alliance/dpa/DB UPI
تحسن في العلاقات
في 26 شباط/فبراير 1983 التقى الملك الحسن الثاني مع الرئيس الشاذلي بن جديد على الحدود الجزائرية المغربية. ساهم هذا اللقاء في عودة حرية التنقل بين البلدين، كما أُعلن عن ذلك في أبريل/ نيسان من العام ذاته. ثم في أيار/مايو تمّ الاتفاق على السماح تدريجيا بتنقل الأشخاص وبحرية نقل السلع بين البلدين وفتح الخطوط الجوية وسكك الحديد.
صورة من: picture-alliance/dpa
فرض تأشيرة واغلاق الحدود
في 16 آب/أغسطس 1994 استنكرت الرباط تصريحات الرئيس الجزائري اليمين زروال التي اعتبر فيها أن الصحراء الغربية "بلد محتل". وفي 26 آب/ أغسطس فرض المغرب التأشيرة على جارته الشرقية عقب هجوم استهدف فندقا في مراكش قُتل فيه سائحان إسبانيان على يد إسلاميين متطرفين. واتّهم المغرب قوات الأمن الجزائرية بالضلوع في الهجوم، فيما أغلقت الجزائر حدودها مع المغرب.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Senna
تقارب وجفاء
في 25 تموز/يوليو 1999 شارك الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في مراسم جنازة الملك الراحل الحسن الثاني في الرباط. لكن بداية التقارب سرعان ما نسفته مجزرة أوقعت 29 قتيلا في جنوب غرب الجزائر، اتّهم بوتفليقة على خلفيتها المغرب بتسهيل تسلل إسلاميين مسلّحين إلى بلاده.
صورة من: AP
عودة اللقاءات
لقاءات بين الرئيس بوتفليقة والعاهل المغربي محمد السادس، أسهمت في "كسر الجليد" قليلاً. ففي تموز/يوليو 2011 أعلن ملك المغرب تأييده لإعادة فتح الحدود البرية ولتطبيع العلاقات. وهو ما ردّ عليه الراحل عبد العزيز بوتفليقة معرباً عن "عزمه إعادة تعزيز العلاقات لما فيه مصلحة البلدين".
صورة من: Getty Images/AFP/E. Feferberg, F. Senna
دعوة لفتح صفحة جديدة
في كانون الأول/ديسمبر 2019 دعا الملك محمد السادس إلى فتح "صفحة جديدة" في رسالة تهنئة إلى الرئيس الجزائري الجديد عبد المجيد تبون.
صورة من: Niviere David/ABACAPRESS/picture alliance
ملف الصحراء الشائك يتجدد
في كانون الأول/ديسمبر 2020 نددت الجزائر بـ"مناورات أجنبية" تهدف إلى زعزعة استقرارها متّهمة بذلك إسرائيل التي كانت قد وقعت مع المغرب "معاهدة تطبيع"، ضمن اتفاق ثلاثي أفضى أيضا إلى اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية. وفي 18 تموز/يوليو 2021 استدعت الجزائر سفيرها لدى المغرب "للتشاور".
"اعادة النظر" بالعلاقات بين البلدين
في 31 تموز/يوليو الماضي، في خطابه بمناسبة اعتلاءه على العرش، أعرب ملك المغرب عن "أسفه للتوترات بين البلدين" ودعا إلى إعادة فتح الحدود البرية. لكن الجزائر قررت في 18 آب/ أغسطس "إعادة النظر" في علاقاتها مع المغرب الذي اتّهمته بالتورّط في الحرائق الضخمة التي اجتاحت البلاد.
صورة من: Billel Bensalem/App/dpa/picture alliance
قطع العلاقات
في 24 آب/ أغسطس أعلن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب بسبب "الأعمال العدائية" للمملكة ضد الجزائر "منذ استقلالها"، إلى غاية "استخدام برنامج بيغاسوس للتجسس على مسؤولين جزائريين ودعم حركة انفصالية" على حدّ قوله.
صورة من: Fateh Guidoum/AP/picture alliance
أسف مغربي لقطع العلاقات
وفي ردّ فعل رسمي، أعربت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج عن أسفها "للقرار الأحادي" الذي اتخذته الجزائر، معتبرة إياه قراراً "غير مبرر"، لكنه "متوقعا بالنظر إلى منطق التصعيد الذي تم رصده خلال الأسابيع الأخيرة"، كما جاء في بيان الوزراة المغربية. (اعداد: علاء جمعة)