1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل تحل ليبيا أزمة أسعار الوقود العالمية؟

١٢ أغسطس ٢٠٢٢

يرى خبراء أن زيادة انتاج النفط الليبي لن يساعد فقط على خفض أسعار الوقود في العالم، بل أيضا على عودة الاستقرار إلى البلاد التي تعاني التناحر والانقسامات بعد سقوط نظام معمر القذافي، فأي دور فعلي يمكن للنفط الليبي لعبه؟

احتجاحات شعبية ليبية على الوضع في البلاد- بتاريخ 1 يوليو/ تموز 2022
الوضع السياسي غير المستقر يعرقل عودة إنتاج ليبيا من النفط إلى معدلات ما قبل عام 2011، إلى متى يستمر هذا الوضعصورة من: Hazem Ahmed/REUTERS

مع بدء انخفاض أسعار النفط بشكل طفيف على مستوى العالم الأسبوع الماضي، بدأت الأنظار تتجه إلى دولة لم تكن مرشحة في السابق لحل أزمة الوقود العالمية، لكن كان يتعين الإشادة بفضلها في إحداث هذا التغيير. فعلى الرغم من مساعي الولايات المتحدة لحث السعودية، أكبر منتج للنفط في العالم، لضخ المزيد من النفط للتخفيف من أزمة ارتفاع أسعار الوقود العالمية، إلا أن الرياض لم تستجب لهذه المطالب على نحو جدي. وفي ظل ذلك، أشار محللو وخبراء الطاقة إلى أن ليبيا ساعدت في خفض أسعار النفط العالمية إلى أقل من مئة دولار (98 يورو) للبرميل في أوائل أغسطس / آب بفضل ما تنتجه من النفط.


وقد ارتفع إنتاج النفط الليبي إلى أكثر من مليون برميل يوميا مرة أخرى منذ منتصف يوليو/ تموز بعد انخفاض مضطرب استمر لشهر فيما كان المعدل يبلغنصف ما كانت تنتجه ليبيا من النفط في السابق فيما يرجع ذلك بشكل كبير إلى حالة عدم الاستقرار السياسي التي لا تزال البلاد تئن تحت وطأتها. وإزاء ذلك، يرى خبراء أن عودة إنتاج النفط في ليبيا إلى معدلاته الطبيعية لن يسهم فقط في عودة التوازن في أسواق النفط العالمية بما في ذلك خفض الأسعار، وإنما أيضا قد يسهم في عودة الاستقرار السياسي إلى البلاد.

تمتلك ليبيا تاسع أكبر احتياطي نفطي بالعالم، هل سيكون هناك حل سياسي يؤدي إلى زيادة الإنتاج من هذا الاحتياطي الضخم؟صورة من: Maurizio Gambarini/dpa/picture alliance


الرئيس بايدن وليبيا
في تعليقه على هذا الأمر، قال بن فيشمان، الباحث الأمريكي في الشأن الليبي والزميل البارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن الإدارة الأمريكية باتت في حاجة إلى بذل المزيد لتعزيز الاستقرار السياسي في ليبيا والدفع صوب ضخ المزيد من النفط الليبي في الأسواق العالمية.

وفي مقال نُشر في يوليو/ تموز الماضي تحت عنوان "ليبيا قد تُنجح أو تُفشل دبلوماسية بايدن النفطية في الشرق الأوسط"، أضاف الباحث أن ليبيا تعد مستثناة من قيود الإنتاج المفروضة على أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).
يشار إلى أن بلدان منظمة أوبك وافقت على إنتاج مئة ألف برميل إضافي فقط من إجمالي النفط بشكل يومي في سبتمبر / آب استجابة لطلبات واشنطن لزيادة الإنتاج رغم أن الزيادة المقررة تعد طفيفة بشكل نسبي.

وفيما يتعلق بليبيا، فإن إنتاجها من النفط غير مقيد بسقف إنتاج "أوبك"، كذلك يُمكن أن تضيف من نصف مليون إلى مليون برميل نفط إضافي إلى السوق بشكل يومي.

ورغم أن ليبيا لا تزال حبيسة وضع سياسي غير مستقل فضلا عن اقتتال داخلي وأعمال عنف منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في عام 2011، إلا أن إنتاجها من النفط لم يتوقف إذ يرجع ذلك إلى اعتمادها على عائدات النفط حيث تشكل المنتجات النفطية حوالي 94 بالمائة من الصادرات وحوالي 60 بالمائة من الدخل القومي في ليبيا.


مشاكل زيادة الانتاج النفطي
وربما بسبب الأوضاع السياسية، تباين حجم الدخل النفطي في ليبيا على مدى السنوات القليلة الماضية. وفقا لتقديرات البنك الدولي، فإن إنتاج ليبيا في النفط كان يبلغ في المتوسط​​ 1.3 مليون برميل يوميا قبل انتفاضة عام 2011، لكنه انخفض إلى 400 ألف برميل يوميا عام 2020 جراء الصراع السياسي بين حكومتين إحداهما تتمركز في شرق البلاد والأخرى في غربها.
وفي عام 2021 عاد إنتاج ليبيا من النفط إلى حوالي 1.2 مليون برميل يوميا في أعقاب اتفاق وقف إطلاق النار منتصف العام السابق. بيد أن الإنتاج أخذ في الانخفاض مرة أخرى منذ ذلك الحين فيما أرجعت وكالة "بلومبرغ" للأنباء ذلك بشكل كبير إلى الحصار العسكري المفروض من قبل مجموعات محلية وقبلية على منشآت النفط ومحطات تصدير وسط احتدام الجدل حول من يجب أن يرأس المؤسسة الوطنية للنفط المملوكة للدولة والوحيدة التي يُسمح لها بتصدير النفط خارج البلاد.
حلفاء وأعداء
وقد انتهى آخر إغلاق لمنشآت النفط الليبية في منتصف يوليو / تموز في أعقاب موافقة الحكومة الليبية التي تتخذ من غرب ليبيا مقرا لها على تعيين المصرفي البارز فرحات بن قدارة رئيسا جديدا للمؤسسة الوطنية للنفط. ويُنظر إلى بن قدارة باعتباره حليفا لخليفة حفتر، رجل ليبيا القوي في شرق البلاد، الذي تحالفت معه جماعات قبلية كانت تُحاصر منشآت إنتاج النفط.
وفي المقابل، كان يُنظر إلى تعيين بن قدارة باعتباره وسيلة من الحكومة لإرضاء حفتر وإعادة تدفقات النفط بالكامل مرة أخرى. والجدير بالذكر أن وزارة النفط الليبية قد أعلنت في السابق أنها ستسعى لإنتاج ما بين مليوني ومليوني ونصف المليون برميل يوميا خلال السنوات الخمس المقبلة. ومن شأن إنتاج مستدام كهذا أن  يُحدث فرقا كبيرا في أسعار النفط العالمية فيما لا تتوقف أهمية ليبيا على ما تنتجه من نفط، وإنما أيضا بما تذخر به من الغاز ما يؤهلها لأن تصبح موردا للقارة الأوروبية بفضل قربها من إيطاليا التي تحصل على معظم صادرات الغاز الليبية. وفي ذلك، قال السفير الإيطالي لدى ليبيا جوزيبي بوتشينو  في أبريل / نيسان الماضي أنه يرى أن زيادة صادرات الغاز الليبي بنسبة 30 بالمائة ستكون ممكنة بضخ استثمارات لا تتجاوز مليار دولار، لكن شريطة وجود سلطة تنفيذية قوية ومشتركة في طرابلس.

قوات الجنرال خليفة حفتر تسيطر على شرق ليبيا حيث مناطق النفط، ما هو الثمن السياسي الذي يريده مقابل اتفاق على زيادة الإنتاج؟صورة من: Abdullah Doma/AFP/Getty Images


التدخل الأجنبي
بدوره، قال طارق مجريسي، الباحث المتخصص في الشأن الليبي والزميل البارز في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن دعم أوروبا في إنهاء حالة عدم الاستقرار السياسي في ليبيا قد يحولها إلى "شريك ذي قيمة". وأضاف الباحث في تقرير نُشر في يوليو / تموز الماضي "إذا ساعد الأوروبيون ليبيا فيمكنهم إضعاف المصالح الرئيسية للسياسة الخارجية الروسية وأيضا تحقيق الاستقرار في ممر رئيسي للطاقة يقع بين شمال إفريقيا وأوروبا".
لكن روسيا ليست الدولة الوحيدة التي تحاول أن تمارس نفوذا في ليبيا إذ يدخل في هذا السياق دول أخرى مثل تركيا والإمارات ومصر وهي دول يُنظر إليها باعتبارها صديقة لموسكو. وفي هذا السياق، طالت الإمارات اتهامات بأنها وراء تغيير قيادة المؤسسة الوطنية للنفط، فيما تدعم "مجموعة "فاغنر" شبه العسكرية الروسية سيئة الصيت خليفة حفتر، أيضا من خلال تمركز عناصر المجموعة قرب منشآت نفطية في شرق ليبيا.
ماذا عن الداخل الليبي؟
من جانبه، يؤكد عماد الدين بادي، الزميل البارز في برنامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي، على ضرورة دعم الأطراف الليبية لعودة استقرار إنتاج النفط والغاز في البلاد. وفي مقابلة مع DW، قال إن هذا الأمر قد يكون خطوة هامة تمهد الطريق أمام حل حقيقي للأزمات السياسية في ليبيا التي تفاقمت عقب تأجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية التي كان من المقرر إجراؤها معا في 24  ديسمبر /كانون الأول.
وأشار بادي إلى هذه المعضلة في تقرير عن صناعة النفط الليبية نشرته مؤسسة "فريدريش إيبرت" الألمانية في يونيو / حزيران قائلا: "إن معالجة نقاط الضعف في قطاع النفط الليبي يعد أمرا معقدا". ورغم ذلك، قال الباحث إن التحديات التي تواجه قطاع النفط الليبي قد تكون "أكثر قابلية للمعالجة مقارنة ببعض الديناميكيات الرئيسية الأخرى التي تفاقم الوضع الهش في ليبيا."

ي ليبيا حكومتان تتنازعان على السلطة واحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة والأخرى برئاسة فتحي باشاغا


الحلول البسيطة غير ممكنة
وفي ظل هذه المعطيات، قال بادي إن التفاؤل قد يبدو سيد الموقف، لكنه أضاف "نرى فقط حوارا موسعا بشأن تقاسم الموارد (النفطية) كشرط أساسي لعودة الاستقرار في البلاد على المدى الطويل". وأشار إلى أن "إغلاق ( المنشآت النفطية) يُجرى استخدامه كأداة في الحرب الاقتصادية، فضلا عن أن السماح بحدوث هذه السابقة يعد أمرأ سيئا لأي شخص أو جهة تسعى لتحقيق استقرار سياسي واستقرار في قطاع الغاز والنفط في ليبيا على المدى الطويل ".
وفي مقابلة مع DW، قال جلال حرشاوي، المتخصص في الشأن الليبي والباحث في "المعهد الملكي للخدمات المتحدة لدراسات الدفاع والأمن"، إن القضية ليست بهذه السهولة فهي "لا تمثل سوى بعدا واحدا". وأضاف "بالنظر إلى عام 2019، فقد تصرفت المؤسسة الوطنية للنفط بمسؤولية وكان إنتاج النفط مرتفعا، فيما كانت تتعرض طرابلس للقصف، وكان خليفة حفتر يقود حملة عسكرية خلفت آلاف القتلى والجرحى وأسفرت عن عملية نزوح". وفي هذا السياق قال حرشاوي "إن ما يهم هو السلطة وليس العائدات النفطية أو التوزيع العادل لها"، مضيفا أنه كلما زادت قوة الأطراف الفاعلة على أرض الواقع في ليبيا مثل الأطراف الداعمة لحفتر، "كلما سعت إلى الحصول على ما يفوق حصتها العادلة، وهناك أطراف وللأسف قد لا تقبل بذلك أيضا".


كاثرين شير / م ع

بعد فشل محادثات جنيف.. من يعرقل إجراء الانتخابات في ليبيا؟

18:21

This browser does not support the video element.

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW