رغم الصعوبات.. ألمانيا تصبح مقصدا مفضلا للمهاجرين المهرة
٢٥ سبتمبر ٢٠٢٤
يقول بعض العاملين المهرة الذين جاءوا إلى ألمانيا إن جهود الحكومة لاجتذابهم أثمرت، وبعد أن كانوا يفكرون في الذهاب إلى أمريكا أو كندا أو بريطانيا أو غيرها قرروا اختيار ألمانيا، رغم أن الأمور هنا ليست كلها وردية!
إعلان
يبحث المسؤولون الألمان بكل ما أوتوا من قوة عن مزيد من الأيدي العاملة الماهرة، لشغل كثير من الوظائف الشاغرة التي يقول أصحاب العمل فيها أنهم لا يستطيعون ملئها، وسط النقص الحالي في هذه النوعية من العمالة.
ولسد هذا النقص قام المسؤولون بزيارة كندا للتعرف على كيفية اجتذاب المزيد من المهاجرين ذوي المؤهلات العالية، كما قام المسؤولون بتخفيف الشروط التي يطلب أن يتحلى بها المهاجرون المهنيون المؤهلون.
ويقول أكسل بلونكه رئيس إدارة مختصة بالتعليم والهجرة، بمعهد الاقتصاد الألماني ومقره هامبورغ، إنه بدون المهاجرين سيكون هناك نقص إضافي في عدد المتخصصين في ألمانيا حاليا، في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات يبلغ 442 ألفا.
لماذا ألمانيا؟
منصة للعمالة الماهرة الدولية
05:09
غير أن بعض العاملين المهرة الذين جاءوا إلى ألمانيا يقولون إن الجهود التي تبذلها الحكومة لاجتذابهم أثمرت، وبعد أن كانوا يفكرون في الذهاب إلى الولايات المتحدة، أو كندا أو بريطانيا أو دولة أخرى قرروا اختيار ألمانيا.
ومن بين أسباب التفكير في التوجه إلى الولايات المتحدة أو كندا، بدلا من ألمانيا هو العائق اللغوي ، حيث يرى العاملون في مجال التكنولوجيا والهندسة، مثلا أن الإنجليزية هي اللغة السائدة والأكثر تداولا.
ولكن الدول المتحدثة بالإنجليزية ليست لديها شروط سهلة لدخول المهاجرين، وعلى سبيل المثال فإن برنامج إعطاء تأشيرة الدخول في الولايات المتحدة، للعمل بوظائف يتطلب تخصصات معينة يقوم على نظام اليانصيب، وفي السحب الذي أجري هذا العام على طلبات المتقدمين للهجرة، حصل أقل من 25 % منهم على تأشيرة دخول.
وتوجه الكثير من المهاجرين لكندا بعدما لم يتمكنوا من تجديد تأشيرة الإقامة في الولايات المتحدة، الأمر الذي جعل الحكومة الكندية تواجه سيلا من طلبات الدخول.
حاجز اللغة
معوقات عمل المهاجرين
03:33
This browser does not support the video element.
وقد لا تبدو ألمانيا اختيارا واضحا أمام المهاجرين ذوي المهارات الرفيعة، وأحد أسباب ذلك هو عامل اللغة، فكثير من العاملين في مجال التكنولوجيا يأتون من جنوب آسيا حيث يتم تعليم الإنجليزية وليس الألمانية في المدارس منذ الصغر، كما أن التاريخ الاستعماري البريطاني في المنطقة ترك شيئا من الألفة تجاه الثقافة البريطانية.
ومع ذلك لم تعد بريطانيا مقصدا مهما للمهاجرين ذوي المهارات، فالاقتصاد البريطاني ليس في أحسن حالاته، ويقول العديد من الراغبين في الهجرة إنه من الصعب العثور على وظيفة في بريطانيا، وفي النصف الثاني من العام الحالي بلغ معدل البطالة في بريطانيا 2ر4% مقارنة بنسبة 4ر3% في ألمانيا. بينما يقول آخرون إنهم اختاروا ألمانيا بسبب وفرة الفرص التعليمية فيها.
إعلان
الأمور ليست وردية في ألمانيا
وتشير البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء بمنطقة برلين-براندنبورغ، إلى زيادة كبيرة في أعداد المهاجرين القادمين من الهند، ومنذ عشرة أعوام كان هناك 3579 هنديا مسجلا في برلين، غير أن هذا الرقم زاد بدرجة هائلة ليصل العام الماضي إلى قرابة عشرة أمثال الرقم السابق مسجلا 33257 مهاجرا.
ولكن الأمور ليست كلها وردية بالنسبة للمهاجرين إلى ألمانيا، فمثلا من الصعب العثور على سكن مناسب، ويمكن تمثل العنصرية وصعود اليمين المتطرف مشكلة للبعض. كما أن بعض المهاجرين يجدون صعوبة في الحصول على نفس الأطعمة التي كانوا يتناولونها في بلادهم.
ع.ج.م/ح.ز (د ب أ)
أوروبا وبلدان شمال إفريقيا.. لعبة المصالح ومقايضة الهجرة بالمال
تحتاج دول الاتحاد الأوروبي لموافقة دول جنوب المتوسط من أجل وقف الأعداد القياسية للمهاجرين غير النظاميين. ولذلك سعت بروكسل لصفقات تبادل مصالح مع دول كمصر وتونس وموريتانيا، وتفاوض أخرى كالمغرب. اتفاقيات تعرضت لنقد شديد.
صورة من: Hasan Mrad/ZUMA Wire/IMAGO
رئيسة الحكومة الإيطالية تزور تونس للمرة الرابعة
تزور رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني تونس، للمرة الرابعة خلال عام. وتركز مرة أخرى على مكافحة الهجرة غير القانونية. وأكدت مصادر إيطالية قبل هذه الزيارة أن "التعاون في مجال الهجرة يظل جانبا أساسيا في العلاقة بين إيطاليا وتونس". وتأتي الزيارة قبل شهرين من الانتخابات الأوروبية التي تخاض في إطارها نقاشات ساخنة حول الهجرة.
صورة من: Slim Abid/AP/picture alliance
اتفاقية مع تونس
وكانت تونس وقعت في تموز/يوليو 2023 مذكرة تفاهم مع المفوضية الأوروبية لكبح موجات الهجرة المنطلقة من سواحلها وجرى تعميم الخطوة مع موريتانيا ومصر لاحقا. وأشارت رئيسة المفوضية الأوروبية، التي زارت تونس مع رئيسي وزراء إيطاليا وهولندا، إلى أهمية التعاون في مجال مكافحة عصابات تهريب البشر وإدارة الحدود والبحث والإنقاذ عبر تمويل بقيمة 100 مليون يورو هذا العام.
صورة من: Freek van den Bergh/ANP/picture alliance
ثلثا المهاجرين يصلون إيطاليا عبر تونس
ومن بين أكثر من 150 ألف مهاجر وصلوا إلى السواحل الإيطالية القريبة في 2023، انطلق قرابة ثلثي العدد من سواحل تونس وأغلبهم من سواحل صفاقس التي تضم الآلاف من مهاجري دول إفريقيا جنوب الصحراء، والحالمين بالوصول إلى دول التكتل الأوروبي الغني. وتوفي أكثر من 1300 مهاجر قبالة سواحل تونس عام 2023، أي ما يفوق نصف عدد الوفيات في البحر المتوسط، المصنف كأخطر الطرق البحرية للهجرة غير النظامية.
صورة من: Ferhi Belaid/AFP/Getty Images
اتفاقية مع مصر
رئيسة المفوضية الأوروبية زارت القاهرة أيضا، برفقة رؤساء حكومات بلجيكا وإيطاليا واليونان. ووقعت اتفاقية مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بهدف إقامة شراكة مع السلطات المصرية لمساعدة هذا البلد الغارق في أزمة اقتصادية خطيرة، والذي يقع على حدود حربين في قطاع غزة والسودان، وحيث يوجد نحو 9 ملايين مهاجر ولاجئ - بما في ذلك أربعة ملايين سوداني و 1,5 مليون سوري - بحسب المنظمة الدولية للهجرة.
صورة من: Dati Bendo/dpa/EU Commission/picture alliance
مساعدات لموريتانيا مقابل التعاون في مجال الهجرة
كما وقعت موريتانيا مع بروكسل إعلانا للتعاون المشترك بينهما في مجال محاربة الهجرة غير النظامية يشتمل على نقاط متفرقة منها منع المهاجرين من التدفق نحو السواحل الأوروبية، وخاصة إسبانيا، وإعادة المهاجرين الموريتانيين غير النظاميين. والتعاون في مجال اللجوء، ومساعدة موريتانيا على إيواء طالبي اللجوء الأجانب على أراضيها مع احترام حقوقهم الأساسية. ولقي الاتفاق انتقادات واسعة في موريتانيا.
صورة من: BORJA PUIG DE LA BELLACASA/AFP
العبور من المغرب
يعتبر المغرب أحد أهم الوجهات للعبور إلى الاتحاد الأوروبي. إلا أن الرباط تشدد رقابتها على المنفذين البريين في سبتة ومليلة، إضافة للعبور بحرا. واعترضت السلطات المغربية 87 ألف مهاجر حاولوا الانطلاق من المغرب إلى أوروبا في 2023، وأنقذت 22 ألف مهاجر تقطعت بهم السبل في البحر أثناء محاولة العبور.
صورة من: Bernat Armangue/AP Photo/picture alliance
تقارب إسباني مغربي
التقارب الأوروبي مع المغرب تدفع به خصوصا إسبانيا، التي أعلنت في مارس/آذار 2022 تأييد موقف المغرب فيما يتعلق بالصحراء الغربية. وزار رئيس الوزراء الإسباني سانشيز المغرب أكثر من مرة. وعملت الرباط ومدريد على توثيق التعاون في المجالات الاقتصادية والسياسية. واحتلت قضية الهجرة موقعا مهما في المحادثات.
صورة من: /AP Photo/picture alliance
سعي أوروبي لاتفاق قريب مع المغرب
هناك اتفاقيات ثنائية بين دول أوروبية والمغرب بخصوص الهجرة. ولكن هناك مفاوضات تجريها المفوضية الأوروبية مع الرباط، منذ سبع سنوات، ومن المقرر أن يتم التوقيع على الاتفاق نهاية 2024. التعاون مع المغرب ثمنه ليس ماليا، وإنما سياسي، بحسب مصادر أوروبية مطلعة، كما نقلت صحيفة "كرونه" النمساوية، حيث تشترط الرباط دعم بروكسل بخصوص الصحراء الغربية. وفي المقابل، يدعم المغرب السياسة الأوروبية المتعلقة باللاجئين.
صورة من: Abdelhak Senna/AFP/GettyImages
انتقادات حقوقية لهذه الاتفاقيات
انتقد نواب في البرلمان الأوروبي "الوضع الكارثي للديموقراطية وحقوق الإنسان في مصر". كما تعرضت مذكرة التفاهم مع تونس لانتقادات من قبل اليسار الذي يدين "استبداد" الرئيس التونسي سعيد، والانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون من جنوب الصحراء في بلده.
ودان المجلس الأوروبي للاجئين "الاتفاقات المبرمة مع الحكومات القمعية".
صورة من: Mahmud Turkia/AFP
تبقى ليبيا
ومع هذه الاتفاقيات المتتالية مع دول شمال إفريقيا للحد من الهجرة غير النظامية، تبقى دولة واحدة بمثابة العقدة أمام المنشار. حيث تستغل ميليشيات مسلحة في ليبيا الانقسام في البلد، لتحقق ثروات طائلة من خلال تهريب المهاجرين على قوارب مكتظة باتجاه اليونان وإيطاليا. وعجزت الجهود الأوروبية حتى الآن عن إيجاد حل للمعضلة، التي تفاقمت في يونيو/حزيران 2023 مع تسجيل واحد من أكبر حوادث غرق المهاجرين على الإطلاق.