رغم العقبات.. حضور وازن للسينما الإفريقية في البرليناله
٢٢ فبراير ٢٠٢٤
للمرة الأولى في تاريخ مهرجان برلين السينمائي تتولى شخصية من أصول إفريقية رئاسة لجنة التحكيم. الحضور الإفريقي في المهرجان شمل أيضا مخرجين وممثلين أفارقة ينافسون على جوائز البرليناله.
إعلان
خصصت الدورة الرابعة والسبعون لمهرجان برلين السينمائي حيّزاً كبيراً للفن السابع الإفريقي الذي يسعى إلى إثبات نفسه رغم العقبات، بإسناده رئاسة لجنة التحكيم إلى مكسيكية من أصل كيني، وإدراجه ضمن مسابقته فيلماً لمخرج موريتاني وآخر لفرنسي سينغالي.
فللمرة الأولى في تاريخ مهرجان برلين، تتولى رئاسة لجنة تحكيمه التي تختار من سيفوزون بجوائزه السبت شخصية سوداء هي لوبيتا نيونغو، المولودة في المكسيك لأبوين كينيين.
وأعلنت نيونغو البالغة 40 عاماً والتي فازت بجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة مساعدة عام 2014 عن فيلم "12 ييرز إيه سلايف" 12 Years a Slave في افتتاح المهرجان أنها "متعطشة" لمزيد من الأفلام الإفريقية.
ورأى المخرج الموريتاني عبد الرحمن سيساكو الذي ينافس فيلمه "بلاك تي" (Black Tea) على "الدب الذهبي" أن حضور الأفلام الإفريقية في مهرجان برلين "أقوى من المعتاد"، وهو اتجاه "رائع" بحسب سيساكو الذي يتناول فيلمه قصة حب بين شابة من ساحل العاج ورئيس شركة صينية لتصدير الشاي.
إلاّ أن المخرجين الأفارقة يواجهون صعوبات أكبر بكثير من تلك التي تعترض زملاءهم الأميركيين أو الأوروبيين أو الآسيويين.
وأضاف سيساكو الذي لم ينجز أي عمل منذ فيلمه "تمبكتو" الفائز بجائزة سيزار لأفضل إخراج عام 2015، لوكالة فرانس برس "لا توجد صناعة سينمائية، وبالتالي لدينا عدد أقل من الفنيين".
نقص كبير في دور العرض في البلدان الإفريقية
وثمة عائق آخر يتمثل في ضعف شبكة التوزيع. وقالت الفرنسية السنغالية ماتي ديوب التي ينافس فيلمها الوثائقي "داهومي" على جائزة مهرجان برلين إن "معظم الدول الإفريقية لم تعد لديها دور سينما، إذ بيعت لإقامة مراكز تسوق".
ولاحظ الطالب في جامعة أبومي كالافي جيلداس أدانو الذي يظهر في "داهومي" أن دولة بنين مثلاً "لا تضمّ سوى ثلاث دور سينما، كلها مملوكة لمجموعة بولوريه الفرنسية"،
وأشارت ماتي ديوب التي فازت عام 2019 بالجائزة الكبرى لمهرجان كان، وهي الأهم بعد السعفة الذهبية، عن فيلم "أتلانتيك"، إلى أن تذاكر هذه الصالات "باهظة الثمن" وليست في متناول كل فئات الجمهور بل "نخبة صغيرة" فحسب.
لكنّ المخرجة المصممة على الوصول إلى "أكبر جمهور ممكن" في أفريقيا، ترغب في أن تعرض "في الجامعات والمدارس" فيلم "داهومي" الذي يتناول إعادة فرنسا 26 تمثالا اثرياً إلى بنين.
أما السنغالي مامادو ديا، مخرج فيلم "ديمبا"، فقال لوكالة فرانس برس إنه سيجول "في كل مناطق السنغال بشاشة قابلة للنفخ يبلغ ارتفاعها ثلاثة أمتار لعرض" أفلامه، على أن تلي العروض "مناقشات في القرى". ويُعرض في مهرجان ولكن من خارج المسابقة فيلمه الطويل الذي يتناول موظفاً حكومياً شارفَ التقاعد.
حضور للغة الأصلية في الأفلام الإفريقية
ولاحظ سيساكو أن "كثير من المخرجين السينمائيين باتوا يركزون على المسلسلات التي يسهل إنتاجها اقتصادياً ويستطيع الناس مشاهدتها على شاشات التلفزيون" في بيوتهم.
ورأت ماتي ديوب أن السينما الإفريقية تتميز بالتزام سياسي قوي، وقالت في هذا الصدد "نحن نولي حرصاً أكبر على التعبير عن تعقيدات واقعنا الاجتماعي والاقتصادي والسياسي".
واضافت المخرجة التي ولدت ونشأت في باريس وتصف نفسها بأنها "متحدرة من أصل إفريقي"، أن "ثمة عدالة يجب تحقيقها".
وقال سيساكو "نحن نلتزم بالتأكيد أكثر بالقيام بأمور ذات معنى"، لا مجرّد "قصص حب صغيرة".
وتتسِم الأفلام الإفريقية أيضاً بمزيج أكبر من اللغات مقارنة بالأفلام الأخرى. ففي فيلم "داهومي" مثلاً، تتناوب الفرنسية والفونية، اللغة الرئيسية في بنين. وحرصت ماتي ديوب على عدم الاكتفاء باستخدام "لغة المستعمر".
وفي "بلاك تي"، يؤدي الممثلون عروضهم بلغات الماندرين والفرنسية والإنكليزية والبرتغالية. وأوضح سيساكو أنه "تحيّز لإظهار حقيقة العالم، فعندما يذهب الأفارقة إلى الصين، يتعلمون اللغة الصينية، وعندما يمارس الصينيون الأعمال تجارية في إفريقيا، يتعلمون الولوف أو السواحلية".
وكان شريط "يو-كارمن إي-خايليتشا" U-Carmen e-Khayelitsha من جنوب إفريقيا، وهو عمل للمخرج مارك دورنفورد-ماي بلغة الخوسا، الفيلم الإفريقي الوحيد الذي حصل على الدب الذهبي، إذ نالها عام 2005.
هـ.د/ أ.ح (أ ف ب)
محطات في تاريخ مهرجان برلين السينمائي الدولي
ككل مهرجان سينمائي عريق عرف مهرجان برلين السينمائي الدولي محطات تاريخية عديدة بين صعود وهبوط، منها محطات عرفت تأثير أحداث سياسية ومنها محطات عرفت نزاعات قضائية. فماهي أهم تلك المحطات التاريخية؟
صورة من: Reuters/F. Bensch
بداية مثيرة مع هيتشكوك
يعد مهرجان برلين السينمائي واحدا من أهم المهرجانات السينمائية وأعرقها في العالم ويسمى أيضا البرليناله. تأسس المهرجان سنة 1951 ببرلين وكان أول فيلم يعرض في إطار المهرجان هو فيلم الافتتاح سنة 1951 "ريبيكا" لمخرج أفلام التشويق ألفريد هيتشكوك.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP Photo
دورة 1961 أو "دورة النهدين"
في سنة 1961 شاركت نجمة الإغراء الأمريكية جين مانسفيلد في افتتاح الدورة 11 من مهرجان برلين السينمائي الدولي، بغرض جلب الأنظار للمهرجان. لكن أغلب الصحف الألمانية آنذاك وصفت تلك الدورة بـ"دورة النهدين"، بسبب ظهور صدر الممثلة الأمريكية بشكل صارخ في إحدى الندوات الصحفية. سنة 1961 هي أيضا سنة بناء سور برلين الذي ستكون له تبعات على المهرجان.
صورة من: picture-alliance/dpa
بناء سور برلين وفشل دورة 1962
يصنف الموقع الرسمي لمهرجان برلين السينمائي دورة 1962 بكونها دورة فاشلة بإجماع النقاد "دورة 1962 لم تسعد أحدا"، ليس فقط بسبب تراجع إقبال الجمهور بسبب بناء سور برلين، ولكن لأن البرنامج كان ضعيفا في تلك السنة أيضا. الصورة تعود لجمهور يقف أمام سينما "حديقة الحيوان" سنة 1962.
صورة من: ullstein bild - Otto Kühn
بداية أكبر أزمة يشهدها المهرجان
أكبر أزمة واجهت المهرجان في تاريخه هي أزمة فيلم "أو.كي" وهو فيلم ألماني من إخراج ميشائيل فيرهوفن سنة 1970. تخلل الفيلم مشاهد صادمة عن اغتصاب وقتل فتاة فيتنامية من طرف جنود أمريكيين أثناء حرب فيتنام، نقلا عن واقعة حقيقية. فقامت لجنة التحكيم باستبعاده من المسابقة الرسمية، الأمر الذي كانت له تبعات كبيرة. الصورة من ندوة صحفية حول الفيلم سنة 1970 وعلى يسار الصورة مخرج الفيلم.
صورة من: ullstein bild - Binder
دورة بدون جوائز
في حيثيات استبعاد فيلم "أو.كي" من المسابقة الرسمية قالت اللجنة إنه "لا يساهم في خلق تفاهم حقيقي بين الشعوب"، بينما أشارت تقارير إعلامية إلى أن رئيس لجنة التحكيم، المخرج الأمريكي جورج ستيفنس، شعر أن الفيلم هو استهداف له. أسفر قرار اللجنة عن موجة من الاحتجاجات أدت إلى استقالة لجنة التحكيم وكانت دورة 1970 هي الوحيدة التي ألغيت فيها المسابقة. الصورة للجنة التحكيم أثناء إعلان الاستقالة في ندوة صحفية.
صورة من: picture-alliance/dpa/C. Hoffmann
أزمة فيلم "امبراطورية الحواس" سنة 1976
إنه أول فيلم يجر إدارة مهرجان برلين الدولي إلى القضاء. النائب العام يصنف الفيلم الياباني الذي عرض في المهرجان سنة 1976 "كفيلم بورنوغرافي ثقيل". القضية بقيت أمام أنظار القضاء حوالي سنتين وتم الحكم فيها لصالح إدارة المهرجان بكون الفيلم "رغم احتوائه على مشاهد جنسيةK إلا أنه ليس فيلما بورنوغرافيا".
صورة من: picture alliance / kpa
"تعويض" السينما الألمانية سنة 1982
عرف عام 1981 تهديد صناع السينما الألمان لإدارة المهرجان بالمقاطعة بسبب رفض الإدارة المتكرر لأفلام ألمانية لأسباب تجارية، لكن الإدارة وصلت بعد مفاوضات إلى توافق مع صناع السينما الألمان فشاركت في مسابقة 1982 خمسة أفلام ألمانية، وفاز المخرج الألماني راينر فيرنر فاسبيندر بالدب الذهبي عن فيلمه "شوق فيرونيكا فوس"، بعد أن شارك ثلاث مرات في المسابقة. إنه آخر ظهور لفاسبيندر في المهرجان إذ توفي بعد 4 أشهر.
صورة من: Berlinale
تحول بعد تولي ديتر كوسليك لإدارة المهرجان
حسب بعض المهتمين بالسينما الألمانية فإن تولي ديتر كوسليك لإدارة المهرجان سنة 2001 أعطى له دفعة جديدة، إذ نجح كوسليك البالغ من العمر 70 عاما في جلب أسماء سينمائية كبرى للمشاركة في المهرجان ونجح في عدة مشاريع، منها مشروع دعم الفيلم الأوروبي وأفلام المخرجين الشباب.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. Pedersen
فيلم إيروتيكي يحصل على الدب الذهبي
حصل الفيلم البريطاني "ألفة" على جائزة الدب الذهبي سنة 2001. قرار لجنة التحكيم أثار جدلا واسعا، إذ اعتبر بعض النقاد أن الفيلم مغرق في البورنوغرافية ولا يستحق تلك الجائزة. الفيلم من إخراج المخرج الفرنسي باتريس شيرو ويحكي عن علاقة جنسية بين رجل وامرأة متزوجة.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Jens
بداية دعم المشاريع السينمائية سنة 2004
شهدت سنة 2004 بداية دعم المهرجان لمشاريع سينمائية لمخرجين لم يحققوا اسما بعد في عالم السينما. واحد من تلك المشاريع هو فيلم "الجنة الآن" للمخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد والذي حقق بعد عرضه في "البرليناله" سنة 2005 نجاحا عالميا كبيرا حتى أنه رُشح للأوسكار في فئة أفضل فيلم أجنبي. الصورة من الفيلم الذي يحكي قصة آخر يومين من حياة انتحاريين فلسطينيين.
صورة من: Razor Film
مرور خمسين سنة على المهرجان وتتويج إيران لأول مرة
شهدت سنة 2011 مرور خمسين سنة على تأسيس المهرجان وهي الدورة التي عرفت أيضا تتويج الفيلم الإيراني "نادر وسيمين-قصة انفصال" بجائزة الدب الذهبي وهو أول تتويج لفيلم إيراني في المهرجان. الفيلم من إخراج أصغر فرهادي ويحكي قصة زوجين ايرانيين يصلان إلى مفترق الطرق، إذ تريد الزوجة مغادرة البلاد بينما لايرغب الزوج في ذلك بسبب والده المريض.
صورة من: Alamode Film
تتويج عربي سنة 2016
عرفت سنة 2016 منح جائزة مهمة لفيلم عربي في المسابقة الرسمية، إذ فاز الممثل التونسي مجد مستورة بجائزة أفضل ممثل في المهرجان عن دوره في فيلم "نحبك هادي" لمخرجه محمد بن عطية وهو أول عربي يفوز بجائزة مماثلة. ويعد هذا الفيلم الرومانسي أول فيلم تونسي يشارك في المنافسة الرئيسية لمهرجان برلين السينمائي منذ عقدين. الصورة لمخرج الفيلم محمد بن عطية.
الكاتب: ريم نجمي