علم النفس الرياضي في كرة القدم الألمانية يحرز تقدما
٣٠ ديسمبر ٢٠٢٣
لفتت حادثة انتحار روبرت إنكه الأنظار لأهمية الصحة النفسية للاعبين. واستطاع طب النفس الرياضي تحقيق تأثيرات إيجابية على الحالة النفسية للاعبين بملاعب ألمانيا في غضون سنوات قليلة. ورغم ذلك، تعرض هذا المجال لانتقادات.
إعلان
بغض النظر عن الفريق الفائز أو الخاسر أو اللاعب الذي لعب أو زمليه الذي جلس على دكة الاحتياط، فإن السرد الشائع في عالم كرة القدم الألمانية يعود غالبا إلى المصطلح الألماني (Kopfsache)، فيما يقابله بالعربية "الحالة الذهنية أو العقلية".
يعاني حوالي 5% من الرياضيين في رياضات النخبة من حالات اكتئاب بما يتماشى مع الحالة النفسية لسكان البلاد، لكن كرة القدم الألمانية باتت على دراية تامة بالأمراض النفسية وفي مقدمة ذلك يأتي مرض العصر "الاكتئاب"، خاصة عقب واقعة حارس مرمى هانوفر والمنتخب الألماني، روبرت إنكه، الذي قرر وضع حد لحياته بعد سنوات عانى فيها من اكتئاب حاد لينتحر بإلقاء نفسه أمام قطار في هانوفر في العاشر من نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2009.
ويتساءل كثيرون حيال مسار علم النفس الرياضي في ألمانيا في الوقت الراهن وماذا تحقق منذ وفاة إنكه المأساوية؟
وفي تعليقه، قال رينيه باش، أحد أبرز علماء النفس الرياضي في ألمانيا، في سبتمبر/أيلول الماضي، إن دور طب النفس الرياضي في حاجة إلى "نقلة نوعية" بسبب التمسك "بأنماط وأساليب تفكير عفا عليها الزمن" أعاقت روح الابتكار.
ويعترض آخرون على ما ذهب إليه باش.
بدورها، أشادت يوهانا بيلتس، عالمة النفس الرياضي في أشهر جامعة رياضية ألمانية في كولن (كولونيا)، بالفترة التي قضتها في العمل داخل أكاديمية كولونيا لكرة القدم وعن دور علم النفس الرياضي بالنسبة لللاعبين داخل المستطيل الأخضر.
وفي مقابلة مع DW، قالت: "كانت تجربتي مع الأكاديميات الكروية جيدة للغاية بما يتجاوز أكثر بكثير الحد الأدنى، لكن بالطبع في الأكاديميات، حيث يتولى فيها أخصائي نفسي رياضي مسؤولية عشرة فرق، فإن تحقيق تقدم مماثل غير ممكن. يحتاج البعض إلى تبني وجهة نظر أكثر واقعية، لكننا بحاجة أيضا إلى الاحتفاء بما تحقق".
التقدم في مجال الصحة العقلية
في المقابل، يشعر آخرون أن رأي رينيه باش لا تعكس الواقع الحالي ومن بين هؤلاء كريستوف هير، مسؤول علم النفس في الاتحاد الألماني لكرة القدم، الذي قال: "هناك مشكلة أخرى تواجه علم النفس الرياضي في كرة القدم الألمانية في الوقت الحالي تتمثل في استمرار الارتكان إلى صورة نمطية ومحافظة للعمل النفسي في سياق أداء عالي المستوى".
ومتحدثا إلى DW، أضاف: "لهذا السبب من المهم جدا القول بأن عملنا جدير بالثقة. لا يتعلق الأمر دائما بأن نكون الأعلى صوتا، بل يتعلق الأمر بالاستماع إلى زملائنا ذوي الخبرة الذين يتمتعون بخبرة كبيرة في العمل داخل عالم الساحرة المستديرة. أرغب في بعض الأحيان في سماع تصريحات أقل تعميما، وعندها لن تكون صورة علم النفس الرياضي مشوهة إلى هذا الحد".
وفي السياق ذاته، يجمع كثيرون على أن علم النفس الرياضي ساهم كثيرا في تقدم كرة القدم الألمانية منذ أن جعل الاتحاد الألماني لكرة القدم، قبل خمس سنوات، تواجد خبراء في طب النفس الرياضي إلزاميا في الأكاديميات.
وفي ذلك، قال هير إنه يسمع بشكل متزايد تصريحات تصدر عن رؤساء الأكاديميات الرياضية، يتحدثون فيها بشكل ضمني عن علم النفس الرياضي في إطار مفهوم واسع النطاق.
وأقر هير بإشكالية استمرار العمل ببعض الأساليب القديمة، لكنه يعتقد أن أحد أفضل الأشياء التي يمكن أن يقدم عليها خبراء علم النفس الرياضي تتمثل في الانخراط في عملية صنع القرار داخل كرة القدم الألمانية.
وأضاف "نريد الانخراط في حوار مع مدربين وصناع القرار لأن إشراك علماء النفس الرياضي وخبراء النفس في منظومة كرة القدم الألمانية سيكون ركيزة أي تقدم. يجب زيادة الوعي بهذا الأمر من خلال التطوير المستمر لعلم النفس الرياضي."
تزايد الحاجة إلى علم النفس الرياضي
وقد شهد مجال علم النفس الرياضي تطورا منذ وقت طويل، لكن بعض الأكاديميات الألمانية غير مستعدة لتلبية حاجتها إلى خبراء في مجال الطب النفس الرياضي؛ ربما بسبب التكلفة أو نقص المعرفة.
وعندما يتطرق الحديث عن دور الطب النفسي في عالم كرة القدم الألمانية، فإن تيمو هاينز يعد الأفضل والأنسب للحديث عن ذلك بسبب أنه أحد علماء النفس الرياضيين في أكاديمية ليفركوزن وعمل مع أفضل اللاعبين الشباب في ألمانيا فضلا أنه كان لاعبا في السابق.
وفي مقابلة مع DW، قال إن التغيير لا يحدث بوتيرة سريعة، لكنه يحدث، مضيفا "مقارنة بالعديد من المجالات الاحترافية في كرة القدم، مازلنا في المراحل المبكرة نسبيا. ومع ذلك، فإن الوعي بعلم النفس الرياضي يتزايد من موسم إلى آخر، وأنا مقتنع بأن هذا الاتجاه سيستمر في المستقبل لأن الأندية والمدربين يعترفون بالحاجة إلى خبراء في مجال طب النفس الرياضي".
وأضاف هاينز: "في نهاية المطاف، فإن الأمر يتعلق باللاعبين. إنه يتعلق بخلق مساحة يتم فيها حماية صحتهم العقلية بأفضل طريقة ممكنة على الرغم من الضغوط النفسية عليهم داخل وخارج المستطيل الأخضر. الأمر يتعلق أيضا بدفعهم صوب حلول فردية في مجالات مختلفة من الحياة في إطار التنمية الشخصية الشاملة بهدف إرشادهم إلى الطرق التي يمكنهم من خلالها تحسين أدائهم من خلال الاستراتيجيات العقلية".
المزيد من الاستثمارات
ويقول خبراء إن توظيف المزيد من علماء النفس الرياضي في عالم كرة القدم الألمانية يعد أمرا ضروريا للغاية، لا سيما في كرة القدم النسائية، بحسب ما أشارت إليه يوهانا بيلتس، الخبيرة المخضرمة في مجال طب النفس الرياضي.
ورغم أنها قالت إنها حصلت على الكثير من الفرص لتطبيق نظريات طب النفس الرياضي على أرض الواقع من خلال دورة تدريبية مدتها مئة ساعة، إلا أنها أقرت بأنها كانت محتاجة إلى الحصول على دورة تدريبية بهدف تحسين مهارات الحوار بهدف تعزيز قدرتها على أداء وظيفتها.
ويبدو أن الاتحاد الألماني لكرة القدم قد أدرك وجود فجوات، ما دفعه إلى تقديم دورة تدريبية محددة مدتها ستة أشهر لعلماء النفس الرياضي العاملين في مجال كرة القدم وأيضا أقدم على إنشاء ستة محاور إقليمية حتى يتمكن علماء النفس الرياضي من الأكاديميات المختلفة من الاجتماع وتبادل الأفكار.
ويجمع الخبراء على أن علم النفس الرياضي حقق كثيرا في مجال كرة القدم الألمانية خلال فترة قصيرة منذ أصبح إلزاميا، لكنه في حاجة إلى التطوير المستمر وتبني نهج أكثر شمولية ومتعدد الأوجه.
الكاتب: جوناثان هاردينغ
أعده للعربية: محمد فرحان
عشر حقائق عليك معرفتها عن الدوري الألماني "بوندسليغا"!
للمرة 56 ينطلق الموسم الكروي للدوري الألماني "بوندسليغا" ويبقى بطل الموسم الماضي بايرن ميونيخ الفريق الأوفر حظاً لنيل اللقب في هذا الموسم أيضاً. وهناك أشياء أخرى يجب على كل متابع لدوري الدرجة الأولى في ألمانيا معرفتها.
صورة من: picture-alliance/imageBROKER/H. Blossey
بايرن ميونيخ المهيمن على كل شيء
حصد بايرن ميونيخ لقب الدوري للستة مواسم الأخيرة ليكون مجموع ما حصده من ألقاب على مر تاريخ البوندسليغا 28 لقبا. ويعتبر النادي البفاري رياضيا واقتصاديا هو الأول دون منافس في ألمانيا: إذ بلغت إيراداته السنوية حوالي 600 مليون يورو، فيما كان مجموع ما يتقاضاه كوادره سنويا قرابة 265 مليون يورو. أما قيمة كوادره السوقية فقد بلغت نحو 845 مليون يورو، ما يجعله رائداً بكل المقاييس.
صورة من: picture-alliance/sampics/C. Pahnke
بين صعود وهبوط
نادي نورينبيرغ يلفت الانتباه لكونه الفريق الذي سجل رقماً قياسياً في الصعود والهبوط من وإلى دور الأضواء، ففي موسم 2017/2018 صعد نورينبيرغ للمرة الثامنة إلى دور الدرجة الأولى بعد أن قضى أربعة أعوام متتالية في الدرجة الثانية. يلحقه نادي فورتونا دوسلدورف الذي صعد للمرة السادسة إلى دور الأضواء. تمكن الفريقان معا من الصعود والهبوط 14 مرة. فهل يستطيع الفريقان البقاء في دوري الدرجة الأولى هذه المرة؟
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
ثورة تقنية على مقاعد المدربين
نظام التواصل عبر سماعات دقيقة في الأذن بين الحكام أمر معروف، هذه الثورة التقنية وصلت الآن إلى مقاعد المدربين ومساعديهم، وبالتحديد وصلت إلى آذانهم، حيث يسمح باستخدام ثلاثة أجهزة للفريق الواحد أثناء المباراة من أجل تحديد التوجه التكتيكي للفريق. ويجوز استخدام المعلومات المعروفة عن اللاعبين لتحسين الأداء حتى اثناء المباراة، كما يتم استخدام المعلومات المخزونة لتحسين وتسريع علاج اللاعبين المصابين.
صورة من: imago/J. Huebner
تقنية الفيديو المساعدة للحكام
تقنية الفيديو المساعدة للحكام دخلت الدوري الألماني في موسم 2017/2018 ولكن بنتائج متواضعة. نقادها رفضوها لأنها، حسب رأيهم، بطيئة وغير شفافة ومثيرة للشكوك. وشهدت تقنية الفيديو تحسناً كبيراً، بعد نجاحها في بطولة العالم بروسيا. وأهم تغيير طرأ على هذه التقنيات يتثمل في عرض الصور التلفزيونية وقرارات الحكام على شاشة فيديو كبيرة بهدف إزالة قدر كبير من الشكوك.
صورة من: picture-alliance/augenklick/firo Sportphoto/R. Ibing
بونديسليغا يسحر الجماهير
المنصة الجنوبية في ملعب نادي دورتموند توفر مكانا لوقوف 24.454 متفرجا، وتمثل رمزا لسحر البونديسليغا، وهي أكبر منصة للوقوف في أوروبا، وتكون مليئة تماما بالمشجعين. وبالمناسبة، يعتبر الدوري الألماني من أكبر الدوريات الجذابة للمتفرجين بمعدل حضور 43.878 متفرجا لكل مباراة في الموسم الماضي. وهو رقم قياسي دون منافس في أوروبا. معدل الحضور في انجلترا قرابة 36.000 متفرج، أما إسبانيا فبحضور نحو 27.000 متفرج.
صورة من: picture-alliance/augenklick/firo Sportphoto/C. Neundorf
بونديسليغا موطن المتفرجين وقوفا
ما يميز الدور الألماني هو وجود أماكن الوقوف الشهيرة للمشجعين في ملاعب الأندية والتي كانت في الماضي ملزمة على الأندية توفيرها، لكنها اختفت في دول كروية مثل انجلترا وإيطاليا وإسبانيا. من مميزات منصات الوقوف في الملاعب: اسعار رخيصة للتذاكر، وأجواء حماسية رائعة بين المشجعين الواقفين. ولهذا السبب تشهد ملاعب الأندية الألمانية زيارة عشرات الآلاف من المشجعين الانجليز وذلك فقط للتفرج على المباراة وقوفا.
صورة من: picture alliance/dpa/C. Gateau
أول امرأة "تتحكم" بلعبة الرجال
حالة نادرة غير موجود في دوريات أوروبا: امرأة حكم. فبعد عملها في مباريات الدرجتين الثانية والثالثة، دخلت السيدة بيبيانا شتاينهاوز في العاشر من أيلول/ سبتمبر 2017 مجال التحكيم في دوري الدرجة الأولى وذلك في مباراة هيرتا برلين أمام بريمن. وبعد شهر حكّمت شتاينهاوز مباراتها الثانية بين نادي شالكه وماينتز. شتاينهاوز البالغة من العمر 39 عاما حكّمت خلال مسيرتها القصيرة في الدوري الألماني ثماني مباريات.
صورة من: picture-alliance/augenklick/firo Sportphoto/S. El Saqqa
كورينتين توليسو أغلى لاعب منتقل
حصل بايرن ميونيخ عام 2017 على خدمات اللاعب الفرنسي كورنتين توليسو مقابل 41,5 مليون يورو، ما شكل رقما قياسيا في انتقال لاعب إلى نادي من أندية البوندسليغا. توليسو بات أغلى من نظيره وزميله في النادي البفاري الإسباني خافي مارتينز بحدود 1,5 مليون يورو. أما أغلى صفقة انتقال من ناد ألماني إلى الخارج فكانت صفقة عثمان ديمبلي الذي غادر نادي دورتموند متوجها إلى برشلونة بقيمة 100 مليون يورو.
صورة من: picture-alliance/Rauchensteiner/Augenklick
لا حدود لعدد اللاعبين الأجانب
على عكس الدوريات الأوروبية الأخرى، لا يحدد الدوري الألماني عددا معينا للاعبين الأجانب في صفوف الأندية المشاركة فيه، سواء أكانوا من دول الاتحاد الأوروبي أو من خارجه. أينتاراخت فرانكفورت مثلا دخل المباراة الخامسة له في الموسم الماضي 2017/2018 أمام نادي كولونيا بفريق ينحدر اللاعبون فيه من 11 دولة مختلفة. في النهاية حسم المباراة بديلان ألمانيان هما ماركو روس وماريوس فولف بنتيجة هدف مقابل لا شيء.
صورة من: picture-alliance/augenklick/firo Sportphoto/R. Ibing
ملاعب ومعابد وقاعات مغلقة
الكثير من المشجعين يطلقون تسمية "معبد" على ملاعب أنديتهم، وهي تسمية في حالة فرانكفورت وبرلين وشالكه غير مبالغ فيها. ففي الملاعب الثلاثة توجد فعلا قاعات للعبادة، "كنائس صغيرة". فيما يعتبر ملعب شالكه فريد من نوعه في كل أوروبا، لأنه الملعب الوحيد الذي يمكن إغلاق سقفه بشكل تام ليتحول المستطيل الأخضر إلى قاعة مغلقة. قاعة عملاقة للممارسة لعبة كرة القدم متوفرة فقط في الدوري الألماني لكرة القدم.