1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

رغم تراجعها.. مخاوف لاتزال تقض مضاجع الألمان في عام 2025!

٢٣ سبتمبر ٢٠٢٥

أظهرت دراسة حديثة أن مشاعر القلق لدى الألمان في عام 2025 سجلت انخفاضاً ملحوظاً مقارنة بالسنوات الماضية، لكن لاتزال هناك بعض المخاوف التي لاتزال تقض مضاجع الألمان، وهي ليست بالهينة بطيعة الحال.

نقود في ألمانيا يورو.صورة تعبيرية
أكبر هواجس الألمان تبقى كما هي: ألا تكفي أموالهم حتى نهاية الشهر بسبب ارتفاع الأسعار عند التسوق أو في فواتير الوقود والكهرباءصورة من: Patrick Pleul/dpa/picture alliance

يُعرف الألمان عالميًا بأنهم حذرون، مترددون، شديدو التمسك بالاستقرار، ولديهم قلق دائم تجاه المستقبل، وهو ما يُعرف اصطلاحًا بـالخوف الألماني"German Angst". لذلك فأنه ليس من الغريب إذن أن تُجرى دراسات عديدة داخل ألمانيا تتعلق برصد هذه المخاوف وهذ النوع من القلق.

من بين هذه الدراسات التي ترصد هذه الحالة كانت دراسة "مخاوف الألمان 2025" التي أجراها مركز المعلومات التابع لشركة التأمين "آر+في" R+V   للعام الرابع والثلاثين على التوالي، بمشاركة 2400 شخص. والنتيجة كانت مفاجئة: مستوى المخاوف في ألمانيا انخفض رغم الأزمات العالمية والظروف الاقتصادية الصعبة.

البروفيسورة إيزابيل بوروكي، أستاذة العلوم السياسية في جامعة ماربورغ والمستشارة العلمية للدراسة، توضح في حديثها مع DW : قد يكون هذا بمثابة تنفس الصعداء بعد سنوات طويلة من الأزمات. تركيز الناس الآن أقل على مخاوف المستقبل وأكثر على حاضرهم المباشر. صحيح أن القلق بشأن الاقتصاد وتكاليف المعيشة ما زال مرتفعًا، لكنه لم يعد بنفس الحدة السابقة." وتابعت "اليوم، يركز الناس أكثر على الحاضر بدلاً من القلق بشأن المستقبل. صحيح أن المخاوف المتعلقة بالوضع الاقتصادي وتكاليف المعيشة لا تزال مرتفعة، لكن الناس لم يعودوا يشعرون بأنهم متأثرون بنفس القدر كما في السابق".

 

المال يهيمن على قائمة المخاوف

أكبر هواجس الألمان تبقى كما هي: ألا تكفي أموالهم حتى نهاية الشهر بسبب ارتفاع الأسعار عند التسوق أو في فواتير الوقود والكهرباء. فللعام الخامس عشر تحتل تكاليف المعيشة المرتفعة المركز الأول في ترتيب المخاوف.

كما احتل الخوف من الزيادة في الاستقطاع الضريبي وتقليص الخدمات الاجتماعية، والقلق من غلاء السكن وصعوبة الحصول على مسكن ميسور الكلفة، مراكز متقدمة في قائمة الهواجس. وعن هذا الأمر توضح أستاذة العلوم السياسية أن ملف السكن حساس للغاية، سواء من حيث الإيجارات أو تكاليف المرافق مثل التدفئة والكهرباء. لذلك قد يصبح توفر السكن اللائق والقريب من قدرتهما لمادية الملف الاجتماعي الأبرز في الحملات الانتخابية المقبلة في ألمانيا.

مايزال تدفق المهاجرين على ألمانيا من الأأمور التي تشغل بال الألمان عام2025صورة من: Johannes Simon/Getty Images

الخوف من الهجرة

في المرتبة الثانية بين المخاوف المالية يأتي القلق من إرهاق الدولة بسبب تدفق المهاجرين، وهو أمر يثير قلقًا خاصًا في شرق ألمانيا. ورغم انخفاض طلبات اللجوء في النصف الأول من 2025 إلى حوالي 73,000 طلب، أي بانخفاض يقارب 50% مقارنة بالعام السابق، بفضل تشديد قوانين اللجوء من قبل حكومة الائتلاف السابقة (الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الخضر، والحزب الديمقراطي الحر) وتشديد الرقابة على الحدود من قبل الحكومة الجديدة(الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي)، فإن القلق يبقى. تفسر بوروكي ذلك قائلة: "الأمر لا يتعلق فقط بسياسات الهجرة الملموسة. إنه يرتبط بالهوية المجتمعية، وبالسؤال حول ماهية التعايش الثقافي ومعنى الانتماء. قضية المهاجرين تُستخدم كغطاء لهذه التساؤلات. وبالطبع، يسهل استغلال هذا القلق سياسيًا من قبل الروايات الشعبوية اليمينية أو المتطرفة." وتضيف: "الخوف شعور وجودي أساسي، وبالتالي نحن هنا نتحرك في المستوى العاطفي أكثر من الواقع. الخطاب الشعبوي واليميني المتطرف يوظف هذا الخوف سياسيًا بسهولة كبيرة.

الخوف الوحيد الذي ازداد مقارنة بالعام الماضي هو القلق من تنامي نفوذ الحكام المستبدين عالميًا، وهو ما قد يكون مرتبطًا بتولي دونالد ترامب منصب الرئيس الأمريكي. في قائمة المخاوف، تحتل المخاوف من الحكام المستبدين وسياسات ترامب المركزين الخامس والسادس.

أما عن ثقة الألمان فيالسياسيين داخل بلدهم، فهي لا تزال ضعيفة. إذ حصلوا على "تقدير مدرسي" يعادل 3.8 من أصل 6، وهو أفضل قليلًا من العام الماضي، لكنه ما زال يعكس استياءً عامًامع تحسن طفيف عن العام الماضي (4.0). تقول العالمة الألمانية: "هذا ليس سببًا للاحتفال، إذ لا يزال أكثر من نصف السكان يمنحون السياسيين درجة 'مقبول' فقط، مما يعكس استياءً عميقًا. هذا بمثابة تحذير جدي للسياسيين." وتؤكد أن هذا ينطبق بشكل خاص على الحكومة الحالية برئاسة ميرتس، حيث "الثقة في قدرة الحكومة على قيادة البلاد خلال الأزمات بشكل احترافي وجيد غير ملحوظة حاليًا. لذلك يجب على الحكومة العمل بجدية على استعادة ثقة الناس."

يرى خبراء أن قضايا البيئة تم تهميشها من الأجندة السياسية الألمانية، خاصة بعد خروج حزب الخضر من الحكومةصورة من: Harry Laub/imageBROKER/picture alliance

تراجع الخوف من تغير المناخ

على عكس التوقعات، تراجعت المخاوف من التغيرات المناخي والكوارث الطبيعية إلى المراتب 15 و16 رغم كثرة الفيضانات والحرائق والجفاف حول العالم. وقد يعود ذلك إلى تراجع حضور الملف البيئي في الأجندة السياسية الألمانية بعد خروج حزب الخضر من الحكومة، ففي الحملة الانتخابية الألمانية، لم يكن حماية المناخ سوى قضية هامشية، وليست أولوية للحكومة الجديدة. تقول بوروكي إن قضايا البيئة تم تهميشها من الأجندة السياسية الألمانية، خاصة بعد خروج حزب الخضر من الحكومة، مما قلل من زخمها. لكنها تحذر من أن أحداثًا مثل فيضانات عام2021 قد تعيد الاهتمام بهذه القضية. وكان من المثير للاهتمام في بيانات الدراسة أن الخوف من تغير المناخ يحتل المرتبة الثالثة بين مخاوف الشباب (14-19 عامًا).

في مفاجأة أخرى، تراجع الخوف من الانقسام المجتمعي والاستقطاب بنسبة 9% مقارنة بالعام الماضي، وهو أكبر انخفاض بين جميع المخاوف. تفسر الأستاذة من جامعة ماربورغ ذلك بأن "الناس اعتادوا على حالة الأزمات والتوترات العامة. لقد أصبح الانقسام جزءًا من الواقع اليومي، وهناك نوع من التعب من الجدل المستمر، ما جعل الانقسام يُقبل باعتباره واقعًا يوميًا."

وتقول بوروكي: "انخفاض مستوى المخاوف ليس إشارة إلى الاطمئنان أو مبررًا للتهاون. لا يزال هناك الكثير من العمل لمعالجة هذه الهموم وبناء الثقة بين الناس والسياسيين."

أعده وترجمه للعربية: علاء جمعة

تحرير: عبده جميل المخلافي

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW