رغم خسارة أحزابها.. حكومة شولتس ترفض إجراء انتخابات مبكرة
١٠ يونيو ٢٠٢٤
رفضت حكومة المستشار الألماني شولتس الدعوات لإجراء انتخابات مبكرة، رغم الخسائر التي واجهتها أحزاب الائتلاف الحاكم في الانتخابات الأوروبية الأخيرة. وعلى خلاف فرنسا، أوضح المتحدث باسم الحكومة أنها مصممة على إنهاء فترتها.
إعلان
ردت الحكومة الألمانية على التكهنات والمطالبات بإجراء انتخابات مبكرة بسبب الخسائر التي تكبدتها أحزاب الائتلاف الحاكم في انتخابات البرلمان الأوروبي التي جرت في ألمانيا أمس الأحد.
وقال المتحدث باسم الحكومة، شتيفن هيبشترايت، في برلين اليوم الاثنين (العاشر من حزيران/ يونيو) إن "موعد الانتخابات سيكون وفقا لما هو مقرر في خريف العام المقبل، ونحن نخطط لتنفيذ ذلك على هذا النحو". وأضاف أن "الفكرة الخاصة بإمكانية بدء انتخابات جديدة في ألمانيا الآن، لم تظهر في أي وقت ولا لثانية واحدة".
وأوضح المتحدث الحكومي أن ائتلاف "إشارة المرور" هو مشروع مقرر أن يستمر لمدة أربع سنوات، وقال: "في نهاية السنوات الأربع ستتم المحاسبة. عندها سيكون للناخب الكلمة مرة أخرى، وهكذا تصاغ السياسة".
وأكد أن الحكومة عالجت العديد من الأمور، مثل مواجهة الهجوم الروسي على أوكرانيا أو إعادة هيكلة الاقتصاد لتحقيق مزيد من حماية المناخ مشيرة إلى أن هذا يسبب بعض الاضطراب، وقال هيبشترايت: "تسعى هذه الحكومة جاهدة لتنفيذ القرارات المهمة المعلقة".
ولفت المتحدث باسم حكومة المستشار أولاف شولتس إلى أن هذا الأمر سيستمر حتى بعد نتائج الانتخابات الأوروبية التي لم تكن في صالح الأحزاب الثلاثة المشاركة في الائتلاف الحاكم.
المعارضة تطالب الحكومة بأن تحذو حذو فرنسا
يشار إلى تعالي أصوات من جهات مختلفة من بينها الاتحاد المسيحي (الفائز الأكبر في انتخابات البرلمان الأوروبي) تطالب بطرح الثقة في المستشار أولاف شولتس في البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة وذلك بعد الخسائر الكبيرة التي منيت بها أحزاب الائتلاف الحاكمفي انتخابات البرلمان الأوروبي.
وكان زعيم الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، ماركوس زودر، دعا إلى إجراء انتخابات مبكرة للبرلمان الاتحادي (بوندستاغ) في أسرع وقت ممكن، مشيرا في ذلك إلى فرنسا. وقال زودر صباح اليوم في تصريحات لمحطة "إن-تي في" التلفزيونية: "لقد انتهت هذه الحكومة بشكل أساسي. يجب أن يسري الأمر الآن على نحو مشابه لفرنسا: كانت هناك دعوات لإجراء انتخابات مبكرة، والآن أعلن ماكرون أجراءها".
ويرى زودر أن هذا يجب أن ينطبق أيضا على ألمانيا، وقال: "بلادنا تحتاج إلى بداية جديدة. لم يعد الائتلاف الحاكم يتمتع بتفويض ولم يعد يحظى بثقة المواطنين، لذلك ينبغي الآن إجراء انتخابات مبكرة في أسرع وقت ممكن".
من جهته رفض حزب الخضر أيضا مطالبات انتخابات مبكرة قال الرئيس المشارك للحزب، أوميد نوريبور، يوم الاثنين في برلين ردًا على سؤال حول دعم التحالف والمستشار الاتحادي أولاف شولتس (الحزب الاشتراكي الديمقراطي)
"أن الأداء السيئ لحزب الخضر في الانتخابات الأوروبية ليس سبباً لطرح تساؤلات حول استمرار التحالف الثلاثي. لا يحتاج الأمر إلى طرح مسألة الثقة".
وأوضح نوريبور أنه تم إبرام اتفاق مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي والحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي) لمدة أربع سنوات، وسيتم الالتزام به.
وفيما يتعلق بزيادة الأصوات التي حصل عليها حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي، قال نوريبور إنه من المهم الآن تقديم حلول، مشيراً إلى أن هذا ينطبق بشكل خاص على المفاوضات الجارية بشأن ميزانية عام 2025. وأكد أن الاستنتاج من الانتخابات الأوروبية يجب ألا يكون أن شركاء التحالف يتجادلون علنا.
وبحسب البيانات الرسمية، حصل الاتحاد المسيحي في ألمانيا (المكون من الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي البافاري) على 30% من الأصوات.
واحتل حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي في المركز الثاني بحصوله على 15,9% من الأصوات.
وجاء في المرتبة الثالثة الحزب الاشتراكي الديمقراطي المنتمي إليه شولتس بحصوله على 13,9%، ليسجل أسوأ أداء في انتخابات ديمقراطية على مستوى ألمانيا منذ أكثر من قرن لتيار يسار الوسط، والذي كان تاريخيا أحد الأحزاب المهيمنة في السياسة الألمانية.
وحل في المرتبة الرابعة حزب الخضر بحصوله على 11,9% متراجعا من 20,5% التي سجلها في انتخابات البرلمان الأوروبي عام 2019. في المقابل حصل الحزب الديمقراطي الحر - الشريك الثالث الأصغر في الائتلاف الحاكم، على5,2%.
ع.أ.ج/ أ.ح (د ب ا، أ ف ب)
بالصور- أولاف شولتس الاشتراكي "الرصين" يصبح مستشارا لألمانيا
من كان يتصور أن الرجل الذي لم يستطع الفوز برئاسة حزبه الاشتراكي قادر على أن يعيد المستشارية للحزب بعد 16 عاماً تحت حكم المحافظين بقيادة ميركل؟! أولاف شولتس فعلها! ومبدأه هو: الرصانة والإصرار! هنا لمحة عن حياته.
صورة من: HANNIBAL HANSCHKE/REUTERS
أولاف الشاب
ولد أولاف شولتس في أوسنابروك في 14 حزيران/ يونيو 1958، وكان والده تاجراً ووالدته ربّة منزل. وانضم إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي في عام 1975 في سن السابعة عشرة. آنذاك كان شعره طويلاً، كما كان يعرف بارتداء جواكت صوفية ويشارك في عدد كبير من المظاهرات السلمية.
صورة من: Gladstone/Wikipedia
تحولات
شق أولاف شولتس طريقه في درب السياسة بإصرار ودأب. وتغير الرجل بشكل ملحوظ في مسيرته. شغل منصب نائب رئيس منظمة الشباب في الحزب وقاد حملة في الثمانينيات من أجل "اشتراكية راديكالية للتغلب على الاقتصاد الرأسمالي". في الصورة شولتس يعرض أمام الكاميرا دفتر عضويته بالحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD).
صورة من: Bodo Marks/dpa/picture alliance
نضوج في مجال الاقتصاد!
بالتوازي مع نشاطه الحزبي، كان شولتس يتابع دراساته في القانون. وأسس عام 1985، مكتب محاماة متخصصاً في قانون العمل في هامبورغ. ومن خلال عمله تعلم شولتس، آليات عمل الاقتصاد والشركات الخاصة، ما ترك آثراً على شخصيته.
صورة من: Thilo Rückeis/dpa/picture-alliance
البداية الفعلية مع شرودر
انطلقت مسيرته فعلياً عندما وصل الاشتراكي الديمقراطي غيرهارد شرودر إلى المستشارية في انتخابات 1998. وانتُخب شولتس عام 1998 عضواً في البوندستاغ (البرلمان الألماني) وأصبح أميناً عاماً للحزب في 2002. وفي عام 2005، انقسم اليسار الألماني بسبب تحرير سوق العمل، وهو ما سرّع هزيمة شرودر أمام أنغيلا ميركل. لكن شولتس أعاد المستشارية إلى الاشتراكيين بعد 16 عاماً من حكم المحافظين بقيادة ميركل.
صورة من: Roland Weihrauch/dpa/dpaweb/picture-alliance
"رجل آلي"!
يلقي خطبه بنبرة رتيبة أكسبته لقب "شولتسومات" (أي شولتس الآلي)، ما يثير انزعاجه. وقال في معرض الدفاع عن نفسه: إنه "يضحك أكثر مما يعتقد الناس". وصرّح قبل فترة قصيرة لجريدة "دي تسايت" الألمانية: "أنا رصين وبراغماتي وحازم. لكن ما دفعني إلى العمل السياسي، هو المشاعر"، داعياً إلى "مجتمع عادل".
صورة من: Bernd Thissen/dpa/picture alliance
"نسخة متحورة" من ميركل!
في 2018 ومع توليه وزاره المالية، أصبح شولتس نائباً لميركل. ويقال إن عينه كانت على المستشارية منذ ذلك الوقت. ويستلهم شولتس من أسلوب ميركل، حتى أنه يقلّدها في الإيماءات، خصوصاً إيماءة يدها الشهيرة، إلى درجة أن صحيفة "تاغس تسايتونغ" اليسارية وصفته بأنه نسخة "متحوّرة" من ميركل!
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Niefeld
لمعان في زمن كورونا
في 2018، خلف شولتس، المسيحي الديموقراطي فولفغانغ شويبله، وتولى وزارة المالية وواصل النهج المالي الصارم لهذا الأخير. لكن بعد بدء جائحة كورونا لم يتردد شولتس في الخروج عن بنود الميزانية معتمداً السخاء في الإنفاق، وشعاره أن ألمانيا بإمكانها مواجهة الوباء من الناحية المالية. وبذلك عرف كيف يستفيد من الجائحة لوضع نفسه في قلب المشهد ومقدمته.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Brandt
المنقذ!
خسر شولتس معركته على رئاسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في عام 2019، لأنه لم ينجح في كسب قلوب أنصار الحزب، فقد رغب الحزب آنذاك في قيادة ذات توجهات يسارية صريحة. ورغم ذلك ظل الحصان الوحيد الذي يمكن لحزبه الرهان عليه للفوز بالمستشارية. وبخلاف التوقعات وقتها، تمكن من الفوز بسبب الطريقة الرصينة التي خاض بها حملته الانتخابية.
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
حياته الخاصة
أولاف شولتس (63 عاما) متزوج منذ عام 1998 من السياسية الاشتراكية الديمقراطية بريتا إرنست (60 عاما). ويقول عنها إنها "حب حياته". ويقيم الزوجان في بوتسدام بالقرب من برلين. وتشغل زوجته منصب وزيرة التعليم في ولاية براندنبورغ. وليس لديهما أطفال. ولشولتس شقيقان هما ينس (62 عاما) وهو طبيب كبير والآخر إنغو (60 عاما) وهو صاحب شركة متخصصة في تقنية المعلومات.
صورة من: dapd
فضائح!
تعرض شولتس للعديد من الهزات في مسيرته السياسية، ومنها مزاعم متعلقة بفضائح مالية كبيرة مثل فضيحتي "وايركارد" و"كوم إكس". لكن حتى لجان التحقيق البرلمانية لم تتمكن من إثبات أي شيء عليه. كما أنه تعرض لانتقادات كبيرة بسبب أعمال الشغب التي شهدتها مدينة هامبورغ في 2017 عندما كان رئيسا لحكومتها. لكن كل ذلك لم يجعل ثقته بنفسه تهتز.
صورة من: Michele Tantussi/AP Photo/picture alliance
ملفات شائكة
تنتظر شولتس ملفات سياسية شائكة، ناهيك عن إدارة حكومة ائتلافية غير مسبوقة من ثلاثة أحزاب (مع الخضر والليبرالي). وصحيح أن الانسجام كان كبيراً أثناء محادثات تشكيل الائتلاف الحكومي، غير أن الخلافات ستظهر لاحقاً بالتأكيد، خصوصاً وأن الحزب الليبرالي المحافظ جزء من حكومة "إشارة المرور" وبيده وزارات مهمة مثل المالية والنقل. إعداد: محيي الدين حسين / ص.ش