خفضت ألمانيا ضريبة النقل الجوي بهدف تخفيف العبء على المسافرين، إلا أن أسعار التذاكر بقيت مرتفعة دون تغيير يُذكر. الأمر الذي يثير تساؤلات حول العوامل الأخرى التي تؤثر في تكلفة السفر جواً.
خفضت ألمانيا ضريبة النقل الجوي بهدف تخفيف العبء على المسافرين، إلا أن أسعار التذاكر بقيت مرتفعة دون تغيير يُذكر. صورة من: Jochen Tack/picture alliance
إعلان
على الرغم من قرار الحكومة الألمانية خفض ضريبة النقل الجوي، يتوقع خبراء أن تستمر أسعار تذاكر الطيران في الارتفاع، مشيرين إلى أن المشكلة الحقيقية تكمن في النقص العالمي غير المسبوق في الطائرات، وليس في التكاليف التشغيلية المرتفعة للمطارات الألمانية.
ويصف خبير الطيران جيرالد فيسل، من شركة "إيربورن كونسلتينغ" (Airborne Consulting)، هذا الإجراء الحكومي بأنه "سياسة رمزية بحتة"، مؤكداً أن "هذه الخطوة ستبوء بالفشل". ويتوقع فيسل، في حوار مع DW، أن تتنازل الدولة عن إيرادات ضريبية دون أن يستفيد الركاب من هذا التخفيض. فبينما ستوفر شركات الطيران حوالي 15 يورو لكل تذكرة، لن يتم تمرير هذا التخفيف إلى المسافرين بسبب نظام التسعير الديناميكي الذي تعتمده الشركات.
تراكم الطلب: تشهد شركة إيرباص زيادة في الطلبات، لكن الإنتاج لا يستطيع مواكبة الطلب دائمًا.صورة من: Sebastien Lapeyrere/MAXPPP/picture-alliance/dpa
موقع ألمانيا باهظ التكاليف
أعلنت الحكومة الفيدرالية في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني عن خفض ضريبة النقل الجوي اعتباراً من 1 يوليو/تموز 2026، لتعود إلى مستواها قبل الزيادة الأخيرة في مايو/أيار 2024. ويتراوح التخفيض بين ثلاثة و13 يورو لكل تذكرة، حسب مسافة الرحلة. وقد رحبت صناعة الطيران، التي تشتكي من ارتفاع التكاليف التشغيلية في ألمانيا، بهذا القرار.
وأوضح يواكيم لانغ، المدير العام للاتحاد الألماني لصناعة الطيران (BDL)، أن "الحكومة الفيدرالية وضعت حداً لدوامة التكاليف المتصاعدة للضرائب والرسوم على الطيران من ألمانيا، وهذه إشارة مهمة". ومن المتوقع أن تنخفض التكاليف الحكومية للطيران من ألمانيا بنحو 10% بفضل هذا التخفيض.
ومع ذلك، يرى فيسل أن الانتقادات الصارخة الموجهة لارتفاع التكاليف في ألمانيا تخفي مشكلة جوهرية أخرى، وهي نقص الطائرات. فشركات الطيران منخفضة التكلفة مثل "إيزي جيت" (Easyjet) و"رايان إير" (Ryanair) لم تخفض رحلاتها بسبب الرسوم المرتفعة، بل لأنها "تفتقر ببساطة إلى الطائرات".
التعافي من نكسة كورونا
تعكس الإحصاءات تعافي قطاع الطيران الأوروبي. فوفقاً لبيانات مجلس المطارات الدولي الأوروبي (ACI)، ارتفع عدد الركاب في المطارات الأوروبية عام 2024 بنسبة 7.4% مقارنة بالعام السابق، متجاوزاً للمرة الأولى مستوى ما قبل جائحة كورونا في عام 2019.
وفي ألمانيا، ارتفع عدد الركاب الخاضعين للضريبة من 62 مليون راكب في عام 2022 إلى 81 مليون راكب العام الماضي، وفقاً لمكتب الإحصاء الألماني الاتحادي (Destatis). ورغم هذا النمو، لم يتم الوصول بعد إلى مستوى عام 2019 الذي سجل 96 مليون مسافر.
وعلى النقيض من أعداد الركاب، تجاوزت عائدات ضريبة النقل الجوي مستوى ما قبل الجائحة بكثير. فمنذ إقرار الضريبة في عام 2011 في عهد الائتلاف الحكومي بين الاتحاد المسيحي والحزب الديمقراطي الحر (CDU/CSU و FDP)، ارتفعت الإيرادات من 963 مليون يورو إلى 1.88 مليار يورو العام الماضي.
ارتفع عدد الركاب في المطارات الأوروبية عام 2024 بنسبة 7.4% مقارنة بالعام السابق، متجاوزاً للمرة الأولى مستوى ما قبل جائحة كورونا في عام 2019.صورة من: Rainer Keuenhof/Manngold/IMAGO
ضريبة النقل الجوي: نعمة للميزانية
يؤكد فرانك فيشرت، أستاذ السياحة والنقل في جامعة وورمز، أن ضريبة النقل الجوي والرسوم المماثلة في أوروبا تُفرض بالإضافة إلى رسوم البنية التحتية، وتُضخ "كقاعدة عامة في الميزانية العامة دون تخصيصها لغرض معين".
ويشير فيشرت إلى أن الدولة يمكنها خفض الضرائب، لكن يجب تعويض انخفاض الإيرادات إما بزيادة الإيرادات في مجالات أخرى أو عن طريق التوفير، وهو سيناريو "يصعب تصوره في ظل الوضع المالي الحالي". ويخلص إلى أن "ضرائب الركاب عامل مهم، لكنه ليس العامل الوحيد الذي يؤثر على جاذبية الموقع".
إعلان
أسطول عالمي عفا عليه الزمن
العامل الأهم الذي لا يُناقش غالباً هو نقص الطائرات. فوفقاً لدراسة حديثة للاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA)، تعاني شركات الطيران عالمياً من نقص غير مسبوق في الطائرات قد يستمر لعقد آخر. وتحذر الرابطة من "نقص في الأسطول" يزيد عن 5000 طائرة، نتيجة فجوات الإنتاج خلال الوباء وتراكم الطلبات.
ويبلغ متوسط عمر الأسطول التجاري العالمي حالياً 15 عاماً، وهو الأعلى في تاريخ الطيران. ويُضاف إلى ذلك نقص هيكلي في عدد الطيارين.
"رايان إير" و"إيزي جيت" تلغيان رحلات
يوضح الخبير فيسل أن "رايان إير" و"إيزي جيت" هما الأكثر تضرراً من نقص الطائرات. فقد أعلنت "إيزي جيت" عن زيادة في سعة المقاعد لعام 2026 تتراوح بين 2% و4%، وهي نسبة أقل من متوسط المجموعة البالغ 7%، وفقاً لتصريح رئيس الشركة في ألمانيا ستيفان إرلر لموقع "إيرلاينرز" (Airliners).
كما ألغت "رايان إير" بعض الرحلات في ألمانيا، حيث ستفقد برلين 76 من أصل 246 رحلة أسبوعية في يناير/كانون الثاني، وتفقد كولونيا 44 رحلة. ويجد فيسل أنه "من المفهوم أن تستخدم شركات الطيران مواردها المحدودة في الأماكن الأكثر ربحية".
لكنه يختتم بتوقعه بأن "رايان إير" ستعود إلى ألمانيا، أكبر سوق للطيران في أوروبا، بمجرد توفر الطائرات، لأنها "لا تريد أن تترك السوق للوفتهانزا".
أعده للعربية: عماد حسن
تحرير: عادل الشروعات
حتى الشاحنات والطائرات.. مستقبل وسائل النقل الرفيقة بالبيئة
حركة السير تحتاج اليوم إلى النفط. لكن الأخير يعتبر بمثابة السم للمناخ ويتسبب في إشعال نزاعات. فكيف يمكن الاستغناء عن النفط؟ والاعتماد على وسائل نقل رفيقة بالبيئة؟ نتابع في هذه الجولة المصورة.
صورة من: Hiroki Ochimizu/Jiji Press/dpa/picture alliance
التنقل المحايد مناخيا
من أجمل الهوايات: صعود الجبل بدراجة خاصة بالمنعرجات، واستكشاف الطبيعة بسهولة. ويمكن لاعتماد على محرك كهربائي يعمل بالبطارية، الأمر الذي يجعل العديد من وسائل النقل صديقة للبيئة وفعالة وموفّرة للطاقة، وتخلق أيضا شعورا بالمتعة.
صورة من: Norbert Eisele-Hein/imageBROKER/picture alliance
جودة حياة أفضل
الحيّز المتاح داخل المدن يبقى محدودا. وفي السنوات المائة الأخيرة تم دفع سائقي الدراجات الهوائية والمشاة إلى الهامش. بينما تملأ السيارات الشوارع وتلوث الجو. وهذا ما يريد عدد متزايد من المدن تغييره، ورفع مستوى جودة الحياة لسائقي الدراجات والمشاة، مع كثير من المقاهي وأماكن الالتقاء. وزيادة الاعتماد على وسائل النقل العامة وتقليل عدد السيارات كما هو الشأن هنا في أمستردام.
صورة من: Jochen Tack/picture alliance
نهضة قطار المترو
قطارات المترو تسير بتكلفة ضئيلة، وتستخدم الطاقة النظيفة؛ أي طاقة الكهرباء. بسلاسة وسرعة تتقدم وسيلة النقل المفضلة عبر المدينة كما هو الشأن هنا في بورتو (البرتغال).
بدأ قطار المترو الأول العمل في عام 1832 في نيويورك. وابتداء من 1927 تم بناء مسارات عالمية. ومنذ بضع سنوات تشهد بعض المدن انتشارا كبيرا لقطارات المترو العاملة بالكهرباء.
صورة من: Rita Franca/NurPhoto/picture alliance
توجه للحافلة الكهربائية
تحتاج المحركات الكهربائية إلى ثلث الطاقة التي تستهلكها محركات الديزل. كما أنها خافتة الصوت وتسير بالكهرباء الخضراء الصديقة للبيئة. هذه الحافلة في نانت بفرنسا تسير بالكهرباء من البطارية. وفي سكة أخرى تسير الحافلة تحت مجمع تيار يشحن بطاريتها. وهذا المزيج جيد ويتم استخدامه بشكل متزايد.
صورة من: Omnibus Nantes
الاستعارة عوض الشراء والامتلاك
استعارة السيارة أو الدراجة، فقط عندما نحتاجها؛ إنه أمر عملي ويوفر المال والحيّز المكاني. وتدعم مدن مثل برلين ما يسمى بـ "شيرينغ" أي التشاركية. فضلا عن أن جميع عربات الاستعارة كهربائية. وعدد متزايد من الناس يلجأ لهذه الوسيلة، لاسيما الشباب في المدن.
صورة من: Wolfram Steinberg/picture alliance
سريعة وصديقة للبيئة
القطارات السريعة تتعدى سرعتها 300 كلم في الساعة الواحدة في الصين (الصورة) واليابان والاتحاد الأوروبي. وبفضل المحرك الكهربائي والمقاومة الضعيفة للهواء تستهلك القطارات القليل من الطاقة، أي 30 مرة أقل من الطائرة وخمس مرات أقل من الشاحنة وأقل حتى من السفينة. وبالنسبة إلى حركة السير الصديقة للبيئة تكون حركة السير على القضبان بالتالي مهمة.
صورة من: Tang Zhenjiang/Photoshot/picture alliance
دراجات النقل في الخدمة
عربات البضائع الكبيرة تملأ في الغالب الشوارع في المدن. وهذا يتسبب في إزعاج يمكن تفاديه بخدمة نقل ذكية ومحافظة على البيئة كما هنا في ميونيخ. ازداد الاعتماد مؤخرا على الدراجات كبيرة الحجم من أجل نقل البضائع داخل المدن.
صورة من: SvenSimon/picture alliance
في حركة تحت الشمس
تقطع هذه العربة التي تعمل بالطاقة الشمسية نحو 5000 كلم في السنة الواحدة في شمال ألمانيا. أما في جنوب إسبانيا الغنية بالشمس فيمكن أن تقطع 10000 كلم. يزداد إنتاج العربات المزودة بالخلايا الشمسية داخل هيكل العربة. ويمكن الاستفادة من الكهرباء المخزنة فيها لتستخدم أيضا لتشغيل عربات أخرى أو لتزويد المنزل بالكهرباء.
صورة من: ISFH
ثورة في النقل البعيد
تمتلك هذه الشاحنة الكهربائية والتابعة لشركة نقل سويسرية بطارية بسعة 900 كيلوواط/ساعي. ما يمكنها من السير وهي محملة بالبضائع لمسافة 500 كلم، دون حاجة لشحن البطارية. ورغم أن ثمن هذه الشاحنة الكهربائية أغلى بمرتين ونصف من الشاحنة التي تعمل بالديزل، إلا أنها توفر استهلاك الطاقة بشكل ملحوظ.
صورة من: Ennio Leanza//KEYSTONE/picture alliance
العبّارات تستخدم الكهرباء
هذه العبارة الخاصة بنقل السيارات تتردد في بحيرة أونتاريو الكندية بين وولف ايسلاند وكينغستون. مسافة العبور تستغرق 20 دقيقة ويتم شحن البطارية في غضون 10 دقائق فقط. ولكن لا يصلح استخدام البطاريات لسفن البحار العالية لأن قوتها تظل ضئيلة. وحركة النقل المحايدة مناخيا تبقى ممكنة فقط باستخدام الطاقة الكهربائية التي يتم توليدها من مصادر متجددة.
صورة من: Leclanché
حركة الطيران تحتاج إلى مسارات رفيقة بالبيئة
يمكن أن تصبح طائرات النقل العادية رفيقة بالبيئة إذا استخدمت كيروسين اصطناعي. وهذا الأخير يمكن إنتاجه من الكهرباء النظيفة، ولكن يجب انتظار بناء خطوط أوسع للإنتاج. ولذلك سيستغرق الأمر سنوات قبل أن تطير الطائرات بطريقة محايدة للمناخ. كما تتسبب الطائرات في نشوء سحب مضرة بالمناخ. ومن خلال مسارات تحليق متعددة ومتباعدة يمكن تفادي هذه الأضرار المناخية.