قادت شخصيات معارضة روسية بارزة، بما في ذلك يوليا نافالنايا، أرملة المعارض، أليكسي نافالني، مسيرة في برلين ضد بوتين والحرب في أوكرانيا. فهل تطوي هذه المسيرة صفحة الخلافات القديمة للمعارضين الروس بالمنفى؟
إعلان
خلف لافتة كتب عليها" لا لبوتين! لا للحرب! الحرية للسجناء السياسيين!" قادت شخصيات بارزة في المعارضة الروسية في برلين أمس الأحد 17 فبراير/ تشرين الثاني، مسيرة تظاهرية عبروا خلالها عن انتقادهم للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وحربه في أوكرانيا ومطالبين بالديمقراطية في روسيا.
المسيرة التي بدأت بالقرب من ساحة بوتسدامر بلاتس ومرت عبر بوابة براندنبورغ ونقطة تفتيش تشارلي، وانتهت أمام السفارة الروسية، قادها السياسيان المعارضان البارزان، إيليا ياشين وفلاديمير كارا مورسا، اللذان أطلق سراحهما في أغسطس/آب الماضي ضمن عملية تبادل السجناء التاريخية بين روسيا والغرب. بالإضافة إلى يوليا نافالنايا، أرملة المعارض الروسي، أليكسي نافالني، الذي توفي في السجن. ومنذ وفاته في فبراير/شباط، سعت نافالنايا بشكل متزايد إلى مواصلة تحقيق أهداف زوجها.
نزاع حول العلم الروسي
أي شخص في روسيا يحتج ضد الحرب في أوكرانيا، قد يواجه عقوبة السجن لفترة طويلة. الاحتجاجات ظهرت فقط مع بداية الغزو الشامل في عام 2022، ومنذ ذلك الحين تم تشديد القوانين بشكل كبير. ولا يواجه المعارضون الروس الذين يعيشون في الخارج هذه المشكلة، لكنهم متهمون بأنهم بالكاد يظهرون. الناشطون الأوكرانيون على وجه الخصوص، الذين يرفعون علمهم بانتظام ضد الحرب الروسية في أوروبا وخاصة في ألمانيا، يسألون أنفسهم: أين المعارضون الروس للحرب؟
حتى في الفترة التي سبقت الاحتجاجات، كان النزاع حول العلم على شبكات التواصل الاجتماعي حول ما إذا كان يمكن للمرء أن يسير عبر برلين حاملاً العلم الروسي الثلاثي الألوان. وأظهر الإعلان عن المسيرة الاحتجاجية صورًا لمظاهرة للمعارضة في موسكو ضد ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014 في ذلك الوقت مع العلمين الروسي والأوكراني.
ويقول المنتقدون إن الحرب الوحشية قد شوهت الآن مصداقية الألوان الروسية. من جهتها تقول كسينيا لارينا، الصحفية التي غادرت روسيا قبل بدء الغزو: "مجرمو الحرب والمتواطئون معهم يسيرون تحت هذا العلم". لكن خبير الشؤون السياسية ألكسندر كينو، يخالفها الرأي حيث يرى أن من يضع شروطًا إضافية، سواء كانت أعلاماً أو موسيقى أو ملابس، يساهم في انخفاض عدد الأشخاص المشاركين. وتابع كينيو إن هذا يؤدي إلى "الانقسامات".
يستخدم جزء من المعارضة الروسية العلم الأبيض والأزرق والأبيض للنأي بأنفسهم عن روسيا بوتين. بالنسبة لإيليا ياشين، أحد منظمي المسيرة التظاهرية في برلين، لا توجد لوائح: "لقد استبعدنا ذلك )العلم)، ذلك غير مهم". وقال ياشين لـ DW إن فلاديمير بوتين لا يملك الحق في الألوان الثلاثة الروسية.
إعلان
معسكران للمعارضة الروسية في المنفى
العلم هو مجرد مثال واحد عن انقسام المعارضة الروسية في المنفى، التي تقف خلفها أيضاً عدد من الشخصيات القيادية البارزة. إحدى المجموعات تدعم مشروع يوليا نافالنايا وزوجها المعارض البارز والمتمثل في مؤسسة مكافحة الفساد (FBK). من خلال أفلام وثائقية متقنة على وجه الخصوص تهدف إلى الوصول إلى المواطنين في روسيا عبر موقع يوتيوب وشبكات التواصل الاجتماعي الأخرى.
في المقابل هناك مجموعة أخرى موالية للمعارض، ميخائيل خودوركوفسكي، بارون النفط السابق ومنتقد الكرملين البارز الذي قضى عشرة أعوام في السجن. تتنافس المجموعتان على القيادة وتنظمان أيضًا أحداثًا منفصلة. وعقد منتدى نافالنايا في فيلنيوس بليتوانيا مطلع نوفمبر/تشرين الثاني، بالتزامن مع اجتماع "لجنة مناهضة الحرب" في برلين، والتي يعد خودوركوفسكي عضوا فيها أيضاً.
يوليا أرملة نافالني أيقونة المعارضة الروسية الجديدة
04:35
المعارضة الإيرانية في برلين: نموذج يحتذى به؟
هل يطوي الاحتجاج في برلين صفحة النزاعات القديمة؟ ياشين يأمل ذلك. لكن السياسي المعارض يقر بأن "الوضع صعب في المعارضة. لا أدعو بهذا إلى الائتلاف، لأن هناك نواقص. هناك الكثير من الصراعات في المعارضة، والمنافسة لا تجري دوماً بشكل صحيح" وتابع: "السبب غير واضح".
يري المعارض الروسي، دميتري جودكوف، أنه لا ينبغي المبالغة في تقدير الخلاف والانقسام: "لا يوجد مجال إلى صراع حقيقي على السلطة". وأوضح جودكوف في حديث لـ DW إنه بمجرد أن يصبح أمر ما على المحك، فإن المعارضين الروسيين للسياسة الروسية يجتمعون "على طاولة مستديرة".
وأيد خودوركوفسكي المسيرة في برلين خلال مقابلة مع صحيفة "بيلد" الألمانية، لكنه انتقد ما اعتبره "اتفاقات غير كافية". وتمنى المعارض الروسي لو تم تجنب مثل هذا النزاع، وأن تعطي المظاهرة في برلين أيضاً صوتاً لمعارضي الحرب في روسيا الذين "يتم إسكاتهم". ولهذا السبب تم الاتفاق على المطالب الأساسية التي لا جدال فيها. وأحدها هو تقديم الرئيس الروسي إلى العدالة.
مصير المعارضة الروسية لا يزال غير واضح. كما قالت يوليا نافالنايا في مقابلة مع قناة Dozhd التلفزيونية الروسية: "يبدو لي أنه لا أحد لديه خطة". وتابعت: "لو كان لدى أحد خطة، لكنا جميعاً قبلناها ونفذناها"، مضيفة بأنه يجب القيام "بشيء مفيد" كل يوم.
من جانبه تحدث ياشين عن المعارضة الإيرانية: “نحن نسترشد بتجارب المعارضة الإيرانية، فقد نظموا مظاهرات شارك فيها خمسون ألف مشارك في برلين في ظل ظروف مماثلة”. ومنذ ذلك الحين أصبح يُنظر لها على أنها "قوة سياسية".
أعدته للعربية: إيمان ملوك
نافالني.. محطات من النضال ضد بوتين
توفي المعارض الروسي أليكسي نافالني في سجنه بالقطب الشمالي، في ما يأتي محطّات توثّق نضال أحد أبرز معارضي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حيث عانى من السجن والمحاكمات والملاحقة المستمرة.
صورة من: Evgeny Feldman/Meduza via AP
الكشف عن ثروات نخب الكرملين
في عام 2011 أنشأ المعارض الروسي أليكسي نافالني مؤسسة مناهضة للفساد استقطبت أعدادا كبيرة من المناصرين مع كشفها عن الثروات الكبرى للنخب الموالية للكرملين. وفي شتاء 2011-2012 قاد نافالني تحرّكات احتجاجية كبرى على إثر انتخابات برلمانية فاز فيها حزب "روسيا الموحدة" بزعامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في استحقاق شابته اتّهامات بالتزوير. وتم اعتقاله وسجنه لمدة 15 يوماً بتهمة "تحدي مسؤول حكومي".
صورة من: dapd
احتجاجات حاشدة
في مارس/ آذار 2012 شارك نافالني في الاحتجاجات الحاشدة التي اندلعت في موسكو ومناطق أخرى من روسيا في أعقاب إعادة انتخاب الرئيس فلاديمير بوتين. واتهم نافالني شخصيات رئيسية، بما في ذلك نائب رئيس الوزراء آنذاك إيغور شوفالوف والزعيم الشيشاني القوي رمضان قديروف، بالفساد.
صورة من: Reuters
انتخابات بلدية موسكو
وفي 2013 حلّ نافالني ثانيا في انتخابات رئاسة بلدية موسكو خلف رئيسها المنتهية ولايته والمدعوم من الكرملين سيرغي سوبيانين. واتّهم نافالني سوبيانين بتزوير الانتخابات في عدد من مراكز الاقتراع، لكن مطالباته بإعادة فرز الأصوات رفضت.
صورة من: picture-alliance/dpa
اعتقال بتهمة الاحتيال
في يوليو/ تموز 2013 أيضاً أدين نافالني بتهمة الاحتيال على السلطات في قضية كيروفليس بمنطقة كيروف في صفقة أخشاب بقيمة 16 مليون روبل (500 ألف دولار)، أثناء عمله مستشارا للحاكم. ونفى نافالني صحّة هذه الاتهامات وقال إنها محاولة لإسكاته.
وحكمت عليه محكمة كيروف بخمس سنوات، لكن النيابة طلبت إطلاق سراحه من الحبس بانتظار استئناف الحكم، ومواصلة حملته الانتخابية.
صورة من: Reuters
إقامة جبرية
في شباط/ فبراير 2014 وضعت السلطات الروسية نافالني تحت الإقامة الجبرية فيما يتعلق بقضية شركة "إيف روشيه" ومنعه من استخدام الإنترنت. لكنه استمر في تحديث مدونته بانتظام، من خلال فريقه على الأرجح، حيث عمل على نشر تفاصيل الفساد المزعوم للعديد من المسؤولين الروس.
صورة من: Reuters
اسئتناف أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان
في كانون الأول/ ديسمبر 2014 أُدين نافالني وشقيقه أوليغ بتهمة الاحتيال في قضية "إيف روشيه". وتلقى نافالني حكماً بالسجن لمدة ثلاث سنوات ونصف مع وقف التنفيذ، بينما حُكم على شقيقه بالسجن. وقام كلاهما بالاستئناف أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
صورة من: Reuters/M. Zmeyev
تشايكا.. النورس
في كانون الأول/ ديسمبر 2015 نشرت مؤسسة نافالني لمكافحة الفساد أول فيديو طويل لها، وهو فيلم وثائقي على موقع يوتيوب بعنوان "تشايكا"، وهو ما يعني "النورس" بالروسية ولكنه أيضاً الاسم الأخير للمدعي العام آنذاك يوري تشايكا. ويتهمه الفيديو الذي تبلغ مدته 44 دقيقة، بالفساد وارتباطاته المزعومة بجماعة إجرامية سيئة السمعة، وحصد 26 مليون مشاهدة على موقع يوتيوب. ونفى تشايكا ومسؤولون روس آخرون هذه الاتهامات.
صورة من: chaika.navalny.com
انتهاك الحق في محاكمة عادلة
في شباط/ فبراير 2016 أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حكماً ينص على أن روسيا انتهكت حق نافالني في محاكمة عادلة في قضية "كيروفليس"، وأمرت الحكومة بدفع التكاليف القانونية والتعويضات.
صورة من: Getty Images/AFP/S. Brovko
خمس سنوات سجن مع وقف التنفيذ
في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 ألغت المحكمة العليا في روسيا الحكم على نافالني وأعادت القضية إلى المحكمة الأصلية في مدينة كيروف للمراجعة. لكن في شباط/ فبراير 2017 أعادت محكمة كيروف محاكمة نافالني لتؤيد في النهاية الحكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات مع وقف التنفيذ اعتبارا من عام 2013.
صورة من: Getty Images/AFP/S. Brovko
حياة مترفة
في آذار/ مارس 2017 نشر نافالني مقطع فيديو تناول فيه الحياة المترفة التي يعيشها رئيس الوزراء حينها ديمتري مدفيديف، وثروته العقارية متطرقا إلى منزل فخم يملكه وفيه مزرعة للبط وسط بحيرة، ما أدى إلى تظاهرات مندّدة. ومُنع نافالني من الترشحّ للرئاسة في مواجهة بوتين بسبب إدانته بتهمة الاختلاس. وحضّ نافالني الروس على مقاطعة الانتخابات التي أفضت، رغم جهود المعارض، إلى فوز بوتين بولاية رابعة.
صورة من: picture-alliance/AP/Sputnik/A. Astafyev
تصويت ذكي
في تموز/ يوليو 2019 مُنع أعضاء فريق نافالني، إلى جانب نشطاء معارضين آخرين، من الترشح لمجلس مدينة موسكو، مما أثار احتجاجات تم تفريقها بعنف، مع اعتقال الآلاف. واستجاب فريق نافالني من خلال الترويج لاستراتيجية "التصويت الذكي"، وتشجيع انتخاب أي مرشح باستثناء مرشحي حزب "روسيا الموحدة" التابع للكرملين. وقد نجحت هذه الاستراتيجية، حيث خسر الحزب أغلبيته.
صورة من: Imago Images/TASS/S. Bobylev
تسمم على متن طائرة!
20 آب/ أغسطس 2020 أُصيب نافالني حين كان مسافراً على متن رحلة جوية من مدينة تومسك مع نشطاء محليين، بوعكة صحية وقامت الطائرة بهبوط اضطراري في أومسك القريبة. دخل المستشفى في غيبوبة، واشتبه فريق نافالني في أنه تعرض للتسمم.
صورة من: picture-alliance/AP/E. Sofiychuk
غاز أعصاب سوفييتي
في 22 من آب/ أغسطس 2020 نُقل نافالني في غيبوبة إلى مستشفى في برلين. وأكدت السلطات الألمانية بعدها بقليل تعرض نافالني للتسمم بغاز أعصاب يعود إلى الحقبة السوفيتية. وبعد أن تعافى من آثاره وجه المعارض الروسي الاتهام إلى الكرملين، ما نفاه مسؤولون روس.
صورة من: picture-alliance/AP/Gluchinskiy
الاعتقال مجدداً
بعد خمسة أشهر من العلاج والإقامة في ألمانيا قرر نافالني العودة إلى بلاده حيث أُلقي عليه القبض منتصف كانون الثاني/ يناير 2021 فور عودته. وزعمت السلطات أن رحلته للعلاج خارج روسيا انتهكت شروط عقوبته مع وقف التنفيذ في قضية "إيف روشيه". وأثار اعتقاله واحدة من أكبر الاحتجاجات في روسيا منذ سنوات، حيث تم القبض على الآلاف.
صورة من: Evgeny Feldman/Meduza via AP
إضراب عن الطعام
في مطلع شباط/ فبراير 2021 أمرت محكمة في موسكو بسجن نافالني لعامين ونصف العام بسبب انتهاكه للإفراج المشروط. أثناء وجوده في السجن، بدأ نافالني إضراباً عن الطعام لمدة ثلاثة أسابيع احتجاجاً على نقص العلاج الطبي والحرمان من النوم.
صورة من: Moscow City Court Press Service/TASS/dpa/picture alliance
تسمم ببطء
في عام 2023 وقع أكثر من 400 طبيب روسي رسالة مفتوحة إلى بوتين، يحثون فيها على إنهاء ما يسمونه إساءة معاملة نافالني، بعد تقارير تفيد بحرمانه من الأدوية الأساسية بعد إصابته بالأنفلونزا. وقال فريقه إن نافالني عانى من آلام حادة في المعدة وسط شبهات في تعرضه للتسمم ببطء.