رغم دحره عسكريا.. خطر داعش ما زال يهدد الشرق الأوسط وأوروبا
٢٣ أغسطس ٢٠١٩
رغم هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والقضاء على خلافته المزعومة في سوريا والعراق، إلا أنه لم يتم القضاء عليه تماما ولا يزال خطره قائما، فهو يعيد ترتيب صفوفه في المنطقة وأوروبا. فما مدى خطورة التنظيم وخلاياه النائمة؟
إعلان
في الرابع من يونيو/ حزيران الماضي، تلقت الشرطة العراقية بلاغا من مواطنين في قضاء الطارمية شمال بغداد، يفيد برصدهم لسيارة يعتقد أنها محملة بمواد متفجرة. وحين تعرف عناصر الشرطة على السيارة واقتربوا منها، أطلق مسلحون من تنظيم "داعش" كانوا مختبئين بالقرب من المكان، النار عليهم وقتلوا سبعة منهم.
تشير هذه العملية وأخرى مشابهة لها، إلى أن التنظيم لا يزال يشكل خطرا، رغم دحره عسكريا. وبعد هذا الهجوم بفترة قصيرة قال زعيم ميليشيا "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، إن "الدولة الإسلامية لم تغادر الطارمية أصلا"، وتحدى رئيس الحكومة عادل عبد المهدى أن يعترف بالمشكلة ويعالجها.
لكن أن يتحدى زعيم شيعي الحكومة بأن تتحرك ضد تنظيم "داعش"، فإن ذلك يخدم التنظيم، إذ يؤجج الكراهية والعداء بين أنصاره وحشدهم ضد الشيعة من جهة، ويدل على مدى حضوره وخطره في العراق.
الإرهاب في العراق
ولمعرفة مدى خطر التنظيم على الأمن في العراق، يكفي أن نعرف أنه وخلال هذا العام 2019 فقط، نفذ 139 هجوما في محافظات شمالي وغربي العراق، قتل خلالها 274 شخصا بينهم 170 من عناصر الشرطة. وفي تحد منه للسلطات واستعراض لوحشيته قام تنظيم "داعش" بتوثيق قطعه لرأس شرطي في مدينة السمارة.
وتنظيم "الدولة الإسلامية" لا يرتكب جرائمه ضد السلطات فقط وإنما ضد الشعب أيضا. إذ يقوم بفرض أتاوات على الفلاحين، ومن لا يستجيب ويدفع له، يقوم بحرق محصوله. كما يقوم بنشر الرعب والخوف بين الناس كي لا يشعروا بالأمان وبالتالي النقمة على الحكومة ويتمنوا العودة إلى السنوات القليلة الماضية حيث كانوا يعيشون تحت سيطرة التنظيم!
تشير الوقائع على الأرض إلى أن تنظيم "الدولة الإسلامية" سواء في العراق أو سوريا لم ينته ولم يصبح جزءا من الماضي بعد. وفي هذا السياق صرح أبو علي البصري، مدير عام الاستخبارات ومكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية العراقية، نهاية شهر تموز/ يوليو الفائت، بأن قواته قتلت 3500 من عناصر "داعش". لكن هذا الرقم الذي قد يبدو كبيرا، فإنه ليس كذلك مقارنة بعدد عناصره النشطين في سوريا والعراق والذي يقدر بنحو 18 ألف عنصر حسب صحيفة نيويورك تايمز، وتمتلك قيادة التنظيم ثروة تقدر بـ 400 مليون دولار، يستخدم جزء منها في تنفيذ هجمات إرهابية.
"الدولة الإسلامية تعلمت من نظام البعث"
نشرت الأمم المتحدة دراسة في يونيو/ حزيران من هذا العام، أشارت فيها إلى أن "الدولة الإسلامية تتغير وتتكيف وتوفر الشروط اللازمة للمقاومة داخل سوريا والعراق". والمكان الأساسي لتجنيد عناصر جديدة، هو السجون التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية في شمال شرقي سوريا. فالظروف الصعبة في تلك المعتقلات مناسبة للحفاظ على إيديولوجية التنظيم حية بين المعتقلين من عناصره وتجنيد آخرين. ويحاول التنظيم استغلال كل فرصة ليقول بأنه حاضر ولم يهزم، كما لا يؤكد الأنباء التي تفيد بمقتل أو اعتقال قادته من الصف الأول. وفي هذا يختلف عن تنظيم القاعدة، حسب ما ينقل موقع "المونيتور" الإخباري الذي يهتم بشؤون الشرق الأوسط، عن أبو علي البصري قوله "لقد تعلم تنظيم الدولة الإسلامية من نظام البعث. والكثير من عناصر التنظيم كانوا جزءمن نظام البعث، ويكذبون ويخدعون كما كان يفعل نظام صدام".
داعش في أوروبا وأفغانستان
ولا يقتصر خطر تنظيم "داعش" وتجنيده لعناصر جديدة على العراق وسوريا، إذ أنه وحسب ما جاء في تقرير الأمم المتحدة "يبقى تطرف السجناء الجنائيين موضوعا شائكا في أوروبا. حيث يقبع في تلك السجون معتقلون يعانون من الفقر والتهميش واليأس وفقدان الثقة بالنفس بالإضافة إلى العنف"، وهؤلاء هم الذين يبحث عنهم التنظيم ويحاول تجنيدهم.
وفي إشارة إلى خطر "داعش" على أوروبا، تشير صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية في تقرير لها إلى أنه يمكن أن يعود نحو 2000 من مقاتلي التنظيم السابقين من العراق وسوريا إلى أوروبا.
وصحيح أنه لم ينفذ هجمات إرهابية في أوروبا منذ فترة، ولكن هذا يمكن أن يتغبر بسرعة، فالوضع الحالي لا يعني السلام وإنما شيئا آخر: حالة هدنة، حسب "لوفيغارو".
وتجدر الإشارة إلى أن خطر تنظيم "الدولة الإسلامية" كبير في أفغانستان أيضا، فحسب تقرير أصدره مركز الدراسات الدولية في واشنطن (سي إس آي إس)، عقب تبني التنظيم مؤخرا الهجوم الانتحاري على عرس في كابول ومقتل العشرات، يتراوح عدد مقاتليه في أفغانستان ما بين 2500 و4 آلاف مقاتل، يتركزون في إقليم نانغرهار. ويشير التقرير إلى أن فرع التنظيم في أفغانستان لديه "طموحات للسيطرة على مساحات كبيرة من الأرض" كما فعل في سوريا والعراق عام 2014.
كيرستن كنيب/ عارف جابو
بعد سنة على تحرير الموصل.. دمار وانتظار إعادة الإعمار
قبعت الموصل طوال ثلاث سنوات تحت نير تنظيم "الدولة الإسلامية". وقبل حوالي سنة من اليوم أعلن رئيس وزراء العراق تحرير ثاني أكبر المدن العراقية. DW تأخذكم في جولة مصورة في أرجاء بقايا مدينة تتطلع للحياة وطي صفحة الماضي.
صورة من: DW/S. Petersmann
المدينة القديمة: أثر بعد عين
المدينة القديمة التاريخية للموصل أضحت أثراً بعد عين، وهي تقع في الجانب الغربي لنهر دجلة الذي يشق ثاني أكبر مدينة في العراق. والمعركة الحاسمة لتحرير الموصل من هيمنة "داعش" حصلت في الشطر الغربي. وتحصن مقاتلو التنظيم الإرهابي في الأزقة الضيقة للمدينة القديمة.
صورة من: DW/S. Petersmann
دمار في كل مكان
من ينظر من الجانب الشرقي للفرات إلى المدينة القديمة في الموصل على الشطر الغربي، تقع عينه على مشهد من الحُفر والبيوت المهدمة والحطام. ففي يونيو/حزيران وحده من عام 2017 انفجرت أكثر من 4000 قنبلة ألقاها التحالف المناهض لـ"داعش". وغالبية الهجمات نفذها سلاح الجو الأمريكي.
صورة من: DW/S. Petersmann
حطام بملايين الأطنان
المدينة القديمة التاريخية لن تعود كما كانت عليه قبل بداية المعركة لطرد تنظيم "الدولة الإسلامية". وتقدر الأمم المتحدة وزن الحطام بثمانية ملايين طن.
صورة من: DW/S. Petersmann
عودة محفوفة بالمخاطر
بالرغم من كل ما سبق ذكره رجعت زهرة مع أطفالها الأربعة إلى الأنقاض المدمرة. لم تتمكن عائلتها من تحمل مبلغ الإيجار العالي في الشطر الشرقي للمدينة الأقل دماراً. ويواجه العائدون عدة مخاطر.
صورة من: DW/S. Petersmann
انتهاء الحرب وبقاء الخطر
ما ترونه على الحطام هو حزام ناسف لأحد الانتحاريين. وإذا انفجر الحزام المحشو بالمتفجرات وقطع معدنية، تنطلق قذائف مميتة في كل الاتجاهات. ويواجه العائدون إلى الموصل، كذلك، خطر القنابل غير المتفجرة.
صورة من: DW/S. Petersmann
آثار المعركة
في الأزقة الضيقة للمدينة القديمة المدمرة تُرى آثار المعركة، التي استمرت تسعة أشهر، إلى يومنا هذا. على الأرض زحف الجيش العراقي والميليشيات المتحالفة تحت غطاء هجمات جوية أمريكية كثيفة تسببت في الجزء الأكبر من الدمار.
صورة من: DW/S. Petersmann
جثث وجثث وجثث
في أحد الأزقة الضيقة نعثر على عشر جثث محشوة في أكياس. وإلى يومنا هذا يتم انتشال جثث من وسط الأنقاض. ودرجات الحرارة المرتفعة في الصيف تقوي رائحة التحلل. وليس واضحاً كم هو عدد الناس الذين قُتلوا أثناء المعركة. والتقديرات المتوفرة تتراوح بين 10.000 و40.000.
صورة من: DW/S. Petersmann
مصالحة صعبة
من حين لآخر نصادف مخطوطات غرافيتي على جدران البيوت تطالب بالانتقام: "داعش.. نريد دمك". عملية المصالحة بين ضحايا التنظيم وعناصره وداعميه صعبة. المستقبل وحده هو الذي سيجيب على هذا السؤال.
صورة من: DW
العمل لهزيمة الماضي
يحاول أحمد محمد عبد الرحمن، عمدة حي حمام منقوش، منع الجناة من العودة والتوسط بين ضحايا التنظيم الإرهابي والمؤيدين له. "يجب علينا إيجاد فرص عمل لكي يفكروا في أشياء أخرى. فعندما تعيش الناس فقط في الماضي، فإنه يتكرر".
صورة من: DW/S. Petersmann
إعلان "الخلافة"
مباشرة بالقرب من حي حمام منقوش يقع مسجد النوري الشهير، أبرز معالم المدينة القديمة. في حزيران/يونيو 2014 أعلن زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي من هنا قيام "الخلافة". وسيطر "داعش" ثلاث سنوات على الموصل.
صورة من: DW/S. Petersmann
إنقاذ إرث ثقافي
يبدو أن الميليشيا الإرهابية "داعش" فجرت خلال انسحابها من الموصل مسجد النوري. وفي الخريف الماضي أعلنت الإمارات العربية المتحدة أنها تعتزم تمويل إعادة بناء المسجد القديم بنحو 50 مليون دولار.
صورة من: DW/S. Petersmann
المئذنة الحدباء
صمدت المئذنة الحدباء لمسجد النوري أكثر من 800 عام في وجه العواصف والحروب. والسكان سموها "حدبة"، لأنها مائلة. ولم يبق منها اليوم إلا جزء من الأساس.
صورة من: DW/S. Petersmann
المدنيون كدروع بشرية
بين الحين والآخر نصادف أنقاضاً تحصن فيها مقاتلو "داعش" في المرحلة الأخيرة من معركة التحرير. في هذا المخبأ على المدخل تم زرع عبوات ناسفة. ورائحة التعفن توحي بأن أشخاصا توفوا هنا. وذكر ناجون أن مقاتلي التنظيم الإرهابي استخدموا مدنيين كدروع بشرية.
صورة من: DW/S. Petersmann
الحرب وحدها لا تحرز النصر
إلى جنب سترة حماية ممزقة نرى مصحف صغير للقرآن على الأرض. "داعش" انهزم عسكرياً، إلا أن مقاتلين ناجين ومجندين جدد يواصلون تنفيذ اعتداءات في العراق. ولا يمكن التغلب على ايدلوجية الإرهابيين بوسائل عسكرية فقط.
صورة من: DW/S. Petersmann
خردة الحرب
الكثير من السيارات تحولت تحت لهيب نار الهجمات الجوية إلى ركام من الحطام يسوده الصدأ. وبعض الإطارات تعود لسيارات متفجرة استعملها داعش "للدفاع" خلال الانسحاب.
صورة من: DW/S. Petersmann
أمنيتها الوحيدة العودة
يبدو أن الموصل قبل هيمنة "داعش" كانت تحتضن نحو مليوني نسمة من السكان. وبسبب الحرب هرب نصفهم، بينهم نحو 700.000 نسمة من المدينة القديمة ذات الكثافة السكانية. هذه المرأة تقف أمام حطام منزلها الذي أكلته نار الحرب.
صورة من: DW/S. Petersmann
ألوان وسط الدمار
المدينة القديمة التاريخية كانت معروفة بأبواب بيوتها الفاخرة المزركشة. القليل منها فقط ظل قائماً. وهذه التحف الفنية تعكس مظاهر ملونة وسط الدمار.
صورة من: DW/S. Petersmann
دب محشو بالمتفجرات
هذه هو شكل البيوت من الداخل. إرادة إعادة البناء كبيرة؛ إذ أن الكثير من عائلات اللاجئين سئمت العيش في معسكرات على هامش المدينة أو في بيوت مؤجرة. الدب الدمية على حافة الشباك قد يكون قنبلة محشوة بالمتفجرات.
صورة من: DW/S. Petersmann
تكلفة إعادة الإعمار؟
تُعد معركة الموصل، حسب رأي خبراء، من أشد المعارك ضراوة في منطقة مأهولة بالسكان، وذلك منذ الحرب العالمية الثانية. وإعادة البناء تكون بالتالي صعبة ومكلفة. وتقدر الحكومة العراقية التكلفة بملياري دولار على الأقل. ولا شيء يوحي بأن الولايات المتحدة الأمريكية تعتزم المشاركة في التكاليف.