تبدأ محاكمة شركة "ميتا" في واشنطن لاتهامها بعمليات احتكار غير قانونية بسبب شراء منصتي "إنستغرام" و"واتساب". وفي حالة خسارة الدعوى، فسوف تضطر ميتا إلى التخلي عن التطبيقين.
تبدأ محاكمة "ميتا"، الشركة الأم لفيسبوك، في واشنطن الاثنين (14 أبريل/نيسان 2025) بشأن مزاعم قيام عملاق التكنولوجيا الأمريكية، بعمليات احتكار غير قانونية خلال شراء منصتي "إنستغرام" و "واتساب".
وتتهم لجنة التجارة الاتحادية الأمريكية، بالنيابة عن الحكومة الأمريكية، شركة "ميتا" بشراء المنصتين بغرض القضاء على المنافسة. وتطالب اللجنة بتراجع ميتا عن عمليتي الاستحواذ.
ومن جانبها، ترفض "ميتا" هذه الاتهامات، فيما بذل مارك زاكربرغ قصارى جهده للحيولة دون المضي قدما في القضية.
وقد كثّف مارك زوكربيرغ، وهو ثالث أثرى أثرياء العالم، المبادرات لكسب ودّ دونالد ترامب منذ فوزه بولاية رئاسية ثانية في تشرين الثاني/نوفمبر. عيّن زوكربيرغ حلفاء للجمهوريين في مناصب بارزة في "ميتا" وبادر إلى تليين قواعد ضبط المحتوى وقدّم مساهمات مالية.
وتردّد في الفترة الأخيرة إلى البيت الأبيض في مسعى إلى إقناع الإدارة بالتوصّل إلى تسوية بالتراضي.
وتسعى الوكالة إلى إثبات أن "ميتا" التي كانت حينذاك "فيسبوك" استغلّت موقعها المهيمن لشراء "إنستغرام" سنة 2012 في مقابل مليار دولار و"واتساب" في 2014 في مقابل 19 مليارا.
وستسعى وكالة حماية المستهلكين (اف تي سي) خلال المحاكمة الممتدّة على ثمانية أسابيع إلى أن تثبت أن احتكار "ميتا" انعكس تدهورا في الخدمات التي اضطر مستخدموها لتحمّل الكثير من الإعلانات والتغييرات الشديدة الوطأة.
وتنوي الوكالة أيضا استعراض سلسلة من الرسائل الإلكترونية لزوكربيرغ لدعم حججها. وكان مؤسس "فيسبوك" قد كتب قبل شراء "إنستغرام" أن "الأثر المحتمل لإنستغرام مهوّل بالفعل، لذا علينا أن ننظر في احتمال دفع أموال كثيرة".
وينوي وكلاء الدفاع عن "ميتا" التركيز على الاستثمارات الطائلة التي حوّلت التطبيقين الناشئين إلى شركات ضخمة، مع الإشارة إلى أن هيئة "اف تي سي" وافقت على صفقتي الشراء وينبغي ألا يسمح لها بالعودة عن قرارها.
وتعدّ محاكمة "ميتا" من الدعاوى الخمس الكبيرة لمكافحة الاحتكار التي أطلقتها الإدارة الأمريكية في ميدان التكنولوجيا.
فيسبوك - من أيادي الطلبة إلى أداة للأنظمة
جعل العالم "قرية صغيرة" لم يعد هدف "فيسبوك" الوحيد. فمع السنين، صار الموقع الأشهر سلاحاً ذا حدين؛ يسمح بحرية التعبير، ولكنه يثير مخاوف خاصة فيما يخص البيانات الشخصية التي بات اختراقها ممكناً وتحويلها إلى أداة قمع وارداً.
صورة من: picture alliance/NurPhoto/J. Arriens
البداية من هارفارد
لم تكن نية مارك زوكربرغ ورفاقه في أول الأمر سوى إطلاق شبكة اجتماعية خاصة بتبادل المعلومات والصور والآراء بين طلاب جامعتهم هارفارد. أطلقوا على تلك الشبكة اسم: فيسبوك. وفي الرابع من فبراير/ شباط 2004 تم تأسيس الشبكة رسمياً، ليتوافد عليها طلبة من جامعات أخرى وتلقى رواجاً ونجاحاً مهمين. هذا النجاح دفع مؤسسي "فيسبوك" إلى فتح باب العضوية للجميع ابتداءً من نهاية عام 2006.
صورة من: Reuters/B. Snyder
إقبال متزايد
كان لـ"فيسبوك" قدرة خارقة على اختصار المسافات والربط بين أطراف العالم بضغطة زر، حيث زاد المقبلون على استخدامه إلى الملايين منذ إنشائه. وقد تجاوز مستخدموه الآن ربع سكان العالم، كان مارك زوكربرغ قد كتب في تدوينة له السنة الماضية (2017) على "فيسبوك" أن عدد المشتركين وصل إلى ملياري شخص، في حين كان عددهم مليون شخص عام تأسيسه (2004).
صورة من: Reuters/D. Ruvic
كوكب مواز
اختراق "فيسبوك" للعالم وحيازته لمساحة مهمة من حياة الناس لم يكن بمحض الصدفة. فقد أتاح لمستخدميه فرصة التواصل مع العالم الخارجي والتعارف كما التعرف على أشخاص وأماكن جديدة، بالإضافة إلى الانفتاح وتبادل المعلومات والإدلاء بالآراء والمواقف الشخصية، سواءً عن طريق نشر تدوينات أو صور أو حتى مقاطع فيديو. هذه الميزات والتقدم الذي عرفه الموقع جعل كثيرين يطلقون عليه "الكوكب الموازي".
صورة من: picture-alliance/dpa/J.W.Alker
"استحواذ" وشراكات
استطاع "فيسبوك" أن يكتسب شهرة عالمية ويعقد بذلك شراكات مع مؤسسات معروفة. كما مكنته الأموال التي حصل عليها عن طريق الإعلانات من "الاستحواذ" على برامج أخرى. وتعتبر شركة "مايكروسوفت" من بين الذين قدموا عرضاً لشراء "فيسبوك" عام 2007 بشراء حوالي خمسة في المائة من أسهم "فيسبوك". أما بالنسبة للمواقع التي ضمها إليه، فقد كان تطبيق "إنستغرام" أولها عام 2012، تلاها "واتساب" عام 2014.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Becker
"نافذة للرقابة والقمع"
اعترفت بعض المحاكم بـ"فيسبوك" منذ 2008. كما عوقب كثيرون بسبب نشرهم لمحتوى "لم يرق" لدولهم أو جهات أخرى. وكانت وزارة الداخلية المصرية عام 2014، مثلاً، قد ألقت القبض على سبعة أشخاص يستخدمون موقع "فيسبوك" "للتحريض" ضد قوات الأمن، حسب ما نقلت رويترز آنذاك. كما حُظر الموقع في بعض الدول كسوريا وإيران. لكن سرعان ما رُفع هذا الحظر. المنع لا يخص الدول، بل يشمل بعض الإدارات التي منعت موظفيها من استعماله.
صورة من: picture-alliance/empics/D. Lipinski
أفيون الثورات؟
شكل "فيسبوك" مساحة للإدلاء بوجهات النظر دون أي قيد قد يواجه المستخدم على أرض الواقع. الثورة في مصر عرفت طريقها نحو الواقع من "فيسبوك"، الذي لعب دوراً مهماً في تحويل قضية الشاب خالد سعيد إلى شرارة لإطلاق ثورة 25 يناير/ كانون الثاني، وهو ما أشار إليه الناشط المصري وائل غانم في كتابه "ثورة 2.0". لكن الحرية بدأت تتراجع حين اعترفت المحاكم بالموقع وصارت الجرائم الإلكترونية ضمن ما تعاقب عليه هناك.
صورة من: picture alliance/AP Photo/M. Deghati
منصة للجيوش الإلكترونية
خلق "فيسبوك" أرضاً خصبة لمجموعة من الأنظمة التي سخرته لخدمة مصالحها السياسية. وكان الجيش السوري الإلكتروني، الذي ظهر إبان الثورة السورية (2011-2012) واحداً من أبرز هؤلاء، حسب ما ذكر بعض المراقبين. فقد شن انطلاقاً من الموقع حرباً إلكترونية، وذلك باختراقات أو إغراق الصفحات بتعليقات مؤيدة لنظام الأسد أو اتهامات بالخيانة للمعارضين. بالإضافة إلى إرسال بلاغات لـ"فيسبوك" بإغلاق حسابات لمعارضين.
صورة من: Vernon Manlapaz
انتقادات متكررة!
"انتهاكات خصوصية المستخدمين، تسريب البيانات وإمكانية استغلالها من طرف الاستخبارات، فضلاً عن نشر مواد تدعو إلى العنف والكراهية والتمييز..." كلها انتقادات وجهت لـ"فيسبوك". لكن كريس هيوز، المتحدث الرسمي باسم الشركة سابقاً، رد على هذه الانتقادات بقوله: "لم نقم من قبل مطلقاً بتزويد أطراف آخرين بالبيانات الخاصة بمستخدمي الموقع، ولا نعتزم القيام بذلك على الإطلاق"، حسب ما تناقلته عدة مواقع إلكترونية.
صورة من: picture alliance/dpa/epa/R. Khan
دعاوى قضائية متعددة
رفعت العديد من الدعاوى القضائية ضد "فيسبوك"، كما رفع هو الآخر ضد مستخدمين. كان أول الدعاوى ضد الشبكة عام 2004، إذ اتهمت شركة "كونكت يو" مارك زوكربرغ بسرقة الأفكار التي وضعوها حول الموقع واستخدام الكود الرئيسي الخاص بهم. كما رفع الموقع هو الآخر دعوة ضد ضد آدم جوربوز، وحصل على تعويض قيمته 873 مليون دولار.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Reinhardt
"إخفاق كارثي"
مسألة الحصول على بيانات المستخدمين جعلت "فيسبوك" محط محاسبة في مرات كثيرة؛ آخرها يوم 20 مارس/ آذار 2018. فقد دعت لجنة من المشرعين البريطانيين من مختلف الأحزاب رئيس "فيسبوك" إلى تقديم تفسير بخصوص "إخفاق شركته الكارثي" في حفظ البيانات الشخصية. كما قررت السلطات البريطانية التحقيق بشأن شركة "كامبريدج أناليتيكا" البريطانية، التي اتهمت بحيازة غير قانونية لمعطيات مستخدمي الشبكة. إعداد: مريم مرغيش