ازدهرت زراعة الأفيون وتجارته في أفغانستان كمصدر دخل في البلاد وسط ارتفاع معدلات الفقر المدقع، ما يشير إلى فشل حركة طالبان في تنفيذ تعهدها أو تراجعها عن هذا التعهد بمكافحة انتاج هذا المخدر بعد سيطرتها على زمام الأمور.
إعلان
ارتبط اسم أفغانستان على مر العقود بزراعة الخشخاش الذي يستخرج منه الأفيون إذ أن هذا البلد الذي مزقته الحروب يعد أكبر منتجي هذا المخدر الخام الذي يستخدم بشكل أساسي في إنتاج العقاقير القوية المسكنة للألم فضلا عن أنه يدخل في صناعة مخدر الهيروين القاتل.
ويبدو أن الأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة ترسم صورة قاتمة عن حجم كارثة زراعة الأفيون في أفغانستان. ووفقا لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وصل حجم إنتاج أفغانستان من الأفيون إلى قرابة 6800 طن خلال موسم الحصاد الأخير الذي انتهى في يوليو / تموز ما يمثل زيادة بنسبة 8 بالمائة عن إنتاج العام المنصرم.
وقد أشار التقرير إلى أن أفغانستان لا تزال تستحوذ على 85 بالمائة من إنتاج الأفيونعلى مستوى العالم، ويزود الأفيون الأفغاني ثمانية من كل عشرة يتعاطون الأفيون في جميع أنحاء العالم. وقال التقرير أنه من المتوقع أن تدر تجارة الأفيون ما بين 1.8 و2.7 مليار دولار خلال العام الجاري داخل أفغانستان ما يمثل قرابة عُشر قيمة الناتج الاقتصادي في البلاد. وأورد التقرير أيضا أن حالة عدم اليقين السياسي في أفغانستان منذ سيطرة طالبان أدت إلى ارتفاع أسعار الأفيون في أغسطس / آب وسبتمبر / أيلول إلى مستويات قياسية، مضيفا "الأسعار المرتفعة توفر حافزا للمزارعين الذين يزرعون خشخاش الأفيون هذا الشتاء إلى زراعة المزيد وزيادة محصول العام المقبل."
العولمة 3000 - مجلة العولمة و الإنسان
26:01
"طالبان تستطيع"
لم تكن الأمم المتحدة الجهة الوحيدة التي أكدت على ازدهار زراعة وتجارة الأفيون في أفغانستان بعد سيطرة طالبان إذ أشارت مصادر داخل البلاد إلى ذلك. في هذا الشأن قال ضابط سابق في الجيش الأفغاني - تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته - "سيستمر إنتاج الأفيون في أفغانستان في الزيادة. لا تزال زراعة الأفيون مصدر دخل آمن للمزارعين والعاطلين عن العمل الذين في طريقهم للعودة إلى قراهم من المدن".
وقبل استيلاء طالبان على السلطة، كان الضابط يعمل في الوحدة الخاصة بالجيش والمنوط بها محاربة الجرائم المرتبطة بالمخدرات. وفي ذلك قال الضابط: "لم يكن لدينا سيطرة كاملة في ذاك الوقت خاصة في المناطق النائية إذ كان مسلحو طالبان يتمتعون بنفوذ أكبر بل ووفروا حماية لمزارعي نبات خشخاش الأفيون.".
وفيما يتعلق بتعهد طالبان بوقف زراعة الأفيون، قال الضابط إن الأمر متروك في يد الحركة، مضيفا "إذا أرادت طالبان ذلك، فيمكنها إعاقة إنتاج الأفيون وقد فعلت ذلك من قبل." وحظرت طالبان إبان الفترة الأولى لحكم أفغانستان ما بين عامي 1996 و2002 إنتاج الأفيون والذي انخفض إلى 185 طنا متريا عام 2002، بيد أنه عقب الإطاحة بها، عاد إنتاج الأفيون إلى الارتفاع مرة أخرى.
وعقب سيطرتها على زمام الأمور في أغسطس / آب تعهدت طالبان بمكافحة زراعة الأفيون وتهريب المخدرات في أفغانستان والعمل القضاء على إنتاج الأفيون. بيد أن هذا الأمر يساوره الكثير من الشكوك إذ أن طالبان تُعرف باستخدامها تجارة المخدرات من أجل تمويل عملياتها فيما ذكرت الحكومة الأمريكية أن قرابة 60 بالمائة من العائدات السنوية للحركة تاتي من الاتجار بالمخدرات وانتاجها.
تجارة الأفيون مستمرة على الأرجح
ويرى توماس روتيغ من "شبكة المحللين الأفغان" أن طالبان لم تكن المحرك الرئيسي وراء ما يُعرف بـ "اقتصاد المخدرات" في أفغانستان في السنوات الأخيرة. وفي ذلك، قال "تنافست الحكومة السابقة مع طالبان لتعزيز نفوذها في المناطق الريفية والكثير من رجالها تورطوا بشكل مباشر في تهريب المخدرات".
وأضاف الباحث أن القوات الغربية التي انتشرت في أفغانستان منذ 2001 تعاونت مع عدد من أمراء الحرب وزعماء ومسؤولين حكوميين ممن تورطوا أيضا في تهريب المخدارات، مشيرا إلى أن هذه القوات لم تبذل مجهودا يذكر لوقف هذه التجارة.
وفيما يتعلق بتعهدات حركة طالبان بمكافحة إنتاج الأفيون، قال روتيغ إن الحركة ليست جادة في هذا التعهد، مضيفا "طالبان لا تريد ذلك، ولا يمكنها القيام بالأمر لأن هذا يعني أنها ستفقد الكثير من أنصارها في المناطق الريفية الرئيسية في أفغانستان".
شابنام فون هاين / م ع
رأسا على عقب.. الحياة في ظل حكم حركة طالبان
بعيدا عن الأجواء الدرامية التي صاحبت سقوط كابول وسيطرة طالبان على زمام الأمور، عادت الحياة إلى أفغانستان. بيد أنها لم تعد كسابق عهدها إذ تغيرت شتى مظاهر الحياة اليومية خاصة بالنسبة للمرأة في البلد الذي مزقته الحرب.
صورة من: WANA NEWS AGENCY/REUTERS
عالم ذكوري محض.. لا للنساء
تظهر الصور والمقاطع المصورة نشاطا صاخبا في الشوارع الأفغانية كما هو الحال في هذا المطعم بمدينة هرات غرب البلاد حيث تم الترحيب بعودة رواد المطعم من جديد. بيد أن اللافت أن الأمر اختلف كثيرا عن ما كان عليه قبل سيطرة طالبان إذ اقتصر الزبائن فقط على الرجال الذين اضطروا إلى ارتداء الأزياء التقليدية مثل "الكورتا" وهي سترة طويلة بطول الركبة. وغابت النساء عن المشهد داخل المطعم بل وفي أرجاء المدن الأفغانية.
صورة من: WANA NEWS AGENCY/REUTERS
فصل الذكور عن الإناث
بهذه الستارة، تم فصل الطلاب الذكور عن الطالبات الإناث داخل هذه الجامعة الخاصة في العاصمة كابول. وعقب سيطرة طالبان على البلاد، أصبح الفصل بين الجنسين إلزاميا في هذه الجامعة ويتوقع أن يمتد الأمر إلى مواقع أخرى. وفي ذلك، قال وزير التعليم العالي في حكومة طالبان عبد الباقي حقاني إن "التعليم المختلط يتعارض مع مبادئ الإسلام والقيم والعادات والتقاليد الأفغانية".
صورة من: AAMIR QURESHI AFP via Getty Images
الأفغانيات وفقدان الحرية
أفغانيات في طريقهن إلى أحد مساجد هرات. وبالنظر إلى الملابس، يبدو أن حرية المرأة الأفغانية التي كسبتها بشق الأنفس خلال العشرين عاما الماضية باتت الآن في مهب الريح. فقد حظرت طالبان ممارسة الأفغانيات للرياضة وهو ما أشار إليه أحمد الله واسيك - نائب رئيس اللجنة الثقافية لحكومة طالبان- بقوله إن "لن يسمح للنساء في أفغانستان بلعب الكريكيت والألعاب الرياضية الأخرى التي يمكن أن تظهر فيها أجسادهن".
صورة من: WANA NEWS AGENCY/REUTERS
نقاط تفتيش في عموم البلاد
انتشرت نقاط التفتيش الأمنية في عموم البلاد حيث يتمركز مقاتلو طالبان وباتت القاسم المشترك في شوارع أفغانستان. ورغم محاولات عناصر طالبان المدججين بالسلاح في ترهيب الأفغان، إلا أن السكان يسعون إلى التأقلم مع التغيرات الكبيرة التي طرأت على البلاد وأبرزها أن الملابس الغربية باتت نادرة جدا وأصبحت مشاهد الجنود المدججين بالسلاح الأكثر شيوعا.
صورة من: Haroon Sabawoon/AA/picture alliance
في انتظار العمل
ينتظر العمال في أفغانستان كثيرا على قارعة الطرق للحصول على عمل وكسب قوت يومهم. وقبل سيطرة طالبان، كانت أفغانستان تعاني من وضع اقتصادي مترد. وبعد سيطرة الحركة بات الاقتصاد الأفغاني على شفا الانهيار مع ارتفاع معدلات البطالة بشكل حاد. ويبلغ معدل الفقر في الوقت الحالي 72 بالمائة فيما يتوقع أن يصل إلى 98 بالمائة.
صورة من: Bernat Armangue/dpa/picture alliance
استمرار نضال الأفغانيات رغم قمع طالبان
ورغم تعرض أفغانيات للقمع على يد طالبان، إلا أن العديد منهن يواصلن النضال للمطالبة بحقوق المرأة في التعليم والعمل والمساواة. وقد حذر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من رد عنيف متزايد من قبل طالبان لقمع الاحتجاجات السلمية، مضيفا أن عناصر طالبان استخدموا الذخيرة الحية والهراوات والسياط لقمع المتظاهرين ما أسفر عن مقتل 4 متظاهرين فيما تم الاعتداء على الكثيرين منهم.
صورة من: REUTERS
مؤيدو طالبان
تقول هؤلاء الأفغانيات إنهن سعداء بعودة حكم طالبان إذ قمن بمسيرات في شوارع البلاد للتعبير عن الرضا التام بطريقة إدارة الحركة لأفغانستان. واللافت أن عناصر أمنية رسمية كانت ترافق هؤلاء الأفغانيات اللاتي اعتبرن أن من هرب من البلاد لا يمثلن المرأة الأفغانية وأكدن أن طريقة طالبان في تطبيق الشريعة الإسلامية لا تعرض حياتهن للخطر.
صورة من: AAMIR QURESHI/AFP/Getty Images
تحيز لمسيرات مؤيدة لطالبان
وقد تم دعوة الصحافيين لتغطية المظاهرات المؤيدة لطالبان في تناقض تام مع الاحتجاجات المناوئة للحركة إذ تم ترهيب الصحافيين الذين يقومون بتغطية هذه الاحتجاجات وتم الاعتداء على العديد منهم. كل هذه الصور تدل على أن مظاهر الحياة قد تغيرت تماما في أفغانستان خاصة للنساء. كلوديا دن سونيا أنجليكا دين/ م.ع