رفح ـ بايدن يطالب بوقف إطلاق النار ومصر تنفي "مزاعم التهجير"
١٦ فبراير ٢٠٢٤
فيما طالب الرئيس الأمريكي جو بايدن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بوقف مؤقت لإطلاق النار في غزة، نفت مصر ما تداولته بعض وسائل الإعلام بشأن القيام بالإعداد لتشييد وحدات لإيواء الفلسطينيين في حالة "تهجيرهم قسريا".
إعلان
قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، الجمعة (16 فبراير/ شباط 2024)، إنه أجرى محادثات مكثفة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الأيام الأخيرة حثه خلالها على وقف مؤقت لإطلاق النار في غزة.وتحث إدارة بايدن إسرائيل على تنفيذ هدنة إنسانية تسمح بالإفراج عن باقي الرهائن المحتجزين لدى حماس بعد أشهر من الهجوم الإرهابي الذي نفذته الحركة الفلسطينية على إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وأضاف بايدن للصحفيين في البيت الأبيض: "أجريت محادثات مكثفة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال الأيام القليلة الماضية، استغرقت كل منها ساعة تقريبا، وأوضحت (المحادثات) الأمر الذي أتبناه بقوة. لابد من وقف مؤقت لإطلاق النار من أجل إخراج الرهائن". وقال البيت الأبيض إن بايدن أبلغ نتنياهو مجددا أمس الخميس بأنه لا ينبغي المضي قدما في العمل العسكري في رفح دون خطة مقنعة وقابلة للتنفيذ لحماية المدنيين الفلسطينيين.
مصر تنفي "مزاعم التهجير"
هذا ونفت مصر "بشكل قاطع" ما تداولته بعض وسائل الإعلام الدولية، بشأن القيام بالإعداد لتشييد وحدات لإيواء الفلسطينيين، في المنطقة المحاذية للحدود مع قطاع غزة، في حالة تهجيرهم قسريا، حسبما أعلن رئيس الهيئة العامة للاستعلامات بمصر ضياء رشوان مساء اليوم الجمعة (16 فبراير/ شباط 2024).
وأكد رشوان على أن "موقف مصر الحاسم منذ بدء العدوان هو الذي أعلنه رئيس الجمهورية وكل جهات الدولة المصرية عشرات المرات، ويقضي بالرفض التام والذي لا رجعة فيه لأي تهجير قسري أو طوعي للأشقاء الفلسطينيين من قطاع غزة إلى خارجه، وخصوصا للأراضي المصرية". وتابع: "لما في هذا من تصفية مؤكدة للقضية الفلسطينية، وتهديد مباشر للسيادة والأمن القومي المصريين، وهو ما أوضحت كل التصريحات والبيانات المصرية أنه خط أحمر وأن لدى القاهرة من الوسائل ما يمكنها من التعامل معه بصورة فورية وفعالة".
وأضاف رشوان أن "مصر بموقفها المعلن والصريح هذا، لا يمكن أن تتخذ على أراضيها أية إجراءات او تحركات تتعارض معه، وتعطي انطباعاً - يروج له البعض تزويرا - بأنها تشارك في جريمة التهجير التي تدعو إليها بعض الأطراف الإسرائيلية".
إسرائيل تؤكد أنها ستنسق مع مصر
من ناحيته، أكد وزير الخارجية الإسرائيلي الجمعة في ميونيخ أن إسرائيل ستنسق مع مصر قبل العملية العسكرية في رفح في أقصى جنوب قطاع غزة. وقال يسرائيل كاتس خلال مؤتمر ميونيخ للأمن المنعقد في جنوب ألمانيا إن "مصر حليفتنا. لدينا اتفاق سلام مع مصر وسنعمل بطريقة لا تضر بالمصالح المصرية". وأضاف أن العملية العسكرية ستتم "بعد التنسيق مع مصر"، مؤكدا أيضا أن إسرائيل "ستبلغ" الرئيس الأمريكي جو بايدن بالهجوم العسكري.
وكانت صحيفة وول ستريت جورنال ومنظمة غير حكومية مصرية أفادتا بأن القاهرة تجهز مخيما مسورا في شبه جزيرة سيناء، تحسبا لاحتمال استقبال لاجئين فلسطينيين من قطاع غزة الذين قد يفرون من الحرب في حال وقوع هجوم إسرائيلي على رفح، الواقعة على الحدود مع إسرائيل.
ويأتي هذا المخيم بحسب الصحيفة ضمن "خطط طوارئ" لاستقبال هؤلاء اللاجئين بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن هجوم عسكري وشيك على رفح، ويمكن أن يأوي "أكثر من 100 ألف شخص" بحسب الصحيفة الأمريكية.
وقد أعربت الأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية والعديد من الدول عن قلقهم إزاء العواقب الكارثية على السكان لمثل هذا الهجوم وأدانوا إنشاء جيل جديد من اللاجئين بدون أي أمل في العودة. لكن وزير الخارجية الاسرائيلي جدد التأكيد على تصميم بلاده على تنفيذ هذه العملية لتعقب حركة حماس، وهي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إسرائيل اليوم الجمعة، من عواقب الشروع في شن هجوم بري كبير في رفح، المدينة الواقعة جنوب قطاع غزة والتي تعج بأكثر من 1.3 مليون فلسطيني شردتهم الحرب. وقال غوتيريش إن رفح تقع "في قلب" العمليات الإنسانية للأمم المتحدة في غزة وأن عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق هناك سيكون لها عواقب وخيمة بعيدة المدى.
وأوضح غوتيريش: "دعوت مرارا وتكرارا إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن، ووقف إطلاق النار لأسباب إنسانية. هذه هي الطريقة الوحيدة لتوسيع نطاق تقديم المساعدات في غزة بشكل كبير". ووصف غوتيريش العمليات الإنسانية في غزة بأنها "في غرفة الإنعاش" وأنها "تعمل بالكاد".
ع.ش/ ف.ي (أ ف ب، د ب أ، رويترز)
معبر رفح.. "شريان الحياة" لسكان غزة ونافذتهم الضيقة نحو العالم
يمثل معبر رفح بين مصر وقطاع غزة المنفذ الوحيد لنحو مليوني فلسطيني على العالم الخارجي. نشأ المعبر في ظروف خاصة وتعرض للإغلاق كثيراً بسبب حروب وخلافات سياسية.. فما هي قصته؟
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
معبر رفح .. شريان حياة
لا يختفي اسم "معبر رفح" من وسائل الإعلام منذ بدء الاشتباكات بين حماس والجيش الإسرائيلي، إذ يُعد المنفذ الرئيسي الذي تدخل منه المساعدات المختلفة من غذاء ودواء ووقود وغيرها إلى قطاع غزة. كان المعبر حجر أساس في اتفاق الهدنة الأخير بين الطرفين حيث تم الاتفاق على عبور المئات من شاحنات المساعدات المختلفة يومياً إلى جانب خروج حملة الجنسيات الأجنبية والمرضى والمصابين الفلسطينيين من خلاله.
صورة من: Fatima Shbair/AP/picture alliance
نقطة الاتصال بالعالم الخارجي
في أقصى جنوب قطاع غزة، وعند صحراء سيناء في الجانب المصري، يُشكل معبر "رفح" البري المنفذ الرئيسي للقطاع إلى العالم. يوجد في غزة ستة معابر أخرى منها ايريز (حاجز بيت حانون) في الشمال وكرم أبو سالم جنوب شرق القطاع لكنها تقع جميعاً تحت السيطرة الإسرائيلية بالكامل. يبقى معبر رفح هو نقطة الاتصال الوحيدة بين قطاع غزة والعالم الخارجي.
صورة من: Mustafa Hassona/Anadolu/picture alliance
كيف نشأ المعبر؟
نشأ المعبر عقب توقيع مصر وإسرائيل اتفاقية السلام عام 1979 وانسحاب إسرائيل من سيناء عام 1982. قبل عام 1967 لم تكن هناك حدود بين رفح المصرية والفلسطينية لكنهما فصلتا بعد تنفيذ الشق الخاص من ااتفاقية ترسيم الحدود. خُصص المعبر لعبور الأفراد فيما خصص معبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه إسرائيل لعبور البضائع.
صورة من: BOB DAUGHERTY/AP/picture alliance
إدراة مشتركة وفق اتفاقية أوسلو
سمحت اتفاقية أوسلو لممثلي السلطة الفلسطينية بالتواجد في المعبر. لكن منذ الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005 وإلى اليوم تغيرت ظروف المعبر عدة مرات وفقاً للتطورات الأمنية والعسكرية في القطاع. تم إغلاق المعبر مع انتفاضة عام 2000 وبعدها ظل ما بين الإغلاق والفتح، فيما شددت مصر إجراءات العبور من وقتها وحتى اليوم.
صورة من: Terje Bendiksby/NTB/picture alliance
من يتحكم في المعبر؟
سيطرت إسرائيل على المعبر خلال احتلالها للقطاع وحتى عام 2005 الذي انسحبت فيه من غزة. تم توقيع "اتفاقية الحركة والوصول" عام 2005 والتي جمعت بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وبرعاية أمريكية، وهي الاتفاقية التي أقرت بأن يخضع المعبر للسيطرة الفلسطينية - الإسرائيلية برعاية أوروبية تراقب حق الجانب الفلسطيني في العبور والتبادل التجاري بما لا يمس الأمن الإسرائيلي.
صورة من: picture alliance / ASSOCIATED PRESS
ضرورات أمنية
عملت مصر وإسرائيل على تقييد الحركة من غزة وإليها منذ أن فرضت حركة حماس سيطرتها على القطاع في 2007 حين وصل الصراع بين حماس وحركة فتح إلى ذروته. تقول الدولتان إن ذلك ضروريا لأسباب أمنية. ورهنت مصر التعامل مع المعبر بموافقة كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية بالضفة الغربية. وخلال الحرب الأخيرة فرضت إسرائيل حصاراً شاملاً على قطاع غزة في 9 أكتوبر/تشرين الأول.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
بين إغلاق وفتح المعبر
في عام 2010 قررت مصر فتح المعبر بشكل أكبر عقب ما عرف بواقعة "أسطول الحرية". ومع أحداث ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، أمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر باقتصار فتح المعبر على الحالات الطارئة. لم يفتح المعبر بشكل كامل إلا مع ثورة 25 يناير لكن منذ عام 2013 عاد الوضع إلى ما كان عليه سابقاً. في عام 2017، فُتح المعبر أمام حركة الأفراد الحاصلين على تصريح أمني مع الخضوع لعمليات تفتيش صارمة.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
مخاوف مصرية
تكمن أكبر مخاوف مصر في أمرين؛ الأول هو حدوث تدفق هائل للاجئين الفلسطينيين الفارين من الحرب عبر معبر رفح. والثاني وهو الأخطر ويتمثل في احتمال دخول مسلحين إسلاميين إلى البلاد، خصوصاً وأن مصر تواجه جماعات إسلامية متشددة في سيناء وذلك على مدار أكثر من 10 سنوات. لذلك تولي مصر أهمية مشددة لتأمين معبر رفح.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
تطبيق إجراءات مشددة
لا تسمح السلطات المصرية للفلسطينيين بمغادرة غزة بسهولة، إذ يجب على الفلسطينيين الراغبين باستخدام معبر رفح التسجيل لدى السلطات الفلسطينية المحلية قبل سفرهم بنحو شهر وقد يتم رفض طلبهم إما من قبل السلطات الفلسطينية أو المصرية دون إبداء الأسباب. وفيما يشكو فلسطينيون من سوء معاملة على المعبر، تُبقي إسرائيل سيطرتها كاملة على ما يمر عبر القطاع خوفاً من وصول أي مساعدات خاصة لحركة حماس.
صورة من: Mohammed Talatene/dpa/picture alliance
الأولوية للحالات الإنسانية
أعطيت الأولوية في الاتفاق الأخير بين حماس وإسرائيل لعبور المساعدات الإنسانية والحالات المرضية وخصوصاً الأطفال الخُدج (غير مكتملي النمو) حيث أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قراراً باستقبالهم في المستشفيات المصرية.
صورة من: Egypt's State Information Center/Xinhua/picture alliance
مخاوف من كارثة إنسانية
في مؤتمر صحفي كبير عقد في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حذر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش من أمام بوابات المعبر في الجانب المصري من استمرار إغلاقه، منذراً بحدوث كارثة إنسانية إن لم تدخل المساعدات الإنسانية إلى غزة، وشدد على ضرورة ضمان عبور قوافل المساعدات بعدد كبير من الشاحنات كل يوم إلى قطاع غزة لتوفير الدعم الكافي لسكانه.
صورة من: picture alliance/dpa
القصف يعرقل انتظام عمل المعبر
خلال الحرب الأخيرة، أكدت مصر عدة مرات أن المعبر مفتوح من جانبها وأنه لم يتم إغلاقه منذ بدء الأزمة الراهنة، لكن تعرض مرافقه في الجانب الفلسطيني للدمار بسبب الغارات الإسرائيلية يحول دون انتظام عمله بشكل طبيعي، وفق ما ذكرت الخارجية المصرية. إعداد: عماد حسن.
صورة من: Russia Emergencies Ministry/dpa/picture alliance