رفح ـ نتنياهو يحقق في "الحادث" وبايدن يدعو لحماية المدنيين
٢٨ مايو ٢٠٢٤
أكد بنيامين نتنياهو أن إسرائيل تحقق في "الحادث" قتل فيه عشرات المدنيين بغارات جوية بالقرب من مدينة رفح جنوب غزة، فيما طالب الرئيس الأمريكي جو بايدن إسرائيل بضرورة حماية المدنيين قبيل اجتماع لمجلس الأمن الدولي بشأن رفح.
إعلان
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطاب أمام البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) مساء الاثنين (27 مايو/ أيار 2024): "في رفح، قمنا بإجلاء حوالي مليون مدني (..) بشكل مأساوي، على الرغم من جهودنا الهائلة لتجنب إيذاء غير المقاتلين، وقع حادث أمس. نحن نحقق في الأمر بدقة وسنتعلم منه، وكذلك سياستنا وسلوكنا طويل الأمد".
وأوضح رئيس الحكومة الإسرائيلية: "بالنسبة لنا، إلحاق الأذى بغير المقاتل هو مأساة، وبالنسبة لحماس، إنها استراتيجية. هذا هو الفرق الأساسي".
وقالت السلطات الصحية التابعة لحماس في غزة إن 45 شخصا قتلوا وأصيب العشرات في الغارة الجوية التي أصابت خياما تأوي النازحين. وأوضحت أن معظم ضحايا الغارة الجوية كانوا من النساء والأطفال، واصفة الحادث بأنه "مذبحة".
في سياق متصل، طالبت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إسرائيل باتخاذ كل الاحتياطات اللازمة لحماية المدنيين وذلك بعدما واجه بايدن دعوات من بعض رفاقه في الحزب الديمقراطي لوقف الشحنات العسكرية إلى إسرائيل. وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي: "لإسرائيل الحق في ملاحقة حماس، وبلغنا أن هذه الغارة قتلت اثنين من كبار إرهابيي حماس المسؤولين عن هجمات ضد المدنيين الإسرائيليين... ولكن كما أوضحنا، يجب على إسرائيل أن تتخذ كل التدابير الممكنة لحماية المدنيين".
بعد استهداف مخيم للنازحين في رفح.. "ملف غزة" إلى أين؟
36:25
وواجه بايدن ضغوطا متزايدة من داخل حزبه لتقليص الدعم لإسرائيل، حتى قبل الغارة الجوية التي نفذت في وقت متأخر مساء أمس الأحد وأدت إلى اشتعال النيران في خيام وأكواخ معدنية متهالكة في مخيم للنازحين في رفح مما أسفر عن مقتل 45 شخصا.
ووصفت ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز، وهي عضو بارز عن الحزب الديمقراطي في مجلس النواب، الغارة بأنها "عمل فظيع لا يمكن الدفاع عنه"، وأضافت في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي اليوم الاثنين "لقد تأخر جدا الرئيس في الوفاء بكلمته وتعليق المساعدات العسكرية". وقالت النائبة أيانا بريسلي في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي "صور مروعة ومؤلمة خرجت من رفح الليلة الماضية". وتساءلت "إلى متى ستظل الولايات المتحدة واقفة متفرجة بينما يذبح الجيش الإسرائيلي الأطفال الفلسطينيين ويشوههم؟" ووصفت النائبة رشيدة طليب، وهي الأمريكية الوحيدة من أصل فلسطيني في الكونغرس، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بأنه "مهووس بالإبادة الجماعية".
ووفقا لاستطلاع حديث أجرته رويترز/ إبسوس، قال ما يقرب من نصف الناخبين من أعضاء الحزب الديمقراطي إنهم لا يوافقون على طريقة تعامل بايدن مع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس. ويذكر أن حماس التي شنت هجوما مباغتا على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
وزادت الضغوط على إدارة بايدن بالاحتجاجات المتسمرة منذ أسابيع في الجامعات على الحرب، كما أدت مطالبات عامة بوقف دائم لإطلاق النار إلى وضع حملة بايدن الانتخابية في موقف دفاعي.
على المستوى الدبلوماسي، يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئا اليوم الثلاثاء، في أعقاب الغارة على رفح. وقال دبلوماسيون إن الاجتماع الطارئ طلبته الجزائر ودعمته سلوفينيا. كما جددت كندا دعوتها إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، وكتبت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي على منصة التواصل الاجتماعي (إكس) "نحن مرعوبون من الغارات التي قتلت مدنيين فلسطينيين في رفح". وقالت جولي: "كندا لا تدعم عملية عسكرية إسرائيلية في رفح. يجب أن ينتهي هذا المستوى من المعاناة الإنسانية. نطالب بوقف فوري لإطلاق النار".
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد أدان الضربة الإسرائيلية على مدينة رفح جنوب غزة، وقال الإثنين إن الهجوم "قتل عشرات المدنيين الأبرياء الذين كانوا يبحثون فقط عن مأوى يحميهم من هذا النزاع المميت". وأضاف غوتيريش في منشور على منصة إكس "لا يوجد مكان آمن في غزة. يجب وضع حد لهذه الفظائع".
من جانب آخر قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون اليوم الثلاثاء إن التحقيق الذي يجريه الجيش الإسرائيلي بشأن الضربات الجوية على رفح يجب أن يكون "سريعا ووافيا وشفافا"، داعيا مجددا إلى وقف القتال.
وكتب كاميرون على إكس "مشاهد مؤلمة للغاية بعد الضربات الجوية في رفح هذا الأسبوع. يجب أن يكون التحقيق الذي يجريه الجيش الإسرائيلي سريعا ووافيا وشفافا". وأضاف "نحن بحاجة ماسة إلى اتفاق لإخراج الرهائن وإدخال المساعدات مع هدنة في القتال للسماح بالعمل على وقف إطلاق نار يدوم لفترة طويلة".
ح.ز/ ع.غ/ ع.ج (د.ب.أ / رويترز)
معبر رفح.. "شريان الحياة" لسكان غزة ونافذتهم الضيقة نحو العالم
يمثل معبر رفح بين مصر وقطاع غزة المنفذ الوحيد لنحو مليوني فلسطيني على العالم الخارجي. نشأ المعبر في ظروف خاصة وتعرض للإغلاق كثيراً بسبب حروب وخلافات سياسية.. فما هي قصته؟
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
معبر رفح .. شريان حياة
لا يختفي اسم "معبر رفح" من وسائل الإعلام منذ بدء الاشتباكات بين حماس والجيش الإسرائيلي، إذ يُعد المنفذ الرئيسي الذي تدخل منه المساعدات المختلفة من غذاء ودواء ووقود وغيرها إلى قطاع غزة. كان المعبر حجر أساس في اتفاق الهدنة الأخير بين الطرفين حيث تم الاتفاق على عبور المئات من شاحنات المساعدات المختلفة يومياً إلى جانب خروج حملة الجنسيات الأجنبية والمرضى والمصابين الفلسطينيين من خلاله.
صورة من: Fatima Shbair/AP/picture alliance
نقطة الاتصال بالعالم الخارجي
في أقصى جنوب قطاع غزة، وعند صحراء سيناء في الجانب المصري، يُشكل معبر "رفح" البري المنفذ الرئيسي للقطاع إلى العالم. يوجد في غزة ستة معابر أخرى منها ايريز (حاجز بيت حانون) في الشمال وكرم أبو سالم جنوب شرق القطاع لكنها تقع جميعاً تحت السيطرة الإسرائيلية بالكامل. يبقى معبر رفح هو نقطة الاتصال الوحيدة بين قطاع غزة والعالم الخارجي.
صورة من: Mustafa Hassona/Anadolu/picture alliance
كيف نشأ المعبر؟
نشأ المعبر عقب توقيع مصر وإسرائيل اتفاقية السلام عام 1979 وانسحاب إسرائيل من سيناء عام 1982. قبل عام 1967 لم تكن هناك حدود بين رفح المصرية والفلسطينية لكنهما فصلتا بعد تنفيذ الشق الخاص من ااتفاقية ترسيم الحدود. خُصص المعبر لعبور الأفراد فيما خصص معبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه إسرائيل لعبور البضائع.
صورة من: BOB DAUGHERTY/AP/picture alliance
إدراة مشتركة وفق اتفاقية أوسلو
سمحت اتفاقية أوسلو لممثلي السلطة الفلسطينية بالتواجد في المعبر. لكن منذ الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005 وإلى اليوم تغيرت ظروف المعبر عدة مرات وفقاً للتطورات الأمنية والعسكرية في القطاع. تم إغلاق المعبر مع انتفاضة عام 2000 وبعدها ظل ما بين الإغلاق والفتح، فيما شددت مصر إجراءات العبور من وقتها وحتى اليوم.
صورة من: Terje Bendiksby/NTB/picture alliance
من يتحكم في المعبر؟
سيطرت إسرائيل على المعبر خلال احتلالها للقطاع وحتى عام 2005 الذي انسحبت فيه من غزة. تم توقيع "اتفاقية الحركة والوصول" عام 2005 والتي جمعت بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وبرعاية أمريكية، وهي الاتفاقية التي أقرت بأن يخضع المعبر للسيطرة الفلسطينية - الإسرائيلية برعاية أوروبية تراقب حق الجانب الفلسطيني في العبور والتبادل التجاري بما لا يمس الأمن الإسرائيلي.
صورة من: picture alliance / ASSOCIATED PRESS
ضرورات أمنية
عملت مصر وإسرائيل على تقييد الحركة من غزة وإليها منذ أن فرضت حركة حماس سيطرتها على القطاع في 2007 حين وصل الصراع بين حماس وحركة فتح إلى ذروته. تقول الدولتان إن ذلك ضروريا لأسباب أمنية. ورهنت مصر التعامل مع المعبر بموافقة كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية بالضفة الغربية. وخلال الحرب الأخيرة فرضت إسرائيل حصاراً شاملاً على قطاع غزة في 9 أكتوبر/تشرين الأول.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
بين إغلاق وفتح المعبر
في عام 2010 قررت مصر فتح المعبر بشكل أكبر عقب ما عرف بواقعة "أسطول الحرية". ومع أحداث ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، أمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر باقتصار فتح المعبر على الحالات الطارئة. لم يفتح المعبر بشكل كامل إلا مع ثورة 25 يناير لكن منذ عام 2013 عاد الوضع إلى ما كان عليه سابقاً. في عام 2017، فُتح المعبر أمام حركة الأفراد الحاصلين على تصريح أمني مع الخضوع لعمليات تفتيش صارمة.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
مخاوف مصرية
تكمن أكبر مخاوف مصر في أمرين؛ الأول هو حدوث تدفق هائل للاجئين الفلسطينيين الفارين من الحرب عبر معبر رفح. والثاني وهو الأخطر ويتمثل في احتمال دخول مسلحين إسلاميين إلى البلاد، خصوصاً وأن مصر تواجه جماعات إسلامية متشددة في سيناء وذلك على مدار أكثر من 10 سنوات. لذلك تولي مصر أهمية مشددة لتأمين معبر رفح.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
تطبيق إجراءات مشددة
لا تسمح السلطات المصرية للفلسطينيين بمغادرة غزة بسهولة، إذ يجب على الفلسطينيين الراغبين باستخدام معبر رفح التسجيل لدى السلطات الفلسطينية المحلية قبل سفرهم بنحو شهر وقد يتم رفض طلبهم إما من قبل السلطات الفلسطينية أو المصرية دون إبداء الأسباب. وفيما يشكو فلسطينيون من سوء معاملة على المعبر، تُبقي إسرائيل سيطرتها كاملة على ما يمر عبر القطاع خوفاً من وصول أي مساعدات خاصة لحركة حماس.
صورة من: Mohammed Talatene/dpa/picture alliance
الأولوية للحالات الإنسانية
أعطيت الأولوية في الاتفاق الأخير بين حماس وإسرائيل لعبور المساعدات الإنسانية والحالات المرضية وخصوصاً الأطفال الخُدج (غير مكتملي النمو) حيث أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قراراً باستقبالهم في المستشفيات المصرية.
صورة من: Egypt's State Information Center/Xinhua/picture alliance
مخاوف من كارثة إنسانية
في مؤتمر صحفي كبير عقد في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حذر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش من أمام بوابات المعبر في الجانب المصري من استمرار إغلاقه، منذراً بحدوث كارثة إنسانية إن لم تدخل المساعدات الإنسانية إلى غزة، وشدد على ضرورة ضمان عبور قوافل المساعدات بعدد كبير من الشاحنات كل يوم إلى قطاع غزة لتوفير الدعم الكافي لسكانه.
صورة من: picture alliance/dpa
القصف يعرقل انتظام عمل المعبر
خلال الحرب الأخيرة، أكدت مصر عدة مرات أن المعبر مفتوح من جانبها وأنه لم يتم إغلاقه منذ بدء الأزمة الراهنة، لكن تعرض مرافقه في الجانب الفلسطيني للدمار بسبب الغارات الإسرائيلية يحول دون انتظام عمله بشكل طبيعي، وفق ما ذكرت الخارجية المصرية. إعداد: عماد حسن.
صورة من: Russia Emergencies Ministry/dpa/picture alliance