وسط العاصمة دمشق وفي مقهى إنترنت يعج بالحركة يجلس سمير عكام، الطالب في قسم الفيزياء بجامعة دمشق، مبتسما ومسترخياً أمام شاشة الكمبيوتر، التي لا تفارق ناظريه وكأنها ستحلق بعيداً إذا توقف عن النظر إليها. "إنها المرة الأولى، التي أدخل فيها موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" دون إبراز هويتي لتسجيل المعلومات الخاصة بي من قبل إدارة المقهى بما في ذلك هوية الكومبيوتر وساعة استخدامه"، يقول سمير، ويضيف: "كانت إجراءات الدخول في مقاهي الإنترنت مملة ومثيرة للقلق على ضوء طلب معلومات شخصية ورقم الهوية، الأمر الذي كان يزيد من مخاوفي ورغبتي بعدم الدخول إلى مواقع كانت محظورة كموقع التواصل الاجتماعي هذا".

أما الآن فقد تغير الوضع إذ يستطيع سمير والآخرون دخول مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك ويوتيوب دون خوف بعد قرار السلطات السورية برفع الحجب عنها مؤخرا. ولا يخفي الشباب، الذي تعود دخول هذه المواقع عن فرحتهم برفع الحجب هذا، رغم أنهم كانوا يكسرون الحظر عبر برنامج خاصة بفك تشفيره وفي مقدمتها برنامج بروكسي.

رفع حجب فيسبوك قد يشكلا مدخلا لحريات أخرى

ويرى جاك نصور، مهندس المعلوماتية، أن "قرار رفع الحظر مثل قلته بالنسبة لي، إذ لم ألاحظ الفرق بين الحظر أو رفعه، لأنه لا معنى للمنع بسبب ثورة التكنولوجيا والإبداع، حيث كنت أدخل مرة ببروكسي سعودي ومرة بآخر ألماني أو روسي". ويضيف نصور:"في الحقيقة لم أكن وأمثالي محرومون من نعمة الفيسبوك، غير أننا كنا نخشى من الإقرار بالتواصل عبرها ". غير أنه يعتبر من جانب آخر أن "لقرار رفع الحظر إيجابيات كونه قد يكون مدخلا إلى المزيد من الحريات التي تعتبر رديفة لحرية التواصل مع الفيسبوك وغيره".

وفي السياق ذاته يرى ملهم جزماتي، مزين نسائي، أن من شأن قرار رفع الحجب أن يعزز ثقة الشباب بأنفسهم ويساهم في تطوير مهاراتهم الإبداعية من خلال التواصل مع أبناء جيلهم من البلدان الأخرى بواسطة الإطلاع على تجاربهم وخبراتهم. "نحن يطلق علينا دول العالم الثالث وما نزال نحتاج للكثير من التطور في مختلف الأصعدة"، يقول ملهم، مضيفا بأنه "من الأفضل البحث عن الأدوات التي تحسن مستوانا والابتعاد عن حظرها كما حدث مع الفيسبوك سابقاً".

"ضحك على اللحى"

وعلى النقيض من ذلك يعتبر باسل ص.، طالب في قسم الكيمياء بجامعة حلب، أن هذا القرار لم يغير شيئا "طالما كان الدخول إلى موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك متوفر حتى في ظل قرارات منعه"، وعليه، والكلام لباسل، فإن قرار الحظر كان بلا معنى، لأن الفيسبوك فرض نفسه رغم الإجراءات التي اتخذت ضده.

كما أن هناك من ينظر إلى خطوة رفع الحظر عن فيسبوك ويوتيوب على أنها "ضحك على اللحى"، كما يقولون بالعامية السورية حسب تعبير منى أ.، الطالبة في قسم الميكانيك بجامعة دمشق. وترى منى بأنه "لا يوجد حتى الآن حرية لوسائل الإعلام التي تنقل المعرفة، لذا لا بد من رفع الحظر عنها كي تنقلها إلى الناس من خلال الوسائل السمعية والبصرية والمطبوعة". كما تعتبر منى قرار رفع الحظر خطوة ناقصة طالما هناك مئات المواقع التي ما تزال محجوبة من قبل الأجهزة الرقابية.

"رفع الحجب عن فيسبوك مع بقاء الحجب على مواقع أخرى"

ويعتقد خبراء سوريون أن رفع الحجب عن موقعي "فيسبوك" و"يوتيوب" قد وضع الإعلام السوري في موقف حرح، لأن "هذا الإعلام هو من قدح وذم تلك المواقع والآن يهلهل لرفع الحجب عنها، وكأنه الآن بات في موقع الدفاع عن حرية التعبير بينما هو في واد آخر بعيد عنها، على حد تعبير الخبير الاجتماعي عصام ورد.

وعلاوة عاى ذلك يرى عصام ورد أنه "لو تم رفع الحجب عن مواقع أخرى مثل موقع جريدة "الشرق الأوسط" وموقع "كلنا شركاء" وموقع "زمان الوصل" وموقع "إيلاف " و"بلوغ سات" لكان الأمر اختلف كثيرا، عندها بالفعل كان يمكن النظر إلى القرار على أنه صائب".

وفي السياق ذاته يتساءل خبير المعلوماتية عمار ك. عن ماهية "القيمة المضافة لقرار رفع الحجب عن مواقع التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي يوجد فيه تعتيم على مواقع ذات معلومات قيمة مثل "ويكيبيديا"، التي ما تزال تخضع لسلطة الرقيب الذي يريد للعقول النيرة التقوقع".

عفراء محمد – دمشق

مراجعة: لؤي المدهون