ركود عميق مرشّح للتفاقم جراء كورونا حسب صندوق النقد الدولي
١٤ أبريل ٢٠٢٠بحسب تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" الصادر عن صندوق النقد الدولي اليوم (الثلاثاء 14 نيسان/ أبريل 2020) يتوقع أن يشهد الاقتصاد العالمي أعمق ركود منذ قرن، مع انخفاض الناتج العالمي بمستوى 3 بالمئة هذا العام، وقد يكون بإمكان الاقتصاد العالمي تحقيق انتعاش بنسبة 5,8 بالمئة في 2021 إذا تم احتواء الفيروس وعادت الحركة الاقتصادية إلى طبيعتها. لكنّ التقرير أقر بصعوبة وضع توقّعات دقيقة في ظل وضع يتطور بشكل متسارع.
وحذّر الصندوق من "مخاطر كبيرة بحدوث حصيلة أسوأ" جراء "الضبابية الشديدة فيما يتعلق بمدى قوّة التعافي" في وقت فرضت إجراءات إغلاق في معظم دول العالم في ظل الجهود الرامية لاحتواء الوباء ومنع انهيار أنظمة الرعاية الصحية.
وتوقّع التقرير انكماش الاقتصاد الأميركي بنسبة 5,9 بالمئة، لكنه توقّع في الوقت ذاته تعافيه العام المقبل مع نمو نسبته 4,7 بالمئة. لكن التوقّعات مبنية على فرضية زوال الفيروس في النصف الثاني من العام.
"هبوط أسعار النفط يرجح حدوث خسائر في الائتمان"
وكتب صندوق النقد في تقريره عن الاستقرار المالي العالمي قبل قمة افتراضية مع البنك الدولي ستكون بديلا لاجتماع الربيع المعتاد "هذه الأزمة تمثل تهديدا خطيرا لاستقرار النظام المالي العالمي".
وقال التقرير إنّ "الانخفاضات في أسعار الأصول من المتوقع أن تؤدي إلى خسائر في محافظ البنوك من الأوراق المالية العالية المخاطر، رغم أن هذا قد تعوضه جزئيا مكاسب في حيازاتها من الأصول الآمنة".
وأضاف أن الهبوط في أسعار النفط من المرجح أيضا أن يؤدي إلى خسائر في الائتمان بين المقرضين لقطاع الطاقة بينما قد تتكبد البنوك خسائر في القروض إلى الأسر التي تعاني من صعوبات.
وذكر صندوق النقد "كلما استمر الهبوط المفاجئ في النشاط الاقتصادي لفترة أطول، كلما من المرجح بشكل أكبر أن تشهد البنوك خسائر في الائتمان". وأضاف أن صانعي السياسات اتخذوا بالفعل خطوات "حاسمة" على صعيد الانفاق العام والسياسة النقدية لتخفيف آثار الجائحة، مشيرا إلى أنه في الولايات المتحدة اتخذ مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي) حزمة إجراءات لم يسبق لها مثيل لدعم الاقتصاد.
لكن صندوق النقد قال إن بعض الاقتصادات الناشئة والمبتدئة ليس لديها القدرات التي لدى الدول الغربية وتواجه "عاصفة بمعنى الكلمة" لأن المصاعب الاقتصادية تفاقمها تدفقات قياسية للأموال إلى الخارج وتراجع فرص تمويل الدين الخارجي.
"الإغلاق الكبير" تعني الركود العالمي الحالي
وحذّر التقرير من أن "نتائج نمو أسوأ بكثير هو أمر محتمل بل مرجح (...) إذا بقي الوباء وتدابير الاحتواء لفترة أطول، وتأثّرت الاقتصادات النامية والناشئة بشكل أكبر (...) أو إذا ظهرت تداعيات مضرّة واسعة بسبب إغلاق الشركات والبطالة واسعة النطاق".
وأصيب نحو مليوني شخص في العالم بجائحة فيروس كورونا المستجد فيما لقي 120 ألفا منهم حتفهم، بينما توقّفت حركة السفر بشكل شبه كامل وأجبرت الأعمال التجارية والمتاجر والمطاعم على إغلاق أبوابها.
ويعد "الإغلاق الكبير"، وهو المصطلح الذي استخدمه صندوق النقد الدولي للإشارة إلى الركود العالمي الحالي، الأسوأ منذ "الكساد الكبير" في ثلاثينات القرن الماضي.
وهو كذلك أول انكماش منذ الأزمة المالية العالمية في 2009، رغم أن لا مجال للمقارنة بين الحالتين. فرغم أن التداعيات بقيت لفترة طويلة نسبيا حينها، إلا أن التراجع بلغ 0,1 بالمئة فقط بينما كانت اقتصادات الأسواق الناشئة تنمو بوتيرة ثابتة.
وحسب التقرير فسينجو اقتصادان فقط هذا العام من الركود هما الصين - حيث ظهر الفيروس – والهند. مع ذلك، لم يحقق البلدان إلا نموا ضعيفا نسبيا قدره 1,2 بالمئة و1,9 بالمئة على التوالي.
"حزم إنفاق ضخمة بالتعاون مع البنوك المركزية لمنع أي انهيار"
وشدد صندوق النقد الدولي على أن حدوث ركود شديد هو أمر "لا يمكن تجنّبه" لكن في الامكان اتّخاذ اجراءات "مالية ونقدية ملموسة ومحددة الأهداف" للتخفيف من حدّة الأزمة وضمان وضع الاقتصاد في موقع يمكنه من استئناف نشاطه فور انتهاء تدابير الإغلاق.
وأفاد التقرير أنه "سيكون على السياسات الاقتصادية التخفيف من تداعيات تراجع النشاط على الناس والشركات والمنظومة المالية" ومنع "التأثيرات المضرّة" لحالات الإفلاس الواسعة النطاق.
وأقّرت العديد من الحكومات حزم إنفاق ضخمة بالتعاون مع البنوك المركزية التي تضخّ السيولة في المنظومة المالية لمنع أي انهيار.
لكن صندوق النقد الدولي قال كذلك إن "التعاون القوي المتعدد الأطراف ضروري للغاية لتجاوز تداعيات الوباء العالمي".
ويمكن لإجراءات متزامنة أن تحمل "تأثيرات أضخم"، بل بإمكانها كذلك تجنّب بعض أخطاء القرن الماضي عندما تبنّت الدول "سياسات تجارية عقيمة (...) زادت الهبوط الاقتصادي العالمي سوءا".
"إيجاد علاج للفيروس هو الحل الأول"
ودعا التقرير إلى "خفض الحواجز سواء كانت رسوما أو غيرها والتي تعرقل التجارة عبر الحدود وسلاسل الإمدادات العالمية".
ويعتمد الانتعاش في 2021 بشكل كبير على تلاشي الوباء في النصف الثاني من 2020 "ما يسمح بتخفيف جهود احتواء (الفيروس) بشكل تدريجي وإعادة ثقة المستهلكين والمستثمرين".
وفي حال طال أمد "الإغلاق الكبير" أو تفشّى الفيروس مجددا العام المقبل أو حصل الأمران معاً فقد يكون التعافي المتوقع في 2021 أسوأ بما يصل إلى ثمانية بالمئة عن التوقعات الحالية، بحسب التقرير.
وشدد التقرير على أن إيجاد علاج للفيروس هو الحل الوحيد المؤكد للمضي قدما، لكن "ريثما تصبح تدخّلات طبية من هذا النوح متاحة، فلا بلد في مأمن من الجائحة".
م.م/ ص.ش ( أ ف ب)