رمضان العراق- صيف حار و أسعار ملتهبة
٢٠ أغسطس ٢٠١١مع حلول شهر رمضان المبارك تعج الأسواق في بغداد وباقي المدن العراقية بالمتبضعين لشراء احتياجاتهم الخاصة وما تتطلبه المائدة الرمضانية خلال الشهر الكريم. وعادة ما ترتفع أسعار المواد الغذائية في البلاد في مثل هذا الوقت من السنة، الأمر الذي يضاعف من معاناة الأسر العراقية وخاصة من ذوي الدخل المحدود.
ويقول زياد أحمد محمد، أحد المتبضعين في أسواق بيع المواد الغذائية في العاصمة بغداد، إن مجمل معاناة المواطن العراقي خلال شهر رمضان تتلخص أولا في ارتفاع أسعار المواد الغذائية وثانيا ارتفاع في درجات الحرارة في ظل انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة. ويضيف محمد (33عاماً) في حديثه مع دويتشه فيله أن توفير الطاقة الكهربائية لمنزله بات همه الأبرز في رمضان، موضحاً: "ارتفاع درجات الحرارة انعكست على زيادة الطلب على الوقود مما أدى بالتالي إلى ارتفاع أسعارها".
نقض في المواد الأساسية
وكان للنقص الحاصل في المواد التي تصرف بموجب البطاقة التموينية سبباً في ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأسواق، حيث ارتفعت أسعار بعض المواد الغذائية إلى الضعف، كما يقول محمد. وتعتمد شريحة واسعة من العراقيين في غذائها الأساسي على ما تزود به عن طريق البطاقة التموينية، وذلك ساري العمل به منذ بدء الحصار الدولي على العراق في عام 1990. وتتضمن البطاقة التموينية توزيع خمس مواد غذائية رئيسية وبسعر رمزي على العوائل العراقية شهرياً، هي الطحين والأرز والزيت والسكر، إضافة إلى حليب الأطفال، غير أن المواطنين يشتكون من عدم تسلمهم تلك المواد كاملة منذ أكثر من سنتين.
ولما تردد الحديث عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية اتجهت دويتشه فيله إلى أياد عويد جاسم صاحب أحد محال بيع المواد الغذائية المستوردة في بغداد، الذي يعزو سبب الارتفاع الكبير في أسعار تلك المواد خلال شهر رمضان إلى سياسة التعريفة الجمركية التي حاولت الحكومة العراقية فرضها على دخول السلع والبضائع للحد من الإغراق السلعي الذي تشهده الأسواق في العراق.
السياسة الجمركية سبب ارتفاع الأسعار
ويوضح جاسم في حوار مع دويتشه فيله، بأن سبب ارتفاع أسعار تلك المواد يعود إلى محاولة الحكومة العراقية انتهاج سياسة التعريفة الجمركية على دخول السلع والبضائع، الأمر الذي أدى إلى تكدس ألاف الأطنان وتلف جزءاً كبير من تلك المواد عند الحدود العراقية وفرض الرسوم والضرائب على التاجر من أجل دخولها، الأمر الذي أرغم الأخير على رفع أسعار المواد المخزونة لديه من أجل سد تلك النفقات.
ويضيف جاسم (35عاماً)، وهو منشغل بترتيب بضاعته على رفوف محله الذي امتلئ بأنواع مختلفة من المواد الغذائية المستوردة، أن هناك سبباً آخر أثقل كاهل المواطن العراقي والمتمثل "بغياب مفردات البطاقة التموينية" التي تلكأت الجهات العراقية المسؤولة عن توفيرها والتي كانت توزع بشكل مستمر في السابق، حسب قوله. وينوه إلى ضرورة تدخل الدولة لوضع الحلول المناسبة لـ"إنقاذ" المواطن العراقي من التهاب حرارة أسعار ضروريات الحياة المرافقة لحرارة صيف العراق.
وكانت وزارة المالية قد تراجعت مؤقتاً في 16 شباط/ فبراير الماضي عن العمل بقانون التعريفة الجمركية لوقت غير محدد بسبب ارتفاع أسعار السلع الباهظ داخل البلاد وكذلك لوجود بعض العراقيل التي واجهت القانون وآليات العمل به. وكان من المقرر أن يتم تفعيل قانون التعريفة الجمركية في آذار/ مارس الماضي بعد أن اقره مجلس النواب العراقي.
مشكلة الكهرباء الأزلية
مشكلة أخرى تزيد من مشاق رمضان هذا العام، كما في الأعوام القليلة الماضية، هي انقطاع التيار الكهربائي بشكل مستمر تقريباً، فقد تصل ساعات القطع إلى خمس ساعات كاملة، ليعود التيار الكهربائي من جديد لساعة واحده فقط، وهلم جرا. بعض من التقتهم دويتشه فيله يضع اللوم على الحكومة العراقية لعدم توفيرها الكهرباء، ويشيرون إلى صعوبة الصيام وسط هذه الأجواء الملتهبة حراً. عباس كريم حميد صاحب أحد مطاعم بيع المأكولات السريعة في بغداد، يعزو عدم صيامه خلال هذا الشهر الكريم إلى الارتفاع الكبير في درجات الحرارة والغياب التام للتيار الكهربائي. ويبين حميد قائلاً: "من الصعب أن أصوم وسط هذا الجو الحار وأنا اعمل طيلة ساعات النهار".
ويضيف حميد (30 عاماً) أن "انهيار البنى التحتية في العراق وتدني مستوى الخدمات في ظل عجز الحكومة العراقية على توفير التيار الكهربائي من الأسباب الرئيسية لعدم صيام أغلب العراقيين عن الصيام هذا العام".
ويعاني العراق من نقص حاد في الطاقة الكهربائية، ولا تزال الشبكة الوطنية غير قادرة على توفير إمدادات الكهرباء لأكثر من ساعات قليلة في اليوم وتأتي الانقطاعات المتكررة في الكهرباء على رأس شكاوى المواطنين. وبحسب أرقام حكومية فإن طاقة العراق المتاحة تبلغ نحو 9 آلاف ميغاواط بينما تبلغ الطاقة القائمة من 11 ألفا إلى 12 ألف ميغاواط. ويقدر الطلب بما يصل إلى 14 ألف ميغاواط خلال الصيف حينما تتجاوز درجات الحرارة في كثير من الأحوال 50 درجة مئوية.
مناف الساعدي/ بغداد
مراجعة: عبده جميل المخلافي