1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

رمضان ساخن في سوريا بعد أربعة عقود باردة

١٠ أغسطس ٢٠١١

تشهد دمشق شهر رمضان ساخنا لم تعهده منذ خمسينات القرن الماضي. فعلاوة على ارتفاع الحرارة هناك مظاهرات شعبية يعيشها الشارع السوري يوميا. دويتشه فيله رصدت بعض الآراء حول الأجواء الرمضانية التي تعيشها دمشق في ظل الاحتجاجات.

أسواق دمشق القديمة شبه خالية في رمضان هذا العامصورة من: DW

كعادته وفي كل عام يحل شهر رمضان ضيفا على المسلمين بما يحمله من نفحات الحب والفرح والخير، إلا أن ثورات الربيع العربي هذا العام جعلت مظاهر الخوف والترقب والحزن تخيم على هذه الأجواء الرمضانية في عدة دول عربية وخصوصا في سوريا. فقد استقبله السوريون على وقع الاحتجاحات المطالبة بسقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وما يتبعها من عمليات قتل واعتقالات واسعة النطاق. وفي هذا السياق تعلق سعاد المجذوب، وهي موظفة سابقة في إحدى الدوائر الحكومية، بالقول: "أغلب الدول الإسلامية تبارك مواطنيها بمنحة جديدة مع قدوم شهر رمضان المبارك، هذا العام باركنا الرئيس بشار الأسد بمجزرة حماه والمباركات القادمة أدهى وأمر، شكرا سيادة الرئيس".

تصعيد مزدوج من النظام والمتظاهرين

يأتي هذا التصعيد في إطار دعوة الناشطين السوريين لتكثيف الاحتجاجات خلال شهر رمضان المبارك مستفيدين من زيادة إقبال الناس على المساجد وتحويل كل يوم في رمضان إلى يوم جمعة. فما أن يرتفع صوت المؤذن لصلاة العشاء حتى تجد الحافلات التي تقل عناصر الأمن والشبيحة تتسابق مع المصلين إلى المساجد لتحاصرها منعا من خروج المظاهرات عقب صلاة التراويح، الأمر الذي أدى إلى انخفاض كبير في أعداد المصلين لصلاة التروايح هذا العام. إلا أن الاحتكاك اليومي بين المتظاهرين والأمن جعل المتظاهرين يبتكرون أساليب جديدة لتشتيت عناصر الأمن. فهم لا يكتفون بالتظاهر عقب صلاة التراويح فحسب بل يخرجون أيضا في منتصف الليل وقبل السحور وعقب صلاة الفجر.

المظاهرات ورد فعل النظام عليها ألقيا بظلالهما على رمضان هذا العام. في الصورة متظاهرون في حي برزة البلد بدمشقصورة من: picture alliance / dpa

وفي هذا الإطار يعلق أحد المتظاهرين من سكان حي الميدان، وهو من الأحياء التي تشهد مظاهرات مستمرة، "قد يتفق المتظاهرون بالخروج بمظاهرة من أحد المساجد أثناء صلاة التراويح، وما أن تتجه عناصر الأمن إليهم حتى يعود المصلون إلى المسجد لتخرج مظاهرة أخرى من مسجد آخر في نفس المنطقة. وهكذا تستمر عدة مساجد بالتناوب حتى تنتهي الصلاة. هذا التكتيك هدفه تشتيت الأمن وإرباكه لشعوره بعدم القدرة على السيطرة وضبط الوضع". وروى شاهد عيان من إحدى ضواحي دمشق أن المتظاهرين خرجوا في إحدى المناطق في يوم جمعة "الله معنا" خمسا وثلاثين مرة بمظاهرات طيارة ولم يتمكن الأمن من إلقاء القبض عليهم.

ومع تمسك الكثيرين من السوريين بهذا الحق في التظاهر يتمسك النظام السوري بالحل الأمني ليصبح هو الوسيلة الوحيدة للحوار بين الطرفين. وتقوم الأجهزة الأمنية بتقسيم الأحياء والمناطق عن طريق الحواجز التي تقيمها. كما روى عدد من الناشطين لدويتشه فيله أن النظام يقوم بقطع الكهرباء عن بعض المناطق ومنع إدخال الحاجات الأساسية التي يحتاجها السكان وهذا ما ينعكس سلبا على الكثير من العادات والتقاليد الاجتماعية التي اعتادها السوريون في هذا الشهر الكريم، بحيث يصبح هم الناس وحديثهم الاحتجاجات الشعبية وما ستسفر عنه.

هموم اقتصادية إضافية

تعاني أسواق دمشق العريقة من ركود بسبب الأوضاع السياسية وارتفاع الأسعارصورة من: DW

وبالإضافة إلى هذه الظروف الصعبة يأتي التأثير الاقتصادي للاحتجاجات على السوريين حيث يترافق ذلك مع ارتفاع للأسعاروركود تجاري يعاني منه الاقتصاد السوري عامة. فحركة الأسواق التجارية خفيفة جدا على عكس السنوات السابقة في مثل هذه الأيام. إحدى ربات البيوت تعلق على ذلك بالقول: "اعتدت في كل عام أن أحضر مونة رمضان المميزة إلى بيتي ، إلا أنني هذه العام تمكنت بالكاد من إحضار المواد الأساسية والتي شكلت عبئا كبيرا بحد ذاتها".

من جهة أخرى أكدت وزارة الاقتصاد السورية أنها تقوم بالإجراءات المناسبة لكبح ارتفاع الأسعار وتأمين المواد اللازمة لإعادة التوازن إلى السوق وتشديد الرقابة على الأسعار. إلا أن أبو مصطفى، صاحب محل خضار في إحدى أسواق العاصمة دمشق، يرد على هذه الإجراءات بقوله "كيف يمكن لنا أن نخفض أسعارنا إذا كنا نشتري المواد بسعر مرتفع من المصدر؟ لقد حاولت الحكومة إلقاء اللوم على التجار بعد أن وجدت نفسها أنها غير قادرة على ضبط السوق نتيجة الانفلات الأمني".

كما يضيف تاجر آخر في إحدى أسواق دمشق القديمة "في حال قامت الحكومة بتقسيم الأحياء ومحاصرتها سوف أضطر إلى إغلاق متجري، لذلك أقوم بحض زبائني على شراء المواد الأساسية من أرز وسكر وقمح تحسبا لأي إجراء سوف تتخذه الحكومة في الأيام المتبقية من هذا الشهر".

وهنا يظهر جليا تكاتف المجتمع السوري حيث يتجه الكثير من أبنائه إلى إقامة مشروعات لدعم الفقراء وأصحاب الدخل المحدود للحد من تأثيرات هذه الأزمة الاقتصادية عليهم في هذا الشهر. وتعلق إحدى الفتيات التي تقوم بتنظيم مثل هذه المشروعات وهي طالبة في كلية التجارة "تعودنا في كل عام أن نقوم بمثل هذه المشروعات لدعم الفقراء، إلا أن مسؤوليتنا تجاه بلدنا تحتم علينا أن نكثف هذا الدعم في مثل هذه الظروف على الرغم مما نجده من صعوبة ومضايقات أثناء إدخال المواد إلى الأحياء خصوصا في المناطق التي يفرض عليها الأمن طوقا أمنيا".

نورا الشعلان ـ دمشق

مراجعة: أحمد حسو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW