1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

رمضان في لبنان: إفطارات عابرة للطوائف

١٥ أغسطس ٢٠١٢

للإفطار الرمضاني في لبنان طعم آخر: موائد عابرة للطوائف، فغالباً ما تجد على المائدة أشخاصاً من طوائف متعددة. إفطارات يتم تنظيمها إما بدعوة من حزب سياسي أو جمعية خيرية، أو بتنظيم محدود على صعيد طلاب و طالبات أو زملاء عمل.

Main title: Ramadan in Lebanon Photo title:Mona Messlmany, Public Relations officer at Makhzoumi Foundation, Beirut place and date: Beirut, 11,08,2012 Copy Right\ Photo grapher: Moammar Atwi
صورة من: Moammar Atwi

"ليست المسألة غريبة على لبنان ولا هي تنم عن مجاملات أو تكاذب، إنما المجتمع اللبناني بطبعه متآلف على مستوى العلاقات الإنسانية"، بهذا القول يختصر إميل منعم (مخرج فني صحافي) وصفه للإفطارات الرمضانية التي يحضرها مسلمون ومسيحيون ودروز. ويتحدث منعم عن أسباب عديدة للدعوات المُختلطة دينياً، من بينها قد يكون التملق أو الكذب، بيد أنه يتناول في حديثه لـ DW عربية، مناخاً عاماً يعيشه اللبنانيون لا علاقة له بالشعائر الدينية بقدر ما يرتبط بعوامل اجتماعية تراثية.

ويشير منعم إلى أن أحد المسيحيين في قرنة شهوان اعتاد على صنع حلويات رمضانية من نوع الكلاج في رمضان من كل سنة، رغم أنه يعيش في منطقة لا يسكنها أي مسلم، "مع ذلك هناك من يقصده لشراء الكلاج من المسيحيين وبشكل مُنتظم". ومن المسيحيين من يحب الخيم الرمضانية والسهر والنراجيل وشرب الجلاب وعرق السوس في رمضان. ويرى منعم أن ذلك يدل على "نوع من التقاليد يخلقها التنوع الطائفي فتصبح مسألة طبيعية وبالتالي لبنان لا يوجد به تزمت".

إفطارات جماعية للمسلمين والمسيحيين

وفيما ينظر بعض رجال الدين أو الإسلاميين المتشددين إلى هذه الظاهرة بأنها ظاهرة سلبية كونها "تتملق للكفار وتشركهم بشعائرنا الدينية الخاصة"، يرى الشيخ قاسم منصورلـ DW عربية "أن اللبنانيين لا يجمعهم إلاّ هكذا مناسبات اجتماعية وبالتالي هي ظاهرة إيجابية من ناحية إنسانية واجتماعية رغم أن الإفطار مُخصص لمن يصوم الشهر"، لكنه ينتقد الإفطارات "السياسية بامتياز وتقوم لأهداف انتخابية بحتة".

إيلي شلهوب (صحافي) وُلد وسط عائلة مسيحية، لا يعزو حبّه لبعض تقاليد رمضان إلى زواجه من مسلمة، بل يرى أن "المنطقة العربية رغم تميزها فهي تعيش في إطار ثقافة إسلامية لا يمكن تجاوزها.. باتت العادات والتقاليد الإسلامية جزءاً من حياتنا اليومية".

موائد إفطار تجمع أبناء كل الطوائف في لبنانصورة من: DW/Atwi

يقول شلهوب، الذي اعتاد مشاركة أهل زوجته في افطاراتهم الرمضانية، لـ DW عربية إن "الأقليات غير الإسلامية، حتى لو لم تمارس ما يقوم به المسلمون فهي تسمع الآذان خمس مرات في اليوم وتعيش أحياناً إلى جانب المسجد، ولدى أبنائها صداقات عابرة للطوائف تجعلهم يفهمون هذه التقاليد وخلفياتها وأسبابها".

ويشير شلهوب إلى أن "السينما العربية لعبت دوراً  كبيراً في جعل المشهد الإسلامي طبيعياً للمسيحي في الشرق، كما لعبت دوراً في تثقيف الأقليات الدينية بما يتعلق بالشعائر والتقاليد الإسلامية". ويحكي تجربته الخاصة قائلاً "كنت أخرج أحياناً من الجريدة قبل آذان الفجر فأنتظر حتى أستمتع بصوت المؤذن قل أن أذهب للنوم". شلهوب العلماني النزعة، يحب أجواء رمضان العائلية والألفة التي تجمع بين أفراد الأسرة على مائدة واحدة. كما يرى في الأطباق الرمضانية مذاق خاص تجعله ينتظرها كل سنة.

طقوس رمضان فضاء جامع للبنانيين

وفي حين تبدو بعض الإفطارات العابرة للطوائف ذات نكهة سياسية أو دبلوماسية يسيطر عليها التكاذب والمصلحة، ثمة إفطارات جميلة وبسيطة يُنظمها بعض طلاب وطالبات في المدرسة أو الجامعة. عن هذا تقول زينة (طالبة جامعية) لـ DW عربية، وهي بالمناسبة  تتبع لطائفة الموحدين الدروز: "زميلتي في الغرفة الجامعية مسلمة وأنا أتضامن معها وأصوم مثلها عن الطعام والشراب في كل الشهر وكل مساء نقوم بعمل الإفطار سوياً وأحيانا ندعو زملائنا وزميلاتنا إلى إفطار جماعي في مطعم أو منزل أحدنا لتناول الطيبات سوياً". تؤكد زينة أنها تستمتع في الصيام "كونه يُشعرنا بجوع الفقراء"، وبأن أجواء هذا الشهر "لها رونق خاص".

أما ربيع الذي تزوج شيعية وقد نشأ وسط عائلة من الطائفة الدرزية، فهو يصوم رمضان ويشارك أهل زوجته عاداتهم الاجتماعية وكأنه فرد منهم. يقول ربيع لـ DW عربية "ربما معاشرتي لرفاق مسلمين منذ صغر سني هو السبب وليس زواجي من مسلمة.. فأنا كنت مناضلاً في صفوف الحركة الوطنية وكانت تضم عناصر من كافة الطوائف".

مقبلات لبنانيةصورة من: Moammar Atwi

ثمة نوع آخر من الإفطارات الرمضانية تنظمها جمعيات خيرية، تختلف تسميتها بحسب الانتماء المذهبي لمنظميّها، ففي بيروت العاصمة وبعض المناطق هناك ما يُعرف بموائد الرحمن، تنظمها جمعيات إسلامية من الطائفة السنية، وفي الضاحية الجنوبية من بيروت وبعض بلدات البقاع والجنوب هناك مائدة الإمام زين العابدين بن علي التي ينظمها حزب الله. وهناك موائد أخرى مثل "مائدة أم البنين"، التي يقيمها مجموعة من الشبان في الضاحية، حيث يقول أحد المساهمين فيها لـ DW عربية: "نحن نقوم بجمع أموال في ما بيننا من دون أي دعم حزبي أو سياسي كل همنا إطعام الفقراء.. نستقبل كل إنسان ولا نسأله عن دينه أو مذهبه أو جنسيته، يومياً ونوكل بتحضير الطعام طباخين متخصصين".

وفيما انحسرت الإفطارات التي كان يقيمها رئيس الوزراء السابق سعد الحريري في كل رمضان من كل سنة، تقوم مؤسسة مخرومي هذه الأيام بتنظيم موائد إفطار في بيروت كما تقوم بتوزيع وجبات جاهزة وساخنة على المحتاجين. وفي مكان واسع أقامته في منطقة فردان في بيروت، أقامت المؤسسة إفطارات ونشاطات ترفيهية ودينية وبرنامج معاينات طبية مجانية ومعرضاً للأشغال اليدوية والإنتاج القروي طوال شهر رمضان.

وتقول مسؤولة العلاقات العامة منى مسلماني لـ DW عربية: "في كل يوم لنا برامج لاستقبال أطفال من ملاجئ الأيتام وذوي الحاجات الخاصة والعجزة وغيرهم ولا نسأل عن طائفة المدعوين أو مذهبهم". وتشير مسلماني إلى أن المؤسسة تقيم 23 مائدة وخيمة رمضانية في كل المناطق وتوزع 1300 وجبة ساخنة يومياً.

معمر عطوي ـ بيروت

مراجعة: أحمد حسو 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW