1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

رمضان 2022 .. موسم جديد بطعم الغلاء والحرب

١ أبريل ٢٠٢٢

يحل شهر رمضان هذا العام وقد ضربت أزمتا غذاء وطاقة أغلب الدول. وتعاني دول من ارتفاع جنوني في أسعار السلع الغذائية الأساسية بجانب ارتفاع أسعار المحروقات، فيما تعاني دول أخرى من أزمة شح في الغذاء نفسه.

سيدات فلسطينيات في أحد أسواق القدس
يعاني سكان أغلب الدول العربية والإسلامية من ارتفاع حاد في أسعار الأغذية تزامناً مع بدء شهر رمضانصورة من: HAZEM BADER/AFP

يستقبل المسلمون في أرجاء العالم شهر رمضان هذا العام (2022)، في ظل ظروف مختلفة كثيرا عن سابقيه في الأعوام الماضية. ففي شهري رمضان الماضيين مثلا كان العالم بأسره يعاني من تبعات وباء كورونا، الذي أصاب أكثر من 400 مليون شخص توفي منهم أكثر من 6 ملايين شخص بحسب آخر إحصائية لجامعة جونز هوبكنز الأمريكية.

خلال شهري رمضان في 2020 و 2021، افتقد كثير من المسلمين حول العالم تلك المشاعر الإيمانية الفياضة، التي تأتي من التجمع في المساجد لأداء الصلوات جماعة، خصوصا صلاة التراويح، التي منعت أغلب الدول حول العالم إقامتها لمنع التجمعات والحد من انتشار العدوى.

وافتقد الناس أيضاً التجمع على موائد الإفطار وتلك الروح العائلية والمودة، التي كانت تسود بين الجميع وقضى أغلبهم شهري رمضان الماضيين وسط أجواء التباعد الاجتماعي حتى داخل المنازل.

لكن المخاوف من وباء كورونا تراجعت الآن بعد تطعيم نحو 60% من سكان الكوكب بإجمالي 12 مليار جرعة تطعيم، بحسب تقديرات وكالة بلومبرغ، ما أدى لتراجع عدد الوفيات بشكل كبير وانخفضت خطورة المتحورات الجديدة من الفيروس.

أزمات جديدة في رمضان 2022

رغم ذلك يأتي رمضان هذا العام وسط عدد من الأزمات الدولية الكبرى فجرها الغزو الروسي لأوكرانيا. إذ تسببت الحرب في مشكلة عالمية في الغذاء والطاقة. واليوم تجد عائلات كثيرة نفسها عاجزة عن توفير كلفة موائد الإفطار الغنية بأطباقها الرمضانية، بعدما فاقمت الحرب أزمات الغذاء الموجودة أساساً في دول عدة وخصوصاً في المنطقة العربية وغيرها، ورفع أسعار منتجات وسلع رئيسية، كما ارتفعت أسعار المحروقات بشكل كبير.

ويكافح السكان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أجل تأمين قوتهم اليومي والحدّ الأدنى من احتياجاتهم الأساسية على وقع أزمات اقتصادية أو نزاعات تلقي بثقلها على حياتهم اليومية. وزاد ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود في الأسابيع الأخيرة الوضع سوءاً مع دخول شهر رمضان.

وما من شك في أن غلاء الأسعار يؤثر على الناس ويُفسد أجواء الشهر الكريم، فعلى شبكات التواصل الاجتماعي يتساءل الناس كيف سيعدّ الصائمون مائدة رمضان؟ فالطحين والخبز ارتفع ثمنهما، وكلفة زيت الطهي والسكر وغيرها ارتفعت أسعارها بشدة، ما أصاب الكثيرين بحالة من الإحباط.

 

وجدير بالذكر أن روسيا وأوكرانيا توفران نحو ثلاثين في المئة من صادرات القمح عالمياً. وبعد الغزو، ارتفعت أسعار الحبوب وزيوت دوار الشمس والذرة، وأوكرانيا هي المصدّرة الأولى للأول، والرابعة للثاني عالميا. وفي بعض البلدان اختفت سلع غذائية مثل الزيوت بشكل شبه كامل، كما ارتفعت أسعار النفط والغاز بشكل حاد وبلغت مستويات لم نعهدها منذ أعوام، نظراً لدور روسيا الوازن في مجال الطاقة.

سوريا واليمن .. أزمة أمن غذائي

يأتي ذلك في الوقت الذي حذّرت فيه منظمات دولية من تداعيات الغزو الروسي على صعيد نظام الغذاء العالمي والجوع. ودقّ صندوق النقد الدولي ناقوس الخطر، مشدداً على أنّ النزاع في أوكرانيا سيعني "مجاعة في أفريقيا".

وتبدو تداعيات الأزمة واضحة في دول تشهد نزاعات على رأسها اليمن، البلد العربي الأكثر فقراً، والذي أسفرت حرب تمزّقه منذ العام 2014 عن واحدة من أسوأ الازمات الإنسانية في العالم.

 

وتنتج أوكرانيا نحو ثلث إمدادات القمح إلى اليمن، ما يثير خشية من اتساع هوة الجوع في بلد ارتفع فيه أسعار المواد الغذائية أكثر من الضعف منذ العام الماضي، وفق الأمم المتحدة، وباتت غالبية السكان، بطريقة أو بأخرى، غير قادرين على إعالة أنفسهم.

وفي سوريا حيث دخل النزاع عامه الحادي عشر، لا يبدو الوضع أفضل بينما يعاني قرابة ستين في المئة من السكان من انعدام الأمن الغذائي، إذ باتت بعض المواد التموينية شبه مفقودة، لا سيما زيت الطهي الذي تضاعف ثمنه. وبدأ النظام السوري في تقنين توزيع سلع محددة خصوصاً الطحين والسكر وسط مخاوف من شحهما.

 

لبنان ومصر.. أسعار خرافية للسلع

وفي لبنان، اعتادت المنظمات الخيرية تكثيف مساعداتها للمحتاجين خلال شهر رمضان، لكن الأزمة الاقتصادية التي تغرق بها البلاد قلبت الوضع رأساً على عقب، خصوصاً بعدما بات ثمانون في المئة من السكان تحت خط الفقر.

وبينما يصعب العثور على الدقيق في المحال التجارية ويندر توفر أصناف زيت الطهي، تسجل أسعار الخضراوات ارتفاعاً غير مسبوق بات معه إعداد الفتوش، وهو سلطة أساسية على مائدة رمضان، ترفاً لا يقوى كثر على تحمّله.

وفي مصر، وللمرة الأولى منذ توليه السلطة، أمر الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكومة بتسعير الخبز غير المدعوم، بعدما ارتفع ثمنه بأكثر من خمسين في المئة منذ بدء الغزو الروسي. وفقدت العملة المحلية 17 في المئة من قيمتها خلال الشهر الماضي، علماً بأن مصر تُعدّ مستورداً رئيسياً للقمح من دول الاتحاد السوفياتي السابق.

 

أما في الصومال التي تشهد أسوأ موجة جفاف منذ أربعين عاماً، مع استجابة دولية خجولة للاحتياجات بسبب أزمات أخرى، آخرها الحرب في أوكرانيا، فيبدو المشهد الرمضاني قاتماً. ويتسبّب ارتفاع الأسعار بانخفاض القدرة الشرائية للسكان البالغ عددهم 15 مليوناً.

بل حتى في المملكة العربية السعودية، الدولة النفطية الغنية، يشعر بعض السكان بالضيق جراء ارتفاع أسعار المواد الغذائية. واستبقت قطر، الدولة الخليجية الثرية، بدء شهر رمضان بإقدام وزارة التجارة والصناعة على تخفيض ثمن أكثر من 800 سلعة استهلاكية أساسية، في مبادرة تستمر حتى نهاية شهر الصيام.

 

حمى ارتفاع أسعار في الدول المغاربية

وتتزايد المخاوف لدى العديد من سكان الدول المغاربية من حمى ارتفاع الأسعار. وعلى الرغم من تطمينات السلطات في كل من تونس والجزائر والمغرب إلا أن الأسواق تشهد تهافتاً على شراء بعض المواد الغذائية خشية ندرتها أو ارتفاع أسعارها بشكل كبير.

ومنذ اندلاع الحرب، يقبل سكان دول المغرب العربي على شراء الدقيق والسميد مع ارتفاع أسعارها، على الرغم من تأكيد السلطات توفر كميات تكفي احتياجات المواطنين. لكن في الواقع، ارتفعت أسعار المواد الغذائية في دول المغرب العربي قبل الهجوم الروسي على أوكرانيا.

وفي تونس، وعلى غرار عادتها كل عام، استبقت الجمعيات الخيرية شهر رمضان ببدء جمع التبرّعات للعائلات الفقيرة، عبر نشر متطوعين أمام المحال التجارية مع قوائم بالمواد الغذائية الأساسية المطلوبة. لكنّ وتيرة جمع التبرعات مختلفة هذا العام، على وقع تدهور الوضع الاقتصادي وانخفاض القدرة الشرائية وتسجيل نقص في العديد من المواد الغذائية الأساسية كالأرز والسكر والدقيق خلال الأسابيع الأخيرة.

 

وأعلنت السلطات التونسية أن لديها مخزوناً يكفي حتى يونيو/ حزيران المقبل وأن المواد الغذائية الأولية (القهوة والسكر والمعجنات والسميد) مدعومة من قبل الدولة بشكل كبير، فسعر الخبز مثلاً لم يتغير منذ عشر سنوات.

ومنظومة الدعم التي تعتمدها تونس وتهدف إلى تفادي اضطرابات اجتماعية مثل تلك التي حصلت في ثمانينيات القرن العشرين، يتم اعتمادها أيضاً في الجزائر التي تفكر في تغييرها.

الجزائر، هي ثاني أكبر مستهلك للقمح بعد مصر (10 ملايين طن سنويا)، وهي لا تستورد القمح اللين من روسيا وأوكرانيا، وأكدت أنه لن يكون هناك نقص ويتواصل جلب الحبوب في ناقلات كبرى في اتجاه ميناء الجزائر العاصمة". لكن بالرغم من ذلك، سُجل نقصٌ في السميد في تيزي وزو وبجاية ومنطقة القبائل بسبب التهافت على الشراء.

وذكر الوزير المنتدب المكلف بالميزانية فوزي لقجع أن هذا الغلاء "مرتبط بالظرفية الدولية"، بعد الركود الذي سببته الجائحة وأدى - كما قال - إلى "الارتفاع المطرد الذي عرفته أسعار الحبوب والمنتجات البترولية في السوق الدولية".

أما المغرب الذي يعتمد على الخارج لتأمين احتياجاته من المحروقات، فيعاني من ارتفاع أسعارها في الأسواق الدولية إضافة إلى معاناة أخرى من موجة جفاف تعد الأسوأ منذ 40 عاماً.

 

كما شهدت ليبيا، البلد النفطي الذي يعتمد على استيراد المواد الغذائية (75% من استهلاكها من القمح يأتي من روسيا وأوكرانيا)، ارتفاعاً للأسعار خاصة أسعار الدقيق والحليب والزيت والمخللات والسكر. وارتفع ثمن الخبز إثر الأزمة في أوكرانيا وأصبح الدينار الليبي الواحد (حوالي 0,22 يورو) لا يسمح بشراء أكثر من ثلاث قطع من الخبر المدعوم بدلاً من أربع في السابق.

ووسط هذه الأجواء ومع ارتفاع معدلات التضخم وزيادة الأسعار وشح السلع، يصبح التضامن الاجتماعي والتعاون بين أفراد المجتمع الواحد محل اختبار شديد الجدية، خصوصا في شهر رمضان، الذي يوصف دائما بالشهر "الكريم"، نظرا لتعود الناس على السخاء فيه. 

عماد حسن

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW