روايات متضاربة بشأن نتائج محادثات الملف االنووي الإيراني
١ مايو ٢٠٢١
في الوقت الذي عبرت الدول الأوروبية المشاركة في مباحثات الملف النووي الإيراني عن إحباطها من عدم التوصل لتفاهم على معظم النقاط الحاسمة، أبدت روسيا تفاؤلاً حذراً، فيما توقعت إيران رفع بعض العقوبات الأمريكية قريباً.
إعلان
قدمت روسيا والقوى الأوروبية روايات متضاربة اليوم السبت (الأول من مايو/أيار 2021) بشأن نتائج أحدث جولة في المحادثات الهادفة إلى إعادة إيران والولايات المتحدة إلى الالتزام الكامل بالاتفاق النووي المبرم في عام 2015 وذلك بعد إرجاء المحادثات لمدة ستة أيام.
وبدأت المحادثات الشهر الماضي في فيينا حيث يلتقي باقي أطراف الاتفاق النووي، وهي إيران وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، في فندق بينما يقيم الوفد الأمريكي في فندق آخر. ورفضت إيران إجراء محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة.
إحباط أوروبي
وأبدت الدول الأوروبية الثلاث أسفها لبطء وتيرة المحادثات هذا الأسبوع. وشددت هذه الدول على أن هناك "عملاً كثيراً يجب علينا القيام به ولدينا القليل من الوقت. في هذا السياق، كنا نأمل تحقيق مزيد من التقدّم هذا الأسبوع"، موضحة أن "النقاط الشائكة الأبرز لم يتم حلها بعد".
وقال دبلوماسيون كبار من فرنسا وبريطانيا وألمانيا في بيان "أمامنا الكثير من العمل ولم يتبق سوى القليل من الوقت...كنا نأمل في المزيد من التقدم هذا الأسبوع".
وقال مسؤولون إنهم يأملون في التوصل إلى اتفاق قبل 21 مايو/أيار وهو موعد انتهاء أجل الاتفاق بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن استمرار مراقبة بعض الأنشطة النووية الإيرانية. وقال الدبلوماسيون "لم نصل بعد إلى تفاهم على معظم النقاط الحاسمة".
وقال دبلوماسي يمثل الجانب الأوروبي لوكالة فرانس برس إن "النجاح ليس مضمونا بأي شكل لكنه ليس مستحيلا"، متعهّدا "مضاعفة الجهود" من أجل تحقيقه.
تفاؤل روسي حذر
وعلى تويتر كشف ميخائيل أوليانوف السفير الروسي في الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن ممثلي الدول التي لا تزال منضوية في الاتفاق أي إيران ومجموعة 4+1 (روسيا، الصين، فرنسا، بريطانيا، وألمانيا) الذين اجتمعوا على مدى ساعة ونيّف "لمسوا إحراز تقدّم ملموس"، مبديا "تفاؤلاً حذراً".
وتابع "ليست هناك أي مهل، لكن المشاركين يريدون نهاية مثمرة للمحادثات في غضون نحو ثلاثة أسابيع"، متسائلا "هل هذا الأمر واقعي؟ سنرى".
وقال أوليانوف للصحفيين عقب اجتماع الأطراف المتبقية بالاتفاق النووي في ختام الجولة الثالثة من المحادثات "لا نتوقع انفراجة في الأيام المقبلة" مضيفا أن المحادثات ستستأنف الجمعة.
وأضاف أوليانوف الذي يعد أحد أكثر الأصوات تفاؤلا في المحادثات "نحتاج ببساطة إلى مواصلة العمل الدبلوماسي اليومي، وكل المؤشرات تقودنا إلى توقع نتيجة نهائية ستكون ناجحة وسريعة خلال بضعة أسابيع".
تفاؤل إيراني
وكانت وسائل إعلام رسمية إيرانية نقلت عن كبير المفاوضين الإيرانيين في المحادثات النووية قوله اليوم إن طهران تتوقع رفع العقوبات الأمريكيةعلى قطاعي النفط والبنوك وغيرهما من القطاعات وعن معظم الأفراد والمؤسسات وذلك بناء على الاتفاقيات التي جرى التوصل إليها في محادثات فيينا حتى الآن.
ونقلت وسائل الإعلام عن عباس عراقجي نائب وزير الخارجية الإيراني قوله "العقوبات...على قطاع الطاقة الإيراني الذي يشمل النفط والغاز، أو تلك (العقوبات المفروضة) على صناعة السيارات والمالية والمصارف والموانئ، ينبغي رفعها كلها بناء على الاتفاقيات التي جرى التوصل إليها حتى الآن"، وأضاف عراقجي أن وتيرة سير المحادثات بين القوى العالمية وإيران "تباطأت بعض الشيء" لكنها لا تزال تحرز تقدما.
وكان مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان قال أمس الجمعة إن المحادثات تقف "في مكان غير واضح" وهو ما يشير إلى أن إعلان التوصل لاتفاق أمر غير مؤكد. وكان توقف المحادثات متوقعاً على نطاق واسع بعدما قال دبلوماسيون إن مسؤولين من عدة دول سيشاركون أيضا ًفي اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في لندن الذي يبدأ الاثنين وينتهي يوم الأربعاء.
ع.ح./خ.س. (رويترز، ا ف ب)
البرنامج النووي- محطات من الشد الإيراني والجذب الغربي
لعبة القط والفأر مع الغرب. بداية البرنامج النووي الإيراني في نهاية خمسينات القرن الماضي كانت واعدة. ثم جاءت القطيعة مع وصول الخميني للحكم لتتوالى فصول الترغيب والترهيب: اتفاق عام 2015، ثم انسحاب أمريكي وعقوبات قاسية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Iranian Presidency Office/M. Berno
البداية النووية
كان العام 1957، بداية البرنامج النووي الأيراني حين وقع شاه إيران اتفاق برنامج نووي مع أمريكا، ليتم الإعلان عن "الاتفاق المقترح للتعاون في مجال البحوث ومجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية" تحت رعاية برنامج أيزنهاور "الذرة من أجل السلام". وفي1967، أسس مركز طهران للبحوث النووية. لكن توقيع إيران معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في 1968، جعلها تخضع للتفتيش والتحقيق من قبل الوكالة الدولية للطاقة.
صورة من: gemeinfrei
إنهاء التدخل الغربي في البرنامج النووي
الإطاحة بحكم الشاه وقيام جمهورية إسلامية في إيران سنة 1979، جعلت أواصر العلاقات بين إيران والدول الغربية موسومة بقطيعة، فدخل البرنامج النووي في مرحلة سبات بعد انسحاب الشركات الغربية من العمل في المشاريع النووية وإمدادات اليورانيوم عالي التخصيب؛ فتوقف لفترة برنامج إيران النووي .
صورة من: Getty Images/Afp/Gabriel Duval
البحث عن حلول
سمح خميني عام 1981 بإجراء بحوث في الطاقة النووية. وفي 1983، تعاونت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لمساعدة طهران على الصعيد الكيميائي وتصميم المحطات التجريبية لتحويل اليورانيوم، خاصة في موقع أصفهان للتكنولوجيا النووية، لكن الموقف الغربي عموما كان رافضا لمثل هذا التعاون. ومع اندلاع الحرب بين إيران والعراق تضرر مفاعل محطة بوشهر النووية فتوقفت عن العمل.
صورة من: akairan.com
روسيا تدخل على الخط، والصين تنسحب!
في التسعينات تم تزويد إيران بخبراء في الطاقة النووية من طرف روسيا. وفي 1992، انتشرت مزاعم في الإعلام الدولي بوجود أنشطة نووية إيرانية غير معلنة، مما جعل إيران تستدعي مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارة المنشآت النووية، وخلصت التفتيشات حينها إلى أن الأنشطة سلمية. في 1995، وقعت إيران مع روسيا عقدا لتشغيل محطة بوشهر بالكامل، في حين انسحبت الصين من مشروع بناء محطة لتحويل اليورانيوم.
صورة من: AP
إعلان طهران وزيارة البرادعي لإيران
طلبت الوكالة الدولية، في 2002، زيارة موقعين نوويين قيل أنهما غير معلنين، لكن إيران لم تسمح بذلك حتى مرور ستة أشهر على شيوع الخبر. وفي 2003، زار محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إيران للحصول على إيضاحات في ما يخص استئناف أنشطة تخصيب اليورانيوم، واصدرت الوكالة تقريرا سلبيا تجاه تعاون إيران.
صورة من: AP
شد وجذب
أصدرت الوكالة الدولية، في 2004، قرارا يطالب إيران بالإجابة عن جميع الأسئلة العالقة، وبتسهيل إمكانية الوصول الفوري إلى كل المواقع التي تريد الوكالة زيارتها، وبتجميد جميع الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم بمستوى يتيح إنتاج الوقود النووي والشحنة الانشطارية. لكن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وبعد انتخابه، عمل على تفعيل البرنامج النووي ولم يكترث للتهديدات الغربية، كما أسس مفاعل "أراك" للماء الثقيل.
صورة من: AP
فصل جديد
في 2006، صوت أعضاء الوكالة الدولية على إحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن، الذي فرض حظرا على تزويد إيران بالمعدات اللازمة لتخصيب اليورانيوم وإنتاج صواريخ بالستية. وردت إيران على هذا الإجراء بتعليق العمل بالبروتوكول الإضافي وجميع أشكال التعاون الطوعي. وفي نفس السنة، أعلن الرئيس الإيراني؛ أحمدي نجاد، عن نجاح بلده في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3,5 بالمائة. الصورة لوفد قطر أثناء التصويت على القرار.
صورة من: AP
مفاعلات نووية سرية
في عام2009 ، تحدث بعض المسؤولين الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين، عبر وسائل الاعلام، عن قيام إيران ببناء مفاعل نووي في ضواحي مدينة قم، كما قال هؤلاء بأنه تحت الأرض ويبنى بكل سرية، دون أن تخبر به إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حين نفت طهران ذلك واعتبرته مجرد ادعاءات.
صورة من: AP
على مشارف حل
في عام 2014، تم الاتفاق على وقف تجميد الولايات المتحدة لأموال إيرانية قدرت بمليارات الدولارات، مقابل توقف إيران عن تحويل اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمائة إلى وقود. وفي نفس السنة، قامت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية باجراء تعديلات على منشأة "أراك" لضمان إنتاج حجم أقل من البلوتونيوم.
صورة من: ISNA
الاتفاق التاريخي
في عام 2015، وبعد سلسلة من الاجتماعات، في فيينا، أعلن عن التوصل لاتفاق نهائي؛ سمي اتفاق إطار، بخصوص برنامج إيران النووي. الاتفاق جمع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا بإيران. وكان من المرجح أن ينهي هذا الاتفاق التهديدات والمواجهة بين إيران والغرب.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Wilking
طموحات حدها الاتفاق!
كان باراك أوباما، الرئيس الأمريكي السابق، واحدا من رؤساء الدول المتفقة مع إيران، فيما يخص البرنامج النووي، من الذين رأوا في الخطوة ضمانا لأمن العالم، بالمقابل قال نظيره الإيراني؛ حسن روحاني، إن بلاده حققت كل أهدافها من خلال الاتفاق. لكن الأمور لم تعرف استقرارا، خاصة مع رغبة إيران في تطوير برنامجها نووي، دون أن تلفت اليها الأنظار.
صورة من: Getty Images/A. Burton/M. Wilson
أمريكا تنسحب
آخر التطورات في الاتفاق النووي، كانت يوم الثلاثاء 8 أيار/مايو 2018، حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قرار الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، متعهداً بأن تفرض بلاده "أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية على النظام الإيراني". وفي هذا الصدد، عبرت طهران عن عدم رغبتها في الدخول في جولات جديدة من المفاوضات الشاقة مع أمريكا.
صورة من: Imago/Zumapress/C. May
شروط أي "اتفاق جديد"
بعد الانسحاب الأميركي، أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو 12 شرطاً أميركياً للتوصل إلى "اتفاق جديد". وتضمنت هذه الشروط مطالب شديدة الصرامة بخصوص البرنامج النووي وبرامج طهران البالستية ودور إيران في الشرق الأوسط. وهدّد بومبيو إيران بالعقوبات "الأقوى في التاريخ" إذا لم تلتزم بالشروط الأميركية.
صورة من: Getty Images/L. Balogh
واشنطن تشدد الخناق
فرضت إدارة ترامب أول حزمة عقوبات في آب/أغسطس ثم أعقبتها بأخرى في تشرين الثاني/نوفمبر. وشملت هذه العقوبات تعطيل معاملات مالية وواردات المواد الأولية إضافة إلى إجراءات عقابية في مجالي صناعة السيارات والطيران المدني. وفي نيسان/أبريل من عام 2019، أدرجت الولايات المتحدة الحرس الثوري الإيراني على لائحتها السوداء لـ"المنظمات الإرهابية الأجنبية"، وكذلك فيلق القدس المكلف بالعمليات الخارجية للحرس الثوري.
صورة من: picture-alliance/U. Baumgarten
أوروبا تغرد خارج السرب
في 31 كانون الثاني/يناير 2019، أعلنت باريس وبرلين ولندن إنشاء آلية مقايضة عرفت باسم "إنستكس" من أجل السماح لشركات الاتحاد الأوروبي بمواصلة المبادلات التجارية مع إيران رغم العقوبات الأميركية. ولم تفعل الآلية بعد، كما رفضتها القيادة العليا في إيران. وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أكدت على "مواصلة دعمنا الكامل للاتفاق النووي مع إيران، وتطبيقه كاملاً"، داعية إيران إلى التمسك به.
صورة من: Reuters/S. Nenov
طهران ترد
في أيار/مايو الماضي، قررت طهران تعليق بعض تعهداتها في الاتفاق النووي التاريخي المبرم عام 2015 مع الدول الكبرى بعد عام على القرار الأميركي الانسحاب من الاتفاق. وحذرت الجمهورية الإسلامية من أنها ستستأنف تخصيب اليورانيوم بدرجة أعلى من المسموح بها في الاتفاق خلال 60 يوماً، إذا لم يوفر لها الأوروبيون الحماية من العقوبات الأمريكية. مريم مرغيش/خالد سلامة