روبينا كريمي: صراع من أجل تحديد السن.. قاصر أم لا؟
٢٤ نوفمبر ٢٠١٨
عند قدومها إلى ألمانيا في عام 2017، تم تسجيل روبينا كريمي كطفلة دون سن الرشد في برلين. وسرعان ما ظهر خلاف حول سنها. إذ يتم اتهامها بالكذب. وتحقيقات DW كشفت العديد من التناقضات لدى السلطات المحلية.
إعلان
بعد المراجعات في إدارة الأجانب غالبا ما تبكي. "السيد ف. يعتبر جميع الأفغان بأنهم كذابين ومنافقين"، تكتب روبينا كريمي في قصيدتها حول الموظف الذي يستعرض نفسه "كملك إدارة الأجانب". ورغم أن الأفغانية الشابة موجودة في ألمانيا منذ 20 شهرا فقط، فإن ملفها الشخصي يتضمن مئات الأوراق والوثائق. وفي تلك الوثائق يدرج تاريخ 20 أكتوبر 1997 كيوم ولادتها. إنه يوم ولادة وهمي، والنتيجة هي إجراء اختبار على السن.
عند وصولها إلى برلين في مارس 2017 بدون جواز سفر اعتبرها الموظفون في إدارة الشباب بأنها دون سن الرشد. والأساس هو استجواب قالت فيه بأن والدتها توفيت أثناء ولادتها في 11 ديسمبر 2000 والمظهر الخارجي حسب البروتوكول لا وجود لتجاعيد في الجبين ولا العنق. والاستنتاج هو أن المظهر والسلوك يشيران إلى طفولة دون سن الرشد. وتم إيواء البنت في مركز خاص باللاجئين القاصرين غير المرافقين.
كيف صدرت التأشيرة؟
روبينا كريمي تعترف فورا بأنها كانت مجبرة من أجل الحصول على تأشيرة للهرب إلى أوروبا الآمنة على تقديم وثائق زائفة. وهذا التعليل تصفه المحكمة الإدارية في برلين لاحقا بأنه "يمكن تفهمه"، بخلاف إدارة الأجانب. والمؤكد حسب الوثائق هو أن أخت روبينا الأكبر سنا تعرضت لسوء المعاملة والاضطهاد من طرف إسلامويين. وهربت في 2016 إلى ألمانيا وحصلت على حق اللجوء.
وبعد هرب أختها أصبحت روبينا عرضة للاعتداءات، وفي إحدى المرات تعقبها رجل في طريقها إلى المدرسة وحاول جرها إلى داخل سيارة. أراد شقيقها إرسالها عبر برنامج دراسي إلى أوروبا، لكن كان يجب أن تكون في سن الرشد. كانت خائفة جدا أثناء المراقبة والتفتيش في المطار، لأنها كانت تحمل جواز سفر مزور.
"أحضري لنا جواز سفر"
" ما الذي وجب علي فعله حتى يثقوا بأن عمري 16 سنة؟"، تسأل البنت الشابة السلطات في برلين. ونصحتها إدارة الأجانب والشباب بتسليمها جواز سفر طلبته البنت عند السفارة الأفغانية.
وفي منتصف مايو 2017 حصلت روبينا كريمي على جواز سفر يحمل تاريخ ميلاد 11 ديسمبر 2000. وتسلمت الموظفة في إدارة الأجانب الجواز، وطالبت بالحصول على الوثائق لإصدار تأشيرة الهرب. والجواز الذي يحمل تاريخ الميلاد في 1992 كان حقيقيا، وإلا لما صدرت تأشيرة، كما يعتبر الموظف ف. الذي تصفه روبينا في القصيدة "ملك إدارة الأجانب". وأرسل الموظف ف. الجواز بتاريخ 11 ديسمبر 2000 للتحقق منه من طرف الشرطة الجنائية الألمانية التي اعتبرت أن الجواز حقيقي، لتتولى إدارة الشباب مجددا روبينا كريمي تحت رقابتها. وحتى محكمة العائلة مقتنعة بأن روبينا في سن دون الرشد وعينت صوفيا شليته ولية أمرها. وفي بداية 2018 تؤكد المحكمة سن دون الرشد عند روبينا.
اختبار سن أو الخروج من المساعدة الخاصة بالشباب
وفي صيف 2017 أرادت إدارة الشباب بسبب الجوازين طلب تحقيق حول السن. وتقول المحامية مهريبان تيرهشته إن تقرير الخبير الفني حول السن تشوبه أخطاء. وتتهم الخبير بإصدار تفسيرات خاطئة حول ما إذا كانت أضراس العقل بارزة عند موكلتها أم ماتزال داخل الفك. إلا أن رسالة طبيبة الأسنان المعالجة تكذِب تقييمه. ويبقى التشخيص الطبي حول السن مثيرا للجدل. فيما رفضت غرفة الأطباء الاتحادية فحوصات الأشعة، لأنها غير مشروعة. ودراسة من السويد تؤكد فرضية الأخطاء العالية.
انطباع شابة
وتعتبر السلطات أن روبينا في سن 21 عاما. إلا أن الوثائق التي قدمتها تبقى بدون مفعول بما في ذلك شهادة مدرسية من القسم العاشر في كابول وتأكيدات شهود على وفاة والدتها وولادتها في عام 2000. وكتبت موظفة من إدارة الشباب في بروتوكول أن روبينا تعطي الانطباع بأنها شابة.
وكشف تحقيق من جانب DW الكثير من الأخطاء لدى السلطات المعنية بالقضية. وأفادت إدارة الأجانب أنها فتحت تحقيقا ضد روبينا، إلا أن المتحدث باسم النيابة العامة أوضح أن الأخيرة لا تجد "شبهة كافية".
والموظف في إدارة الأجانب السيد ف. قال للمحامية ميهريبان تيرهيشته:"انظري إلى المسألة بروح رياضية! أحيانا يكسب المرء وأحيانا أخرى يخسر". لكن روبينا تعتبر أنه لا يمكن تحمل هذا الأمر، لأن القضية تتعلق بحياتها وبأنها ليست لعبة.
أندريا غروناو/ م.أ.م
اللاجئون في ألمانيا - من "ثقافة الترحيب" إلى "سياسة الترحيل"
في خريف عام 2015، فتحت ألمانيا أبوابها للآلاف من اللاجئين. وكان تفهم الألمان لمآسي هؤلاء ملفتا جداً. إلا أن أحداثاً عديدة قلبت ثقافة الترحيب إلى مطالب بالترحيل. بالصور: محطات من السياسة الألمانية تجاه اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Fischer
بداية الموجة
في 25 آب/ أغسطس 2015، علقت ألمانيا تنفيذ اتفاق دبلن تجاه اللاجئين السوريين. وينص الاتفاق على إعادة اللاجئين إلى بلد دخلوه في الاتحاد الأوروبي. وبعدها بأيام قالت المستشارة ميركل إن التغلب على موجة اللجوء؛ "مهمة وطنية كبيرة"، كما أصرت على أن "ألمانيا ستنجح في هذه المهمة". وخشيةً من مأساة تحل بآلاف اللاجئين، قررت ميركل إلى جانب النمسا استقبال اللاجئين، وكان ذلك في الخامس من أيلول/ سبتمبر 2015.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
استقبال وترحيب
مثلت ""ثقافة الترحيب" عنصراً مهماً في استقبال اللاجئين في خريف 2015. وقد حظي اللاجئون عند وصولهم إلى عدد من المدن الألمانية بترحيب منقطع النظير من جانب المتطوعين من المواطنين الألمان والأجانب المقيمين في ألمانيا. وبادر هؤلاء المتطوعون إلى تقديم المساعدة المعنوية والمادية للعديد منهم. ففي ميونيخ مثلاً، تم إنشاء مطاعم مؤقتة للاجئين المنتظرين تسجيل أسماءهم لدى الشرطة، ونقلهم إلى مراكز الإيواء.
صورة من: picture alliance/dpa/J. Carstensen
أزمة السكن
عدد كبير من اللاجئين قصد ألمانيا بعد قرار ميركل عام 2015. الأرقام المتزايدة للاجئين شكلت تحديا كبيراً للألمان. وبدأت مدن ألمانية باستعمال المباني الخالية أو المهجورة كمراكز إيواء للاجئين، فيما استدعت السلطات الحكومية المختصة الموظفين المتقاعدين للعمل من جديد في مراكز اللاجئين. ويعتبر هذا المعطى واحداً من المؤشرات الأخرى التي فرضت على ألمانيا دخول تحدٍ جديدٍ، بسبب اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Fassbender
بداية أحداث قلبت الموازين
كانت أحداث كولونيا، التي وقعت في ليلة رأس السنة الجديدة 2016/2015 بداية فاصلة لتغير مزاج الألمان تجاه اللاجئين. حيث شهدت تلك الليلة عملية تحرش جماعي كبرى لم تشهدها ألمانيا من قبل. تلقت الشرطة مئات البلاغات من نساء تعرضن للتحرش والسرقة وفتحت الشرطة أكثر من 1500 تحقيق لكن السلطات لم تنجح في التعرف إلا على عدد قليل من المشتبه بهم، الذين كانت ملامحهم شرق أوسطية وشمال إفريقية، طبقا لشهود.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Böhm
مطالب بالترحيل
أعمال التحرش الجنسي في كولونيا، ليلة رأس السنة، تسببت في موجة استياء واسعة في ألمانيا بداية من عام 2016، وقد دفعت كثيرين للمطالبة بتشديد القوانين لترحيل الجناة وجعلت آخرين يطالبون بتفادي تجريم فئة معينة في المجتمع. وكانت حركة "بغيدا" أهم الأطراف، التي دعت إلى وقف تدفق اللاجئين على ألمانيا. وتعارض هذه الحركة الشعبوية بوجه خاص إيواء لاجئين من دول إسلامية بدعوى أن ثقافتهم لا تنسجم مع القيم الغربية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
تحديد سقف لعدد اللاجئين
على خلفية اعتداءات كولونيا ليلة رأس السنة، وجد زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي المحافظ آنذاك هورست زيهوفر في الواقعة فرصة للتأكيد على طلبه الرئيسي المتمثل في تحديد سقف أعلى لعدد اللاجئين المسموح لهم بدخول ألمانيا. لكن ميركل كانت قد رفضت الأمر في مؤتمر حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" (البافاري) في ميونيخ.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
هجمات متفرقة ينفذها لاجئون
وقام بعض اللاجئين بأعمال عنف و"إرهاب" جعلت مؤيدين كُثراً يسحبون دعمهم لسياسة الترحيب. ومن أبرز هذه الاعتداءات، ما حصل بمدينة أنسباخ جنوبي ألمانيا. فقد فجَّر طالب لجوء سوري عبوة ناسفة من صنعه وهو ما أدى إلى مقتله وإصابة 12 شخصاً. كما أصاب طالب لجوء آخر (2016) خمسة أشخاص بجروح بفأس وسكين على متن قطار في فورتسبورغ.
صورة من: Reuters/M. Rehle
هجمات معادية للاجئين
وفي المقابل قام أشخاص بالاعتداء على مجموعة من مراكز إيواء اللاجئين مثل إضرام الحريق في مركز فيرتهايم. كما شهدت بعض المدن الألمانية مظاهرات معادية لاستقبالهم. هذه التصرفات دفعت المستشارة ميركل للقول إنه لا تسامح مع اليمينيين المتطرفين الذين يقومون بهجمات ضد اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Engmann
عملية دهس وراءها داعش!
في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2016 اهتزت برلين لفاجعة الدهس بشاحنة، التي أدت لمقتل 12 شخصاً وإصابة 48 آخرين. هذا العمل الإرهابي قام به لاجئ في ألمانيا، فقد وُجهت التهمة لأنيس العامري، وهو تونسي الجنسية، كان يبلغ حينها 24 عاماً، باختطاف شاحنة بولندية ضخمة، ودهس بها تجمعاً بشرياً بأحد أسواق أعياد الميلاد في قلب برلين، قبل أن تقتله الشرطة الإيطالية. وقد أعلنت "داعش" فيما بعد تبنيها للاعتداء.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
سياسة ميركل في مرمى الانتقادات
تصاعد الأزمات، وتفاقم المشاكل جعل شعبية المستشارة ميركل تقل، فقد اتهمها منتقدوها بأن سياسة "الباب المفتوح" التي اتبعتها فاقمت الأوضاع من خلال تشجيع المزيد من اللاجئين على الدخول في رحلاتهم الخطرة نحو أوروبا. وفي سبتمبر 2016 بدأت ألمانيا أيضا بعمليات مراقبة مؤقتة على حدودها مع النمسا.
صورة من: Getty Images/J. Simon
هل ستستقبل ألمانيا لاجئين جدد؟
أعلنت المفوضية الأوروبية لشؤون اللاجئين موافقة الحكومة الألمانية على استقبال 10 آلاف لاجئ ضمن برنامج "إعادة التوطين" التابع للاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يحاول وزير الداخلية الألمانية الإسراع بفتح مراكز جديدة للاجئين تتولى استقبال اللاجئ والبت في قراره ثم ترحيله في حالة رفض طلبه. بالإضافة إلى توجهه نحو التشدد حيال لمّ شمل عائلات اللاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية. إعداد: مريم مرغيش