روبيو في إسرائيل .. أي رسالة لنتنياهو بعد استهداف قطر؟
١٤ سبتمبر ٢٠٢٥
وصل وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الأحد (14 أيلول / سبتمبر 2025) إلى إسرائيل في زيارة يجدد خلالها دعم بلاده للدولة العبرية، رغم الضربات التي شنّتها على قطر مستهدفة قادة حماس، ولقيت انتقادا من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وأثارت الضربات غير المسبوقة غضب الدوحة حليفة واشنطن في المنطقة، ونددت بها أطراف إقليمية ودولية. كما ألقت بظلالها على محاولات التوصل الى هدنة في الحرب والافراج عن الرهائن في القطاع، لا سيما وأن قطر هي طرف رئيسي في المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس التي أكدت نجاة رئيس وفدها المفاوض خليل الحية من القصف.
وتأتي زيارة روبيو في ظل ضغوط دولية على إسرائيل على خلفية تصعيد عملياتها العسكرية في شمال قطاع غزة.
وسيلتقي روبيو رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ومسؤولين إسرائيليين. ومن المقرر أن يزور حائط المبكى في القدس. وكان وزير الخارجية أكد قبيل سفره أن الانتقاد النادر الذي وجّهه ترامب لإسرائيل بعد قصف الدوحة لن يغيّر في الدعم الأميركي للدولة العبرية. وقال "ما حدث قد حدث. من الواضح أننا لسنا سعداء بذلك، والرئيس لم يكن سعيدا بذلك". لكنه أكد أن "هذا لن يغير من طبيعة علاقتنا مع الإسرائيليين، لكن علينا أن نناقشه (...) وبشكل رئيسي ما التأثير الذي سوف يخلفه" على جهود التوصل إلى هدنة في الحرب المتواصلة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وتابع روبيو "نحن بحاجة إلى المضي قدما ومعرفة ما سيأتي بعد ذلك، لأنه في نهاية المطاف، عندما يتم قول وفعل كل شيء، هناك مجموعة تسمى حماس لا تزال موجودة، وهي مجموعة شريرة".
وقطر ، مع الولايات المتحدة ومصر، هي طرف أساسي في جهود الوساطة للتوصل الى هدنة في قطاع غزة. واستضافت الدوحة العديد من جولات التفاوض غير المباشر بين حماس وإسرائيل.
وكرّر نتانياهو السبت الدفاع عن استهداف قادة الحركة، معتبرا أن "التخلص" منهم سيؤدي إلى إنهاء الحرب. وقال "قادة حماس الإرهابيون الذين يعيشون في قطر لا يهتمون بأهالي غزة. لقد عرقلوا جميع محاولات وقف إطلاق النار من أجل إطالة أمد الحرب بلا نهاية"، معتبرا أن "التخلص منهم سيُزيل العقبة الرئيسية أمام الإفراج عن جميع رهائننا وإنهاء الحرب".
يذكر أن حركة حماس هي جماعة فلسطينية إسلاموية مسلحة تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.
استياء داخل إسرائيل
وعلّق منتدى عائلات الرهائن على ذلك بالقول إن نتانياهو هو "عقبة" أمام إنهاء الحرب وإطلاق سراح المحتجزين. أضاف "في كل مرة يقترب التوصل إلى صفقة، يقوم نتانياهو بتخريبها".
وتجمعت الحشود في تل أبيب وفي أنحاء إسرائيل مساء أمس السبت لمطالبة الحكومة بالتوصل لاتفاق وقف إطلاق نار مقابل الإفراج عن بقية الرهائن الـ49 في غزة، وذلك في الوقت الذي انتقدت فيه أسر الرهائن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على خلفية الهجوم الذي استهدف قادة حماس في قطر الثلاثاء الماضي، والذي يبدو أنه مثل ضربة للمباحثات المتعلقة بالإفراج عن الرهائن مقابل وقف إطلاق النار.
وذكرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل أن شارون الوني كونيو، التي مازال زوجها ديفيد رهينة في غزة، ويعتقد أنه مازال على قيد الحياة، اتهمت الحكومة بالمماطلة في إطلاق سراح بقية الرهائن. وقالت" نتنياهو يعارض التوجه الذي بدأه هو بنفسه" في إشارة إلى رفض رئيس الوزراء لاتفاق مؤقت بشأن الرهائن، الذي كان قد قال من قبل إنه يفضله على التوصل لاتفاق شامل. وأضافت" انقطعت المفاوضات، وهذه المرة بالحرائق وأعمدة الدخان. كل تأخير يعد خطرا مميتا".
تصعيد عسكري في غزة
وتأتي زيارة روبيو في وقت تصعّد إسرائيل عملياتها في إطار خطتها المعلنة للسيطرة على مدينة غزة، كبرى مدن القطاع وأكثرها اكتظاظا بالسكان. ودمّر الطيران الإسرائيلي في الآونة الأخيرة عددا من المباني العالية في المدينة بذريعة أن حماس تستخدمها لغايات عسكرية، وهو ما تنفيه الحركة. وتستمر حركة النزوح من المدينة. وقدّر الجيش الإسرائيلي السبت عدد النازحين بأكثر من 250 ألف شخص.
وحثت الأمم المتحدة وأطراف دولية إسرائيل على وقف العملية، محذّرة من أن الهجوم وعمليات النزوح الناجمة عنه ستفاقم الأزمة الإنسانية التي بلغت حد إعلان المنظمة الدولية رسميا المجاعة في غزة الشهر الماضي. وأفاد الدفاع المدني السبت بمقتل 32 شخصا منذ الفجر في القصف الإسرائيلي على أنحاء مختلفة من القطاع.
دعوة غربية لـ"وقف فوري" للعمليات العسكرية
وكانت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا دعت في بيان الجمعة إلى "وقف فوري للعمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة غزة". وتعتزم بلدان غربية تتقدمها فرنسا وبريطانيا، الاعتراف بدولة فلسطينية على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وصوّتت الجمعية العامة الجمعة لصالح قرار يهدف إلى إحياء حل الدولتين من دون إشراك حركة حماس فيه. وأكدت واشنطن أن زيارة روبيو الى إسرائيل تأتي كذلك في سياق الدعم بمواجهة هذا الحراك الدبلوماسي. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية تومي بيغوت الجمعة إن واشنطن ستظهر التزامها "بمواجهة الإجراءات المناهضة لإسرائيل، بما في ذلك الاعتراف الأحادي بدولة فلسطينية يكافئ إرهاب حماس".
واستبعد الباحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن براين كاتوليس أن يضغط روبيو نحو وقف لإطلاق النار في غزة. وقال كاتوليس "يبدو أن الإدارة تستمع أكثر لقواعدها التي تتشكل من (السفير في القدس مايك) هاكابي وأمثاله من المسيحيين الإنجيليين المتحالفين مع الإسرائيليين اليمينيين".
وأسفر هجوم حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 عن مقتل 1219 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات رسمية إسرائيلية.
وردت إسرائيل بشن عمليات عسكرية في قطاع غزة أدت إلى مقتل 64803 أشخاص على الأقل، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق أرقام وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها. وبحسب الجيش الإسرائيلي، ما زال هناك 47 رهينة في غزة، 25 منهم لقوا حتفهم، من بين 251 شخصا خُطفوا في الهجوم.
تحرير: ابتسام فوزي