سعت روسيا لتحميل أوكرانيا والدول الغربية الداعمة لها مسؤولية الهجوم على صالة الحفلات في موسكو، رغم تبني تنظيم "داعش" المجزرة، التي أودت بحياة 139 شخصا على الأقل. فيما نشرت معلومات أكثر عن المشتبه بتورطهم في الهجوم.
إعلان
تسعى أجهزة الأمن التابعة للكرملين الى تفسير كيفية تمكّن مسلحين من تنفيذ أسوأ هجوم تشهده روسيا منذ أكثر من عقدين.وبينما أقرّ الرئيس فلاديمير بوتين بأن "متطرّفين إسلامويين" نفّذوا الاعتداء، إلا أنه أشار إلى أنهم على صلة بأوكرانيا التي تتعرض لعملية عسكرية روسية بدأت قبل عامين. وأفاد رئيس جهاز الأمن الفدرالي (اف اس بي) ألكسندر بورتنيكوف، اليوم الثلاثاء (26 مارس/آذار 2024)، أنه في حين لم يتم تحديد هويات الأشخاص الذين "أمروا" بالهجوم، إلا أن منفّذيه كانوا متوجهين إلى أوكرانيا حيث كانوا سيحظون "باستقبال الأبطال".
ونقلت وكالات أنباء روسية عن بورتنيكوف قوله "نعتقد أن التحرّك تم التحضير له من جانب متطرفين إسلامويين وبالطبع سهلته أجهزة استخبارات غربية، والاستخبارات الأوكرانية نفسها لديها صلة مباشرة بالأمر".
رفضت أوكرانيا بشدّة الاتهامات الصادرة عن موسكو بشأن ضلوعها في الهجوم، واعتبر مساعد بارز للرئيس فولوديمير زيلينسكي أن الكرملين يسعى للتغطية على "عدم كفاءة" أجهزته الاستخباراتية. وبدا أن أقرب حليف دولي لروسيا، الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو يقوّض رواية الكرملين الرئيسية، إذ أعلن أن المهاجمين حاولوا دخول بلاده قبل التوجّه نحو أوكرانيا. وقال "أدركوا أنه لا يمكنهم على الإطلاق دخول بيلاروس. لذلك، عادوا أدراجهم وتوجّهوا إلى جزء من الحدود بين روسيا وأوكرانيا".
وعبّر الكرملين عن ثقته بأجهزة الأمن القويّة في البلاد في ظل التساؤلات عن كيفية فشلها في إحباط الهجوم رغم التحذيرات التي وصلت سواء علنا أو بشكل خاص من الولايات المتحدة. وأكد تنظيم "الدولة الإسلامية" مرارا منذ الجمعة مسؤوليته، ونشرت قنوات إعلامية على صلة به تسجيلات مصوّرة ذات محتوى عنيف للمسلّحين داخل موقع الهجوم. وأفاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاثنين بأن باريس تملك معلومات تؤكد وقوف متطرّفين إسلاميين خلف الاعتداء، محذّرا روسيا من استغلاله للإلقاء باللوم على أوكرانيا.
لماذا يتخوف الغرب من "داعش خراسان"؟
19:08
وشكّلت مجزرة صالة الحفلات الموسيقية ضربة كبيرة لبوتين بعد أسبوع ونيف على إعلان فوزه بولاية جديدة في أعقاب انتخابات خاضها من دون منافسة واعتبرها الكرملين تعبيرا عن التأييد لعمليته العسكرية في أوكرانيا. وقال بوتين لأول مرّة الاثنين إن "متطرّفين إسلامويين" يقفون وراء هجوم الأسبوع الماضي، لكنه سعى مع ذلك لربطه بكييف. وبينما لم يقدّم أي أدلة، ربط بوتين الهجوم الذي استهدف صالة "كروكوس سيتي هول" بسلسلة توغلات في الأراضي الروسية نفّذتها مجموعات مؤيدة لأوكرانيا وقال إن جميعها تندرج ضمن مساعي "نشر الذعر في مجتمعنا".
في الأثناء، قررت محكمة في موسكو الثلاثاء حبس المشتبه به الثامن في الاعتداء. وأعلنت موسكو في وقت سابق اعتقال 11 شخصا على صلة بالهجوم الذي اقتحم مسلحون بزي مموّه خلاله "كروكوس سيتي هول" وأطلقوا النار على الحاضرين وأضرموا النار في المبنى.
وذكرت خدمة الإعلام التابعة للمحكمة أن المشتبه به الأخير الذي وضع في الحبس الاحتياطي يتحدّر من قرغيزستان. وأوضح مسؤولون أن الأوامر صدرت بإبقائه قيد الاعتقال حتى 22 أيار/مايو على أقل تقدير، من دون تحديد تفاصيل الاتهامات الموجّهة إليه.
أما الأشخاص الأربعة الذين تم توجيه الاتهامات إليهم بتنفيذ الاعتداء، فهم من طاجيكستان. كما تم توجيه اتهامات مرتبطة بالإرهاب لثلاثة مشتبه بهم آخرين، بينهم مواطن روسي واحد على الأقل. ولفت مسؤول تركي الثلاثاء إلى أن اثنين من المشتبه بهم المتحدرين من طاجيكستان تنقّلا "بحرية بين روسيا وتركيا" قبيل الاعتداء. وأضاف أنهما مكثا فترة في تركيا قبل وقت قصير من وقوع الهجوم ودخلا روسيا على متن الرحلة ذاتها الآتية من اسطنبول. وُجّهت تهم الإرهاب لجميع الموقوفين علما بأنهم قد يواجهون أحكاما بالسجن تصل إلى مدى الحياة. ولم يستجب الكرملين بعد للدعوات إلى إعادة فرض حكم الإعدام بعد الهجوم.
ف.ي/ع.ج.م (د ب ا، رويترز، ا ف ب)
بوتين في صور - من عميل للمخابرات إلى زعيم للكرملين
استطاع فلاديمير بوتين أن يتدرج في حياته من منصب عميل للاستخبارات السوفياتية إلى رئيس لروسيا. بوتين حقق فوزاً كاسحاً في 19 مارس/ آذار 2018 ليظفر بولاية رابعة عن عمر يناهز 65 عاما. بالصور: محطات بارزة في حياة بوتين.
صورة من: picture-alliance/dpa/A.Zemlianichenko
طفولة بسيطة
ولد في 7 أكتوبر/تشرين الأول 1952 في لينينغراد (سانت بطرسبورغ حاليا)؛ فلاديمير بوتين، الذي يعتبر "أقوى رجل" في روسيا اليوم، حصل على الدكتوراه في فلسفة الاقتصاد. وتخرج في كلية الحقوق عام 1975 متخصصا في العلاقات الدولية. يجيد بوتين اللغتين الألمانية والإنجليزية. وعُرف عنه الاهتمام بفنون الدفاع عن النفس كما عمل مدرسا للعبة السامبو في عام 1973.
صورة من: picture-alliance/dpa/A.Zemlianichenko
عين لدى المخابرات السوفياتية
قبل أن يصبح فلاديمير بوتين رئيسا لروسيا، تدرج في مهمات عديدة. ابن مدينة سانت بطرسبورغ الروسية، عاصر الشيوعية وانضم إلى المخابرات السوفييتية (كي جي بي) كعميل لديها في ألمانيا الشرقية سابقا. غادر البلاد سنة 1985 ليعود إليها بعد خمس سنوات. وبعد رجوعه عام 1990 بدأت حياة بوتين السياسية انطلاقا من بلدية سانت بطرسبورغ.
صورة من: picture alliance/Globallookpress/Russian Archives
تدرج في السلطة
عمل بوتين رئيسا للجنة الاتصالات الخارجية في سانت بطرسبورغ. وفي عام 1996 أصبح نائبا لمدير الشؤون الإدارية في الرئاسة الروسية. عام 1997، تقلد بوتين منصب نائب مدير ديوان الرئيس الروسي وعمل رئيسا لإدارة الرقابة العامة في الديوان. وفي عام 1998 حقق قفزة كبيرة إذ عينه الرئيس الراحل يلتسين رئيسا للوزراء.
صورة من: Imago/ITAR-TASS
بداية الرئاسة
بعد تنحي يلتسن أصبح بوتين رئيسا لروسيا بالوكالة، وبالتحديد يوم 31 ديسمبر/كانون الأول 1999. وبعد ذلك بسنة، أي في مارس/آذار 2000، تقدم للانتخابات الرئاسية وفاز فيها. واستطاع بوتين في ظرف ثلاثة أشهر أن يسيطر على وسائل الإعلام. كما عرفت هذه المرحلة بالقضاء على التمرد في الشيشان حيث استخدم بوتين القبضة الحديدية.
صورة من: picture-alliance/dpa/ITAR-TASS
ولاية ثانية
أعيد انتخاب بوتين في عام 2004 لولاية رئاسية ثانية، بعد فوز كاسح ناهز 70 بالمائة من الأصوات. بوتين، الذي استفاد من النمو الاقتصادي ببلده لم يفلح في إنجاح علاقته بالغرب في هذه الفترة، وعرفت علاقة الجانبين توترا رفع من حدته اندلاع "الثورات الملونة" بجورجيا وأوكرانيا.
صورة من: AP
نقاهة لم تستمر لأكثر من ولاية!
لأن الدستور الروسي يمنع تولي أكثر من ولايتين متتاليتين، لم يتمكن بوتين من الترشح لولاية ثالثة عام 2008. فتبادل الأدوار مع رئيس حكومته ديمتري مدفيديف الذي نجح في انتخابات الرئاسة. حينها اكتفى بوتين بمنصب رئيس الوزراء لمدة أربع سنوات.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Druzhinin
عودة "القيصر"
عاد "القيصر"، كما يلقبه كثيرون، إلى رئاسة روسيا لولاية ثالثة بعد أن فوزه في 4 مايو/أيار2012 بالانتخابات الرئاسية مرة أخرى. وقد حصل بوتين حينها على 63.6%. وتم انتخابه حينها وسط احتجاجات المعارضة الروسية وبعض المنظمات الدولية، التي تحدثت عن خروقات مست الانتخابات التي نصبت بوتين رئيسا للبلاد.
صورة من: picture-alliance/dpa/ITAR-TASS/A. Novoderezhkin
تمدد في دول الجوار
كانت الثورة الأوكرانية وتبعاتها فرصة استراتيجية بالنسبة لبوتين، حيث ضم "شبه جزيرة القرم" في أوائل 2014. وقد أجري في 16 مارس استفتاء في القرم للانفصال عن أوكرانيا والانضمام لروسيا، وجاءت النتيجة لصالح روسيا بنسبة 95%. شبه جزيرة القرم، التي كانت جزءا من روسيا القيصرية، عمل بوتين جاهدا على استرجاعها. ويرى البعض أن بوتين سعى بهذه الخطوة إلى إظهار قوة روسيا واختبار تمددها السياسي في دول الجوار.
صورة من: Getty Images/AFP/S. Bobok
الأزمة السورية ودعم الأسد
لم يبق بوتين بعيدا عن الأوضاع السياسية في الشرق الأوسط، وبالأخص في القضية السورية حيث تدخلت بلاده عسكريا هناك. ويرى محللون أن استمرار الرئيس بشار الأسد في منصبه يعود بشكل كبير للدعم الذي تلقاه من بوتين، إلى جانب الأطراف الأخرى. كما يرون أن بوتين يسعى للاستفادة عسكريا وسياسيا واقتصاديا من خلال وجود قواته في سوريا التي يحرص على استمرار العلاقة التي جمعت بلده بها تاريخيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/XinHua/A. Safarjalani
نصر للمرة الرابعة
"سأرشح نفسي لمنصب رئيس روسيا الاتحادية، وأثق أن كل شيء سيكون على ما يرام" بهذا أعلن فلاديمير بوتين عن نيته في خوض غمار الانتخابات لعام 2018. بوتين الذي قال جملته هذه في 6 ديسمبر 2017، استطاع أن يحققها على أرض الواقع ويفوز برهان الولاية الرابعة لمدة ست سنوات. الأصوات. إعداد: مريم مرغيش.