روسيا تسجن صحفيين سابقين في DW بسبب المعارض الراحل نافالني
سيرجيو ساتانوفسكي | ديمترو هوبينكو
١٩ أبريل ٢٠٢٥
محكمة في موسكوتقضي بسجن 4 صحفيين، بينهم اثنان عملا مع مؤسسة (دويتشه فيله) DW بتهمة التطرف لتغطيتهم أنشطة مؤسسة نافالني. دويتشه فيله أدانت الحكم وأعربت عن تضامنها مع الصحفيين المعتقلين وعائلاتهم.
اثنان من المحكوم عليهم وهما غابوف وكاريلين كانا ضمن فريق DW في موسكو قبل أن تبدأ السلطات الروسية حملتها ضد وسائل الإعلام الأجنبية والمحلية المعارضة.صورة من: uncredited/AP/picture alliance
إعلان
أدانت محكمة في العاصمة الروسية موسكو، يوم الثلاثاء (15 أبريل/ نيسان)، أربعة صحفيين بتهم «الانتماء إلى منظمة متطرفة»، وذلك في إشارة إلى مؤسسة مكافحة الفساد (FBK) التي أسسها المعارض الروسي أليكسي نافالني، والذي توفي في فبراير/ شباط 2024 داخل سجن في المنطقة القطبية في ظروف لا تزال غامضة.
الصحفيون الأربعة، وهم أنتونينا فافورساكايا، كونستانتين غابوف، سيرغي كاريلين وأرتيوم كريغر، حُكم عليهم بالسجن لمدة خمس سنوات ونصف، رغم نفيهم القاطع لهذه التهم وتأكيدهم أنهم مارسوا عملهم المهني فقط في تغطية الأخبار، دون أي ارتباط تنظيميبالمؤسسة.
اللافت في هذه القضية أن اثنين من المحكوم عليهم وهما غابوف وكاريلين كانا ضمن فريق DW في موسكو قبل أن تبدأ السلطات الروسية حملتها ضد وسائل الإعلام الأجنبية والمحلية المعارضة.
وخلال جلسات المحكمة، التي جرت خلف الأبواب المغلقة، أكد الصحفيون الأربعة أنهم تعرضوا لمحاكمة غير عادلة، متهمين السلطات بمحاولة "إسكات أصوات الإعلام المستقل" عبر الزج بهم في السجون.
إعلان
ظروف احتجاز قاسية
منذ اعتقالهم في ربيع وصيف 2024، تعرّض الصحفيون الأربعة لظروف اعتقال صعبة؛ حيث اعتقلت فافورساكايا في مارس، غابوف وكاريلين في أبريل، وكريغر في يونيو، وظلوا جميعاً قيد الاحتجاز حتى صدور الأحكام بحقهم.
في رسائل مسربة من داخل سجن «ماتروسكايا تيشينا» في موسكو، الذي نُقلوا إليه في أكتوبر/تشرين الثاني الماضي، وصف كل من جابوف وكاريلين وضعهم المأساوي داخل الزنازين، متحدثين عن الاكتظاظ الشديد، والنوم على الأرض، وانتشار بقّ الفراش، وانعدام أبسط مقومات الحياة الإنسانية.
غابوف كتب في رسالة مؤثرة: "أشعر وكأنني أعيش في قبو مع نافذة صغيرة بالكاد تسمح بمرور الضوء. الزنزانة مكتظة، وأضطر للنوم على الأرض بجوار سجين آخر، دون أي راحة".
أما كاريلين، فأوضح أنه تم وضعه في زنزانة تحتوي على أربعة أسرّة فقط لثمانية أشخاص، ما اضطرهم للنوم "رأساً على عقب" على أسرة معدنية رديئة. فيما وصفت محاميته كاترينا تيرتوخينا الأوضاع بأنها "تعذيب ممنهج"، مؤكدة أن هذه الظروف حرمت موكلها من التحضير السليم لدفاعه أمام المحكمة.
"أنا مجرد صحفي مستقل"
وقبيل صدور الحكم، قال الصحفي أرتيوم كريغر إن ما حدث معه هو نتيجة عمله المهني كـ"صحفي نزيه ومستقل". ووصف المحاكمة بأنها «جنون خالص»، مشيراً إلى أن السلطات تحاول تصويره وكأنه «متطرف ومجرم يستحق السجن، فقط لأنه أدى واجبه الإعلامي بصدق».
DW تدين الحكم
من جهته، أدان المدير العام لـ"دويتشه فيله" بيتر ليمبورغالأحكام، واعتبرها دليلاً جديداً على انتهاك روسيا لسيادة القانون، وقال في بيان رسمي: «النظام الروسي يفعل كل ما بوسعه لتزييف الحقائق، ويعامل الصحفيين الشجعان كما لو كانوا مجرمين خطرين. وأضاف: "كل يوم يقضيه فافورساكايا، غابوف، كاريلين وكريغر خلف القضبان هو يوم سجن زائد عن الحد". وأكد ليمبورغ تضامن DW الكامل مع الصحفيين المعتقلين وعائلاتهم.
أدان بيتر ليمبورغ، المدير العام لدويتشه فيله، الحكم، قائلاً إن روسيا "تثبت مجددًا بقوة أنها دولة لا تحترم سيادة القانون". صورة من: Stephanie Englert/DW
واقع إعلامي يزداد قتامة في روسيا
تأتي هذه القضية في ظل تصاعد الضغوط على حرية الإعلام في روسيا، حيث صنّفت منظمة «مراسلون بلا حدود» روسيا في المرتبة 162 من أصل 180 دولة ضمن مؤشر حرية الصحافة العالمي، ووصفت وضع الإعلام في البلاد بأنه «شبه معدوم».
وبحسب إحصائيات المنظمة، قُتل ما لا يقل عن 37 صحفياً في روسيا خلال عهد الرئيس فلاديمير بوتين بسبب عملهم الصحفي المباشر.
وفي سياق حملة التضييق المتواصلة على المؤسسات الإعلامية الأجنبية، حظرت السلطات الروسية بث قناة DW وأغلقت مكتبها في موسكو في الرابع من فبراير 2022، كما حجبت موقعها الإلكتروني بجميع اللغات داخل البلاد، فيما انتقل القسم الروسي للقناة لمواصلة عمله من العاصمة اللاتفية ريغا.
أعده للعربية: علاء جمعة
نافالني.. محطات من النضال ضد بوتين
توفي المعارض الروسي أليكسي نافالني في سجنه بالقطب الشمالي، في ما يأتي محطّات توثّق نضال أحد أبرز معارضي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حيث عانى من السجن والمحاكمات والملاحقة المستمرة.
صورة من: Evgeny Feldman/Meduza via AP
الكشف عن ثروات نخب الكرملين
في عام 2011 أنشأ المعارض الروسي أليكسي نافالني مؤسسة مناهضة للفساد استقطبت أعدادا كبيرة من المناصرين مع كشفها عن الثروات الكبرى للنخب الموالية للكرملين. وفي شتاء 2011-2012 قاد نافالني تحرّكات احتجاجية كبرى على إثر انتخابات برلمانية فاز فيها حزب "روسيا الموحدة" بزعامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في استحقاق شابته اتّهامات بالتزوير. وتم اعتقاله وسجنه لمدة 15 يوماً بتهمة "تحدي مسؤول حكومي".
صورة من: dapd
احتجاجات حاشدة
في مارس/ آذار 2012 شارك نافالني في الاحتجاجات الحاشدة التي اندلعت في موسكو ومناطق أخرى من روسيا في أعقاب إعادة انتخاب الرئيس فلاديمير بوتين. واتهم نافالني شخصيات رئيسية، بما في ذلك نائب رئيس الوزراء آنذاك إيغور شوفالوف والزعيم الشيشاني القوي رمضان قديروف، بالفساد.
صورة من: Reuters
انتخابات بلدية موسكو
وفي 2013 حلّ نافالني ثانيا في انتخابات رئاسة بلدية موسكو خلف رئيسها المنتهية ولايته والمدعوم من الكرملين سيرغي سوبيانين. واتّهم نافالني سوبيانين بتزوير الانتخابات في عدد من مراكز الاقتراع، لكن مطالباته بإعادة فرز الأصوات رفضت.
صورة من: picture-alliance/dpa
اعتقال بتهمة الاحتيال
في يوليو/ تموز 2013 أيضاً أدين نافالني بتهمة الاحتيال على السلطات في قضية كيروفليس بمنطقة كيروف في صفقة أخشاب بقيمة 16 مليون روبل (500 ألف دولار)، أثناء عمله مستشارا للحاكم. ونفى نافالني صحّة هذه الاتهامات وقال إنها محاولة لإسكاته.
وحكمت عليه محكمة كيروف بخمس سنوات، لكن النيابة طلبت إطلاق سراحه من الحبس بانتظار استئناف الحكم، ومواصلة حملته الانتخابية.
صورة من: Reuters
إقامة جبرية
في شباط/ فبراير 2014 وضعت السلطات الروسية نافالني تحت الإقامة الجبرية فيما يتعلق بقضية شركة "إيف روشيه" ومنعه من استخدام الإنترنت. لكنه استمر في تحديث مدونته بانتظام، من خلال فريقه على الأرجح، حيث عمل على نشر تفاصيل الفساد المزعوم للعديد من المسؤولين الروس.
صورة من: Reuters
اسئتناف أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان
في كانون الأول/ ديسمبر 2014 أُدين نافالني وشقيقه أوليغ بتهمة الاحتيال في قضية "إيف روشيه". وتلقى نافالني حكماً بالسجن لمدة ثلاث سنوات ونصف مع وقف التنفيذ، بينما حُكم على شقيقه بالسجن. وقام كلاهما بالاستئناف أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
صورة من: Reuters/M. Zmeyev
تشايكا.. النورس
في كانون الأول/ ديسمبر 2015 نشرت مؤسسة نافالني لمكافحة الفساد أول فيديو طويل لها، وهو فيلم وثائقي على موقع يوتيوب بعنوان "تشايكا"، وهو ما يعني "النورس" بالروسية ولكنه أيضاً الاسم الأخير للمدعي العام آنذاك يوري تشايكا. ويتهمه الفيديو الذي تبلغ مدته 44 دقيقة، بالفساد وارتباطاته المزعومة بجماعة إجرامية سيئة السمعة، وحصد 26 مليون مشاهدة على موقع يوتيوب. ونفى تشايكا ومسؤولون روس آخرون هذه الاتهامات.
صورة من: chaika.navalny.com
انتهاك الحق في محاكمة عادلة
في شباط/ فبراير 2016 أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حكماً ينص على أن روسيا انتهكت حق نافالني في محاكمة عادلة في قضية "كيروفليس"، وأمرت الحكومة بدفع التكاليف القانونية والتعويضات.
صورة من: Getty Images/AFP/S. Brovko
خمس سنوات سجن مع وقف التنفيذ
في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 ألغت المحكمة العليا في روسيا الحكم على نافالني وأعادت القضية إلى المحكمة الأصلية في مدينة كيروف للمراجعة. لكن في شباط/ فبراير 2017 أعادت محكمة كيروف محاكمة نافالني لتؤيد في النهاية الحكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات مع وقف التنفيذ اعتبارا من عام 2013.
صورة من: Getty Images/AFP/S. Brovko
حياة مترفة
في آذار/ مارس 2017 نشر نافالني مقطع فيديو تناول فيه الحياة المترفة التي يعيشها رئيس الوزراء حينها ديمتري مدفيديف، وثروته العقارية متطرقا إلى منزل فخم يملكه وفيه مزرعة للبط وسط بحيرة، ما أدى إلى تظاهرات مندّدة. ومُنع نافالني من الترشحّ للرئاسة في مواجهة بوتين بسبب إدانته بتهمة الاختلاس. وحضّ نافالني الروس على مقاطعة الانتخابات التي أفضت، رغم جهود المعارض، إلى فوز بوتين بولاية رابعة.
صورة من: picture-alliance/AP/Sputnik/A. Astafyev
تصويت ذكي
في تموز/ يوليو 2019 مُنع أعضاء فريق نافالني، إلى جانب نشطاء معارضين آخرين، من الترشح لمجلس مدينة موسكو، مما أثار احتجاجات تم تفريقها بعنف، مع اعتقال الآلاف. واستجاب فريق نافالني من خلال الترويج لاستراتيجية "التصويت الذكي"، وتشجيع انتخاب أي مرشح باستثناء مرشحي حزب "روسيا الموحدة" التابع للكرملين. وقد نجحت هذه الاستراتيجية، حيث خسر الحزب أغلبيته.
صورة من: Imago Images/TASS/S. Bobylev
تسمم على متن طائرة!
20 آب/ أغسطس 2020 أُصيب نافالني حين كان مسافراً على متن رحلة جوية من مدينة تومسك مع نشطاء محليين، بوعكة صحية وقامت الطائرة بهبوط اضطراري في أومسك القريبة. دخل المستشفى في غيبوبة، واشتبه فريق نافالني في أنه تعرض للتسمم.
صورة من: picture-alliance/AP/E. Sofiychuk
غاز أعصاب سوفييتي
في 22 من آب/ أغسطس 2020 نُقل نافالني في غيبوبة إلى مستشفى في برلين. وأكدت السلطات الألمانية بعدها بقليل تعرض نافالني للتسمم بغاز أعصاب يعود إلى الحقبة السوفيتية. وبعد أن تعافى من آثاره وجه المعارض الروسي الاتهام إلى الكرملين، ما نفاه مسؤولون روس.
صورة من: picture-alliance/AP/Gluchinskiy
الاعتقال مجدداً
بعد خمسة أشهر من العلاج والإقامة في ألمانيا قرر نافالني العودة إلى بلاده حيث أُلقي عليه القبض منتصف كانون الثاني/ يناير 2021 فور عودته. وزعمت السلطات أن رحلته للعلاج خارج روسيا انتهكت شروط عقوبته مع وقف التنفيذ في قضية "إيف روشيه". وأثار اعتقاله واحدة من أكبر الاحتجاجات في روسيا منذ سنوات، حيث تم القبض على الآلاف.
صورة من: Evgeny Feldman/Meduza via AP
إضراب عن الطعام
في مطلع شباط/ فبراير 2021 أمرت محكمة في موسكو بسجن نافالني لعامين ونصف العام بسبب انتهاكه للإفراج المشروط. أثناء وجوده في السجن، بدأ نافالني إضراباً عن الطعام لمدة ثلاثة أسابيع احتجاجاً على نقص العلاج الطبي والحرمان من النوم.
صورة من: Moscow City Court Press Service/TASS/dpa/picture alliance
تسمم ببطء
في عام 2023 وقع أكثر من 400 طبيب روسي رسالة مفتوحة إلى بوتين، يحثون فيها على إنهاء ما يسمونه إساءة معاملة نافالني، بعد تقارير تفيد بحرمانه من الأدوية الأساسية بعد إصابته بالأنفلونزا. وقال فريقه إن نافالني عانى من آلام حادة في المعدة وسط شبهات في تعرضه للتسمم ببطء.