روسيا تعلن صد هجوم مسلح داخل أراضيها وكييف تنفي علاقتها
٢٣ مايو ٢٠٢٣
اقتحمت مجموعتان مسلحتان منطقة غرايفورون في بيلغورود على الحدود الروسية الأوكرانية، وفيما حملت موسكو كييف المسؤولية، أكدت الأخيرة أنه أمر روسي داخلي لا علاقة لأوكرانيا به. كل ذلك تزامنا مع استمرار غموض الوضع في باخموت.
إعلان
أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء 23 مايو/ أيار 2023) أن قواتها المسلحة "سحقت" المجموعة التي هاجمت الاثنين منطقة بيلغورود الروسية الحدودية، في أخطر توغل في الأراضي الروسية منذ بدء غزو موسكو لأوكرانيا. وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان "خلال عملية مكافحة الإرهاب، وبفضل ضربات للطيران والمدفعية وتحرك وحدات الدفاع عن الحدود التابعة للمنطقة العسكرية الغربية، تم صد التنظيمات القومية (الأوكرانية) وسحقها".
وفي أوكرانيا، حيث نفت السلطات أي ضلوع لها في هذه العملية التي تبنتها مجموعتان من المقاتلين الروس المناهضين للرئيس فلاديمير بوتين، زار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الثلاثاء خط الجبهة في منطقة دونيتسك، مسرح المعارك العنيفة.
لكن الانتباه يتركز بالتأكيد على الجانب الروسي من الحدود منذ توغل المجموعة المسلحة الاثنين الى بيلغورود، ما دفع السلطات الى إغلاق المنطقة وإجلاء عدة بلدات تعرضت لقصف. وعبر الكرملين عن "قلق عميق" بعد هذا التوغل داعيا الى "بذل المزيد من الجهود" للتصدي له، فيما يطرح تزايد الهجمات على الأراضي الروسية تساؤلات حول صلابة الدفاعات الروسية في وقت تقول كييف إنها تحضر لهجوم واسع النطاق.
وتبنت عملية التوغل مجموعتان روسيتان مناهضتان لبوتين تنشطان على الجبهة الأوكرانية منذ أشهر وقد شنتا عمليات عسكرية مماثلة لكن على نطاق أضيق. وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف "ما حدث بالأمس يثير قلقا عميقا ويظهر مرة أخرى أن المقاتلين الأوكرانيين يواصلون أنشطتهم ضد بلادنا".
وكان حاكم منطقة بيلغورود فياتشيسلاف غلادكوف أفاد أن عمليات "التطهير" مستمرة. لم يتضح على الفور ما اذا كانت الاشتباكات لا تزال دائرة في المنطقة ولا ما اذا كان لا يزال هناك مقاتلون قدموا من أوكرانيا داخل الأراضي الروسية. وأضاف أن عدة بلدات بينها غريفورون، كبرى مدن المنطقة التي تحمل الاسم نفسه، تعرضت لقصف بالمدفعية وراجمات الصواريخ ومسيّرات. وأوضح غلادكوف انه تم اجلاء مدنيين من تسع بلدات مشيرا الى اصابة 12 مدنيا بجروح.و
وردا على هذا التوغل أدرجت روسيا منطقة بيلغورود الحدودية مع أوكرانيا ضمن "النظام القانوني لمنطقة عمليات لمكافحة الارهاب"، وفق ما اعلن حاكم المنطقة فياتشيسلاف غلادكوف الاثنين وهو ما يعطي سلطات خاصة لأجهزة الأمن ويسمح بفرض اجراءات تشمل تعزيز الأمن ومراقبة الاتصالات.
من جانب آخر، أعلنت لجنة التحقيق الروسية المكلفة أبرز التحقيقات في البلاد، الثلاثاء فتح تحقيق في "عمل إرهابي". رغم أن هجمات أخرى وقعت في الأسابيع الماضية في هذه المنطقة الحدودية، إلا انها المرة الأولى التي تتخذ فيها مثل هذا الحجم. وأظهر قدرة على اختراق الحدود الروسية.
قتال لم يقع مثله في أوروبا منذ 1945- محطات من الغزو الروسي لأوكرانيا
في نزاع لم تشهد له أوروبا مثيلاً منذ الحرب العالمية الثانية، تتواصل المعارك الشرسة بين الغزاة الروس وبين الأوكرانيين. وبحسب تقديرات يزيد عدد قتلى وجرحى الحرب في كلّ معسكر عن 150 ألف شخص.
صورة من: Zohra Bensemra/REUTERS
بوتين يناقض نفسه ويبدأ الهجوم على أوكرانيا
بعد شهور من التوتر والجهود الدبلوماسية لتجنب الحرب، بدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فجر الخميس 24 شباط/ فبراير 2022، ما أسماه "عملية عسكرية خاصة" في أوكرانيا. وكان الكرملين قد سبق ونفى مراراً التقارير الغربية حول نية بوتين في غزو أوكرانيا. وقد بدأ الغزو واسع النطاق بضربات جوية في جميع أنحاء أوكرانيا، ودخلت القوات البرية من الشمال من بيلاروسيا حليفة موسكو، ومن الشرق والجنوب.
صورة من: Ukrainian Police Department Press Service/AP/picture alliance
نزوح ملايين الأوكرانيين هرباً من الحرب
مع بداية الهجمات الروسية بدأت موجة نزوح الأوكرانيين من مناطق القتال. ونزح نحو 5.9 مليون شخص داخلياً بسبب الحرب الروسية العام الماضي. كما فر الملايين إلى خارج أوكرانيا، وفقاً لتقرير مركز مراقبة النزوح الداخلي ومقره جنيف (الخميس 11 مايو/ أيار 2023). ومعظم النازحين هم من النساء والأطفال وكبار السن وغير القادرين على القتال.
صورة من: Andriy Dubchak/AP/picture alliance
محاولة فاشلة للسيطرة على العاصمة كييف
في غضون أيام، سيطرت القوات الروسية على ميناء بيرديانسك الرئيسي والعاصمة الإقليمية خيرسون القريبة من البحر الأسود، إضافة لعدة بلدات حول كييف في وسط شمال البلاد. لكن محاولتها السيطرة على كييف اصطدمت بمقاومة القوات الأوكرانية ومن ورائها الرئيس فولوديمير زيلينسكي الذي تحول إلى قائد حربي. وفي الثاني من نيسان/ أبريل 2022، أعلنت أوكرانيا تحرير منطقة كييف بأكملها بعد "الانسحاب السريع" للقوات الروسية.
صورة من: Emilio Morenatti/AP/picture alliance
كليتشكو من نزال الملاكمة إلى قتال المعارك
هب الأوكرانيون للدفاع عن بلادهم، فإضافة إلى القوات العسكرية كان هناك المتطوعون المدنيون من كافة الأطياف. هنا مثلاً بطل العالم السابق في الملاكمة فيتالي كليتشكو، عمدة كييف، وقد ارتدى سترة عسكرية خلال تواجده على الأرض لمشاركة أهل بلده في صد الغزو الروسي. كما تطوع أيضاً شقيقه الأصغر وبطل العالم السابق في الملاكمة فلاديمير كليتشكو للقتال. كما وظّف الشقيقان شهرتهما لكسب التعاطف العالمي مع قضية بلدهما.
صورة من: Sergei Supinsky/AFP
توالي العقوبات الغربية على روسيا
اتخذ الغرب، خصوصاً الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، مسار فرض عقوبات على روسيا، سواء في استيراد البضائع والطاقة منها أو تصدير التكنولوجيا إليها أو مصادرة أموال رجال أعمال مرتبطين بالكرملين. وفي قمة مجموعة السبع في قصر إلماو في بافاريا الألمانية (يونيو/حزيران 2022)، اتخذت المجموعة، التي تضم ألمانيا والولايات المتحدة وفرنسا وكندا وإيطاليا واليابان وبريطانيا، قرارات بتوسيع العقوبات على روسيا.
صورة من: Michael Kappeler/dpa/picture alliance
مساعدات عسكرية مكنت أوكرانيا من الصمود
وأعلنت دول غربية عديدة على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا تقديم مساعدات عسكرية بالمليارات لأوكرانيا. فقدمت واشنطن أسلحة ومعدات في 2022 بقيمة 22.9 مليار يورو، لتحتل بذلك المرتبة الأولى بين الدول الداعمة عسكريا لأوكرانيا، فيما حلت بريطانيا بالمركز الثاني خلال 2022 بمساعدات بقيمة 4.1 مليار يورو. أما ألمانيا فقدمت في العام نفسه 2.3 مليار يورو، لتحتل بذلك المرتبة الثالثة بين داعمي أوكرانيا عسكرياً.
صورة من: Polish Chancellery of Prime Ministry/Krystian Maj/AA/picture alliance
اتهامات بجرائم حرب مروعة في بوتشا
في بلدة بوتشا التي دمرتها المعارك، عُثر في الشوارع على جثث مدنيين أعدموا بدم بارد. لاحقاً عُثر على جثث مئات المدنيين حمل بعضها آثار تعذيب في مقابر جماعية في المدينة الصغيرة الواقعة على مشارف كييف. وأثارت صور هذه المجازر المنسوبة لروسيا استياء الغرب والأمم المتحدة وتعددت الاتهامات بارتكاب جرائم حرب، رغم نفي موسكو.
صورة من: Carol Guzy/Zuma Press/dpa/picture alliance
حصار ماريوبول وسقوط آزوفستال
في 21 أبريل/نيسان 2022، أعلن الكرملين دخول ماريوبول، الميناء الاستراتيجي على بحر آزوف. سمحت السيطرة على ماريوبول لروسيا بضمان التواصل بين قواتها من القرم والمناطق الانفصالية في دونباس. لكن حوالي ألفي مقاتل أوكراني واصلوا القتال متحصنين في متاهة مصنع آزوفستال تحت الأرض مع ألف مدني. قاوم المقاتلون حتى آخر طلقة. وقالت كييف إن 90% من ماريوبول دُمرت وقُتل فيها ما لا يقل عن 20 ألف شخص.
صورة من: Peter Kovalev/TASS/dpa/picture alliance
يوم تاريخي في خيرسون
في بداية سبتمبر/أيلول 2022، أعلن الجيش الأوكراني هجوماً مضاداً في الجنوب، لكنه حقق اختراقًاً خاطفًاً للخطوط الروسية في الشمال الشرقي وأرغم الجيش الروسي على الانسحاب من منطقة خاركيف. في أكتوبر/ تشرين الأول، بدأت موسكو بإجلاء السكان وإدارة الاحتلال من خيرسون. وفي 11 نوفمبر/تشرين الثاني بعد يومين من انسحاب القوات الروسية، استعادت كييف السيطرة على المدينة في "يوم تاريخي" كما وصفه الرئيس زيلينسكي.
صورة من: Bulent Kilic/AFP/Getty Images
مذكرة توقيف بحق بوتين وروسيا ترد
في مارس/ أذار 2023، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق بوتين بتهمة ارتكاب جرائم حرب على خلفية ترحيل أطفال أوكرانيين بشكل غير قانوني. وقالت كييف إنه تم ترحيل أكثر من 16 ألف طفل أوكراني إلى روسيا. وأصدرت المحكمة أيضاً مذكرة مماثلة بحق مفوضة حقوق الأطفال في روسيا ماريا لفوفا بيلوفا. وفي مايو/ أيار ردت روسيا بإصدار مذكرة توقيف بحق المدعي العام للمحكمة كريم أحمد خان، وهو بريطاني الجنسية.
صورة من: Rich Pedroncelli/AP Photo/picture alliance
الاستعداد لهجوم مضاد
في مواجهة طلبات زيلينسكي المتكررة وبعد فترة من المماطلة، قرر الأمريكيون والأوروبيون إرسال عشرات الدبابات الثقيلة من أجل تحسين قدرة الجيش الأوكراني على صد الهجمات. وفي 19 أبريل/ نيسان 2023، أعلنت كييف تلقيها أول منظومة دفاع جوي أمريكية من طراز باتريوت. في نهاية الشهر نفسه، أعلنت أوكرانيا أنها ستكون مستعدة قريباً لشن هجوم مضاد بهدف تحرير نحو 20% من أراضيها المحتلة، بما في ذلك شبه جزيرة القرم.
صورة من: Susan Walsh/POOL/AFP/Getty Images
قتال طيلة شهور في باخموت
في يناير/ كانون الثاني 2023، عاد الجيش الروسي إلى شن هجمات لا سيما في دونباس، بدعم من مرتزقة مجموعة فاغنر المسلّحة ومئات الآلاف من جنود الاحتياط الذين تمت تعبئتهم منذ أيلول/سبتمبر. احتدم القتال، خاصة حول باخموت، وهي مدينة في الشرق تحاول روسيا احتلالها منذ الصيف. وشهدت باخموت أطول المعارك وأكثرها فتكاً منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022.
صورة من: Muhammed Enes Yildirim/AA/picture alliance
تضارب بشأن سقوط باخموت
وأعلنت روسيا مساء السبت 19 مايو/ أيار 2023 استيلاءها على باخموت بالكامل، بعدما أعلن رئيس مجموعة فاغنر الروسية المسلحة يفغيني بريغوجين في نفس اليوم أن المجموعة ستسحب مقاتليها من المدينة اعتبارا من 25 مايو/ أيار وستسلم الدفاع عن المدينة إلى الجيش الروسي. في غضون ذلك، قالت كييف إنها لا تزال تقاتل في مناطق معينة معتبرة وضع مقاتليها "حرجاً". إعداد صلاح شرارة/خ.س (أ ف ب، رويترز، د ب أ).
صورة من: TASS/dpa/picture alliance
13 صورة1 | 13
وتبنت مجموعة "فيلق حرية روسيا" المؤلفة من روس يقاتلون إلى جانب أوكرانيا الهجوم عبر تلغرام. وكانت هذه المجموعة التي تصنفها روسيا "إرهابية"، تبنت توغلات في هذه المنطقة. وقد تكون مجموعة أخرى مماثلة تدعى "فيلق المتطوعين الروس" شاركت أيضا في العملية.
من جهتها نفت كييف أي ضلوع لها في التوغل. وقالت نائبة وزير الدفاع الأوكرانية غانا ماليار "الوضع في منطقة بيلغورود هو أزمة داخلية روسية".
وتعرضت الأراضي الروسية في الأشهر الماضية لعدد متزايد من عمليات التخريب والاعتداءات والهجمات بالمسيّرات التي تنسب الى اوكرانيا لكن كييف تنفي مسؤوليتها.
ويأتي هذا الهجوم على المنطقة الروسية قبل هجوم واسع النطاق يتوقع أن تشنه القوات الأوكرانية قريبا رغم أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال إن بلاده ليست مستعدة بعد.
وكان الكرملين اتهم الاثنين كييف بأنها وراء التوغل بهدف "تحويل الانتباه" عن سيطرة القوات الروسية على مدينة باخموت في شرق اوكرانيا. وأعلنت السلطات الروسية في نهاية الأسبوع أنها سيطرت على كامل المدينة المدمرة التي شهدت أطول وأشد المعارك خلال النزاع ومني فيها الطرفان بخسائر فادحة. غير أن زيلينسكي نفى خسارة باخموت وقال جيشه إنه لا يزال يسيطر على منطقة صغيرة منها مع تقدمه على جبهات شمال وجنوب المدينة. وقالت هيئة الأركان الأوكرانية صباح الثلاثاء إن "المعارك من أجل السيطرة على مدينة باخموت مستمرة".