روسيا تعلن عن هدنة إنسانية بحلب وأوروبا تدين غاراتها
١٧ أكتوبر ٢٠١٦
أعلنت روسيا عن هدنة إنسانية لمدة ثماني ساعات بحلب يوم الخميس. وجاء الإعلان بعيد بيان شديد اللهجة من الاتحاد الأوروبي يدين دور موسكو بحلب. الدفاع المدني اتهم الطيران الروسي بمقتل 14 شخصا من عائلة واحدة في حلب بينهم رضع.
إعلان
قالت وزارة الدفاع الروسية اليوم الاثنين (17 تشرين الأول/ أكتوبر 2016) إن القوات المسلحة الروسية والسورية ستوقفان هجماتها على مدينة حلب السورية لمدة ثماني ساعات يوم الخميس القادم ليتمكن المدنيون والمعارضون المسلحون من مغادرة المدينة. وقال سيرغي رودسكوي المسؤول بالوزارة "يوم 20 أكتوبر ستنفذ هدنة إنسانية في منطقة حلب. خلال هذه الفترة (ثماني ساعات) ستوقف القوات الجوية الروسية والقوات الحكومية السورية الغارات الجوية وإطلاق النار من أسلحة أخرى".
وكانت قناة "روسيا اليوم" الحكومية قد نقلت عن وزارة الدفاع الروسية إعلانها عن هدنة إنسانية بحلب في 20 تشرين الأول/أكتوبر الجاري وفتح ممرين لخروج المسلحين. وقالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية إنه اعتبارا من الساعة الثامنة صباح يوم العشرين من الشهر الجاري، سوف يتمكن المسلحون من مغادرة شرق حلب بحرية من خلال ممرين، بحسب وكالة انترفاكس. وأضافت هيئة الأركان أنه سوف يكون هناك ستة ممرات للمدنيين.
الاتحاد الأوروبي يندد بقصف حلب
في غضون ذلك دان الاتحاد الأوروبي بشدة اليوم الاثنين روسيا لتسببها في "معاناة لا توصف" من خلال حملة القصف التي تشنها على مدينة حلب السورية، وقال إن الغارات الجوية التي تشنها موسكو ودمشق قد تصل إلى مستوى "جرائم الحرب". وجاء في بيان وافقت عليه حكومات الاتحاد الثماني والعشرين "شدة ونطاق القصف الجوي على شرق حلب غير متناسب بشكل واضح منذ بداية الهجوم الذي يشنه النظام وحلفاؤه لاسيما روسيا."
وقال وزراء خارجية الاتحاد في بيان عقب محادثات في لوكسمبورغ "منذ أن بدأ النظام وحلفاؤه، وخاصة روسيا، الهجوم أصبح من الواضح أن حجم وكثافة القصف الجوي على شرق حلب مفرط"، وأضافوا أن "الاستهداف المتعمد للمستشفيات والطواقم الطبية والمدارس والبنى التحتية الأساسية إضافة إلى استخدام البراميل المتفجرة والقنابل العنقودية والأسلحة الكيماوية يشكل تصعيدا كارثيا للنزاع (..) وقد يصل إلى جرائم حرب".
وقالت خدمة الدفاع المدني اليوم إن 14 فردا من عائلة واحدة قتلوا في ضربة جوية بمنطقة شرق حلب الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة. واشتملت قائمة القتلى التي نشرها الدفاع المدني على أسماء عدد من الرضع وبينهم رضيعان يبلغان من العمر ستة أسابيع وستة أطفال تقل أعمارهم عن ثماني سنوات. وقال الدفاع المدني إن الطائرات التي نفذت الضربة روسية. ووقع الهجوم في حي المرجة بحلب.
وبعد فشل جهود دبلوماسية قادتها الولايات المتحدة في مطلع الأسبوع في تحقيق انفراجة اجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ للدعوة لإنهاء قصف أحياء حلب الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة السورية حيث يعيش نحو 275 ألف شخص تحت الحصار والإسراع بتوصيل مساعدات إنسانية للمدينة.
أ.ح/ع.ج (د ب أ، أ ف ب، رويترز)
في صور: معارك بلا هوادة وحرب بلا نهاية - حلب تحت النار
صورة من: Reuters/A. Ismail
"ماذا بقي من حلب؟"، لعل هذا السؤال الذي يطرحه هذا الطفل الذي يتأمل ما خلّفه القصف المتواصل على المدينة الجريحة المنكوبة؟ أو فقط لعله يتساءل عما بقي من بيت أهله وأين سيقضي ليلته دون سقف قد لا يقيه راجمات الأسد ولا قاذفات حلفائه الروس. في غضون ذلك، تتواصل معاناة عشرات الآلاف من سكان حلب...والعالم لا يحرك ساكنا!
صورة من: Reuters/A. Ismail
حتى عندما قصفت الصواريخ التي أطلقتها قوات الأسد مدعومة بقوات روسية المستشفيات، على غرار مستشفى ميم 10 والمعروف باسم "مستشفى الصخور" الواقع في شرق حلب وقُتل اثنان من المرضى وأصيب العشرات منهم، لم يحرك العالم ساكنا. البعض ندد وناشد... والأسد - مدعوما بحلفائه روسيا وإيران وحزب الله - يواصل الحرب على شعبه.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وفيما تتفاقم معاناة المدنيين، تحتفل قوات الأسد بتقدمها على حساب فصائل المعارضة في حلب... ودمشق تؤكد أن جيشها سيواصل حملته العسكرية الكبيرة - بمؤازرة من فصائل تدعمها إيران وغطاء جوي روسي - لاستعادة السيطرة.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Ourfalian
في غضون ذلك، يشيع الحلبيون يشيعون موتاهم إلى مثواهم الأخير في حرب تعددت فيها الجبهات وتنوعت فيها الأطراف بين من يدعم الأسد جهراً وسراً وبين من يدعم المعارضة بالسلاح بشكل مباشر أو غير مباشر. حرب وُصفت بـ"الوحشية" من قبل الأمم المتحدة، فيما تتحدث الصور التي تصلنا عنها عن "بشاعة" تكاد لا تجد ما يضاهيها في الشرق الأوسط منذ عقود طويلة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Alhalbi
ومن لم يحالفه الحظ بالهرب إلى خارج البلاد، يكون مصيره إما الموت أو الإصابة أو العيش في هلع يومي. الأكيد أن أكبر ضحايا هذه الحرب هم الأطفال. فقط بعض الصور التي تصلنا من حلب توثق مدى معاناة هؤلاء: ففي آب/ أغسطس الماضي، صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطخ بالدماء والغبار وهو يجلس داخل سيارة إسعاف، الملايين حول العالم بعد إنقاذه من غارة استهدفت الأحياء الشرقية في حلب. وما لا نعرفه كان أعظم!
صورة من: picture-alliance/AA/M. Rslan
حتى قوافل المساعدات الإنسانية التي جاد بها المجتمع الدولي للتخفيف بعض الشيء من معاناة المدنيين في حلب لم تسلم من القصف. فقبل أسبوعين تعرضت قافلة مساعدات في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي للقصف ما أسفر عن مقتل "نحو عشرين مدنياً وموظفاً في الهلال الأحمر السوري، بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية من الشاحنات"، وفق الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري.
صورة من: picture alliance/newscom/O. H. Kadour
وفيما يبقى المجتمع الدولي عاجزا حتى على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حلب وإتاحة المجال لتوصيل المساعدات الإنسانية والطبية إلى المدنيين المحاصرين، يبقى أصحاب الخوذات البيضاء "الأبطال" في عيون العديد من الحلبيين. رغم الحديد والنار ورغم الصواريخ والقاذفات، ظلوا في مدينتهم لمد يد المساعدة وإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وبينما يقضي أقرانها في أغلبية دول العالم أوقاتهم في المدرسة أو في اللعب، تجد هذه الطفلة السورية نفسها مجبرة على الوقوف في صف طويل من أجل الحصول على بعض من الطعام الذي توزعه بعض المنظمات الانسانية - طبعا إن سملت هي بدورها من قصف قوات الأسد وقاذفات الطائرات الروسية. بالنسبة للعديد هذه الصورة إنما حالة تبعث للحزن، ولكنها واقع مر لعشرات الآلاف من الأطفال السوريين...
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
وفيما يتحمل العديد من الحلبيين الواقع المر بالكثير من الصبر، نفذ صبر واشنطن خلال مفاوضاتها مع روسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا. وروسيا، التي عبرت طبعاً عن أسفها لذلك، تواصل دعمها للأسد. مراقبون يتحدثون عن لعبة بوتين في الشرق الأوسط من أجل حمل أمريكا وحلفائها الغربيين على إسقاط العقوبات المفروضة على بلاده بشأن دورها في أوكرانيا. إذن سوريا ليست إلا ورقة تفاوض للي ذراع أمريكا؟
صورة من: Getty Images/AFP/J. Samad
في الأثناء يواصل مجلس الأمن الدولي نقاشاته ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا لم ينفك يتحدث عن الأزمة السورية ومعاناة الشعب السوري - وخاصة المدنيين في حلب - ويناشد المجتمع الدولي وخاصة المنخرطين في الصراع السوري بعضا من "الشفقة"... والكل يدين ويكرر الدعوات إلى إيجاد حلول سياسية. فهل من آذان صاغية؟
صورة من: Reuters/A.Kelly
إلى حين إيجاد حل للأزمة السورية... إن وجد أصلا، يبقى العديد من المدنيين في حلب يواجهون مصيرهم بأنفسهم تحت القصف المتواصل دون أن تلوح في الأفق بادرة عن نهاية معاناتهم. فهل من أمل في غد أفضل؟
شمس العياري