روسيا تمدد وقف الغارات على حلب وبروكسل تلوح بالعقوبات
٢٠ أكتوبر ٢٠١٦
اتهم وزير الخارجية الروسي مقاتلي المعارضة بإعاقة مغادرة المدنيين لأحياء حلب الشرقية رغم الهدنة التي تسري في المدينة. فيما يبحث زعماء اوروبا مسودة بيان تدين الهجمات التي تشنها القوات السورية والطيران الروسي على حلب.
إعلان
تسري هدنة إنسانية أعلنت عنها روسيا من جانب واحد في مدينة حلب السورية منذ صباح الخميس (20 أكتوبر/تشرين الأول 2016) من دون أن تحقق حتى الآن الهدف الذي حددته موسكو لها بإجلاء مقاتلين ومدنيين راغبين بمغادرة الأحياء الشرقية. من جانبها رفضت المعارضة المسلحة مغادرة حلب، واتهمت الأسد وموسكو بالسعي لإخلاء المدينة من المدنيين.
وأعلنت موسكو تمديد الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ عند الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي، لمدة 24 ساعة بعدما كانت حددتها لمدة 11 ساعة. وذلك بعدما كان الجيش السوري قال الأربعاء إن الهدنة الإنسانية ستطبق على مدى ثلاثة أيام لكن لثماني ساعات يوميا فقط.
وفي بروكسل، أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لدى وصوله الخميس للمشاركة في قمة للاتحاد الأوروبي، أن "كل الخيارات مفتوحة" لفرض عقوبات على روسيا حول دورها في سوريا. ويبحث قادة دول الاتحاد الأوروبي الـ28 خلال قمة الخميس في بروكسل دور روسيا في النزاع السوري. وسيبحث المجتمعون، بحسب مسودة اتفاق حصلت عليها وكالة فرانس برس، "كل الخيارات بما يشمل عقوبات إضافية" تستهدف "الجهات الداعمة لنظام" الرئيس السوري بشار الأسد. وجاء في مسودة البيان الختامي للقمة التي اطلعت عليها كذلك رويترز: "المجلس الأوروبي يدين بشدة الهجمات التي يشنها النظام السوري وحلفاؤه وخاصة روسيا على المدنيين في حلب." وأضافت المسودة "المسؤولون عن انتهاكات القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان يجب أن يحاسبوا. الاتحاد الأوروبي يبحث كل الخيارات بما في ذلك إجراءات تفرض على أفراد وكيانات تدعم النظام حال استمرار الفظائع التي تحدث حاليا." من جانب قال رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك الخميس: "على الاتحاد الأوروبي أن يبقي جميع الخيارات مفتوحة بما في ذلك فرض عقوبات في حال استمرت الجرائم".
وكانت روسيا قد حددت ثمانية ممرات لخروج الراغبين من حلب، اثنان منها للمقاتلين، هما طريق الكاستيلو شمال حلب وسوق الهال في وسط المدينة. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس: "لم يتم تسجيل خروج أحد من الأحياء الشرقية عبر المعابر". وأفاد مراسل فرانس برس في الأحياء الشرقية بعد تجواله على أربعة معابر عدم رؤيته لأشخاص عبروا أي منها، إلا انه نقل مشاهدته لعدد محدود من المدنيين أرادوا المغادرة عبر معبر سوق الهال إلا أنهم تراجعوا جراء الاشتباكات التي اندلعت هناك. ونقل مصور لفرانس برس في الجهة الغربية من معبر بستان القصر بدوره مشاهدته لثمانية جرحى غادروا الأحياء الشرقية.
وشهد معبر سوق الهال الواقع بين حي بستان القصر من الجهة الشرقية (تحت سيطرة المعارضة) وحي المشارقة من الجهة الغربية (تحت سيطرة النظام)، اشتباكات وتبادل للقصف المدفعي بعد وقت قصير من بدء الهدنة واستمرت ساعات عدة، وفق ما أفاد مراسل فرانس برس في الأحياء الشرقية. وأكد مراسل فرانس برس تراجع الاشتباكات وأصوات الطلقات النارية بعد الظهر عند المعبر، مشيرا إلى عودة الحركة أيضا إلى الأحياء الشرقية عصرا كما لم تسجل أي طلعات للطائرات الحربية.
ويعيش 250 ألف شخص في شرق حلب في ظروف إنسانية صعبة في ظل تعذر إدخال المواد الغذائية والأدوية والمساعدات منذ ثلاثة أشهر. تشهد الأحياء الشرقية في حلب منذ 22 أيلول/سبتمبر هجوما لقوات النظام تزامن مع غارات روسية كثيفة وأخرى سورية أوقعت مئات القتلى وألحقت دمارا كبيرا لم تسلم منه المستشفيات.
خ. س/ي. ب (أ ف ب، رويترز)
في صور: معارك بلا هوادة وحرب بلا نهاية - حلب تحت النار
صورة من: Reuters/A. Ismail
"ماذا بقي من حلب؟"، لعل هذا السؤال الذي يطرحه هذا الطفل الذي يتأمل ما خلّفه القصف المتواصل على المدينة الجريحة المنكوبة؟ أو فقط لعله يتساءل عما بقي من بيت أهله وأين سيقضي ليلته دون سقف قد لا يقيه راجمات الأسد ولا قاذفات حلفائه الروس. في غضون ذلك، تتواصل معاناة عشرات الآلاف من سكان حلب...والعالم لا يحرك ساكنا!
صورة من: Reuters/A. Ismail
حتى عندما قصفت الصواريخ التي أطلقتها قوات الأسد مدعومة بقوات روسية المستشفيات، على غرار مستشفى ميم 10 والمعروف باسم "مستشفى الصخور" الواقع في شرق حلب وقُتل اثنان من المرضى وأصيب العشرات منهم، لم يحرك العالم ساكنا. البعض ندد وناشد... والأسد - مدعوما بحلفائه روسيا وإيران وحزب الله - يواصل الحرب على شعبه.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وفيما تتفاقم معاناة المدنيين، تحتفل قوات الأسد بتقدمها على حساب فصائل المعارضة في حلب... ودمشق تؤكد أن جيشها سيواصل حملته العسكرية الكبيرة - بمؤازرة من فصائل تدعمها إيران وغطاء جوي روسي - لاستعادة السيطرة.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Ourfalian
في غضون ذلك، يشيع الحلبيون يشيعون موتاهم إلى مثواهم الأخير في حرب تعددت فيها الجبهات وتنوعت فيها الأطراف بين من يدعم الأسد جهراً وسراً وبين من يدعم المعارضة بالسلاح بشكل مباشر أو غير مباشر. حرب وُصفت بـ"الوحشية" من قبل الأمم المتحدة، فيما تتحدث الصور التي تصلنا عنها عن "بشاعة" تكاد لا تجد ما يضاهيها في الشرق الأوسط منذ عقود طويلة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Alhalbi
ومن لم يحالفه الحظ بالهرب إلى خارج البلاد، يكون مصيره إما الموت أو الإصابة أو العيش في هلع يومي. الأكيد أن أكبر ضحايا هذه الحرب هم الأطفال. فقط بعض الصور التي تصلنا من حلب توثق مدى معاناة هؤلاء: ففي آب/ أغسطس الماضي، صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطخ بالدماء والغبار وهو يجلس داخل سيارة إسعاف، الملايين حول العالم بعد إنقاذه من غارة استهدفت الأحياء الشرقية في حلب. وما لا نعرفه كان أعظم!
صورة من: picture-alliance/AA/M. Rslan
حتى قوافل المساعدات الإنسانية التي جاد بها المجتمع الدولي للتخفيف بعض الشيء من معاناة المدنيين في حلب لم تسلم من القصف. فقبل أسبوعين تعرضت قافلة مساعدات في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي للقصف ما أسفر عن مقتل "نحو عشرين مدنياً وموظفاً في الهلال الأحمر السوري، بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية من الشاحنات"، وفق الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري.
صورة من: picture alliance/newscom/O. H. Kadour
وفيما يبقى المجتمع الدولي عاجزا حتى على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حلب وإتاحة المجال لتوصيل المساعدات الإنسانية والطبية إلى المدنيين المحاصرين، يبقى أصحاب الخوذات البيضاء "الأبطال" في عيون العديد من الحلبيين. رغم الحديد والنار ورغم الصواريخ والقاذفات، ظلوا في مدينتهم لمد يد المساعدة وإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وبينما يقضي أقرانها في أغلبية دول العالم أوقاتهم في المدرسة أو في اللعب، تجد هذه الطفلة السورية نفسها مجبرة على الوقوف في صف طويل من أجل الحصول على بعض من الطعام الذي توزعه بعض المنظمات الانسانية - طبعا إن سملت هي بدورها من قصف قوات الأسد وقاذفات الطائرات الروسية. بالنسبة للعديد هذه الصورة إنما حالة تبعث للحزن، ولكنها واقع مر لعشرات الآلاف من الأطفال السوريين...
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
وفيما يتحمل العديد من الحلبيين الواقع المر بالكثير من الصبر، نفذ صبر واشنطن خلال مفاوضاتها مع روسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا. وروسيا، التي عبرت طبعاً عن أسفها لذلك، تواصل دعمها للأسد. مراقبون يتحدثون عن لعبة بوتين في الشرق الأوسط من أجل حمل أمريكا وحلفائها الغربيين على إسقاط العقوبات المفروضة على بلاده بشأن دورها في أوكرانيا. إذن سوريا ليست إلا ورقة تفاوض للي ذراع أمريكا؟
صورة من: Getty Images/AFP/J. Samad
في الأثناء يواصل مجلس الأمن الدولي نقاشاته ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا لم ينفك يتحدث عن الأزمة السورية ومعاناة الشعب السوري - وخاصة المدنيين في حلب - ويناشد المجتمع الدولي وخاصة المنخرطين في الصراع السوري بعضا من "الشفقة"... والكل يدين ويكرر الدعوات إلى إيجاد حلول سياسية. فهل من آذان صاغية؟
صورة من: Reuters/A.Kelly
إلى حين إيجاد حل للأزمة السورية... إن وجد أصلا، يبقى العديد من المدنيين في حلب يواجهون مصيرهم بأنفسهم تحت القصف المتواصل دون أن تلوح في الأفق بادرة عن نهاية معاناتهم. فهل من أمل في غد أفضل؟
شمس العياري