روسيا والصين .. ميلاد تحالف غير مسبوق وصفقات بمئات المليارات
٤ فبراير ٢٠٢٢
لقاء جمع الرئيسين الروسي والصيني في بكين يكشف عن ميلاد تحالف يرى البلدان فيه أقوى شراكة استراتيجية بينهما، وتتمخض عنه صفقات مع شركات الغاز والبترول الروسية بمئات المليارات من الدولارات.
إعلان
كشف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة (الرابع من فبراير/ شباط 2022) النقاب عن اتفاقين جديدين في قطاع النفط والغاز مع الصين بقيمة 117.5 مليار دولار، متعهداً بزيادة صادرات أقصى الشرق الروسي، وذلك في وقت يتصاعد فيه الخلاف بين بوتين والمستوردين الأوروبيين بشأن أوكرانيا.
وتعمل روسيا، ثالث أكبر مورد للغاز لبكين، على تعزيز العلاقات مع الصين، أكبر مستهلك للطاقة في العالم، مما يقلل من اعتماد موسكو على عملائها التقليديين في أوروبا.
وقال بوتين في اجتماع مع الرئيس الصيني شي جينبينغ لمناقشة التعاون الوثيق: "أعد رجال الطاقة لدينا حلولاً جديدة جيدة جداً بشأن إمدادات الهيدروكربون إلى جمهورية الصين الشعبية". وأضاف: "لقد تقدمنا خطوة للأمام في صناعة الغاز"، وذلك في إشارة إلى إبرام اتفاق جديد لتزويد الصين بعشرة مليارات متر مكعب سنوياً من الشرق الأقصى الروسي. وكان بوتين قد زار بكين لحضور حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية.
وفي ذات الاجتماع، ندد الرئيسان عبر إعلان مشترك بـ"التأثير السلبي" لنفوذ الولايات المتحدة على "الاستقرار والسلام العادل" في العالم، وأكدا أنهما "يعارضان أي توسيع للحلف الأطلسي مستقبلاً"، وهو المطلب الأول لموسكو من أجل خفض حدة التوتر بينها وبين الغرب حول أوكرانيا.
ودعا البلدان "حلف شمال الأطلسي إلى التخلي عن نهجه المؤدلج الذي يعود إلى الحرب الباردة"، وهو موقف تكرره روسيا باستمرار.
من جهة أخرى، نددت موسكو وبكين بـ"التأثير السلبي لاستراتيجية الولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ على السلام والاستقرار في المنطقة"، مبدية "قلقهما" لإنشاء تحالف "أوكوس" العسكري بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا. وكانت الصين نددت بشدة بإنشاء هذا التحالف عند الإعلان عنه عام 2021، في وقت تعيد فيه الولايات المتحدة تركيز أولوياتها على المنافسة مع بكين في آسيا والمحيط الهادئ.
دخل بالمليارات على موسكو بمعزل عن أوروبا
وبحسب حسابات أعدتها وكالة رويترز، فإن مبيعات الغاز وحدها قد تدر حوالي 37.5 مليار دولار على مدار 25 عاماً، على افتراض متوسط سعر للغاز يبلغ 150 دولاراً لكل ألف متر مكعب، حسبما أشارت شركة الغاز الروسية العملاقة "غازبروم" بخصوص صفقتها الحالية مع الصين.
من جانبه، قال المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، إن الصفقة سارية لمدة 25 عاماً، فيما قال مصدر صيني بالقطاع إنها لمدة 30 عاماً.
وعلى صعيد منفصل، وقعت شركة النفط الروسية العملاقة "روسنفت"، التي يرأسها حليف بوتين منذ وقت طويل إيغور سيتشين، اتفاقاً مع "سي إن بي سي" الصينية لتوريد 100 مليون طن من النفط عبر كازاخستان على مدار عشر سنوات، مما يمدد فعلياً صفقة قائمة حالياً. وقالت "روسنفت" إن الصفقة الجديدة قيمتها 80 مليار دولار.
هذا ويتهم بوتين الولايات المتحدة بإذكاء التوتر بشأن أوكرانيا المجاورة لروسيا، والتي غضبت موسكو من رغبتها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. وحشدت موسكو أكثر من 100 ألف جندي روسي بالقرب من الحدود مع أوكرانيا، ما حذا بدول غربية لاتهام موسكو بالتخطيط لغزو، وهو ما تنفيه.
وتشكل روسيا أكبر مورد للغاز الطبيعي لأوروبا، ما يزيد من قلق الدول الغربية من أن الإمدادات غير المستقرة بالفعلقد تنقطع في حالة نشوب صراع. ومع ذلك، فإن الصفقة الجديدة مع بكين لن تسمح لموسكو بتحويل مسار الغاز المتجه إلى أوروبا، لأنها تشمل الغاز من جزيرة سخالين في المحيط الهادي، التي لا تتصل بشبكة خطوط الأنابيب الروسية الممتدة لأوروبا.
وقالت "غازبروم" في بيان إنها تخطط لزيادة صادرات الغاز للصين إلى 48 مليار متر مكعب سنوياً، بما في ذلك عبر خط الأنابيب الذي تم الاتفاق عليه، وسينقل 10 مليارات متر مكعب سنوياً من أقصى شرق روسيا.
وبموجب خطط سابقة، كانت روسيا تهدف إلى إمداد 38 مليار متر مكعب للصين بحلول 2025. ولم يحدد الإعلان متى ستصل إلى الهدف الجديد البالغ 48 مليار متر مكعب.
ي.أ/ ص.ش (أ ف ب، رويترز)
بوتين في صور - من عميل للمخابرات إلى زعيم للكرملين
استطاع فلاديمير بوتين أن يتدرج في حياته من منصب عميل للاستخبارات السوفياتية إلى رئيس لروسيا. بوتين حقق فوزاً كاسحاً في 19 مارس/ آذار 2018 ليظفر بولاية رابعة عن عمر يناهز 65 عاما. بالصور: محطات بارزة في حياة بوتين.
صورة من: picture-alliance/dpa/A.Zemlianichenko
طفولة بسيطة
ولد في 7 أكتوبر/تشرين الأول 1952 في لينينغراد (سانت بطرسبورغ حاليا)؛ فلاديمير بوتين، الذي يعتبر "أقوى رجل" في روسيا اليوم، حصل على الدكتوراه في فلسفة الاقتصاد. وتخرج في كلية الحقوق عام 1975 متخصصا في العلاقات الدولية. يجيد بوتين اللغتين الألمانية والإنجليزية. وعُرف عنه الاهتمام بفنون الدفاع عن النفس كما عمل مدرسا للعبة السامبو في عام 1973.
صورة من: picture-alliance/dpa/A.Zemlianichenko
عين لدى المخابرات السوفياتية
قبل أن يصبح فلاديمير بوتين رئيسا لروسيا، تدرج في مهمات عديدة. ابن مدينة سانت بطرسبورغ الروسية، عاصر الشيوعية وانضم إلى المخابرات السوفييتية (كي جي بي) كعميل لديها في ألمانيا الشرقية سابقا. غادر البلاد سنة 1985 ليعود إليها بعد خمس سنوات. وبعد رجوعه عام 1990 بدأت حياة بوتين السياسية انطلاقا من بلدية سانت بطرسبورغ.
صورة من: picture alliance/Globallookpress/Russian Archives
تدرج في السلطة
عمل بوتين رئيسا للجنة الاتصالات الخارجية في سانت بطرسبورغ. وفي عام 1996 أصبح نائبا لمدير الشؤون الإدارية في الرئاسة الروسية. عام 1997، تقلد بوتين منصب نائب مدير ديوان الرئيس الروسي وعمل رئيسا لإدارة الرقابة العامة في الديوان. وفي عام 1998 حقق قفزة كبيرة إذ عينه الرئيس الراحل يلتسين رئيسا للوزراء.
صورة من: Imago/ITAR-TASS
بداية الرئاسة
بعد تنحي يلتسن أصبح بوتين رئيسا لروسيا بالوكالة، وبالتحديد يوم 31 ديسمبر/كانون الأول 1999. وبعد ذلك بسنة، أي في مارس/آذار 2000، تقدم للانتخابات الرئاسية وفاز فيها. واستطاع بوتين في ظرف ثلاثة أشهر أن يسيطر على وسائل الإعلام. كما عرفت هذه المرحلة بالقضاء على التمرد في الشيشان حيث استخدم بوتين القبضة الحديدية.
صورة من: picture-alliance/dpa/ITAR-TASS
ولاية ثانية
أعيد انتخاب بوتين في عام 2004 لولاية رئاسية ثانية، بعد فوز كاسح ناهز 70 بالمائة من الأصوات. بوتين، الذي استفاد من النمو الاقتصادي ببلده لم يفلح في إنجاح علاقته بالغرب في هذه الفترة، وعرفت علاقة الجانبين توترا رفع من حدته اندلاع "الثورات الملونة" بجورجيا وأوكرانيا.
صورة من: AP
نقاهة لم تستمر لأكثر من ولاية!
لأن الدستور الروسي يمنع تولي أكثر من ولايتين متتاليتين، لم يتمكن بوتين من الترشح لولاية ثالثة عام 2008. فتبادل الأدوار مع رئيس حكومته ديمتري مدفيديف الذي نجح في انتخابات الرئاسة. حينها اكتفى بوتين بمنصب رئيس الوزراء لمدة أربع سنوات.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Druzhinin
عودة "القيصر"
عاد "القيصر"، كما يلقبه كثيرون، إلى رئاسة روسيا لولاية ثالثة بعد أن فوزه في 4 مايو/أيار2012 بالانتخابات الرئاسية مرة أخرى. وقد حصل بوتين حينها على 63.6%. وتم انتخابه حينها وسط احتجاجات المعارضة الروسية وبعض المنظمات الدولية، التي تحدثت عن خروقات مست الانتخابات التي نصبت بوتين رئيسا للبلاد.
صورة من: picture-alliance/dpa/ITAR-TASS/A. Novoderezhkin
تمدد في دول الجوار
كانت الثورة الأوكرانية وتبعاتها فرصة استراتيجية بالنسبة لبوتين، حيث ضم "شبه جزيرة القرم" في أوائل 2014. وقد أجري في 16 مارس استفتاء في القرم للانفصال عن أوكرانيا والانضمام لروسيا، وجاءت النتيجة لصالح روسيا بنسبة 95%. شبه جزيرة القرم، التي كانت جزءا من روسيا القيصرية، عمل بوتين جاهدا على استرجاعها. ويرى البعض أن بوتين سعى بهذه الخطوة إلى إظهار قوة روسيا واختبار تمددها السياسي في دول الجوار.
صورة من: Getty Images/AFP/S. Bobok
الأزمة السورية ودعم الأسد
لم يبق بوتين بعيدا عن الأوضاع السياسية في الشرق الأوسط، وبالأخص في القضية السورية حيث تدخلت بلاده عسكريا هناك. ويرى محللون أن استمرار الرئيس بشار الأسد في منصبه يعود بشكل كبير للدعم الذي تلقاه من بوتين، إلى جانب الأطراف الأخرى. كما يرون أن بوتين يسعى للاستفادة عسكريا وسياسيا واقتصاديا من خلال وجود قواته في سوريا التي يحرص على استمرار العلاقة التي جمعت بلده بها تاريخيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/XinHua/A. Safarjalani
نصر للمرة الرابعة
"سأرشح نفسي لمنصب رئيس روسيا الاتحادية، وأثق أن كل شيء سيكون على ما يرام" بهذا أعلن فلاديمير بوتين عن نيته في خوض غمار الانتخابات لعام 2018. بوتين الذي قال جملته هذه في 6 ديسمبر 2017، استطاع أن يحققها على أرض الواقع ويفوز برهان الولاية الرابعة لمدة ست سنوات. الأصوات. إعداد: مريم مرغيش.