1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ريبورتاج من دمشق:"تجاوزنا الخوف والثورة لن تنطفئ"

٢١ يوليو ٢٠١١

لم تبلغ الحركة الاحتجاجية في دمشق وضواحيها شهرة مثيلاتها في درعا وحماة وحمص، لكنها تتواصل خصوصا في أيام الجمعة. فمن يتظاهر في دمشق؟ وكيف يبررون مطالبتهم بإسقاط النظام. دويتشه فيله التقت عددا منهم وكان الريبورتاج التالي.

متظاهرون في حي برزة البلد بدمشق، صورة وزعتها وكالة سانا الرسميةصورة من: picture alliance / dpa

لم يكن أحمد سعيد (كل الأسماء الواردة في هذا التقرير تم تغييرها بناء على طلب أصحابها) على مدى أربعين عاما من عمره يخطط للخروج في مظاهرات تنادي بالحرية وإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، فهو لا ينتمي إلى أي حزب سياسي ولم يكن يجرؤ "أن يتكلم أمام أبيه وأمه عن الرئيسين حافظ وبشار الأسد". فحياته، بعد تخرجه من كلية الآداب، كانت مقتصرة على عمله في تجارة الأثاث وتأمين لقمه عيشه. لكن جديدا طرأ على حياته وهو مشاركته في المظاهرات المناوئة للنظام. وهو يضع مسؤولية ذلك على النظام نفسه إذ يقول: "أنا لم آخذ نقوداً من أحد ولا اتصلت بأحد ولا أحد اتصل بي ولكن تراكمات أربعين سنة يجب أن يلحقها انفجار. طالبنا بإصلاحات في بداية الأمر ولكن لما واجهونا بالعنف عرفنا أن لا طريق للعودة إلا بإسقاط النظام".

لا يختلف حال أحمد سعيد عن حال رفاقه من سكان حي الميدان، وهو أحد أحياء دمشق القديمة ويشهد حاليا مظاهرات شبه يومية وبات قبلة الدمشقيين الذين يرغبون في التظاهر. كما ازدادت شهرته حين احتضن مظاهرة المثقفين والفنانين الأخيرة والتي اعتقل فيها بعضهم كالممثلة مي سكاف والتوأم محمد وأحمد ملص.

ويروي أحمد سعيد لدويتشه فيله كيف بدأت رحلته مع الاحتجاجات بالقول "كنا حوالي ثلاثمائة شخص عندما بدأنا أول مظاهرة لنا في الجامع الأموي، فقام الأمن بإغلاق أبواب الجامع علينا، ولحق بنا لاعتقالنا وضربنا وبفضل ضخامة جثتي اعتقدوا أني شبيح فتركوني". ويستطرد "ولكني في المقابل، في أحد الأيام عندما وجدت عنصر أمن مصابا أسعفته بسيارتي إلى المستشفى".

شباب يتظاهرون في حي برزة البلد، صورة من الأرشيف وزعتها وكالة سانا السورية الرسميةصورة من: picture alliance / dpa

"الحل الأمني أجج الاحتجاجات ضد نظام الأسد"

لم يعد لدى المتظاهرين هاجس الخوف من أن" تخبو الثورة أو تموت"، هذا ما يقوله أحدهم، وهو طالب في كلية العلوم السياسية بجامعة دمشق. فبعد أن كانت الفئة المثقفة الشابة هي التي تنظم المظاهرات في بدايتها "لأنها أدركت أهمية اغتنام فرصة الاحتجاجات في مصر وتونس في أن تعيش حلم الديمقراطية وتمارس حقوقها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية دون أن تكون خائفة من المساءلة الأمنية"، أصبحت المظاهرات "تتسع وتكبر في معظم المناطق السورية وتشمل مختلف شرائح المجتمع". ويعود السبب في ذلك إلى" الأسلوب الأمني القمعي الذي يتبعه النظام ضدهم"، والكلام للطالب الجامعي.

ويتهم أحد المتظاهرين من تنسيقية برزة، وهي إحدى ضواحي دمشق التي تشهد احتجاجات مستمرة، النظام السوري بأنه "لم يعد همه الشعب وحمايته بل أصبح همه الوحيد هو البقاء في السلطة والاستمرار فيها بأي ثمن مهما كلف ذلك، وهذا ما يزيدنا إصرارا وإرادة. المظاهرات الآن تتجذر بسبب العنف، فإما أن النظام لم يفهم هذه المعادلة حتى الآن أو فهمها ولا يملك سوى الحل الأمني".

ويرى العديد من المراقبين أن هذه المعادلة، التي يتحدث عنها المتظاهر، هي السبب في أن المعارضة تكسب شيئا فشيئا تعاطف جزء من الأكثرية الصامتة من المجتمع السوري معها؛ ليس هذا فحسب بل "أصبح أهالي البلدات القريبة من دمشق يقومون بمساعدة هؤلاء المتظاهرين أثناء المظاهرات"، والكلام لأحد المتظاهرين من بلدة حرستا وهي من ضواحي دمشق. ويضيف هذا المتظاهر لدويتشه فيله بالقول "أحيانا عندما ندخل بحارة ويلحق بنا الأمن يدخلنا الأهالي إلى بيوتهم. وعندما نخرج بمظاهرات نهارية تحت الشمس يقوم الأهالي برش الماء علينا وتقديم عصير وماء للشرب".

رغم التواجد الأمني الكثيف فإن المتظاهرين يبدعون طرقا جديدة لمواصلة احتجاجاتهمصورة من: picture alliance/abaca

هذا التعاطف الذي لم يشمل إلى الآن العاصمة دمشق بشكل واسع مقارنة مع الريف الذي يخرج في بعض المناطق عن" بكرة أبيه"، حسب المتظاهر محمد نادر. ويحدد نادر لدويتشه فيله سبب ذلك بالقول "الأمر متعلق بالطبقة الرأسمالية المتمركزة في دمشق وبارتباطها بالنظام ووجود ما يشبه الشراكة بينهما، وهو ما جعل الشام تتأخر بالنهوض، إضافة إلى الانتشار الأمني الكبير في المدينة".

الحاجة أم الاختراع

الاحتكاك اليومي بين المتظاهرين والنظام جعلهم، وعن طريق التنسيقات التي شكلوها، يبتكرون أساليب جديدة لحماية أنفسهم من قبضة الأمن كتغطية الوجه وتغيير الصفوف وكذلك تغيير الشخص الذي يردد الشعارات باستمرار حتى لا يصبح وجهه معروفا ويكتسب شعبية. بالإضافة إلى المظاهرات الطيارة التي تدعو إليها التنسيقات السورية، وهي عبارة عن مظاهرات متعددة في نفس الوقت وفي عدة مناطق تستمر لمدة خمس دقائق فقط. وتهدف هذه المظاهرات إلى الانتشار في الأحياء والبلدات لإسماع أهالي المدينة صوت المتظاهرين مما يساهم في كسر حاجز الخوف لديهم، وكذلك في تشتيت الأمن وإرهاقه وخلق شعور لديه بعدم القدرة على السيطرة، كما يروي حسن سالم لدويتشه فيله. ويكشف سالم أن عنصر أمن قال له حرفيا "أنا من 4 شهور لم أعد إلى بيتي بسبب المظاهرات".

من جانبها تتبع الحكومة السورية مبدأ شن حملات مداهمات واعتقالات، بعضها عشوائية وبعضها حسب قوائم أعدها رجال الأمن سلفاً. ويروي أحد سكان مدينة قطنا التابعة لمحافظة ريف دمشق تجربة اعتقاله بالقول: "داهمت قوات الأمن منطقتنا في الرابعة صباحاً وكانت معهم أسماء معينة وأغلبها من الشباب الذين لم تتجاوز أعمارهم الخامسة والعشرين. اقتحمت هذه القوات بيتنا فجأة واقتادوني إلى سيارة الأمن وأخذوا يضربوني بأسفل البندقية وعندما سألتهم ماذا فعلت؟ قال لي عنصر الأمن: هل أضع فوهة البندقية في فمك حتى تصمت"؟؟

نورا الشعلان ـ دمشق

مراجعة: أحمد حسو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW