هل تفقد مصر احتكار الجامعة العربية لصالح السعودية؟
١٠ يونيو ٢٠٢٥
شهدت منصات التواصل الاجتماعي مؤخرا تصاعدا في الجدل حول شخصية الأمين العام المقبل للجامعة العربية، وهل سيظل مصريًا أم سيكون من دولة عربية أخرى، خاصة مع تكهنات بشأن ترشيحات مصرية وسعودية.
يأتي ذلك رغم أن الولاية الثانية للأمين العام الحالي أحمد أبو الغيط، وزير الخارجية المصري الأسبق، ستنتهي خلال عام، فيما لم تصرح مصر أو أي دولة عربية أخرى عن ترشيحات رسمية، لكن تعالت التكهنات حول أسماء مقترحة من قبل شخصيات قريبة من القاهرة و الرياض.
قبل أسبوع، دعا الكاتب السعودي عبيد العايد إلى وقف ما وصفه بـ"احتكار" مصر لمنصب الأمين العام، مرشحا وزير الخارجية السعودي السابق عادل الجبير لخلافة أبو الغيط.
وتزايد الزخم بعد حديث البرلماني والإعلامي المصري مصطفى بكري، المقرب من الحكومة، عن أن مسؤولا مصريا بارزا "يتوقع أن يترك منصبه قريبًا" ليخلف أبو الغيط.
"من السابق لأوانه"
يرى أشرف العشري، الكاتب ومدير تحرير صحيفة الأهرام المصرية، أنه "من السابق لأوانه حسم" اسم الأمين العام، حيث أن "المشاورات ما زالت جارية".
وفي مقابلة مع DW عربية، أضاف: "لا توجد ترشيحات رسمية حاليا من قبل مصر أو أي طرف عربي، وأعتقد أن الجانب المصري كالعادة مصمم على أن يكون الأمين العام مصريا، وهذه مسألة ستخضع لنقاشات مطولة".
وفيما يتعلق بترشيح رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، قال العشري: "أعتقد أن هذا الأمر لم يُحسم بعد في مصر". وتابع: "العرف جرى على أن يكون المرشح من داخل وزارة الخارجية، كما كان الحال مع جميع الأمناء العامين السابقين، وآخرهم أحمد أبو الغيط".
ينص ميثاق الجامعة على أن القاهرة هي مقرها الدائم، لكن يمكن لمجلس الجامعة أن يجتمع في مكان آخر. ورغم ذلك، نُقل مقر الجامعة مؤقتا إلى تونس بعد تجميد عضوية مصر عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1979، لكن المقر عاد إلى القاهرة عام 1990.
"منصب نائب الأمين"
يعتقد محمد قواص، الباحث السياسي المقيم في لندن، أن الجدل الحالي بشأن جنسية الأمين العام "ليس جديدا".
وفي مقابلة مع DW عربية، أضاف: "سبق للجزائرو قطر و السودان الاعتراض أو ترشيح بدائل، لكن التوافقات أدت إلى بقاء الحال على ما هو عليه، واحتفظت مصر بالمقر والمنصب".
وتابع: "رغم الجلبة الحالية، لا أعتقد أن مصر ستفقد المنصب، لكن قد يُفرض أن يكون نائب الأمين من جنسية غير مصرية".
تأسست الجامعة العربية عام 1945 وكان عبد الرحمن عزام أول أمين عام لها. ومنذ ذلك الحين، تعاقب على المنصب شخصيات مصرية، باستثناء الفترة بين 1979 و1990، حيث تولى التونسي الشاذلي القليبي المنصب.
"تراضي وليس فرضا"
وفي ذلك، قال الصحفي أشرف العشري إن "الاتفاق على شخص الأمين العام يتم بالتراضي والتوافق وليس بالفرض". وأضاف في حديثه إلى DW عربية: "لا يتضمن ميثاق الجامعةآليات تلزم باختيار الأمين العام من دولة بعينها، لكن جرى العرف أن يكون من دولة المقر، وهي مصر".
وأشار إلى أن "كل الدول العربية تملك الحق في ترشيح أي اسم، ولا يوجد حظر على أي عاصمة عربية".
تزامن الجدل حول الأمين العام المقبل مع جدل آخر بشأن إمكانية نقل مقر الجامعة إلى الرياض. وفي هذا السياق، ألمح عماد جاد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى إمكانية نقل المقر إلى السعودية.
وقد أثار المنشور ردود فعل غاضبة من شخصيات مصرية، ما دفع جاد إلى التراجع ضمنيا.
ثقل مصر العربي
من جانبه، يقول سلمان الأنصاري، الباحث السعودي في العلاقات الدولية، إن التسريبات الإعلامية الأخيرة تمحورت حول "مسارين: الأول يتحدث عن إصرار الرياض على تعيين أمين عام سعودي، والثاني عن نقل مقر الأمانة العامة إلى الرياض".
وفي مقابلة مع DW عربية، أضاف: "حتى الآن، لا توجد تصريحات أو بيانات رسمية من الطرفين تؤكد صحة هذين المسارين".
ورغم ذلك، يرى الأنصاري أنه من الضروري "عدم المبالغة في حساسيتنا تجاه طرح مواضيع نقاشية عامة كهذه، رغم اعتقادي بعدم صحة ما طُرح من تسريبات".
وعلى الصعيد الافتراضي، رحب سعوديون بمقترح نقل المقر إلى الرياض في ضوء دور المملكة المتنامي في المنطقة، حيث كانت أول محطة الزيارة الخارجية الرسمية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ولايته الثانية.
ولم تقتصر المطالب على تولي شخصية سعودية المنصب، بل خرجت أصوات إماراتية تدعو إلى "تدوير المنصب" ليكون من نصيب الدولة الخليجية.
ويعتقد محمد قواص أن تعيين أمين عام غير مصري سيكون "تطورًا هامًا وتاريخيًا". وأضاف في مقابلة مع DW عربية: "الأمر لا يضعف موقع مصر العربي، بل يؤكد تراجع هذا الدور مقارنة بدور دول أخرى، لا سيما السعودية".