رغم فرح ملايين السوريين بسقوط نظام بشار الأسد، هناك من يخشى من وقوع نزاعات دينية وعرقية خصوصا وأن الإطاحة بالأسد جاءت إثر هجوم لتحالف من الفصائل المسلحة بقيادة "هيئة تحرير الشام"، ذات الماضي المعروف بتشدده.

الأقلية الدرزية في سوريا أيضا لديها مخاوف في ظل الإدارة الجديدة، بيد أنّ أحمد الشرع، قائد الإدارة الجديدة ، والذي كان يعرف بأبي محمد الجولاني، طمأن الأقليات في سوريا إذ نقل عنه قوله إن "سوريا لن تشهد بعد الآن استبعاد أي طائفة" وأن "عهدا جديدا بعيدا عن الحالة الطائفية قد بدأ".

وبعد سقوط بشار الأسد اكتظّت ساحة الكرامة في مدينة السويداء، مركز المحافظة ذات الغالبية الدرزية، بمئات المحتفلين بسقوط النظام ورفع المحتفلون "علم الثورة السورية" بألوانه: الأبيض والأخضر والأسود ونجومه الثلاث ورددوا الأغاني الاحتفالية، رافعين أغصان الزيتون.

الشيخ الهجري عنوان دروز سوريا 

ويوميا منذ سقوط نظام الأسد، أصبح بيت الشيخ "حكمت الهجري" الزعيم الروحي للطائفة، الذي برز كشخصية روحية وسياسية، تمثل عنوان دروز سوريا، مزارا للعديد من الوفود.

ولمعرفة المزيد عن طريق تفكير هذا الزعيم الروحي وهواجس الطائفة الدرزية، زار فريق DW الشيخ الهجري في منزله وأجرى معه مقابلة خاصة أوضح فيها بأنه يتواصل بشكل يومي مع أشخاص كثر يأتون من دمشق من الإدارة المؤقتة، التي تدير الشؤون العامة.

وقال الزعيم الروحي لدروز سوريا لـ DW: "نحن كلنا سوريون وهمنا واحد.. كانوا يبادلونا نفس الأفكار للعمل بها ومعالجتها واليوم هناك العديد من القضايا التي يجب معالجتها بشكل سريع خاصة الخدمات بالإضافة لقضايا خاصة في مناطقنا مثلنا مثل غيرنا".

"تجمعنا الهوية السورية"

وكشف الشيخ الهجري لفريق DW أنه في اللقاءات مع ممثلي القيادة السورية الجديدة تتم مناقشة مطالب للدروز قائلا: "لدينا الحق (الطائفة الدرزية).. لدينا كوادر من كافة الاختصاصات مثل قوى الأمن الداخلي ولدينا كوادر لا بد من تفعيلها".

وأوضح الشيخ الهجري لـ DW أنه خلال تلك الاجتماعات تطرح أفكار عامة "تهمنا كسوريين بمختلف الألوان والطوائف".

بيد أنّ الزعيم الروحي للدروز يخشى من تأسيس "دولة فئوية او طائفية أو دينية" لأن ذلك يؤدي إلى "التقسيم وأنا أعي ما أقول .. وكما نحن نريد الحفاظ على كرامتنا، غيرنا يريد الحفاظ على كرامته ببلده وهذا ليس منية من أحد كلنا تجمعنا الهوية السورية والغطاء هو الدستور المدني".

ولذلك ومنذ سقوط النظام، يدعو الشيخ الهجري إلى عقد "مؤتمر وطني"، يضم الاختصاصات المطلوبة لـ"تتمخض عنه لجان لتجلس على الطاولة الصحيحة لمناقشة الدستور المقبل للدولة السورية المدنية...".

ولم يوفر الشيخ الهجري السلطات الجديدة في سوريا أو "سلطة الأمر الواقع" من انتقاداته خصوصا فيما يتعلق بتعديلات وقوانين أصدرتها مؤخرًا تسببت في غضب وانتقادات لدى فئات عديدة، قائلا إننا شعرنا بسلطة الأمر الواقع منذ يومين، ربما في إشارة للتعديلات في المناهج الدراسية و"هذا لا يخدم الجو بشكل عام".

وتابع الشيخ الهجري لـDW: "قلنا نكون شركاء في الوطن وحتى الآن سمعنا كلاما معسولا وجميلا جدًا جدًا لكن على الأرض لا شيء..". وأوضح الزعيم الروحي لدروز سوريا: "لذلك هذه المرحلة دقيقة جدًا". 

"حقوق المرأة مصانة"

وفي إشارة إلى الجدل الذي أثير حول تصريحات رئيسة مكتب شؤون المرأة في إدارة الشؤون السياسية في الحكومة السورية الانتقالية، شدد الشيخ الهجري على أهمية حقوق المرأة قائلا: "نحن في عقيدتنا الدينية التوحيدية نعرف أن حقوق المرأة مصانة وهي تشكل نصف المجتمع وبالتالي هذا الأمر ليس جديدًا علينا".

وبالنسبة لترشيح سيدة لمنصب محافظ في السويداء بجنوب سوريا قال الهجري لـ DW: "أعتقد أن الأمر الذي حدث (ترشيح سيدة) عادي جدًا لأن هذه هي تربيتنا." بيد أنّه انتقد ما وصفه بـ "وجود مماطلة في التنفيذ"، في إشارة للترشيح.

كما شدد رئيس طائفة المسلمين الموحدين الدروز على أنه "إذا لم تحكم المجتمعات نفسها وترتب أمورها فسيكون هناك أمر خطير."

 

"التعامل مع إسرائيل"

ولا يخفى على أحد أن هناك داخل إسرائيل يعيش أكثر من 140 ألفا من الطائفة الدرزية وحصلوا على الجنسية الإسرائيلية وبينهم منخرطون في الجيش الإسرائيلي. وفي المقابل يرفض أغلب الدروز في مرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل بشكل مخالف للقانون الدولي، الحصول على الجنسية الإسرائيلية ويفضلون البقاء كسوريين. وعلى هذه الخلفية هناك من يزعم أن طائفة الدروز في سوريا "تتعامل مع إسرائيل" أو "تطلب الحماية منها".

ويرد الشيخ الهجري، رئيس طائفة المسلمين الموحدين الدروز في حديثه مع DW قائلا: "عندما لا يمكن اتهامنا بالعناوين الطائفية أو الفئوية يذهبون نحو التخوين". وإذ يشدد على أن الحقوق ستعود لأصحابها يضيف قائلا: "لن نبقى في حالة حرب دائمة وبالنسبة لي كسوري لا يهمني سوى حل القضية السورية بالشكل الصحيح".