زيادة كبيرة بأعداد التونسيين المهاجرين سرا إلى سواحل إيطاليا
١٣ سبتمبر ٢٠٢٢
في ظل أزمة اقتصادية تعيشها تونس، تنطلق يوميا قوارب الهجرة السرية، على متنها حتى عائلات، صوب إيطاليا، رغم حوادث الغرق المتكررة التي يعد ضحاياها بالمئات. علاوة ذلك يغادر الآلاف من الكوادر والكفاءات سنويا بطرق شرعية.
إعلان
كشف المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية اليوم الثلاثاء (13 سبتمبر/ أيلول 2022) أن أكثر من 13 ألف مهاجر تونسي وصلوا السواحل الإيطالية هذا العام على متن قوارب فيما توفي وفقد أكثر من 500 مهاجر في عرض البحر.
وقال المنتدى، الذي يعنى بالهجرة، في مؤتمر صحفي الثلاثاء إن هذا العدد (13449 مهاجرا) يمثل الفترة الممتدة بين يناير/ كانون الثاني وحتى يوم 12 من سبتمبر/ أيلول العام الجاري. وهو ما يمثل زيادة بنسبة 23 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، مشيرا إلى أن الأزمة الاقتصادية والسياسية الحادة في البلاد وراء هذا الارتفاع.
ويستقي المنتدى أرقامه بشكل دوري من بيانات وزارتي الداخلية والدفاع في تونس وإيطاليا ومنظمات ونشطاء مستقلين. ومع تحسّن الأحوال الجوية خلال فصلي الربيع والصيف تتزايد وتيرة محاولات الهجرة غير النظامية انطلاقاً من السواحل التونسية والليبية نحو تلك الإيطالية.
وتنطلق قوارب الهجرة السرية بشكل يومي من السواحل التونسية نحو الأراضي الايطالية القريبة بحثا عن فرص أفضل للحياة داخل الاتحاد الأوروبي.
ويتزايد استخدام المهربين لسواحل صفاقس وجرجيس والمهدية على البحر المتوسط كمنصات انطلاق للمهاجرين المتجهين بالقوارب إلى أوروبا.
وأعلنت وزارة الداخلية التونسية في بيان الثلاثاء أن قوات خفر السواحل تمكنت خلال الليلة الفاصلة بين الاثنين والثلاثاء في السواحل الجنوبية والشمالية للبلاد من "إحباط 34 عملية اجتياز للحدود البحرية خلسة و نجدة وإنقاذ 554 مجتاز". والأسبوع الفائت لقي 12 تونسيا حتفهم اثر غرق مركبهم قبالة السواحل الشرقية للبلاد.
وتونس في خضم أزمة اقتصادية واجتماعية حادة تهدد بإفلاس المالية العامة، بينما بلغ التضخم 8.6 في المئة وهو أعلى مستوى منذ ثلاثة عقود. وتدفع الأزمة الآلاف من اليائسين والعاطلين وحتى العائلات لركوب القوارب على الرغم من حوادث الغرق الجماعية المتكررة هذا العام. وفي أحدث مأساة على السواحل التونسية غرق في الليلة الفاصلة بين يومي السادس والسابع من الشهر الجاري بسواحل المهدية مركب يضم نحو 37 شخصا نجا من بينهم 14 وانتشل الحرس البحري 12 جثة ولا يزال البحث مستمرا عن مفقودين آخرين.
قوارب الموت تنطلق من تونس
01:37
وبلغت أنشطة الهجرة السرية ذروتها في شهر أغسطس/ آب الماضي. وقال رمضان بن عمر المسئول في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إن أكثر من 3700 مهاجر تونسي وصلوا إلى السواحل الايطالية في أقل من شهر بين 15 أغسطس/ آب و8 سبتمبر/ أيلول العام الجاري.
وتحدث رمضان بن عمر عن وصول 2600 قاصر و640 امرأة و500 أسرة تونسية إلى السواحل الإيطالية في رحلات غير شرعية عبر البحر هذا العام. وأضاف أن عدد الغرقى قبالة السواحل التونسية هذا العام بلغ حوالي 570. وقال بن عمر لرويترز "إن الوضع الاقتصادي السيء لم يعد سببا وحيدا لتنامي الرحلات غير الشرعية نحو إيطاليا. هناك أزمة سياسية خانقة وتراجع في الحريات بالإضافة إلى توتر اجتماعي وخدمات عامة انهارت وفقدان الأمل لدى التونسيين". وأوضح أن السلطات التونسية منعت أكثر من 23500 تونسي من الوصول إلى السواحل الإيطالية بإحباط نحو 1800 عملية عبور.
ووفقا لوكالة فرونتكس الأوروبية، استُخدم طريق وسط البحر الأبيض المتوسط من قبل أكثر من 42500 مهاجر من يناير/ كانون الثاني إلى يوليو/ تموز، بزيادة قدرها 44 في المئة مقارنة بالأشهر السبعة الأولى من عام 2021.
مغادرة الكفاءات بطريقة شرعية
وبخلاف الهجرات غير المنظمة تشهد تونس مغادرة الآلاف من الكوادر والكفاءات سنويا بطرق شرعية نحو الدول الأوروبية والخليج العربي وأمريكا الشمالية بسبب تدني الأجور وارتفاع كلفة المعيشة. وقدر المرصد التونسي للهجرة عدد المغادرين للبلاد سنويا بنحو 36 ألف.
ووفق احصائيات رسمية يعيش مليون و700 ألف تونسي في الخارج. ويقدر عدد سكان تونس بحوالي 5ر11 مليون نسمة.
ص.ش/ع.ج.م (د ب أ، رويترز، أ ف ب)
الهجرة غير الشرعية.. مواقف وأوضاع شركاء أوروبا بشمال أفريقيا
تكثف دول الاتحاد الأوروبي مؤخراً مساعيها من أجل كبح جماح الهجرة غير الشرعية نحو أراضيها، وذلك من خلال عقد شراكات وثيقة مع دول شمال أفريقيا، لكن كيف هي أوضاع ومواقف هذه الدول من أزمة اللاجئين والهجرة غير الشرعية؟
صورة من: Abdelhak Senna/AFP/GettyImages
مصر: بلد عبور يثير القلق
في السنوات الأخيرة تحولت مصر إلى أحد بلدان العبور إلى أوروبا المثيرة للقلق. ولا توجد أرقام دقيقة من جانب السلطات المصرية عن أعداد اللاجئين والمهاجرين السريين، الذين انطلقوا من السواحل المصرية على متن قوارب الصيد. لكن بحسب الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود "فرونتكس"، فقد انطلقت عام 2016 نحو ألف سفينة تهريب بشر من مصر. كما شكلت مصر كابوساً للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عام 2016.
صورة من: picture-alliance/dpa
مصر: موقف متحفظ
أثار قرار إقامة مراكز لجوء أوروبية في دول شمال افريقيا، بينها مصر انتقادات المنظمات الحقوقية التي تعنى بشؤون اللاجئين، و تتهم هذه المنظمات نظام عبد الفتاح السيسي بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وأبدت مصر عن موقف متحفظ إزاء إقامة أوروبا مراكز لاستقبال اللاجئين على أراضيها. في المقابل يُشاع أن مصر تسعى للدخول في مساومة مع أوروبا لمنع تدفق المهاجرين إلى أوروبا مقابل مساعدات مالية.
صورة من: DW/M. Hashem
ليبيا: هاجس بدون حل
تعد ليبيا واحدة من أهم دول عبور المهاجرين واللاجئين السريين نحو أوروبا. ظلت موجة الهجرة المتدفقة من هذا البلد تمثل هاجساً للزعماء الأوروبيون، الذي لم ينجحوا لحد الآن في إيجاد حل له. في عام 2008 اُبرم اتفاق أوروبي ليبي لمكافحة الهجرة مقابل 500 مليون دولار. وكان الزعيم الليبي معمر القذافي قد تنبأ بتدفق ملايين المهاجرين لأوروبا وطالب آنذاك بروكسل بدفع خمسة مليارات يورو سنويا لليبيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/Küstenwache Lybien
ليبيا: موقف رافض
في عام 2017 وصل حوالي 150 ألف مهاجر إلى أوروبا عبر المتوسط. و من أجل كبح جماح هذا التدفق اتفق زعماء الاتحاد الأوروبي على خطة جديدة وكان أهم مقترحاتها إقامة مراكز خارجية لاستيعاب المهاجرين في دول شمال أفريقيا. وقوبل هذا المقترح الأوروبي بالرفض من أغلب دول شمال أفريقيا، بينها ليبيا، التي أعلنت رفضها لأي إجراء يتعلق بإعادة المهاجرين السريين إليها.
صورة من: AP
تونس: ارتفاع عدد الرحلات غير الشرعية
بالرغم من تشديد الحكومة اليمينية الشعبوية في إيطاليا ودول الاتحاد الأوروبي من استقبال قوارب المهاجرين ومراكب المنظمات الناشطة لإنقاذ المهاجرين في البحر، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت موجة رحلات هجرة غير شرعية انطلقت من السواحل التونسية باتجاه ايطاليا. فبحسب أرقام للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية، فإن 3811 مهاجرا تونسيا سري وصلوا السواحل الإيطالية هذا العام حتى نهاية آب/أغسطس.
صورة من: DW
تونس: رفض معسكرات المهاجرين
لا يختلف موقف تونس عن موقف دول شمال أفريقيا الرافضة لقرار تقديم الاتحاد الأوروبي المزيد من الدعم المالي لدول شمال أفريقيا مقابل المساعدة في التصدي للهجرة غير الشرعية من خلال إقامة معسكرات للمهاجرين.
صورة من: dapd
الجزائر: أكبر دول المنطقة
الجزائر هي أكبر دول منطقة شمال افريقيا، التي يعبرها المهاجرون باتجاه البحر المتوسط نحو أوروبا. ولا توجد إحصاءات رسمية جزائرية بشأن عدد المهاجرين الجزائريين غير الشرعيين، غير أن تقريرا نشرته في عام 2015 منظمة "ألجيريا ووتش" (غير حكومية)، استنادا إلى الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود "فرونتكس"، وضع الجزائر في المرتبة التاسعة بين الدول المصدرة للهجرة غير الشرعية عبر الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي .
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Batiche
الجزائر ترفض مراكز الاستقبال
تتعاون الجزائر مع الاتحاد الأوروبي في ملف الهجرة غير الشرعية، وذلك عن طريق إعادة المهاجرين السريين القادمين من دول جنوب الصحراء إلى وطنهم، إذ رحلت خلال الأربع والخمس سنوات الماضية حوالي 33 ألف مهاجر و لاجئ أفريقي إلى بلدانهم بجنوب الصحراء. كما ترفض الجزائر من جانبها بناء مراكز لإيواء المهاجرين الأفارقة على أراضيها.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
المغرب: عودة الهجرة بقوة
عرفت السواحل الإسبانية هذا العام تدفقاً لما يعرف بـ "قوارب الموت" التي تنطلق من الطريق البحرية بين إسبانيا والمغرب والجزائر. فمن أصل 74.501 مهاجرسري وصلوا أوروبا بحراً، استقبلت إسبانيا لوحدها حوالي 43 بالمئة منهم (32.272)، وذلك في الفترة بين الأول من كانون الثاني/ يناير و12 أيلول/سبتمبر 2018، ممّا يجعلها الوجهة الأولى للهجرة السرية عبر البحر الأبيض المتوسط.
صورة من: picture alliance/AP Photo
المغرب: حسابات سياسية ومالية
منذ سنوات يحاول الاتحاد الأوروبي إبرام اتفاق مع المغرب بخصوص عودة المهاجرين من دول افريقيا جنوب الصحراء. ولكن المغرب يرفض ذلك لأسباب سياسية ومالية، أهمها أن ذلك يتعارض مع مسعى المغرب لتقوية علاقاته مع الدول الأفريقية جنوب الصحراء، والاستفادة منها اقتصادياً من خلال شراكات تجارية، وأيضاً لدعم موقف المغرب في النزاع حول الصحراء الغربية.