زيارة أتال - برلين وباريس تجددان التأكيد على التعاون الوثيق
٥ فبراير ٢٠٢٤
رغم وجود بعض الخلافات، عبر المستشار الألماني شولتس ورئيس وزراء فرنسا أتال عن رغبتهما في العمل معا، وذلك خلال أول زيارة لأتال إلى برلين، والتي شهدت التأكيد على التقدم بخصوص الطائرة والدبابة اللتين تصنعان بالشراكة بينهما.
إعلان
أكد المستشار الألماني أولاف شولتس ورئيس الوزراء الفرنسي الجديد غابرييل أتال على أهمية التعاون بين البلدين على خلفية التحديات الحالية.
وقال أتال، مساء الاثنين (5 فبراير/شباط 2024)، في زيارته الأولى إلى الخارج منذ تسميته رئيسا للحكومة الفرنسية في التاسع من كانون الثاني/يناير، إن القدرة على التنسيق بين الألمان والفرنسيين أصبحت أكثر أهمية من أي وقت مضى في ظل الفوضى التي يشهدها العالم، في إشارة إلى الحربين في أوكرانيا والشرق الأوسط.
وثمة اختلافات كثيرة بين باريس وبرلين مع أن مسؤولي البلدين يظهرون عزمهم على إعادة العلاقات الثنائية إلى مسارها التقليدي، لا سيّما في ما يتعلق بسوق الكهرباء التي تعتمد عليها فاتورة الطاقة للأسر والشركات، بالإضافة إلى الدفاع ومكانة الطاقة النووية أو حتى الميثاق الأوروبي لاستقرار الميزانية.
فيما دعا شولتس مرة أخرى إلى عدم تراجع الدعم العسكري لأوكرانيا. "أنا أؤيد بقوة أن تقوم الولايات المتحدة وأوروبا وجميع الدول الأعضاء في أوروبا بتقديم مساهمة كبيرة بحيث لا تنجح حسابات الرئيس الروسي". ويأمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يتوقف الحلفاء الغربيون في مرحلة ما عن دعم أوكرانيا. وهذه هي الرسالة التي يجب إرسالها له بوضوح من الولايات المتحدة وأوروبا: "هذه الحسابات لا تعمل. سندعم أوكرانيا".
وفي الأسبوع الماضي خلال القمة التي عقدت في بروكسل، حث شولتس الشركاء في الاتحاد الأوروبي على تقديم المزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا. وكان النداء يستهدف في المقام الأول الدول القوية اقتصاديا مثل إيطاليا وإسبانيا وفرنسا.
وقال أتال إن فرنسا ستواصل دعم أوكرانيا ماليا وبمعدات تقنية وعسكرية، مؤكدا على أهمية جودة الأسلحة الموردة لها أيضا ويجب أن "تفي بأعلى المعايير اللازمة لتمكين الأوكرانيين من الدفاع عن أنفسهم".
منظومة دفاع جوي تشعل النقاش والخلاف أوروبا
03:00
وفي هذا السياق، ذكر أتال أن فرنسا سلمت بالفعل صواريخ كروز من طراز سكالب. فيما يواصل شولتس رفض توريد صواريخ توروس الألمانية الأكثر قوة لأوكرانيا. ومع ذلك تبقى ألمانيا أهم مورد للأسلحة لأوكرانيا في الاتحاد الأوروبي، وثاني أهم مورد للأسلحة بشكل عام بعد الولايات المتحدة.
وبدا السياسيان متفائلين بشأن مشاريعهما المشتركة للأسلحة. وفيما يتعلق بطائرة FCAS القتالية ومشروع دبابة القتال الرئيسيةMGCS، قال شولتس: "أريد أن أقول بصراحة إنني أرى كلا المشروعين على المسار الصحيح وأعتقد أيضا أن التعاون بين بلدينا مكثف للغاية". وقال أتال أيضا إنه يؤمن بالقدرة على المضي قدما في كلا المشروعين. وأضاف: "أعتقد أن هناك إرادة غير محدودة لبلدينا، وقبل كل شيء، مصلحة مطلقة، تعززها عودة الحرب إلى القارة الأوروبية". وقال شولتس أيضا إنه لم يشاهد التقدم الذي تم إحرازه في نظام FCAS إلا مؤخرا. "ولهذا السبب فإن انطباعي هو الثقة في أن هذا المشروع الكبير، الذي نحتاجه لمستقبلنا المشترك، سيكون ناجحا أيضا."
ويهدف نظام القتال الأرضي الرئيسي (MGCS) إلى أن يكون خليفة لدبابات Leopard و Leclerc في كلا البلدين، ومن المتوقع أن يتم تشغيله خلال العقد المقبل. ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل نظام القتال الجوي FCAS اعتبارا من عام 2040 وسيحل محل مقاتلة يوروفايتر. وتهدف المقاتلة إلى الطيران جنبا إلى جنب مع طائرات بدون طيار مسلحة وغير مسلحة، وبالتالي فهي أكثر من مجرد طائرة مقاتلة. وتشارك إسبانيا أيضا في المشروع منذ عام 2019.
وشدد أتال على ضرورة التغلب على "المراحل الصعبة" بين البلدين لمواجهة "الشعبويين"، وقال: "تقاس قوة أوروبا بمتانة الصداقة الفرنسية الألمانية"، مضيفا: "إذا تقدّم البلدان معا، تتطور أوروبا بسرعة وتستعيد قواها، لكن إذا انقسم البلدان، تصبح أوروبا بكاملها مترددة". وحذّر خلال كلمة أمام جالية بلاده في السفارة الفرنسية من "ثغرة الانقسام" بين البلدين. وأوضح "إنها الثغرة التي ينتظرها الشعبويون والتي تغذّي المتطرفين الذين يراقبون أقلّ خلاف بيننا لمحاولة تقويض أوروبا"، وذلك في فترة تشهد أوروبا صعودا لليمين المتطرف.
ف.ي/ص.ش (د ب ا، ا ف ب)
ألمانيا وفرنسا .. صداقة خاصة شهدت الكثير من المنعطفات
بعد 62 عاما على توقيع اتفاقية الإليزيه حول الصداقة الألمانية الفرنسية يراد الآن الانتقال بهذه العلاقات الثنائية إلى مستويات أعلى. لكن الأمور لم تكن دائما سهلة في العلاقة بين البلدين.
صورة من: AP
تجاوز آلام الحرب العالمية الثانية
كانت فرحة أوروبية عارمة عندما زار في 1962 الرئيس الفرنسي شارل ديغول المستشار الألماني كونراد آديناور في بون. وبعد نصف سنة من هذه الزيارة وقع الزعيمان اتفاقية الإليزيه لتعزيز الصداقة الألمانية الفرنسية.
صورة من: picture-alliance/dpa
صداقة رجلين
كانت العلاقة بين المستشار الألماني هلموت شميت والرئيس الفرنسي فاليري جيسكار ديستان مميزة في سبعينات القرن الماضي. وزار جسكار شميت في منزله في هامبورغ، واشتكى من "التدخين المتواصل" للمستشار الألماني. جسكار يتحدث بطلاقة الألمانية، وشميت الراحل كان يتأسف لكونه لا يتحدث الفرنسية.
صورة من: picture-alliance/dpa
توأمة المدن
يوجد حوالي 2000 توأمة بين المدن الألمانية والفرنسية، وبعضها أقدم من اتفاقية الإليزيه. وهذه التوأمة بين مدينة رونيبورغ في ولاية تورنغن شرقي ألمانيا ومدينة هوتفيل-لومني الفرنسية أصبحت ممكنة فقط بعد الوحدة الألمانية. والتوأمة بين المدن تدعم الحياة المدرسية والثقافية والمهنية بين البلدين.
صورة من: DW
مصافحة تاريخية
لحظة بهجة ألمانية فرنسية: 1984 يتصافح الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران والمستشار الألماني هلموت كول خلال احتفال بذكرى ضحايا الحربين العالميتين في فردان. وأصبحت هذه الصورة فيما بعد رمزا للمصالحة الألمانية الفرنسية.
صورة من: ullstein bild/Sven Simon
هيئة الشبيبة الألمانية الفرنسية
ديغول وآديناور ركزا اهتمامهما منذ البداية على الشبيبة من البلدين التي وجب عليها التعارف والتعلم من بعضها البعض. الشاب الألماني نيكولاس غوتكنيشت والفرنسي باتريك بولسفور قاما في 2016 برعاية شباب عند إحياء ذكرى الحرب العالمية الأولى. ومنذ 1963 قامت هيئة الشباب بربط التواصل بين تسعة ملايين من الشباب الفرنسيين والألمان.
صورة من: DW/B. Wesel
الفرقة الألمانية – الفرنسية
الأعداء السابقون يشكلون اليوم وحدة عسكرية مشتركة. واُنشأت هذه الوحدة في 1989 وتم إدماجها في الفيلق الأوروبي في 1993. وعملياتها الرئيسية كانت في البلقان وأفغانستان ومالي.
صورة من: picture-alliance/dpa
العلاقات بين أنغيلا وفرانسوا
من الناحية السياسية لم يكونا قريبين من بعضهما البعض: المسيحية الديمقراطية أنغيلا ميركل والاشتراكي فرانسوا أولاند، خاصة خلال أزمة الديون الحكومية الأوروبية عندما كانت ميركل تضغط من أجل التقشف، فيما دعا أولاند إلى برامج إصلاح اقتصادية. وبالرغم من ذلك وجد الاثنان قاعدة مشتركة، وذلك من أجل تحمل المسؤولية السياسية تجاه أوروبا.
صورة من: picture-alliance/dpa
تصادم ألماني فرنسي
لقد عانى الفرنسيون لفترة طويلة لأن ألمانيا هي الشريك الاقتصادي الأقوى. لكن في عام 2017 حدث العكس، إذ استحوذت شركة السيارات الفرنسية "بيجو القابضة" التي تضم بيجو وسيتروين على شركة صناعة السيارات أوبل الألمانية الأصل. ومنذ ذلك حين يخشى الكثير من العمال لدى أوبل في ألمانيا من فقدان وظائفهم.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Rumpenhorst
تقريبا متزوجين؟
في ذكرى مرور مائة عام على انتهاء الحرب العالمية الأولى التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في مدينة كومبيين، حيث وقع وقف إطلاق النار في عام 1918. مشهد يبقى في الذاكرة: شاهدة عيان اعتقدت بأن ميركل هي زوجة ماكرون. إلا أن الصداقة الألمانية الفرنسية ليست وثيقة بعد إلى هذه الدرجة.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nietfeld
مبادرة فرنسية ألمانية تاريخية
وُصفت المبادرة الفرنسية الألمانية للتعافي الأوروبي في مواجهة أزمة جائحة كورونا بأنها تاريخية وغير مسبوقة، وكان قد قدمها الرئيس ماكرون والمستشارة ميركل في 18 مايو أيار2020، وقد خلقت ديناميكية جديدة على الصعيد الأوروبي. فقد تبنتها المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي وتم على أساسها اعتماد خطة إنعاش أوروبية بقيمة 750 مليار يورو، تشمل 390 مليار يورو كإعانات للدول الأعضاء والقطاعات الممولة بقرض أوروبي.
صورة من: Jean-Christophe Verhaegen/AFP/Getty Images
علاقات محورية لا تخلو من تباينات
يُنظر منذ وقت طويل إلى العلاقة بين باريس وبرلين على أنها القوة الدافعة في صناعة السياسة الأوروبية. لكن خلافات طفت على السطح منذ عام 2022، خصوصا بعد خروج المستشارة السابقة أنغيلا ميركل من المشهد السياسي الألماني، على الرغم من أن الرئيس إيمانويل ماكرون والمستشار أولاف شولتس بذلا مؤخراً جهوداً لتحسين التعاون بين البلدين وتبديد الخلافات خصوصا في ملفات الدفاع وحرب أوكرانيا وقضايا تجارية وصناعية.
صورة من: Thibault Camus/AFP
أول زيارة دولة منذ ربع قرن
تعتبر زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس إيمانويل ماكرون (26-28 مايو أيار 2024) إلى ألمانيا الأولى من نوعها منذ حوالي ربع قرن إذ تعود آخر زيارة دولة قام بها رئيس فرنسي إلى ألمانيا إلى عام 2000 من قبل الرئيس الأسبق جاك شيراك. تعد فترة طويلة بالنسبة لبلدين مترابطين بشكل وثيق ولهما دور محوري في الإتحاد الأوروبي. لكن رغم هذا الانقطاع الطويل تجتمع حكومتا البلدين بشكل منتظم كل بضعة أشهر.