زيارة غانتس لواشنطن اختبار للعلاقة بين إدارة بايدن ونتنياهو
٤ مارس ٢٠٢٤
يزور العضو البارز في حكومة الحرب الإسرائيلية بيني غانتس واشنطن للاجتماع مع نائبة الرئيس ومسؤولين آخرين ومناقشة "وقف مؤقت للنار" والمساعدات الإنسانية لغزة. بيد أن هذه الزيارة تثير الكثير من اللغط في إسرائيل، لماذا؟
إعلان
يحكي بيني غانتس عضو حكومة الحرب الإسرائيلية الذي يزور واشنطن الاثنين (الرابع من آذار/مارس 2024) قصة عن خضوع والدته وهي إحدى الناجيات من المحرقة النازية لعملية جراحية في ألمانيا، وكان الطبيب الذي أجراها فلسطينياً من قطاع غزة.
تجسد القصة حالة للأمل في تحقيق المصالحة. هذا الأمل يحفز المتفائلين في الشرق الأوسط، رغم أنه تعرض لاختبار قاس خلال الحرب مع قطاع غزة التي اندلعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول وهو اليوم الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل.
نتنياهو وغانتس: تقاطع وتباين
انضم غانتس (64 عاما) الذي يتزعم حزباً وسطياً إلى حكومة الطوارئ التي شكلها رئيس الوزراء الإسرائيلي في العام الماضي. ويقول إن حقيقة أنه كان على استعداد للانضمام إلى حكومة وحدة مع نتنياهو الذي ينتمي لليمين وحلفائه القوميين المنتمين لأحزاب دينية تكشف حجم الأزمة التي تعيشها إسرائيل.
وكان قد قال لمجموعة من الصحفيين في مؤتمر صحفي في العام الماضي إن "هذه ليست شراكة سياسية بالنسبة لي"، مضيفاً أن 10 أفراد من عائلته انضموا إلى وحداتهم في الجيش في أكبر عملية استدعاء لجنود الاحتياط منذ سنوات. وتابع غانتس قائلاً: "من المستحيل أن أقف موقف المتفرج وأسعى لمصالح سياسية في مثل هذه الظروف".
وانضم غانتس إلى نتنياهو لفترة قصيرة في عام 2020 لتشكيل حكومة خلال جائحة كوفيد-19 كان من المفترض أن يتناوبا على رئاستها قبل انهيار ائتلافهما.
ومع ذلك، فللسياسة قواعد تمكنهم من إعادة ترسيخ الأدوار، وسلطت زيارة غانتس إلى واشنطن هذا الأسبوع حيث يلتقي نائبة الرئيس كاملا هاريس ووزير الخارجية أنتوني بلينكن الضوء على التنافس الذي لم ينته أبدا بين نتنياهو وشريكه المتبرم.
ورغم القلق الدولي بشأن ارتفاع عدد القتلى في غزة، فمن غير المرجح أن ينحرف غانتس الذي يتخذ موقفاً متشدداً بشأن أهداف الحرب الإسرائيلية مع حماس مثل نتنياهو عن مسار الحكومة المتمثل في مواصلة الحرب حتى القضاء على الحركة وإعادة أكثر من 130 رهينة.
الولايات المتحدة تنفذ أول عملية إنزال جوي للمساعدات على غزة
02:25
"عاصفة"
لكن حقيقة أنه هو، غانتس، وليس نتنياهو من يزور واشنطن أحدثت عاصفة. وتوترت علاقات نتنياهو مع الرئيس الأمريكي جو بايدن لدرجة أنه بعد مرور أكثر من عام على توليه منصبه لم يتلق دعوة لزيارة واشنطن حتى الآن.
وقال صحفيون لم يُكشف عن أسمائهم لوسائل إعلام إسرائيلية "لا يوجد سوى رئيس وزراء واحد"، وذكرت وسائل الإعلام أن نتنياهو منع سفير إسرائيل في الولايات المتحدة من تأييد الزيارة.
ورغم أن الصدمة الناجمة عن هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول علقت اتباع القواعد السياسية المعتادة، فإن نتنياهو يواجه غضب غالبية الإسرائيليين الذين يحملونه مسؤولية الإخفاقات الأمنية التي مكنت حماس من تنفيذ الهجوم المدمر الذي أودى بحياة نحو 1200 شخص، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية.
وتظهر استطلاعات الرأي أن حزب الوحدة الوطنية بزعامة غانتس هو المرشح الأوفر حظا لاحتلال الصدارة في أي انتخابات تجرى اليوم. وبحسب استطلاع رأي أجرته القناة 13 اليوم الاثنين، يرى أغلبية الناخبين أن دافع نتنياهو الرئيسي لمواصلة الحرب هو بقاؤه السياسي.
صراعات داخل حكومة الحرب
واصطدم غانتس، وهو معارض قوي لمساعي نتنياهو لإصلاح السلطة القضائية التي هددت بتمزيق إسرائيل العام الماضي، بشكل متكرر مع الشركاء من اليمين المتشدد، بما في ذلك وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وفي بعض الأحيان مع رئيس الوزراء نفسه.
وإلى جانب وزير الدفاع يوآف غالانت، العضو الرئيسي الآخر في حكومة الحرب، وغادي آيزينكوت، وهو جنرال سابق آخر من تيار الوسط، يدافع غانتس عن المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية ضد هجمات حلفاء نتنياهو. ويقول المنتقدون إن مثل هذه الهجمات هي وسيلة لصرف الانتقادات عن رئيس الوزراء نفسه.
وغانتس هو جندي مظلي سابق قاد وحدة النخبة شالداغ، وقضى معظم حياته المهنية في الجيش. وأشرف، بصفته رئيساً لأركان الجيش في عام 2012، على عملية استمرت ثمانية أيام في قطاع غزة بدأت بمقتل قائد الجناح العسكري لحركة حماس في غزة.
وكانت هذه العملية جزءاً من سلسلة من المواجهات المحدودة إلى حد ما بين إسرائيل وحماس، والتي شكلت علاقة إسرائيل مع الفلسطينيين منذ استولت الحركة على السلطة في غزة بعد حرب قصيرة مع حركة فتح في عام 2007.
لكن الحرب الحالية التي بدأت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، عندما اخترق مسلحو حماس، التي تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية، السياج الأمني المحيط بغزة وهاجموا بلدات وقرى إسرائيلية في الجنوب، مما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية، واحتجاز حوالي 240 كرهائن.
وردت إسرائيل بحملة عسكرية أسفرت عن مقتل أكثر من 30 ألف فلسطيني، وفقاً للسلطات الصحية التابعة لحماس، مما أثار قلقاً متزايداً حتى من حلفائها الأقوياء مثل الولايات المتحدة.
وبينما يصر غانتس مثل أي زعيم آخر في إسرائيل على أن الحرب لا يمكن أن تنتهي إلا بعد تدمير حماس، إلا أنه أكثر انفتاحاً على الحوار مع الفلسطينيين من نتنياهو وحلفائه من حركة الاستيطان مثل سموتريش أو وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير.
ومع تزايد الضغوط الأمريكية والدولية من أجل إحياء الجهود الرامية للتوصل إلى حل الدولتين، فإن استعداد غانتس للتفكير في نهاية سياسية للصراع قد يجعله شريكاً أسهل في التعامل معه من نتنياهو، الذي طالما تفاخر بمقاومته لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
ويقول غانتس إنه أخبر ذات مرة محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية البالغ من العمر 87 عاماً، المكروه بشدة من عدد من القادة الإسرائيليين، أن كل واحد منهم بلا شك يحلم باختفاء الآخر. وأكمل "لكننا نحن الاثنين موجودون هنا. وهذا لن يتغير".
خ.س/أ.ح/ ز.أ.ب (رويترز)
معبر رفح.. "شريان الحياة" لسكان غزة ونافذتهم الضيقة نحو العالم
يمثل معبر رفح بين مصر وقطاع غزة المنفذ الوحيد لنحو مليوني فلسطيني على العالم الخارجي. نشأ المعبر في ظروف خاصة وتعرض للإغلاق كثيراً بسبب حروب وخلافات سياسية.. فما هي قصته؟
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
معبر رفح .. شريان حياة
لا يختفي اسم "معبر رفح" من وسائل الإعلام منذ بدء الاشتباكات بين حماس والجيش الإسرائيلي، إذ يُعد المنفذ الرئيسي الذي تدخل منه المساعدات المختلفة من غذاء ودواء ووقود وغيرها إلى قطاع غزة. كان المعبر حجر أساس في اتفاق الهدنة الأخير بين الطرفين حيث تم الاتفاق على عبور المئات من شاحنات المساعدات المختلفة يومياً إلى جانب خروج حملة الجنسيات الأجنبية والمرضى والمصابين الفلسطينيين من خلاله.
صورة من: Fatima Shbair/AP/picture alliance
نقطة الاتصال بالعالم الخارجي
في أقصى جنوب قطاع غزة، وعند صحراء سيناء في الجانب المصري، يُشكل معبر "رفح" البري المنفذ الرئيسي للقطاع إلى العالم. يوجد في غزة ستة معابر أخرى منها ايريز (حاجز بيت حانون) في الشمال وكرم أبو سالم جنوب شرق القطاع لكنها تقع جميعاً تحت السيطرة الإسرائيلية بالكامل. يبقى معبر رفح هو نقطة الاتصال الوحيدة بين قطاع غزة والعالم الخارجي.
صورة من: Mustafa Hassona/Anadolu/picture alliance
كيف نشأ المعبر؟
نشأ المعبر عقب توقيع مصر وإسرائيل اتفاقية السلام عام 1979 وانسحاب إسرائيل من سيناء عام 1982. قبل عام 1967 لم تكن هناك حدود بين رفح المصرية والفلسطينية لكنهما فصلتا بعد تنفيذ الشق الخاص من ااتفاقية ترسيم الحدود. خُصص المعبر لعبور الأفراد فيما خصص معبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه إسرائيل لعبور البضائع.
صورة من: BOB DAUGHERTY/AP/picture alliance
إدراة مشتركة وفق اتفاقية أوسلو
سمحت اتفاقية أوسلو لممثلي السلطة الفلسطينية بالتواجد في المعبر. لكن منذ الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005 وإلى اليوم تغيرت ظروف المعبر عدة مرات وفقاً للتطورات الأمنية والعسكرية في القطاع. تم إغلاق المعبر مع انتفاضة عام 2000 وبعدها ظل ما بين الإغلاق والفتح، فيما شددت مصر إجراءات العبور من وقتها وحتى اليوم.
صورة من: Terje Bendiksby/NTB/picture alliance
من يتحكم في المعبر؟
سيطرت إسرائيل على المعبر خلال احتلالها للقطاع وحتى عام 2005 الذي انسحبت فيه من غزة. تم توقيع "اتفاقية الحركة والوصول" عام 2005 والتي جمعت بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وبرعاية أمريكية، وهي الاتفاقية التي أقرت بأن يخضع المعبر للسيطرة الفلسطينية - الإسرائيلية برعاية أوروبية تراقب حق الجانب الفلسطيني في العبور والتبادل التجاري بما لا يمس الأمن الإسرائيلي.
صورة من: picture alliance / ASSOCIATED PRESS
ضرورات أمنية
عملت مصر وإسرائيل على تقييد الحركة من غزة وإليها منذ أن فرضت حركة حماس سيطرتها على القطاع في 2007 حين وصل الصراع بين حماس وحركة فتح إلى ذروته. تقول الدولتان إن ذلك ضروريا لأسباب أمنية. ورهنت مصر التعامل مع المعبر بموافقة كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية بالضفة الغربية. وخلال الحرب الأخيرة فرضت إسرائيل حصاراً شاملاً على قطاع غزة في 9 أكتوبر/تشرين الأول.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
بين إغلاق وفتح المعبر
في عام 2010 قررت مصر فتح المعبر بشكل أكبر عقب ما عرف بواقعة "أسطول الحرية". ومع أحداث ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، أمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر باقتصار فتح المعبر على الحالات الطارئة. لم يفتح المعبر بشكل كامل إلا مع ثورة 25 يناير لكن منذ عام 2013 عاد الوضع إلى ما كان عليه سابقاً. في عام 2017، فُتح المعبر أمام حركة الأفراد الحاصلين على تصريح أمني مع الخضوع لعمليات تفتيش صارمة.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
مخاوف مصرية
تكمن أكبر مخاوف مصر في أمرين؛ الأول هو حدوث تدفق هائل للاجئين الفلسطينيين الفارين من الحرب عبر معبر رفح. والثاني وهو الأخطر ويتمثل في احتمال دخول مسلحين إسلاميين إلى البلاد، خصوصاً وأن مصر تواجه جماعات إسلامية متشددة في سيناء وذلك على مدار أكثر من 10 سنوات. لذلك تولي مصر أهمية مشددة لتأمين معبر رفح.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
تطبيق إجراءات مشددة
لا تسمح السلطات المصرية للفلسطينيين بمغادرة غزة بسهولة، إذ يجب على الفلسطينيين الراغبين باستخدام معبر رفح التسجيل لدى السلطات الفلسطينية المحلية قبل سفرهم بنحو شهر وقد يتم رفض طلبهم إما من قبل السلطات الفلسطينية أو المصرية دون إبداء الأسباب. وفيما يشكو فلسطينيون من سوء معاملة على المعبر، تُبقي إسرائيل سيطرتها كاملة على ما يمر عبر القطاع خوفاً من وصول أي مساعدات خاصة لحركة حماس.
صورة من: Mohammed Talatene/dpa/picture alliance
الأولوية للحالات الإنسانية
أعطيت الأولوية في الاتفاق الأخير بين حماس وإسرائيل لعبور المساعدات الإنسانية والحالات المرضية وخصوصاً الأطفال الخُدج (غير مكتملي النمو) حيث أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قراراً باستقبالهم في المستشفيات المصرية.
صورة من: Egypt's State Information Center/Xinhua/picture alliance
مخاوف من كارثة إنسانية
في مؤتمر صحفي كبير عقد في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حذر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش من أمام بوابات المعبر في الجانب المصري من استمرار إغلاقه، منذراً بحدوث كارثة إنسانية إن لم تدخل المساعدات الإنسانية إلى غزة، وشدد على ضرورة ضمان عبور قوافل المساعدات بعدد كبير من الشاحنات كل يوم إلى قطاع غزة لتوفير الدعم الكافي لسكانه.
صورة من: picture alliance/dpa
القصف يعرقل انتظام عمل المعبر
خلال الحرب الأخيرة، أكدت مصر عدة مرات أن المعبر مفتوح من جانبها وأنه لم يتم إغلاقه منذ بدء الأزمة الراهنة، لكن تعرض مرافقه في الجانب الفلسطيني للدمار بسبب الغارات الإسرائيلية يحول دون انتظام عمله بشكل طبيعي، وفق ما ذكرت الخارجية المصرية. إعداد: عماد حسن.
صورة من: Russia Emergencies Ministry/dpa/picture alliance