زيارة ولي العهد السعودي لواشنطن ـ هل تحلحل الأزمة الخليجية؟
١٨ مارس ٢٠١٨
يستعد الرئيس ترامب لاستقبال أحد أهم حلفائه في الشرق الأوسط ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان. وبعدها سيستقبل أمير قطر وولي عهد أبوظبي في زيارات تثير فضول المراقبين حول إمكانية حلحلة الأزمة بين حلفاء واشنطن في الخليج.
إعلان
يقوم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد بزيارات متعاقبة للولايات المتحدة بدءا من يوم (الثلاثاء 20 مارس / آذار 2018) وعلى مدى أسابيع. فهل تساهم هذه اللقاءات في حلحلة الأزمة المستمرة منذ فترة بين حلفاء واشنطن في منطقة الخليج. ويذكر أن الولايات المتحدة أكدت أكثر من مرة حرصها على إنهاء الخلاف بين قطر من ناحية وعدد من الدول العربية من ناحية أخرى. وأدى الشقاق إلى انقسام مجلس التعاون الخليجي كما أضر بجهود تقودها الولايات المتحدة للحفاظ على جبهة قوية في مواجهة إيران.
وكانت الولايات المتحدة تأمل في استضافة قمة لها مع مجلس التعاون الخليجي في وقت لاحق من العام الجاري لكن آفاق ذلك ضئيلة على ما يبدو فيما لا يزال الخلاف قائما. وقال مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية مشيرا إلى أطراف الأزمة الخليجية "ليسوا متفقين. ليسوا مستعدين لحل هذه الأزمة". وترتبط واشنطن بتحالفات قوية مع طرفي الأزمة، إذ توجد في قطر قاعدة جوية أمريكية هي الأكبر في المنطقة ولعبت دورا مهما في الحملة العسكرية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا والعراق. وفي الوقت ذاته تقيم إدارة ترامب علاقات أقوى مع السعودية والإمارات.
ترامب في السعودية.. زيارة "تاريخية" أم هروب إلى الأمام؟
جاءت زيارة ترامب للسعودية في توقيت داخلي سيء بعد ارتدادات الزلزال السياسي الذي أحدثه بإقالته مدير الـ "FBI". في المقابل يكشف الاستقبال الحافل له والعقود الموقعة معه بالمليارات اختلاف النهج الأمريكي إزاء ملفات المنطقة.
صورة من: Reuters/B. Algaloud
حطت طائرة الرئيس الأميركي "اير فورس وان" في مطار الملك خالد اليوم السبت (20 أيار/مايو 2017) ونزل ترامب سلم الطائرة برفقة زوجته ميلانيا. وكان في استقباله عند باب الطائرة الملك سلمان بن عبد العزيز الذي سار معه والى جانبهما ميلانيا وعدد من المسؤولين السعوديين على السجادة الحمراء.
صورة من: Reuters/B. Algaloud
خصص السعوديون استقبالا حارا للرئيس الأميركي. ووصفت وسائل الإعلام السعودية الزيارة بـ"التاريخية". وأغرقت سلطات الرياض شوارع العاصمة بصفوف طويلة من الأعلام السعودية والأميركية، وباللوحات الضخمة التي جمعت صورتي العاهل السعودي الملك سلمان وترامب والى جانبهما شعار الزيارة "العزم يجمعنا".
صورة من: picture-alliance/AA/E. Abdelrehim
وعقد الرئيس ترامب محادثات مع العاهل السعودي والمسؤولين السعوديين، وكان برفقة ترامب زوجته ميلانيا وابنته إيفانكا وزوج ابنته جاريد كوشنر إلى جانب أعضاء آخرين في الوفد بينهم المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر ومساعدة مستشار الأمن القومي الأميركية المصرية الأصل دينا حبيب باول.
صورة من: picture alliance/AP Photo/E.Vucci
وكانت ملابس سيدة البيت الأبيض في رحلتها الخارجية الأولى محط الأنظار. وكانت ميلانيا قد صعدت طائرة "اير فورس وان" وهي ترتدي قميصا أبيضا ضيقا وتنورة برتقالية وحذاء بكعب عال، وفي الطائرة غيرت ملابسها وارتدت ملابس توحي بأنها "عباءة خليجية" متكونة من سروال اسود فضفاض مع قميص أسود يغطي ذراعيها وحزام ذهبي.
صورة من: Getty Images/AFP/M. Ngan
أما إيفانكا ترامب فدخلت الطائرة الرئاسية في بداية الرحلة وهي ترتدي ثوبا يعلو ركبتيها، وغادرتها بثوب طويل يغطي كامل ذراعيها أيضا، باللونين الأسود والأبيض.
صورة من: Getty Images/AFP/M. Ngan
قلد العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز الرئيس ترامب قلادة الملك عبد العزيز، التي تعد أرفع وسام في المملكة العربية السعودية. وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن تقليد ترامب القلادة يعد تعبيرا عما يربط البلدين الصديقين من علاقات تاريخية وثيقة.
صورة من: picture alliance/AP/E. Vucci
وحظيت الزيارة بتوقيع مجموعة اتفاقيات بين الرياض وواشنطن. ووقع الملك سلمان والرئيس ترامب في بداية اللقاء اتفاقية أطلق عليها اسم "الرؤية الإستراتيجية المشتركة بين البلدين". وشهد الزعيمان التوقيع على عدة اتفاقيات بين البلدين قدر أجماليها بحوالي 280 مليار دولار ستوفر مئات آلاف الوظائف في البلدين.
صورة من: Getty Images/AFP/M. Ngan
يبتعد ترامب لبعض الوقت عن ارتدادات الزلزال السياسي الذي أحدثه في واشنطن بإقالته مدير "أف بي آي" والهزات التي ما زالت تتوالى فصولا. وبالكاد أقلعت الطائرة، حتى كشف عن تطورات جديدة في التحقيق حول صلات فريق ترامب بروسيا، إذ أعلنت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ أن المدير السابق لـ"أف بي آي" جيمس كومي وافق على الإدلاء بشهادته خلال جلسة علنية أمام المجلس في حزيران/يونيو.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Scott Applewhite
فيما أفادت صحيفة "واشنطن بوست" أن مكتب التحقيقات الفدرالي وسّع تحقيقه حول الروابط المحتملة بين فريق حملة دونالد ترامب وروسيا ليشمل مسؤولا كبيرا في البيت الأبيض يعمل مستشارا "مقربا" من الرئيس الأميركي لم تذكر اسمه.
صورة من: picture alliance/dpa/A. Shcherbak
وإذا كان الحذر الشديد هو السمة التي حكمت العلاقة بين حكام دول الخليج العربية والرئيس الأميركي السابق باراك اوباما، فان الملياردير الجمهوري استقبل في السعودية بحفاوة تعكس الاختلاف في النهج بينه وبين سلفه إزاء ملفات المنطقة.
صورة من: Getty Images/AFP/M. Ngan
10 صورة1 | 10
زيارات متعاقبة في انتظار قمة أمريكية خليجية؟
يجتمع الأمير محمد بن سلمان ولي عهد السعودية مع ترامب يوم الثلاثاء في واشنطن ويقول دبلوماسيون إن الخلاف مع قطر لن يكون على الأرجح في صدارة القضايا التي يريد الأمير محمد بحثها. وسيلتقي بعد ذلك الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر مع ترامب في العاشر من أبريل / نيسان في البيت الأبيض. وقال المسؤول الكبير بالإدارة الأمريكية إن الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي طلب الاجتماع مع ترامب بعد لقاء الرئيس الأمريكي بأمير قطر. وكان من المقرر في الأساس أن يلتقي الشيخ محمد بن زايد بترامب في 27 مارس آذار. وقال المسؤول الأمريكي الكبير "طلب محمد بن زايد من ترامب أن يكون آخر من يلتقي به". ولم يتحدد موعد جديد بعد.
ومن المرجح أن يجري الزعماء محادثات مع ترامب تتعلق بمواجهة إيران ومحاربة التطرف الإسلامي وتعميق الشراكة الاقتصادية والعسكرية. وقال مسؤول أمريكي كبير سابق تناول القضايا الإقليمية "موافقة الشركاء الخليجيين على قمة أخرى بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون الخليجي يستضيفها الرئيس دونالد ترامب في كامب ديفيد" لن تحقق على الأرجح الكثير من المكاسب.
وعطَّلت مقاطعة الدول العربية الأربع للدوحة واردات قطر وأدت إلى سحب مودعين منها مليارات الدولارات من البنوك القطرية. وطورت قطر، أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، طرقا جديدة للتجارة وضخت عشرات المليارات من الدولارات من صندوق الثروة السيادية الضخم فيها لحماية البنوك. وتشعر الإمارات على الأخص بالغضب بسبب الدعم القطري المزعوم للإسلاميين في المنطقة.
حيرة واشنطن أما خلافات حلفائها
وتشعر إدارة ترامب بالقلق من أن يعود الانقسام بين حلفاء الولايات المتحدة الخليجيين بالنفع على إيران في الصراع على النفوذ في الشرق الأوسط. وحتى الآن لا تشعر السعودية والإمارات أن مطالبهما لحل الخلاف نٌفذت. وفي بداية الأزمة أرسلت الدول الأربع قائمة من 13 مطلبا إلى الدوحة تتضمن إغلاق قناة الجزيرة التلفزيونية الفضائية وتقليص علاقاتها مع إيران.
وقال روب مالي رئيس مجموعة الأزمات الدولية إنه وعلى الرغم من زيادة جهود الضغط القطرية في واشنطن فإن الرياض وأبوظبي تعتبران الخلاف "مصدرا بسيطا للإزعاج" و"ليس مشكلة ملحة لكنه أمر بإمكانهما التعايش معه لفترة طويلة للغاية طالما لا يؤثر على المصالح الأمريكية". وأضاف مالي الذي التقى مع مسؤولين سعوديين في الآونة الأخيرة "تريدان التعامل معه على أنه جزء من الأثاث وليس أمرا يتطلب الاهتمام الفوري".
الأزمة الخليجية بين الوساطة الكويتية وتصريحات محمد بن سلمان النارية
01:42
وكان ترامب قد وقف في بادئ الأمر في صف السعودية والإمارات ووصف قطر بأنها "ممول للإرهاب" لكنه خفف من موقفه ودعا إلى الوحدة الخليجية وذلك تحت ضغط من ريكس تيلرسون وزير الخارجية الأمريكي المنتهية ولايته ووزير الدفاع جيمس ماتيس. وزاد دعم واشنطن من ثقة قطر.
وقال مسؤول أمريكي كبير على دراية بجهود الوساطة الأمريكية إنه لا يزال هناك استعداد بين الحلفاء الخليجيين لبدء حوار. وأضاف "بدأوا يدركون أن هذا لا يصب إلا في مصلحة الإيرانيين والسوريين والروس وأن الوقت حان للتفكير في كيفية حل هذه القضايا". بحسابات العقل، يدركون أنه يجب حل هذا الخلاف وأنه سيزداد سوءا وسيؤثر على أمور... وبحسابات العاطفة، يودون أن يستمر بشكل ما لأن المشاعر قوية جدا".
ح.ز/ م.س (رويترز، أ.ف.ب)
ملفات شائكة تهيمن على أول جولة خارجية لولي العهد السعودي
قضايا ساخنة تطغى على أول جولة خارجية لرجل السعودية القوي محمد بن سلمان منذ تسلمه ولاية العهد. محمد بن سلمان اختار القاهرة محطة أولى لجولته التي تشمل لندن وواشنطن أيضا.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Jensen
تخفيف الضغط الدولي
على الرغم من "الإصلاحات" التي يقوم بها ولي العهد السعودي وطالت نواح ٍ مختلفة في الداخل السعودي، إلا أن حملات الاعتقالات لمثقفين وصحفيين وأمراء وشيوخ أدت لانتقادات دولية واسعة. ويحاول بن سلمان التغلب على ذلك بتسويق رؤيته لسعودية أكثر انفتاحاً.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Nureldine
تقديم أوراق اعتماد
وقد تكون جولة الأمير بن سلمان محاولة من الأمير الشاب لتسويق نفسه للغرب كداعم لليبرالية والحريات المدنية استعداداً لتوليه مقاليد الحكم في المملكة التي بدأت تبتعد عن التشدد والانغلاق، إذ سُمح للمرأة بقيادة السيارة ودخول ملاعب الكرة، كما باتت تنضم حفلات موسيقية في إطار سياسية الترفيه الجديدة.
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Obeida
إيران..على رأس "مثلث الشر"
في تصريحات صحفية اعتبر ولي العهد أن إيران أحد أضلع مثلث قوى الشر في المنطقة بجانب من أسماهم بالعثمانيين والجماعات الإرهابية، واصفاً إياها بـ"نمر من ورق" وهي لهجة الخطاب التي يعتمدها ولي العهد تجاه كل ما يتعلق بطهران التي يرى أن تشعب تواجدها في المحيط الاستراتيجي السعودي يشكل تهديداَ محدقاً بالأمن القومي لبلاده.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Kenare
إيران .. "نمر من ورق" يثير قلقاً لا ينتهي
ويستغل بن سلمان القلق الدولي المتصاعد من تنامي القوة العسكرية الإيرانية بجانب الموقف الأمريكي المعهود من إيران لممارسة مزيد من الضغوط على طهران. وتستطدم الجهود السعودية بمواقف الدول الأوروبية التي تسعى إلى علاقة متوازنة مع طهران.
صورة من: Getty Images/F.Bahrami
الأزمة مع قطر
ولا يبدو أن مواقف الدول الأوروبية والولايات المتحدة من الأزمة القطرية-الخليجية تسير وفق ما كان مخطط له من الجانب السعودي، وربما يكون ذلك واحد من أسباب اقتصار جولة ولي العهد لأوروبا على بريطانيا فقط كنوع من إبداء الغضب ليس من الموقف الأوروبي تجاه هذه القضية فحسب وإنما أيضا من ملفات أخرى لم تجرِ فيها الرياح وفق ما اشتهته سفن المملكة.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/O. Faisal
اليمن .. "فيتنام" السعودية
ووتزامن الزيارة مع تصاعد الضغوط الدولية على التحالف العربي بقيادة السعودية في حربها ضد الحوثيين باليمن والتي تسببت في مصرع آلاف المدنيين ودمار هائل لحق بالبلد الفقير وأوقع واحدة من أسوأ المجاعات في العالم. وتواجه السعودية بسبب هذه الحرب ضغوطاً من عواصم أوروبية قرر بعضها منع تصدير السلاح للمملكة.
صورة من: picture-alliance/ZUMAPRESS.com
المستنقع اليمني
ورغم تأكيد الأمير محد بن سلمان على أن الحرب جاءت بطلب من الحكومة اليمنية الشرعية وأنها قد حققت أهدافها وتقترب من نهايتها إلا أن اليمن تبدو كمستنقع موحل لا تستطيع الأقدام السعودية سحب نفسها منه بسهولة ودون خسائر كبرى خاصة مع تناقص الدعم الدولي.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
نيوم و "رؤية 2030" ..
يعول الأمير محمد بن سلمان كثيراً على مشروع نيوم الذي رُصدت له ميزانية هائلة وصلت نصف تريليون دولار وستكون المباحثات الاقتصادية - وفي القلب منها نيوم ورؤية 2030 - أحد أهم الملفات التي يصطحبها معه ولي العهد السعودي إلى بريطانيا والولايات المتحدة.
صورة من: picture alliance /dpa/Saudi Press Agency
محاولات لجذب المستثمرين
سيلتقي ولي العهد بعدد كبير من رجال الأعمال وخصوصاً الأمريكيين لتسويق مشروع نيوم العملاق وبحث فرص جذب استثمارات أجنبية، ما يعزز من أوراق اعتماده كملك مستقبلي يعمل على رخاء بلاده. الكاتب: عماد الدين حسين