زيهوفر يقدم خططه لحصر اللاجئين في "مراكز إرساء رائدة"
٣ مايو ٢٠١٨
بسرعة كبيرة تحولت وزارة الداخلية تحت إشراف هورست زيهوفر زعيم الحزب البافاري المحافظ إلى وزارة عملاقة بعد ضم مجالي البناء وشؤون الوطن إليها. لكن خطط الوزير المحافظ إزاء بناء مراكز "إرساء اللاجئين" تبقى المهمة الأساسية.
إعلان
في مؤتمر الصحافي الكبير الأول الخميس (الثالث من أيار/ مايو 2018) لم يتطرق وزير الداخلية هورست زيهوفر، زعيم الحزب البافاري المحافظ، الاجتماعي المسيحي، طويلاً إلى النقاش الحاد الذي أطلقه خلفه زودر في ولاية بافاريا إزاء أمر تعليق دوائر الدولة الرسمية للصليب في غرف وقاعات الاجتماعات، لكننه قال باختصار بأنه سار على خطى سلفه في الوزراة ببرلين توماس دي ميزير وحافظ على الصليب المعلق في مكتبه.
بيد أن زيهوفر تكلم بإسهاب وفترة طويلة عن خططه الطموحة بشأن اللاجئين، وخصوصاً ما يتعلق بترحيل المرفوضين منهم بأسرع وقت ممكن. في هذا السياق تحدث الوزير الألماني عن تقدم كبير فيما يخص تنفيذ خطط وزارته لتأسيس ما يطلق عليه "مراكز إرساء اللاجئين". وهي اشبه إلى معسكرات لإيواء اللاجئين الوافدين الجدد منذ بداية وصولهم إلى ألمانيا وحتى صدور قرار المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين بشأن طلب اللجوء. وفي حال رفض الطلب يمكن للسلطات أن ترحل اللاجئ قسراً دون أن يتمكن من الفرار والإقامة بشكل غير شرعي. كما يتم في هذه المراكز دراسة طلبات لم الشمل للاجئين الذين يحصلون على حق البقاء أو الحماية الثانوية.
وفي شأن لم شمل عائلات اللاجئين الحاصلين حالياً على حق البقاء أو الحماية المحددة، ومعظمهم من السوريين، قال الوزير زيهوفر إنه ينوي تقديم مسودة قانون بهذا الشأن يوم الأربعاء القادم إلى الحكومة الألمانية لدراستها ودفع المسودة إلى البرلمان.
وتأتي هذه الخطوة بعد أن اتفقت أطراف الائتلاف الحاكم في مداولات تشكيل الحكومة الحالية على السماح لألف شخص استقدام عائلاتهم في إطار لم الشمل وذلك لفئة اللاجئين ذي الحماية المحددة وذلك بدأ من شهر آب/ أغسطس المقبل. ويشار إلى أن الحكومة السابقة أجلت قبول طلبات لم الشمل حتى حزيران/ يونيو المقبل.
وحسب خطط زيهوفر، فإن وزارته ستعمل سوياً مع وزارة الخارجية بهدف اختيار العائلات التي سيتم السماح لها بالقدوم إلى ألمانيا، كما سيكون للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين دوراً داعماً في هذه العملية. بيد أن منظمة "برو أزول" المدافعة عن اللاجئين تخشى حدوث فوضى فيما يخص تحديد الجهة المسؤولة بشكل نهائي عن لم الشمل، كما تخشى المنظمة أن يكون الاختيار تعسفياً وألا يصل عدد الوافدين في إطار لم الشمل إلى الرقم المعلن.
لكن زيهوفر أكد أنه وبدءا من شهر آب/ أغسطس والأشهر الخمسة التالية سيكون بإمكان 5000 شخص السفر إلى ألمانيا في إطار لم شمل العائلات. وأضاف الوزير المحافظ أنه في حال لم يتم فيه تحقيق الرقم 1000، فإنه بدءا من شهر كانون الثاني/ يناير المقبل سيسمح لألف شخص بالوصول إلى المانيا دون أي عقبات قانونية.
من جهة أخرى، تعتبر خطط الوزير انشاء "مراكز إرساء اللاجئين" لُبنات أساسية في خطته الكبيرة الهادفة إلى زيادة عدد اللاجئين الذين يتم ترحيلهم إلى خارج ألمانيا بعد أن تم رفض طلبات لجؤهم، فمن المقرر أن يقدم زيهوفر تفاصيل خططه بهذا الشأن مطلع حزيران/ يونيو المقبل.
في هذا السياق قال الوزير إن أهم عائق على طريق ترحيل المرفوضين من اللاجئين هو بقائهم الطويل في ألمانيا وخلق جذور في المجتمع. ولهذا يسعى الوزير في إطار خططه تسريع عمليات الترحيل مع السعي لمنع هروب اللاجئين من مراكز الإرساء والاختلاط في المجتمع، وترحيل اللاجئ الذي يتم رفض طلبه مباشرة من مركز الإرساء إلى وطنه الأصلي.
طالبة سورية تواجه الترحيل من ألمانيا
03:17
وعملياً، ستتم كل إجراءات اللجوء في مراكز الإرساء المرتقبة بدءا من تسجيل اللاجئين من لحظة وصولهم إلى الأراضي الألمانية مروراً بدراسة طلبهم وانتهاء بالقرار النهائي لمكتب الهجرة واللاجئين، إما بالرفض أو القبول.
وحسب خطط الوزارة، فإنه من المقرر أن يقيم الشباب من اللاجئين كمعدل بحدود 18 شهراً في مراكز الإرساء. فيما تسمح الخطط للعائلات بمغادرة المراكز بعد ستة أشهر فقط، حسب تصريح هليموت تايشمان، سكرتير الدولة في وزارة الداخلية.
من جانبه، أوضح تايشمان أنه سيتم تجربة ستة مراكز من هذا النوع والتي ستوزع بشكل متساوي في عموم البلاد. وأعلنت بعض الولايات استعدادها لتكون أول ينفذ هذه التجربة الرائدة على أراضيها، بينها ولاية وزير الداخلية زيهوفر، بفاريا.
وقال تايشمان إنه إما في آب/ أغسطس أو في أيلول/ سبتمبر المقبلين سيتم افتتاح ستة مراكز تجريبية ولمدة ستة أشهر حيث يتم تقييم عملها وعلى ضوء النتائج سيتخذ القرار النهائي. وقال الوزير في هذا السياق، بعد ذلك إذا تم اعتماد المشروع الريادي بشكل دائم، ستكون هناك حاجة لتعديل القوانين المرعية لتسمح لهذا المراكز بالعمل. وحالياً لا تحتاج المراكز خلال الفترة التجريبية على تعديل قانوني، حيث يمكن الاستناد إلى القوانين الحالية.
ح.ع.ح/ع.غ (أي.ب.أ، رويترز)
اللاجئون في ألمانيا - من "ثقافة الترحيب" إلى "سياسة الترحيل"
في خريف عام 2015، فتحت ألمانيا أبوابها للآلاف من اللاجئين. وكان تفهم الألمان لمآسي هؤلاء ملفتا جداً. إلا أن أحداثاً عديدة قلبت ثقافة الترحيب إلى مطالب بالترحيل. بالصور: محطات من السياسة الألمانية تجاه اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Fischer
بداية الموجة
في 25 آب/ أغسطس 2015، علقت ألمانيا تنفيذ اتفاق دبلن تجاه اللاجئين السوريين. وينص الاتفاق على إعادة اللاجئين إلى بلد دخلوه في الاتحاد الأوروبي. وبعدها بأيام قالت المستشارة ميركل إن التغلب على موجة اللجوء؛ "مهمة وطنية كبيرة"، كما أصرت على أن "ألمانيا ستنجح في هذه المهمة". وخشيةً من مأساة تحل بآلاف اللاجئين، قررت ميركل إلى جانب النمسا استقبال اللاجئين، وكان ذلك في الخامس من أيلول/ سبتمبر 2015.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
استقبال وترحيب
مثلت ""ثقافة الترحيب" عنصراً مهماً في استقبال اللاجئين في خريف 2015. وقد حظي اللاجئون عند وصولهم إلى عدد من المدن الألمانية بترحيب منقطع النظير من جانب المتطوعين من المواطنين الألمان والأجانب المقيمين في ألمانيا. وبادر هؤلاء المتطوعون إلى تقديم المساعدة المعنوية والمادية للعديد منهم. ففي ميونيخ مثلاً، تم إنشاء مطاعم مؤقتة للاجئين المنتظرين تسجيل أسماءهم لدى الشرطة، ونقلهم إلى مراكز الإيواء.
صورة من: picture alliance/dpa/J. Carstensen
أزمة السكن
عدد كبير من اللاجئين قصد ألمانيا بعد قرار ميركل عام 2015. الأرقام المتزايدة للاجئين شكلت تحديا كبيراً للألمان. وبدأت مدن ألمانية باستعمال المباني الخالية أو المهجورة كمراكز إيواء للاجئين، فيما استدعت السلطات الحكومية المختصة الموظفين المتقاعدين للعمل من جديد في مراكز اللاجئين. ويعتبر هذا المعطى واحداً من المؤشرات الأخرى التي فرضت على ألمانيا دخول تحدٍ جديدٍ، بسبب اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Fassbender
بداية أحداث قلبت الموازين
كانت أحداث كولونيا، التي وقعت في ليلة رأس السنة الجديدة 2016/2015 بداية فاصلة لتغير مزاج الألمان تجاه اللاجئين. حيث شهدت تلك الليلة عملية تحرش جماعي كبرى لم تشهدها ألمانيا من قبل. تلقت الشرطة مئات البلاغات من نساء تعرضن للتحرش والسرقة وفتحت الشرطة أكثر من 1500 تحقيق لكن السلطات لم تنجح في التعرف إلا على عدد قليل من المشتبه بهم، الذين كانت ملامحهم شرق أوسطية وشمال إفريقية، طبقا لشهود.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Böhm
مطالب بالترحيل
أعمال التحرش الجنسي في كولونيا، ليلة رأس السنة، تسببت في موجة استياء واسعة في ألمانيا بداية من عام 2016، وقد دفعت كثيرين للمطالبة بتشديد القوانين لترحيل الجناة وجعلت آخرين يطالبون بتفادي تجريم فئة معينة في المجتمع. وكانت حركة "بغيدا" أهم الأطراف، التي دعت إلى وقف تدفق اللاجئين على ألمانيا. وتعارض هذه الحركة الشعبوية بوجه خاص إيواء لاجئين من دول إسلامية بدعوى أن ثقافتهم لا تنسجم مع القيم الغربية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
تحديد سقف لعدد اللاجئين
على خلفية اعتداءات كولونيا ليلة رأس السنة، وجد زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي المحافظ آنذاك هورست زيهوفر في الواقعة فرصة للتأكيد على طلبه الرئيسي المتمثل في تحديد سقف أعلى لعدد اللاجئين المسموح لهم بدخول ألمانيا. لكن ميركل كانت قد رفضت الأمر في مؤتمر حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" (البافاري) في ميونيخ.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
هجمات متفرقة ينفذها لاجئون
وقام بعض اللاجئين بأعمال عنف و"إرهاب" جعلت مؤيدين كُثراً يسحبون دعمهم لسياسة الترحيب. ومن أبرز هذه الاعتداءات، ما حصل بمدينة أنسباخ جنوبي ألمانيا. فقد فجَّر طالب لجوء سوري عبوة ناسفة من صنعه وهو ما أدى إلى مقتله وإصابة 12 شخصاً. كما أصاب طالب لجوء آخر (2016) خمسة أشخاص بجروح بفأس وسكين على متن قطار في فورتسبورغ.
صورة من: Reuters/M. Rehle
هجمات معادية للاجئين
وفي المقابل قام أشخاص بالاعتداء على مجموعة من مراكز إيواء اللاجئين مثل إضرام الحريق في مركز فيرتهايم. كما شهدت بعض المدن الألمانية مظاهرات معادية لاستقبالهم. هذه التصرفات دفعت المستشارة ميركل للقول إنه لا تسامح مع اليمينيين المتطرفين الذين يقومون بهجمات ضد اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Engmann
عملية دهس وراءها داعش!
في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2016 اهتزت برلين لفاجعة الدهس بشاحنة، التي أدت لمقتل 12 شخصاً وإصابة 48 آخرين. هذا العمل الإرهابي قام به لاجئ في ألمانيا، فقد وُجهت التهمة لأنيس العامري، وهو تونسي الجنسية، كان يبلغ حينها 24 عاماً، باختطاف شاحنة بولندية ضخمة، ودهس بها تجمعاً بشرياً بأحد أسواق أعياد الميلاد في قلب برلين، قبل أن تقتله الشرطة الإيطالية. وقد أعلنت "داعش" فيما بعد تبنيها للاعتداء.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
سياسة ميركل في مرمى الانتقادات
تصاعد الأزمات، وتفاقم المشاكل جعل شعبية المستشارة ميركل تقل، فقد اتهمها منتقدوها بأن سياسة "الباب المفتوح" التي اتبعتها فاقمت الأوضاع من خلال تشجيع المزيد من اللاجئين على الدخول في رحلاتهم الخطرة نحو أوروبا. وفي سبتمبر 2016 بدأت ألمانيا أيضا بعمليات مراقبة مؤقتة على حدودها مع النمسا.
صورة من: Getty Images/J. Simon
هل ستستقبل ألمانيا لاجئين جدد؟
أعلنت المفوضية الأوروبية لشؤون اللاجئين موافقة الحكومة الألمانية على استقبال 10 آلاف لاجئ ضمن برنامج "إعادة التوطين" التابع للاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يحاول وزير الداخلية الألمانية الإسراع بفتح مراكز جديدة للاجئين تتولى استقبال اللاجئ والبت في قراره ثم ترحيله في حالة رفض طلبه. بالإضافة إلى توجهه نحو التشدد حيال لمّ شمل عائلات اللاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية. إعداد: مريم مرغيش