مع بدء تنفيذ اتفاق اللاجئين بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، حذر سياسيون ألمان من إمكانية وقوع نزوح جماعي للأكراد إلى ألمانيا، وانتقال مشاكل تركيا إلى داخل ألمانيا. لكن سياسيا ألمانيا قال إن العبء سيوزع بصورة مشتركة.
إعلان
وعد بيتر التماير وزير شؤون المستشارية الألمانية بأن لا تتحمل بلاده أكثر من طاقتها في عملية توزيع ما يصل إلى 72 ألف لاجئ سوري وفقا لاتفاقية اللاجئين المبرمة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا.
وينص الاتفاق الذي تم التوصل إليه الجمعة على أن تتسلم تركيا مرة أخرى كل المهاجرين بشكل غير مشروع الذين عبروا بحر إيجه إلى اليونان بينما يقبل الاتحاد الأوروبي العدد ذاته من اللاجئين السوريين من تركيا مباشرة ويمنح تركيا أموالا وحقوقا تتيح للأتراك السفر للاتحاد الأوروبي دون تأشيرة دخول كما يسرع وتيرة مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.
وفي تصريحات للقناة الأولى بالتلفزيون الألماني (ايه آر دي)، قال منسق الحكومة الألمانية لشؤون اللاجئين إنه كان قد تقرر توزيع طالبي لجوء على دول الاتحاد الأوروبي في حزيران/ يونيو وأيلول/ سبتمبر الماضيين "وقد تم تطبيق معدل التوزيع". وكان معدل التوزيع للعام الماضي ينص على أن تستقبل ألمانيا نحو 25% من حصة اللاجئين.
وعن اتفاق اللاجئين بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، قال التماير "إن هذه العملية يجب أن يتم تنظيمها وهذا يعني الكثير من العمل"، مشيرا إلى أن أوروبا ستتحمل "العبء بصورة مشتركة" باستثناء المجر وسلوفاكيا.
وعن اللاجئين النازحين من مناطق حروب وأزمات، قال السياسي المنتمي إلى حزب المستشارة أنغيلا ميركل، المسيحي الديمقراطي، إن هؤلاء ليس بمقدورهم انتقاء البلد الذي يلجؤون إليه "فحماية اللاجئين ليست مقصورة على ألمانيا وحدها."
زيهوفر: الاتفاق "ليس انفراجة"
وفي المقابل، كان هورست زيهوفر زعيم الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري قد أعرب في وقت سابق أمس الأحد (20 مارس/ آذار) عن تشككه حيال تطبيق معدل توزيع اللاجئين في أوروبا، محذرا في تصريحات لصحيفة "بيلد آم زونتاغ" الألمانية من خطر "أن تتحمل ألمانيا مرة أخرى العبء الرئيسي لاستقبال اللاجئين". وأضاف زيهوفر إن الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا ليس "انفراجة لكنه خطوة انتقالية على طريق حل أوروبي مستدام".
ومن جانبه قال ماركوس سويدر العضو في الاتحاد الاجتماعي المسيحي ووزير المالية في ولاية بافاريا إن الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا للتصدي للهجرة غير المشروعة إلى أوروبا قد يؤدي إلى نزوح الأكراد إلى ألمانيا بشكل جماعي." وأضاف الأحد لتلفزيون (زد.دي.إف) "قد يفضي الأمر في نهاية المطاف إلى مزيد من الهجرة ولا سيما إذا وضعت في الحسبان عدم وجود تأشيرة دخول. الكثير من الأكراد الذين يهربون من الحكومة التركية قد يأتون إلى ألمانيا."
لاجئون سوريون تقطعت بهم السبل على ضفتي البوسفور
في إسطنبول يعيش حاليا عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين. جلهم يشعرون بأنهم محاصرين في المدينة التركية الضخمة بين الحرب في وطنهم الأم وبين حلم الوصول إلى أوروبا.
صورة من: DW/C. Roman
يعيش حاليا في مدينة إسطنبول التركية حوالي 400 ألف لاجئ سوري، ويقترب هذا العدد من أعداد اللاجئين السوريين في أوروبا بأكملها. ويتم التعامل معهم من قبل السلطات التركية بصفتهم "مسافرين" أي أنهم ضيوف مؤقتون، وبالتالي فلا حق لهم في اللجوء أو العمل.
صورة من: DW/C. Roman
علي، صبي عمره 13 عاما، يتحدث عن تجربته في القدوم إلى تركيا قائلا: "بلدي سوريا لم يعد موجودا، لأن بشار الأسد دمره، لذلك هربت قبل عامين مع عائلتي من حلب. على الحدود أطلقت الشرطة التركية النار علينا، فانبطحنا على الأرض واختبئنا لحين قدوم المهربين الذين أحضرونا إلى إسطنبول."
صورة من: DW/C. Roman
ويضيف علي "يتحتم أن أساعد عائلتي، والداي وستة إخوة وأخوات." وبدلا من أن يذهب إلى المدرسة، يعمل علي بشكل غير قانوني في سوبر ماركت في إحدى ضواحي مدينة إسطنبول، حيث يحصل على حوالي 47 يورو أسبوعيا ، مقابل ساعات عمل طويلة تصل إلى 14 ساعة يوميا. ويقول الصبي السوري: "أفتقد بيتي وأصدقائي، وأفتقد لعب الكرة معهم."
صورة من: DW/C. Roman
أما غيث، البالغ من العمر 22 عاما، فيقول: "كنت متشوقا دائما لدراسة الهندسة الكهربائية في مسقط رأسي، حمص. لكن بعد اندلاع الأحداث تم زجي في قوات الجيش السوري، وذلك لمقاتلة أبناء شعبي، ما اضطرني للهروب. أحلم أحيانا بعودتي لمدينتي حمص، وأن أجد فيها الحياة والسلام، اللذين عشناهما سابقا، لكن أعتقد أنني سأهرم قبل معايشتي ذلك مرة أخرى."
صورة من: DW/C. Roman
مارس غيث العديد من المهن ليتمكن من العيش، كان منها مهنة بواب في أحد الفنادق، المخصصة للسياح ويقول: " ألتقي هنا بالعديد من الأوروبيين، وأستمع باهتمام لقصصهم وحكاويهم، إلا أنني لا أعتقد أنهم يفهمون قصصي وتجاربي، مصطلحات الحرب والموت يعايشونها في الأفلام فقط."
صورة من: DW/Ch.Roman
ولا يرى الأخوان إبراهيم وغسان أي مستقبل في تركيا، لأنهما لا يملكان أي وضع قانوني كما يقولان. ويقول غسان الذي يعمل مع أخيه في أحد المخابز "هذا الوضع يشعرنا بالقلق. في سوريا كنت أعمل محاسبا، أما هنا فأنا لا شيء."
صورة من: DW/C. Roman
وتقول إليسار (32 عاما): "ما يشغل السوريين هنا، هو الطريق الأفضل للوصول إلى أوروبا، وهل هو بحرا بركوب القارب المطاطي؟ أم عن طريق البر؟" إليسار أنشأت محطة إذاعية في إسطنبول، موجهة للسوريين، الذين لم يهربوا بعد من مناطق إدلب وحماة وحلب، إلا أن إذاعتها أصبحت مصدرا مهما للمعلومات للكثير من اللاجئين في تركيا أيضا.
صورة من: DW/C. Roman
وتقول إليسار: "طفلتي ولدت هنا في تركيا، لكن ما حصلت عليه كغيرها من الأطفال، الذين يولودون هنا، مجرد ورقة إثبات تركية، لا تعني شيئا." وتتابع: "لا نستطيع الحصول أيضا على أية وثيقة سورية هنا، ما يعني أن الطفلة ليست سورية كما أنها ليست تركية."
صورة من: DW/C. Roman
يقول محمد، البالغ 19 عاما: "هربت بمفردي منذ عامين، عائلتي لا زالت تعيش في دمشق." ويتابع الشاب السوري: "أمنيتي كانت أن أكون مصورا محترفا، إلا أنه هنا لا أملك أي فرصة لذلك، ولم أتمكن من الحصول على أي عمل." ويضيف محمد: "أتعلم الآن اللغة التركية، وأعتقد أنه قد يكون من الأفضل أن أهرب إلى أوروبا."
صورة من: DW/C. Roman
قبل ثلاثة أسابيع كان محمد على وشك الانطلاق بقارب مطاطي للوصول إلى الشواطئ اليونانية، حيث طلب منه المهربون مبلغ 1200 دولار أمريكي من أجل ذلك. واضطر محمد إلى بيع آلة التصوير الثمينة، التي كانت بحوزته، من أجل تمويل هذه الرحلة، إلا أن الخوف تملكه في النهاية، ما اضطره إلى تأجيل السفر. "المرة القادمة لابد من أن أنجح"، يقولها محمد وهو لا يجيد حتى السباحة.
صورة من: DW/C. Roman
10 صورة1 | 10
وقال سويدر إن الحزب الذي لطالما أبدى تشككا في مساعي تركيا للانضمام للاتحاد الأوروبي لن يوافق على منح تركيا العضوية الكاملة أو حرية دخول الاتحاد الأوروبي دون تأشيرات دخول بالكامل، لأن هذا سيؤدي "لاستيراد مشاكل تركيا الداخلية إلى ألمانيا."